كيف شكلت الأوضاع الأمنية ملامح الإنفاق العسكري عالمياً في 2023؟

profile
  • clock 17 فبراير 2024, 12:16:45 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يشهد النظام الدولي العديد من الإشكاليات والصراعات واسعة النطاق التي تترك آثار كبيرة على التفاعلات الدولية؛ حيث لا تزل الصراعات المسلحة سمة رئيسية لهذه التفاعلات، فالصراع الأوكراني مستمراً ويبدو أنه عصي على التسوية خلال العام الحالي في ظل استمرار مراهنة طرفي الصراع على الحل العسكري، واقتناع موسكو أن الفرصة باتت مهيأة لها من أجل الانتصار في الحرب. وجاءت حرب غزة لتضفي المزيد من التعقيدات على التفاعلات الدولية، أضف إلى ذلك طبيعة التهديدات الأمنية التي تواجهها الدول، وهي كلها عوامل تحفز الدول نحو زيادة انفاقها العسكري وتطوير ترسانتها المسلحة.

وفي هذا الصدد، يشير "تقرير التوازن العسكري 2024" الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى أن العالم دخل في 2023 "بيئة أمنية شديدة التقلب". وتتجسد هذه البيئة الأمنية المتدهورة في الصراعات المتصاعدة مثل الحرب بين حماس وإسرائيل، والصراع في أوكرانيا، واستيلاء أذربيجان على منطقة ناجورنو كاراباخ؛ وانقلابات في النيجر والجابون؛ ومناورات الصين الأكثر حزماً حول تايوان، وفي بحر الصين الجنوبي وأماكن أخرى؛ والهجمات على البنية التحتية الوطنية الحيوية، بما في ذلك خط أنابيب الغاز وكابلات البيانات في بحر البلطيق. وقد دفع ذلك الحكومات إلى إعادة تقييم الأولويات الأمنية والإنفاق الدفاعي وخطط المعدات. كما أثارت تلك التهديدات مخاوف بشأن القدرات الصناعية الدفاعية، ودفعت إلى إدراك أن جهود التحديث تحتاج إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على القدرات التقليدية، مثل المدفعية، مع تبني تقنيات أحدث، مثل الأنظمة غير المأهولة والأسلحة عالية السرعة. ويرصد التقرير هذه التطورات وكيفية تأثيرها على ميزانيات الدفاع ومخزونات المعدات.

اضطرابات أمنية

بحسب التقرير، فقد أدى تجدد القتال بين إسرائيل وحماس، وعودة التهديد الصاروخي الحوثي إلى الظهور، وتصاعد التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ والقطب الشمالي، والاضطرابات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إلى جانب الحرب الروسية على أوكرانيا التي تقترب من عامها الثالث، إلى خلق حالة من التقلب الشديد في البيئة الأمنية في العام الماضي، وذلك على النحو التالي:

1- تزايد نهج استخدام القوة العسكرية في العلاقات الدولية: وفقاً للتقرير، ينذر الوضع العسكري والأمني الحالي بما يحتمل أن يكون عقداً أكثر خطورة؛ إذ يتسم بالاستخدام المتزايد للقوة العسكرية لتحقيق الأهداف. وفي الوقت نفسه، تحاول الحكومات الموازنة بين الرغبة في الأسلحة المتقدمة والحاجة إلى إعادة بناء القدرة على إنتاج الذخيرة على نطاق صناعي.

وقد سلط زوال معاهدة القوات التقليدية في أوروبا الضوء على عدم الاهتمام بالحد من الأسلحة. فلقد أدت التصرفات العسكرية لموسكو إلى تفاقم المخاوف في أجزاء أخرى من العالم، وخاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، من أن تحاول دولة مجاورة قوية عسكرياً فرض إرادتها على الآخرين. وفي آسيا، دفع هذا اليابان وكوريا الجنوبية إلى البحث عن علاقات دفاعية أوثق، ودفع الفلبين إلى إعادة التواصل مع الولايات المتحدة بشأن التعاون العسكري، وحفز تايوان لتعزيز دفاعاتها، وحرك أستراليا إلى الشروع في توسيع غير مسبوق لقدراتها البحرية من خلال شراكة "أوكوس" بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة حول الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية في جوهرها.

