- ℃ 11 تركيا
- 6 مايو 2024
كواليس استدعاء الإخوان ( 1 )
كواليس استدعاء الإخوان ( 1 )
- 24 مارس 2021, 5:36:30 م
- 1104
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قد تكون من حكمة القدر ورحمة الخالق أن يغمض كل مستبد - وخاصة في مصر - عينيه عن دروس وعبر التاريخ ، ويأبى من ثم ، وفي تحد وعناد منقطع النظير حتى لنواميس الكون ، أن يتعلم منها شيئ ، فيكون ذلك سببا كافيا لأفول نجمه وربما حتى انقضاء عهده وبغير رجعه .
ولا أريد هنا أن أغوص كثيرا في أعماق التاريخ المصري بالذات لسوق الأدلة ، ولكن ، و لدواعي الاختصار ، سأكتفي فقط بمثالي مبارك والسيسي .
فمبارك مثلا أشاع على نفسه بأنه عنيد ، وانه عندما يأخذ قرارا لا يرجع فيه . وهذا وحده في الحقيقة ضد أشياء كثيرة ، والتي منها طبعا رفضه ضمنا وتصريحا تعلم أي شيء من دروس التاريخ . وهو بطبعه لا يحب القراءة ، وربما أيضا لا يجيدها ، ومع ذلك فقد صار رئيسا ولحوالي ثلاثين عاما .
ولكن سيظل السؤال العالق هنا هو ؛ عنيد على من ..؟! ، فهل كان يحكم مثلا ، ما عاذ الله ، قطيع من الغنم في مرعى خاص به اسمه مصر ..؟!
وقد نسج السيسي إذن على ذات المنوال ، ولكن على نطاق أوسع ، أو لو شئت ؛ على نحو أفحش . وصار يتصرف في كل شيء في مصر وكأنه ملكية خاصة
وبلا أية ضوابط ولا حتى روادع لا من دستور ولا قانون ولا حتى أخلاق ، والأمثلة هنا كثيرة جدا ، وقد يصعب حصرها .
فلو كان يرعى حقا مصالح هذه البلاد التى أقسم على رعايتها قبل توليه منصب الرئاسة ، لتعلم حتى من دروس وعبر التاريخ القريب جدا ؛ له ولنا ؛ وهو ثورة 25 يناير المجيدة ..!
كان تعلم ودرس أسباب الثورة ، وجاهد بعدئذ واجتهد لمعالجة كل الأسباب التي أدت إلى إندلاعها وعلى رأسها الظلم الإجتماعي وافتقاد العدالة الاجتماعية - بجانب أشياء أخرى كثيرة - لكنه مع ذلك سار وصار ، وبكل عناد - كسلفه مبارك - وصلف منقطع النظير في الاتجاه المعاكس تماما ..!
فهل كان يهدف مثلا إلى إشعال حرب أهلية - على غرار سوريا ما عاذ الله - وذلك من خلال ثورة الجماهير مرة أخرى واحتجاجها على قراراته الظالمة ، فيواجهها بالدبابات والطائرات والمدافع الرشاشة ..؟!
حكم السيسي إذن مصر بمنطق اللامنطق ؛ ومن خلال نظرة أحادية الأبعاد غاية في الضيق ، وأيضا غاية في الأنانية وحب الذات أو حتى عشقها المرضي وصولا بها إلى الحالة النرجسية - الساعة الأوميجا والخاتم ، وضبغ الشعر ، وتفتيح البشرة بكريمات خاصة ، و...، و... !
وفحوى وغاية ومراد ومرام وخلاصة تلك النظرة الأحادية إذن هي : كيف يحتفظ بمنصبه ؛ كرئيسا لمصر ؛ مع إمكانية توريث منصبه لنجله محمود ، مهما كانت التكلفة ومهما كانت التضحيات ، أو بالأحرى مهما كانت التنازلات - للغير طبعا ..!
وهنا نعود مرة أخرى ، ونقف قليلا ، عند ظاهرة الإصرار العجيب الغريب والمريب للحكام ذو الخلفية العسكرية بالذات - إلا من رحم ربي ، فتلك النماذج قد لاتنطبق على صور أخرى في أزمنه وأماكن أخرى مختلفة في العالم - من رفض التعلم عمدا ، ومع سبق الإصرار ، من من دروس وعبر التاريخ ، حيث سعى مبارك إلى توريث الحكم لنجله جمال ، فقامت ثورة ضده ..! ، ومع ذلك يسعى السيسي لتوريث الحكم لنجله محمود ..!
