الحلقة الثانية :قصة إسلام عالم الرياضيات الأمريكي جيفري لانج

profile
عماد الصابر كاتب صحفي وشاعر مصري
  • clock 15 أبريل 2021, 12:58:55 م
  • eye 2153
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تنقل بين المدراس الكاثوليكية بحثا عن إجابات عن الإله والدين الحق فلم يجدها فألحد

قصة إسلام عالم الرياضيات الأمريكي جيفري لانج

زامل طلابا مسلمون في جامعة سان فرانسيسكو .. سألهم فجانت إجاباتهم شلالا من الأمن والطمأنينة هداه للإسلام 

نسخة مترجمة من القرآن أهديت إليه جعلته يذهب للمسجد طالبا المزيد وهناك أعلن إسلامه 

سألوه كيف تتغلب علي اختلاف لغتك عن لغة القرآن فقال : ألا يشعر الطفل بالراحة عندما يستمع لصوت أمه !! 


مقدمة

فيما ينتشر الإلحاد بين المسلمين الحاليين سواء كانوا عربا أو عجما، ربما بسبب شيوخ الإسلام المعتمدين لدي الحكومات الفاسدة، الذين يُخَدِّمون علي الحاكم الظالم، ويقومون بليّ عنق الدين لصالحه، مما كرَّه الكثيرين في الإسلام، فألحدوا أو علي الأقل لم يعد الدين هاما بالنسبة لهم، يسير الإسلام بخطي ثابته في قلوب الغرب غير المسلم، فيدخل بنعومته وثباته وحقائقه العلمية والروحية والنفسية، وبإعجازه العلمي الذي يجبرهم علي النظر بعيون واسعة مدققة وبعقل متفتح ليدخلوا إليه واثقي الخطي معلنين إسلامهم بل يتحولون من الدعوه لغيره ومحاولات النيل منه إلي الدفاع عنه والزود عن تعاليمه وكشف ما به من أسرارلمن يريد الإيمان، ليتحقق قول الرسول الكريم : " َقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) صحيح مسلم ..

ويقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا : " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولايترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر" (مسند الإمام أحمد) ..

وبعد جاري ميلر يأتي الدكتور جيفري لانج عالم الرياضيات الأمريكي الذي اختلف مع الكهنة فيما طرحوه من مسلمات تعارضت مع منهجه الرياضي العقلي فاتهم بالإلحاد، حتي صدق نفسه وابتعد عما يسميه من حوله بالدين، وبعد تحوله للإسلام سألته إحدي بناته وكانت الإجابة ومن قبلها التفكير فيها محور ما قصه هو بنفسه في كتابه " الصراع من أجل الإيمان"، وكان هذا السؤال سبب تأليفه هذا الكتاب، لماذا أصبحت مسلما يا أبي ؟

ولجفري ثلاثة بنات من زوجته الأولي، وهو متعلق بحبهنَّ حباً شديداً، وهو يقول: سألتني إحداهن وكأنها تستجوبني: لماذا أصبحت مسلماً ياأبي؟ أي جواب تستطيع براءتهن أن تستوعبه؟، حدَّقت كل منهن بي بهدوء، وكأنه كان الوقت كله لانتظار الشرح، وربما جئن لا ليفهمن، بل ليسألن وليبدأن بعملية فحص الذات.

.. قلت في نفسي: لا، لابد أن سؤالهن كان أكثر خصوصية من ذلك، أتذكر عندما سألتُ والدي مرَّة لماذا أنت كاثوليكي؟ .. فقد كان سؤالي ليس فضولا، بل نتيجة لبحثي شخصياً عن تعريف لنفسي، وعندما أصبحت مسلماً لم آخذ في حسابي عدد الخيارات التي كنت أضعها لا لنفسي فقط، بل لبناتي الثلاث، ومن بعدهن لأولادهن طبعاً، لقد أردن أنْ يعرفنَ لماذا قمت باتخاذ ذلك القرار؟ لأن هذا القرار قد اتخذته من أجلهن وإخالهن سوف يتوصلن إلى تفهُّم له في مستقبل حياتهن.

