عماد عفانة يكتب: تقدير موقف: المسؤولية الفلسطينية تجاه دعم الأونروا

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 3 أكتوبر 2022, 11:20:28 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تعوَّد ملايين اللاجئين الفلسطينيين طيلة الأزمة الماضية، على طلب الدعم من الأونروا، كونها الوكالة الدولية التي تلقت التفويض من الأمم المتحدة في العام 1949، بهدف إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، في اعقاب النكبة التي تعرضوا لها في العام 1948 على يد العصابات الصهيونية التي طردتهم من ديارهم وبيوتهم، على وقع المجازر الوحشية التي تعرضوا لها، الى حين عودتهم الى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها.

ولم يتعود الشعب الفلسطيني على طلب العون منه لدعم الأونروا، ربما لأن شبعنا اللاجئ الذي تضاعف عدده من نحو 900 ألف، إلى أكثر من سبعة ملايين لاجئ في الوطن والشتات، لم يدرك القوة الديموغرافية التي بات يتمتع بها، والقنبلة البشرية التي أمسى يمتلكها، والقادرة على تغيير المشهد في المنطقة بأسرها، حال قرر التحرك باتجاه فرض إرادته، وتحصيل حقه بيده، والكف عن انتظار الشرعية الدولية العاجزة عن إعادة هذا الحق له على مدار أكثر من 74 عاما.

لنعود الى المسؤولية الفلسطينية حيال دعم الأونروا، هذه المنظمة الدولية التي تتعرض لحرب بكل ما للكلمة من معنى، لناحية إزالة ومسح وشطب البعد السياسي لها، لصالح الإبقاء على البعد الاغاثي الإنساني فقط.

الأمر الذي يعني شطب حق العودة، لأكثر من سبعة ملايين لاجئ الى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها، أو بمعنى آخر شطب أكبر خطر وجودي على استمرار كيان العدو على الأرض الفلسطينية.
لأن وجود الأونروا بهذا البعد السياسي، يعني ادامة الصراع ولب المشكلة، التي تشكل العائق الأكبر الذي يحول دون اندماج كيان العدو في المنطقة، ليصبح كيان طبيعي، صاحب علاقات تطبيعية وطبيعية مع المحيط العربي.

لذلك رأينا عدة اشكال من الحرب على الأونروا:

-  فتارة رموها بالفساد، فدفع المفوض العام السابق موقعه كثمن لنفي هذه التهمة.
- وتارة حجبوا الأموال لدعم موازنتها كما فعلت أمريكا في العام، فقام المفوض العام الأسبق للأونروا بيير كرينبول بجولة جمع تبرعات ففاضت الموازنة.

- والآن تبذل الجهود لتفريغ الأونروا وتجويفها من الداخل، لشطب البعد السياسي عنها، عبر تفويض مهامها لمنظمات أممية أخرى، لكن المحاولة فشلت وتم الاستعاضة عنها بعقد شراكات مع منظمات أممية أخرى ذات أهداف مشتركة، لتوظيف قدراتها المالية الكبيرة، والتعويض عن عجز الموازنة في الأونروا.

تقدير الموقف:
ولنشرح المسؤولية الفلسطينية على طريقة مدرس الرياضيات، بما أن، إذاً، لتقريب الفهم:
- بما أن الأونروا أنشأت بطلب صهيوني، بهدف خلق بيئة أو بديل اغاثي للاجئين الفلسطينيين الذين خيموا على حدود اللجوء، عن العودة الى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها، خاصة إذا علمنا ان الكثير من هؤلاء اللاجئين بدأوا في حينه بالعودة الى بيوتهم ومزارعهم التي هجروا منها، بهدف الحصول على المواد الغذائية المخزنة، او أموالهم وثرواتهم المخبئة، او مواشيهم وبعض ممتلكاتهم التي يسهل حملها.
بهدف التغلب على وحش الجوع والعوز الذي كاد ان يفتك بهم بعد ان تُركوا بين الأرض والسماء بلا مُغيث أو مُجير.
الأمر الذي أزعج العدو الصهيوني، وخشي ان تتطور الحالة الى عودة حقيقة، عودة بلا لجوء، كما خشي ان تذهب الخشية والخوف من جيش العدو، الخوف الذي زرعه في روع اللاجئين بفعل المجازر التي ارتكبها ببشاعة، والتي روج لها بقوة، كي يزرع الهزيمة النفسية في نفوس اللاجئين واجبارهم على الهجرة والفرار خوفا من ان يلاقوا مصير الضحايا.