وهنا نريد أن نقف مرة أخرى - ولعلها تكون الأخيرة - ونذكر بأن مبارك والسيسي رفضا التعلم من دروس الماضي . لكن السيسي أراد أن يتعلم فقط التعليم السالب ، والسالب لكل شيء من دروس الماضي - ولا أريد أن أقول أن من يصل به الأمر إلى مجرد التفكير بهذه الدرجة وعلى هءا النحو من الانحدار يكون في حقيقة الأمر عدوا للشعب ، ولا يمكن أن يفكر ، فضلا عن أن يعمل ، لحظة واحدة في صالحة ..؟!
لماذا ..؟!
علم السيسي أن المؤسسة العسكرية ربما رفضت تولي أو توريث جمال مبارك رئاسة مصر لأن جمال كان مدنيا - كما كان له أيضا "شلته" الخاصة من المدنيين التي يعين منها الوزراء وحتى المحافظين ، وكل منصب خطير في مفاصل الدولة . ولكي يلتف السيسي على تلك المعضلة سعى إلى أن يعمل كل أبناءه تقريبا في الجيش أو ما يتبعه من مؤسسات ، كالرقابة الإدارية مثلا وغيرها . كم تم ترقية ابنه بشكل غريب وسريع حتى صار الرجل الثاني تقريبا - وربما أيضا الرجل الأول ، في ذلك الجهاز الذي يعمل فيه . وقد يتماهى ذلك تماما ، ومع نفس السرعة التي رقي بها عبد الحكيم عامر من صاغ - أي رائد - إلى مشير - إذن مفيش تعلم من أي دروس ..!
وطالما صرنا إلى هذه النقطة أو إن شئت ؛ محطة الوصول ، فلن تستطيع المؤسسة العسكرية ، ووفقا لوجهة نظر السيسي ، أن تعترض على وراثة ابنه محمود رئاسة مصر لأنه ليس مدني - فاكرين نداء ؛ " فين المدني إللي هنا " ..؟!
إذن ، وباختصار ، فهذا هو التفكير السالب ، التفكير المدمر ، الذي يبحث مثلا في معرفة نقاط القوة والضعف في نظام ما لا لكي يعزز القوة وما يضمن الاستمرارية لهذا النظام أو ذاك ، ومتى ثبتت جدارته ونجاعته ، ولكن لكي يعمل النظام كله لصالحه . تماما كالذي يتعلم القانون لا لكي يتحرى و يطبق العدالة ، ولكن لكي يعرف ثغراته ويستغلها لخدمة وتعزيز مصالحة - وبغض النظر هنا طبعا عن مدى شرعيتها أو عدم شرعيتها .. !
فهو إذن ، وكما أسلفنا ، بدلا من تكريس مبدأ تداول السلطة ، وتحقيق العدالة الإجتماعية ، وإعادة هيكلة الشرطة ، وغيرها ، قد جرى عمل عكس كل ذلك تماما .. " وإذا كان على ابننا محمود ، مش هيمسك منصب مدني ، علشان محدش يفتح بوقه لما يورث حكم مصر .."
ويجب أن نفهم إذن ، وفي هذا الإطار ، لماذا سافر محمود السيسي ، وفي معية عباس كامل ، لاسطنبول للحوار مع الإخوان ، بل ولماذا تم استدعاء الإخوان أصلا في هذا المشهد ..!
هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)
إقرأ أيضا
أحدث الموضوعات
اثنين, 06 مايو 2024
الجاسوسية أسرار والغاز: أسرار الصاروخ "حيتس" تحت أحذية المخابرات المصرية اثنين, 06 مايو 2024
سفينة تركية تتجه لمصر تحمل مساعدات لغزة اثنين, 06 مايو 2024
جيش الإحتلال:إخلاء شرق رفح للقيام بعملية غير محددة الزمن الأكثر قراءة
جمعة, 08 أكتوبر 2021
مصادر: إبراهيم منير يتخذ قرار بإيقاف ٦ من الشورى العام سبت, 18 سبتمبر 2021
د. أيمن منصور ندا يكتب : عندما تلقيت اتصالاً من الرئيس السيسي خميس, 30 سبتمبر 2021
طارق مهني يكتب : بزنس المعارضة - سبوبة الزنازين اثنين, 01 نوفمبر 2021
تقرير : كيف ساهم " أبو دية " عبر أذرعه المالية في تدجين المعارضة المصرية بالخارج جمعة, 28 مايو 2021
تعرف على مدينة المقاومة تحت أرض غزة ودورها في معركة سيف القدس إسلاميات
أربعاء, 01 مايو 2024
د.رعد هادي جبارة يكتب: خصوصية المفردة القرآنية وجماليتها (4) جمعة, 15 مارس 2024
عود على بدء: خصوصية المفردة القرآنية - ٢