فالسؤال: لماذا أصبحت مسلما؟ له أهميته الخاصة لديَّ عندما يصدرعن بناتي، ذلك أنه يعود في الأصل لي، إنه صوتي المكمّل في حقيقته النقية الطاهرة الذي يستنطقني لقول الحق. شرحت لهن الإجابة باختصار قدر المستطاع، ولكن لم أحسم الأمر معهن، ذلك أني أردت أن أبقي الباب مفتوحاً لمزيد من تساؤلهن، ولكن سؤالهن هذا هو الذي دفعني لكتابة هذا الكتاب، الذي بدأ على شكل ملاحظات ناجمة عن التفكير بسؤالهن كل ليلة.

وفي روايته عن قصة إسلامِه، أخذ الله تعالى بيدِه من الكاثوليكيَّة إلى الإسلام، ومن الوثنيَّة والشِّرك إلى التوحيد، فقد بدأ الثَّمانية عشَر عامًا الأولى من حياتِه في تنقُّل بين المدارِس الكاثوليكيَّة، تلك الرحلة التي جعلت كمًّا كبيرًا من الأسئِلة عن الإله والدِّين تتراكم لديْه، بعد عجْز االكهنة عن الإجابة عليْها؛ ممَّا دفعه رأسًا إلى الإلْحاد والخروج عن مقْتضيات العقْل والفِطْرة، في رحلة من الصِّراع بين حاجته غير المشبعة روحيًّا وما يُحيط به من بيئةٍ، زادت من حيرة نفسِه المتشوِّفة للهداية، ثم بعد ذلك الصِّراع المرير هُدي إلى الإسلام الذي احتضن نفسَه المضطربة، وأظلَّه بإشباع حاجتِه الرُّوحيَّة بمعقولات تتقبَّلها نفسيَّةُ وعقليَّة رجُل الرياضيَّات والأرقام والنظريَّات.

يقول: "مثْل كثير من أبناء فترة الستينيَّات والسبعينيَّات، كان لديَّ الكثير من التساؤلات حوْل القِيم الدينيَّة والسياسيَّة والاجتِماعيَّة السائدة ذلك الوقت، شعرتُ بالتمرُّد على كافَّة تلك القِيَم التي يقدِّسها المجتمع، بما فيها تلك القيم النصرانيَّة الكاثوليكيَّة".

ويشير د. جيفري لانج عقِب ذلك إلى أنَّ هذه التساؤُلات دفعتْ به إلى فترة من الإلحاد، قبل أن يهتدي إلى الإسلام الَّذي أرشده إلى الحقائق الَّتي ظلَّ يبْحث عنْها حول الإلَه والكون.

الإسلام الَّذي وجد فيه بيانًا لحقيقة الرَّبِّ - سبحانه - حيثُ عثَر على طوْق النَّجاة من خلال بعْض الأصدقاء المسلمين، عند عملِه كمحاضر بجامعة سان فرانسيسكو الأمريكيَّة، فقد ألقى بما في جُعْبتِه من تساؤُلات على زملائِه، الَّذين تعجَّب من وفْرة الإجابات لديْهِم عن كلِّ ما دار بخلَدِه من أسئلة.

ويذكر د. جيري لقاءَه بالطَّالب السُّعودي محمود قنديل، الَّذي أهْدى إليْه نسخةً من القُرآن وبعض الكتُب الإسلاميَّة، وأنَّ هذا كان له الأثَر البالغ في رحلته إلى الإسلام، ويؤكد د. جيفري أنَّه بمجرد أن قام بقراءة القرآن وجد نفسَه يهْرَع إلى مسجد الجامِعة مسلِمًا مستسْلِمًا.

مشيرا إلي أنَّه كان يجد إجاباتٍ لكلِّ ما يدور بخلدِه من تساؤلات، بل إنَّ ما يَدور بذهْنِه في المساء يقع على إجابةٍ له في الصَّباح، وكأنَّ القرآن يقرأ أفكارَه ويسارع في إجابتها، فقد عثر على ذاتِه وحقَّق ما كان يبْحث عنْه من الرِّضا الروحي.

ويؤكد د. جيفري على التِزامِه تعاليمَ الإسلام ومواظبته على الصلوات الخمس، وخصوصًا صلاةَ الفجر، الَّتي يرى أنَّها من أجمل وأفضل عبادات الإسلام، والتي يقول في شأنها: "تشعُر فيها كأنَّك انتقلت من هذا العالَم واتصلت بعالم الملائِكة؛ لتشاركها تسبيح الله تعالى وتقديسَه".

