عماد عفانة يكتب : كرستوفر أوبرلن والطريق إلى قلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 27 فبراير 2022, 12:38:58 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

حاول الطبيب والناشط الحقوقي الفرنسي كرستوفر أوبرلن أن يرسم خارطة طريق إلى المحكمة الجنائية الدولية، من خلال استعراضه نهاية الأسبوع الماضي، أمام نخبة من النواب والحقوقيين والإعلاميين والناشطين في اللقاء الذي نظمه بيت الحكمة الذي يرأسه المفكر والمبدع الدكتور أحمد يوسف، لكتابه الجديد الذي حمل عنوان "محاكمة زعماء "اسرائيل" أمام محكمة الجنايات الدولية".


ووصف أوبرلن الكتاب بأنه بمثابة الاكسجين الذي يعطي الأمل بإمكانية تقديم زعماء "إسرائيل" للعدالة الدولية.
وأضاف أوبرلن الذي زار غزة نحو 50 مرة خلال العشرين عاما الماضية، أنه ألف نحو ستة كتب عن غزة تاريخها، ثقافتها، حياتها ومعاناتها، كان من بينها كتاب عن المبعدين إلى مرج الزهور.
وروى أوبرلن بشيء من الطرافة قصة تأليف هذا الكتاب عندما تصادف أن الطبيب الذي تم ترشيحه لدورة طبية متخصصة في فرنسا لمدة ثلاثة أشهر، هو محمد شقيق القائد المعروف الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، كما وصف الصعوبات الطريفة التي صادفها اثناء تسجيل شهادات المبعدين إلى مرج الزهور وعلى رأسهم الدكتور محمود الزهار الذي خلط جديته المعروفة بحسه الفكاهي وبروح الدعابة.


وبكثير من التأثر شرح أولبرلن قصة تحوله من طبيب جراح وأستاذ جامعي إلى حقوقي مهتم بمساعدة الشعب الفلسطيني صحيا، وتوظيف مهنته الإنسانية في توثيق الانتهاكات والجرائم الصهيونية ضد الإنسانية، لناحية إمكانية تقديم إلى زعماء "اسرائيل" إلى محكمة الجنايات الدولية.


وبشيء من الحماسة شرح أوبرلن وكيف تمكن من الحصول على تفويض من وزير العدل في السلطة في 25 يناير 2004 لرفع قضية أمام محكمة الجنايات الدولية، وكيف ان وزير خارجية السلطة رياض المالكي أوقف هذه الدعوى وجمدها في أدراج الحكمة.


كما عرج أوبرلن الذي طالما عانى على المعابر لدخول غزة لولا أنه يحمل جواز سفر فرنسي لما استطاع الوصول على غزة، عرج إلى قضية الجندي جلعاد شاليط الذي كان أسيرا لدى المقاومة، وكيف أنه كان يحمل جواز سفر فرنسي رغم أنه لم يدخل فرنسا في حياته ولا يتحدث الفرنسية ورغم أن والديه ليس أحد منهما فرنسي، وكيف فضح عمدة باريس هذا الأمر عندما نشر يافطة كبيرة لشاليط كتب عليها (آخر أسير فرنسي).


وكانت أحد كتب أوبرلن وثقت حياة النصارى في غزة، على عكس الصورة النمطية التي كانت مرسومة لهم في الغرب أنهم يتعرضون للقتل والقمع والاخفاء القسري، حيث شرح في كتابه الأريحية التي يحياها النصارى في غزة، معرجا على قصة المسجد العمري الكبير وكيف أن المسلمون يحافظون عليه وعلى آثاره مذ أن كان كنيسة، حيث تحولت إلى مسجد بعد تحول كثير من النصارى في غزة إلى الإسلام.