- وبما أن الأونروا أنشأت لتقديم بعض العون للاجئين الفلسطينيين لثنيهم عن التفكير في العودة، وللتأقلم مع الواقع الموجود، والانشغال بتلقي الإغاثة والبحث عن عمل، فأنشأت المدارس والعيادات والورش، والتي تطورت من خيام الى مباني، فتوطن اللجوء، وتشتت اللاجئين الذين علمتهم الاونروا في مدارسها وورشها وأعادت تأهيلهم ليصبحوا عمال مهرة لدى الدول الاستعمارية التي هاجروا اليها.

- وبما أن الأونروا بات وجودها ضروريا لتثبيت حالة الأمن والاستقرار والهدوء في صفوف ملايين اللاجئين، الذين تواصل الأونروا مدهم بمرهم التخدير عن الانتفاض في وجه الجميع للحصول على حقوقه السليبة.

- إذاً فالأمن والاستقرار والهدوء هو كلمة السر في هذه المعادلة، التي يستطيع اللاجئون الفلسطينيون توظيفها، لناحية التلويح بها، مقابل مد الأونروا بما يلزمها لمواصلة تقديم خدماتها لملايين اللاجئين الذين تزداد أعدادهم دون ان تزداد الموازنات والخدمات المخصصة لهم.


- إذاً الزيادة العددية الكبيرة للاجئين، مصدر وورقة قوة كبيرة ينبغي توظيفها، لناحية صنع مظلة قيادية وطنية مشتركة من كل الطيف الفلسطيني، لجهة القدرة على تحريك ملايين اللاجئين في مختلف أماكن تواجدهم، بشكل قوي ومتزامن، باتجاه الضغط بوسائل وأشكال محددة كفيلة بتحصيل حقوقهم.

-  إذاً تحرك ملايين اللاجئين في مناطق عمل الأونروا الخمس على الأقل فقط، والتلويح بورقة الأمن والاستقرار في المنطقة، مقابل تأمين دعم مالي مستدام، سيمثل دعما مباشرا للأونروا، يعفيها من الابتزاز الذي تتعرض له أمريكا وصهيونيا، لناحية تقليص خدماتها، او العبث في المناهج الفلسطينية بما يخدم الراوية الصهيونية، أو لناحية عزل موظفي الأونروا الذي يبلغ عددهم أكثر من 30 ألف عن عمقهم الوطني، حيث تعتبر الاونروا تفاعل موظفيها مع المناسبات الوطنية الفلسطينية خرقا يستوجب العقاب أو الفصل من الوظيفة.

أيها اللاجئون الفلسطينيون:
انكم أقوياء بإيمانكم بحقكم.
إنكم أقوياء بتعدادكم المليوني، بحيث بتم قنبلة ديموغرافية مؤثرة.
إنكم قادرون على قلب المعادلة، وقادرون على التأثير في السياسية الدولية تجاهكم.
إنكم قادرون على تحصيل موازنة مضاعفة للأونروا، بل وتأمين دعم مالي مستدام لها، إذا تحركتم بشكل جماعي متزامن بما يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة أو التلويح بمصالح الدول الاستعمارية.

وأخيرا وليس آخرا أيها اللاجئون:
إنكم قادرون على تنفيذ حق العودة الى دياركم وبيوتكم التي هرجتم منها، إذا قررتم ذلك.
فخروج أكثر من سبعة ملايين فلسطيني وبشكل جماعي متزامن، واقتحام كافة الحدود بشكل سلمي او غير سلمي، وفي وقت واحد، يعني طوفان بشري لن يستطيع العدو مهما بلغت قوته أو ترسانته العسكرية أن يتصدى له او يمنعه.
فمهما بلغت نازية وفاشية وإجرام العدو الصهيوني، فلن يستطيع القضاء على أكثر من سبعة ملايين فلسطيني قرروا العودة الى وطنهم، ديارهم، مزارعهم ومصانعهم، وبيوتهم التي هجروا منها غصبا قبل أكثر من 74 عاما، دون التفات لآلامهم ومعاناتهم.
فقرار العودة لم يعد منوطاً بالأمم المتحدة، ولا بمجلس الأمن، ولا حتى منوطاً بمنظمة التحرير التي تخلت عن مسؤولياتها وعن قضية اللاجئين، بل منوطاً بقراركم وبإرادتكم أنتم وليس أحداً غيركم.

التعليقات (0)