وعندما سُئل عن كيفيَّة التغلُّب على صعوبة قراءة القُرآن بالعربيَّة، الَّتي تختلف عن لغتِه الإنجليزيَّة، أجاب د. جيري إجابة نابعةً من أعماق قلب تغلَّف بالإيمان وتخلَّله القرآن قائلاً: "ألا يشعُر الطفل بالرَّاحة إذا ما اسْتمع لصوت أمِّه؟!"، أي: بالرَّغم من أنَّه لا يفقه لُغَتها إلا أنَّه يشعر بالارتِياح لسماع صوتها.

فهو يقْرأ القرآن ويحفَظ ترجمةَ معانيه، وبيان مقاصده، من خِلال النُّسخ المترجمة، إلاَّ أنَّ هذا لم يُفْقده لذَّة ومتعة القُرآن بالعربيَّة التي تأخذ بقلبِه ولبِّه.

وهكذا حالة د. جيفري مع القُرآن، حيث أكَّد أنَّ قراءتَه تمدُّه بقدر كبير من الرَّاحة والقوَّة على مواجهة الأوقات العصيبة.

وفي بيان تفوُّق الإسلام على غيره من المِلَل يؤكِّد د. جيري أنَّه من الصعب على عقْل لا يقبل إلاَّ الحقائق العقليَّة أن يؤمِن بالأديان الأخرى؛ لاعتِمادها على الإيمان بمسلَّمات لا تخضع للعقل، ولكن الإسلام يتميَّز بمخاطبة العقل.

ويحكي لنا قدرًا عن حياتِه الحالية بعد الإسلام، فيشير إلى أنَّه يتولَّى منصب الاستِشاري بجمعيَّة الطلاب المسلمين، الَّذي يمثل من خلالِها قناة التَّواصل بين الطلاب المسلمين وإدارة الجامعة.

وبدوره يقوم د. جيفري بالحصول على موافقات لعقْد محاضرات حول الإسلام، كما أنَّه يقوم بمساعدة الطلاب المسلمين في التواصُل مع الثَّقافة الأمريكيَّة، بالإضافة إلى الإسْهام في إتمام إجْراءات الالتِحاق بالجامعة، وهذا إلى جانب عمله على تصحيح المفاهيم الخاطئة حول الإسلام.

وقد تزوَّج د. جيفري من مسلِمة سعوديَّة، وقام بتأليف عددٍ من الكتُب حول الإسلام، والَّتي تحقِّق مبيعات جيِّدة بين صفوف المجتمع الإسلامي بالولايات المتَّحدة.

ومن بين هذه المصنَّفات كتاب "أيضًا الملائكة تسأل: رحلة إلى الإسلام في أمريكا"، حيث يقوم د. جيفري بمشاركة القرَّاء في الوقوف على ما تبيَّن له من روْعة الإسلام خلال رحلتِه واكتشاف ذاته مع الإسلام، وكتاب "نداء استغاثة"، والَّذي يقصُّ فيه رحلته من الإلحاد إلى الإسلام بالتَّفصيل.

وعندما سُئل عن تأثير الإسلام على حياتِه، أشار د. جيفري إلى أنَّه ولأوَّل مرَّة في حياته يستطيع أن يعيش حالةً من الحبِّ مع كلِّ شيءٍ، الَّتي كان فيها للإسْلام والقُرآن والصَّلاة الأثر البالغ، بما يستمدُّه من الرَّحمة الإلهيَّة.

وبِخصوص المِحَن التي تعرَّض لها بسبب إسلامِه، ذكر د. جيفري أشدَّها وهي تلك التي تعرَّض لها عقب أحداث 11 - 9 حين هجره أصحابُه في أعقاب حدوث حالةٍ واسعة من السلبيَّة تجاه الإسلام من قبل الأمريكيِّين، بالإضافة إلى تعرُّض مستقْبلِه الوظيفي للخطر بسبَب كونِه محاضرًا مسلمًا في واحدةٍ من كُبرى جامعات الولايات المتَّحدة، والتي أبْدتْ إدارتُها عدم الارتِياح لاعتناقه الإسلام.

وبالنسبة لخدمةِ الإسلام، فقد أكد د. جيفري على أنَّه يَجب على المسلم تقديم الإسلام للآخَرين، وإظهار حسن سلوكِه في التَّعامل معهم والعمل به، فالله -تعالى- قد أخبر نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الهداية بِيَد الله - سبحانه - وأنَّه ما عليه سوى البلاغ.


التعليقات (0)