عماد عفانة يكتب: محمد الضيف ... توظيف متواضع لرمزية طاغية

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 27 سبتمبر 2022, 7:45:56 ص
  • eye 470
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يحظى القائد محمد الضيف (أبو خالد) القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) 57 عاماً، برمزية شعبية طاغية.

سواء على الصعيد الوطني أو على صعيد مناصري الشعب الفلسطيني على امتداد الأمة العربية والإسلامية.

فقد تردد اسمه في معظم التظاهرات التي أعقبت معركة سيف القدس في 2021 التي اندلعت انتصارا لقداسة وطهر المسجد الأقصى في وجه تدنيس المغتصبين الصهاينة.

حتى بات شعار "حط السيف قبال السيف حنا رجال محمد ضيف" الذي تردد في التظاهرات التي عمت غزة والضفة وعلى امتداد عالمنا العربي والإسلامي، ترند وطني وشعبي ممتد لا يختلف عليه أحد.

حتى أن اغلب أعضاء القوى والفصائل الأخرى كانوا يرددون هذا الشعار في تظاهراتها دون اية حساسيات حزبية، حيث أضحى القائد محمد ضيف التي نجى من أكثر من خمس محاولات اغتيال راح ضحيتها زوجته وطفلته، اسم عابر للحزبية والفصائلية، وحجز لنفسه موقع متقدم في الضمير الوطني.

هذه المكانة المتقدمة، وهذه الرمزية الطاغية التي بات يتمتع بها القائد محمد دياب إبراهيم المصري (الضيف)، المطارد للعدو منذ أكثر من 30 عاما، تستحق حقيقة توظيف أفضل لناحية تحويله من رمزية مجهولة، أو مجرد اسم يتردد في شعار في بعض المناسبات، إلى ترجمة رمزية فعلية.

رمزية تترجم نفسها في سلوك نضالي وتجنيد تعبوي نخبوي وشعبي على الصعيد الوطني، كما على الصعد العربية والإسلامية.

فخطابات الضيف القليلة، وكلماته المعدودة، التي تصدر في مناسبات محدودة، باتت لا تخدم هذا التوظيف الفعال لرمزيته ولمكانته، ولحالة الاجماع التي بات يحظى بها فلسطينيا وعربيا.

الضيف ذلك اللقب الذي يقال انه حظي به لأنه حلّ ضيفاً على الضفة الغربية، فساهم في بناء كتائب القسام هناك، أو لأنه لا يستقر في أي مكان؛ فكثيراً ما يكون ضيفاً على أحد.

ذلك اللقب بات بحاجة الى توطين في ضمير ووجدان، كما في نمط حياة وسلوك أبناء الشعب الفلسطيني المناضل.

لناحية توظيف رمزيته في تحويل المقاومة الى قيمة غير ملونة، قيمة عابرة للأحزاب والفصائل.
لتصبح محل اجماع وليس التجاذبات.

قيمة نعفيها من تبعات الانقسام والخلاف.

قيمة نحميها من تبعات الالتزام بتطبيق الاتفاقات الحزبية او الفردية والتي لا تحظى بإجماع وطني كاتفاق أوسلو الذي جر وما زال على الشعب والقضية الفلسطينية مزيد من النكبات.

قيمة قد نختلف عندها، ولكن لا نختلف عليها.

فالمقاومة يجب ان تكون قيمة أصيلة وركن ركين، لا غنى بعد الله عنها سواء حاربنا او هادنا، اختلفنا ام اتفقنا، فاوضنا الاحتلال ام قاومنا.

فهي الحصن الحصين والضمان والقلعة التي نؤي اليها جميعا للاحتماء من العدوان والمؤامرات والتكالب والفرقة والانقسام، وتوسع الاحتلال الذي يكاد يبتلع كل شيء.

فالمقاومة جيشنا وحصننا، سلاحنا وقوة ردعنا ورمز كرامتنا.

هذه المفاهيم وهذه المكانة لقيمة المقاومة لا يستطيع ترسيخها، وتثبيتها في عقل ووجدان شباب الشعب والأمة، ولا يستطيع فرض مكانتها وقيمتها بهذه المفاهيم على المنظومة السياسية الفلسطينية، الا رجال مناضلون بقدر ومكانة وبطولة ورمزية قائد مثل محمد ضيف.

الأمر الذي ربما بات يفرض على المنظومة السياسية والإعلامية لحماس، التي نجحت في ترميز معركة سيف القدس، عبر ربطها بأغلى مقدس ديني ووطني واسلامي في فلسطين، المسجد الأقصى المبارك.

لناحية مواصلة مشوار توظيف رمزية ومكانة وقدر القائد محمد ضيف، في ترميز المقاومة في المنظومة السياسية بحيث تصبح أحد المرجعيات التي يحتكم الجميع اليها ولا يختلفون عليها.

وتوظيف رمزية ومكانة وقدر القائد محمد ضيف، ليصبح قدوة للأجيال يتسابقون لاقتفاء أثره ولمحاكاة مشواره النضالي، وسيرته البطولية في مقارعة الاحتلال.

فضلا عن توظيف رمزية ومكانة وقدر القائد محمد ضيف في نظر ونفوس جماهير وشباب امتنا العربية والإسلامية لجهة تجنيدهم المعنوي، لحشد كل ما يمكنهم من إمكانات مادية مالية وتكنلوجية، وإمكانات إعلامية وسياسية، لنصرة الشعب الفلسطيني في مشوار تحرير فلسطين، باعتبار تحريرها فرض عين على كل مسلم حول العالم.

يمتلئ الفضاء الإعلامي بالتافهين والتفاهات الذين باتوا يمثلون قدوات تقلدها الأجيال، نظرا لغياب القدوات الحقيقية من الذين قدموا وأبدعوا واخترعوا وأنجزوا لمجتمعاتهم وشعوبهم ودولهم وقضاياهم، عن هذا الفضاء الإعلامي.

وليس سرا ان الاعلام الفلسطيني المقاوم وغير المقاوم، مقصر كثيراً، كما الاعلام العربي والإسلامي، في تصدير وترميز وملئ الفضاء الإعلامي، بالذين ناضلوا وكافحوا وقدموا وضحوا وما زالوا، والذين يستحقون أن يكونوا قدوات لأجيالنا واجيال الامة الصاعدة، وما أكثرهم في صفوف شعبنا في جبهات القتال، كما في سجون العدو، وفي مختلف المجالات الأخرى الثقافية والاجتماعية وغيرها.

وربما آن الأوان للإعلام الجاد والهادف وصاحب الرسالة، أن يقوم بدور فعال في ملئ الفضاء الإعلامي بسيرة ومسيرة المناضلين أمثال محمد ضيف وغيره، لناحية المساهمة في إعادة شباب الامة التائه والمشتت إلى طريق أصحاب الرسالات.

فشباب الامة بحاجة لمن يوجههم يقودهم ويمثل نبراسا وقدوة لهم، فان لم نصدر لهم القدوات الحقيقية في كل المجالات، احتل التافهون والساقطون هذا الفضاء لتقلدهم الأجيال في تفاهتهم وسقوطهم الأخلاقي والقيمي، كما هو حاصل هذه الايام.

التعليقات (0)