وأوضح أوبرلن في اللقاء الذي عقد في بيت الحكمة المليء بالرمزيات التراثية وبالمطرزات الفلسطينية المعروفة والذي يمثل معرض تراثي مصغر لرواده وزواره ومنهم أجانب من جنسيات مختلفة، مدى المصاعب التي يواجهونها في توثيق جرائم العدو بحق غزة وبحق الأبرياء فيها، ضاربا المثل بالشهيد أبو ثريا الذي بترت ساقيه في مسيرات العودة، والذي قتل برصاص قناص صهيوني، وشرح مدى المعاناة لاثبات أن أبو ثريا قتل برصاص قناص صهيوني في أعقاب الادعاء الصهيوني أن أبو ثريا قتل برصاص فلسطيني.


وأثنى أوبرلن الذي كانت تطل على الجدار من خلفه صورة للرئيس الراحل ياسر عرفات، على الجهود في تسجيل شهادات الضحايا حيث وصلت حصيلة سنوات طويلة من العمل والجهد المضني الى نحو 2400 قضية مرفوعة الان لدى محكمة الجنايات الدولية لا نستطيع تفعيلها دون موافقة السلطة صاحبة العضوية الكاملة في المحكمة الجنائية الدولية.


وشرح أوبرلن بلغة انجليزية جزلة طرق رفع قضية أمام محكمة الجنايات الدولية ICC وهي:
1- أن ترفع أحد الدول الـ 130 الأعضاء في ICC دعوى أمام المحكمة.
2- أن تعطي الدولة المتضررة تفويضا لرفع قضية أمام ICC.
3- أن تقوم المحكمة ذاتها بفتح تحقيق إذا اقتنعت بصحة الأدلة المقدمة لها.


وبين أوبرلن ذو البشرة البيضاء الرقيقة والتي تناسب شخصية جراح دقيق، أن ICC ومنذ 13 يوليو 2013، منذ قبولها عضوية فلسطين بحدود 1967 غزة والضفة وشرقي القدس، في ICC تستطيع فتح تحقيق في الوثائق المرفوعة لها إذا حصلت على تفويض من السلطة بذلك، إلا أن السلطة تمتنع بقرار من الرئيس محمود عباس عن رفع قضايا أمام ICC، ربما خوفا من أن تطالها التحقيقات وأن تطالها الادانات، نظرا لاشتراكها في بعض الجرائم الصهيونية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، نظرا للتعاون الأمني الوثيق والنشط بين السلطة وبين الجيش الذي يرتكب هذه الجرائم بفضل المساعدة والتسهيلات التي تتبرع السلطة بتقديمها له.


وعرج أوبرلن ذو الشعر الأشيب على تقرير "أمنستي" الذي اعتبر الكيان الصهيوني كيان فصل عنصري أبارتهايد، حيث أوضح أوبرلن أن هذا التقرير لا يمكن اعتباره وثيقة يمكن بناء عليها رفع قضية أمام ICC، الا أنه أكد أن هذا التقرير يساهم في تنوير وبناء الرأي العام عن صورة كيان العدو في الغرب والذي يصف نفسه بالديمقراطي، خاصة وأن أمنستي تحظى بـ 15 مليون متابع حول العالم، ما يسهل عليها امكانية الوصول إلى مختلف وسائل الاعلام، خاصة وأن الدول الغربية لم تعترض على التقرير الذي يمكن أن يكون مادة اساسية في الدعاوى المقدمة إلى جانب الكتب التي توثق هذه الجرائم.


وبعد هذا الاستعراض نخلص إلى اننا كضحايا وكأمناء على قضية شعينا، وكنشطاء في ميدان النضال لناحية فضح جرائم الاحتلال، وفي ظل امتناع السلطة غير الأمينة على مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه، في ظل تعاونها الامني والسياسي مع عدو الشعب الفلسطيني، علينا أن نرسم خارطة طريق للوصول إلى عقل وقلب كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وهو مسلم بريطاني باكستاني الأصل، لناحية دفعه ليتحرك من تلقاء نفسه لفتح تحقيق في الجرائم الصهيونية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، علما أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، علما ان "اسرائيل" تبذل في المقابل جهودا كبيرة لممارسة الضغوط على أعضاء محكمة الجنايات الدولية، من خلال علاقاتها مع الدول التي ينتمون إليها، للامتناع عن رفع قضايا قد تضر أو تدين كيان العدو وزعمائه.

التعليقات (0)