2- قدرة روسيا على تعويض خسائرها من الأسلحة: فقدت روسيا أكثر من 2900 دبابة قتالية رئيسية منذ شنت حربها واسعة النطاق على أوكرانيا، وهو نفس العدد الذي كان لديها في المخزون النشط في بداية العملية. ومع ذلك، تمكنت موسكو من مقايضة الجودة بالكمية، من خلال سحب آلاف الدبابات القديمة من المخازن بمعدل قد يصل في بعض الأحيان إلى 90 دبابة شهرياً. وتعني مخزونات المعدات الروسية المخزنة أن موسكو يمكن أن تتحمل حوالي ثلاث سنوات أخرى من الخسائر الفادحة وتجديد الدبابات من المخزونات، حتى لو بمعايير تقنية أقل، بغض النظر عن قدرتها على إنتاج معدات جديدة.

3- استمرار التحركات العسكرية والسياسية الصينية على الساحة الدولية: أصبحت الصين، بحسب التقرير، أكثر عدوانية، وليس فقط في جوارها المباشر. فقد أطلقت البلاد منطاد مراقبة على ارتفاعات عالية فوق الولايات المتحدة ونشرت سفناً بالقرب من الشواطئ الأمريكية، في حين واجهت أصولها البحرية مواجهات متوترة مع السفن الكندية والفلبينية. ولقد حافظت بكين على تحديث دفاعها، في حين عززت أيضاً مشاركتها الدبلوماسية، وتوسطت في جهود التوصل إلى انفراج بين إيران والمملكة العربية السعودية.

4- تعقيد المشهد الأمني في الشرق الأوسط بعد أحداث "طوفان الأقصى": يشير التقرير إلى أن الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر باستخدام مزيج من الأسلحة والأساليب العسكرية أدى إلى مقتل حوالي 1200 مدني. كما أن الهجوم الذي شنته تل أبيب على غزة في أعقاب ذلك والذي تسبب في خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين، أدى إلى المزيد من زعزعة المشهد الأمني العالمي. كما أدي القتال إلى عرقلة الجهود المبذولة لتحسين العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية وتسبب في حدوث خلافات دبلوماسية في أماكن أبعد. كما كشف القتال أيضاً عن اعتماد إسرائيل المفرط المحتمل على التكنولوجيا لمراقبة حماس، الأمر الذي ربما ساهم في عدم توقع تل أبيب الهجوم.

5- تفاقم حالة عدم الاستقرار الإقليمي في أفريقيا جنوب الصحراء: لم تكن أفريقيا بعيدة عن الاضطرابات المنتشرة عالمياً؛ فقد عانت القارة من انقلابات في النيجر والجابون، وتسيطر الأنظمة العسكرية الآن على حزام عبر منطقة الساحل. وبحسب التقرير، فقد أنهت الأمم المتحدة عملياتها في مالي بسبب الضغوط السياسية من النظام الجديد، على الرغم من استمرار العنف في البلاد.

6- اتجاه الدول الغربية نحو تحديث استراتيجيتها الأمنية: دفعت طموحات روسيا الإقليمية العديد من الحكومات في أوروبا إلى تحديث تفكيرها الأمني. إذ نشرت ألمانيا أول استراتيجية للأمن القومي، وأصدرت المملكة المتحدة تحديثاً لوثيقة قيادة الدفاع الخاصة بها. وقد أوضح ذلك للجميع أن الأمن القومي لم يعد مجرد فكرة لاحقة وأن التحديات التي تلوح في الأفق تتطلب اهتماماً جدياً. كما سلط الضوء على أن الصين أصبحت مصدر قلق أمني متزايد، مما يتوافق، على الأقل إلى حد ما، مع لهجة واشنطن. وقد كانت التطورات العسكرية للصين أيضاً محور تركيز المراجعة الاستراتيجية الدفاعية الأسترالية. وبحسب التقرير، فقد كانت النتيجة زيادة طفيفة في نفقات الدفاع.

كما أدركت الحكومات من كانبرا إلى واشنطن إلى أوسلو أن مخزوناتها من الذخيرة قد تراجعت إلى مستوى منخفض للغاية وأن القدرة على إعادة المخزون تحتاج إلى إصلاح. وفي الوقت نفسه، فإن الدول الأوروبية تابعت قدرات الدفاع الجوي والصاروخي بقوة متجددة. إذ أن هناك طلب قوي على المركبات الجوية غير المأهولة (UAVs) والمؤسسات الدفاعية المحيطة بها ويحاول العالم الاستفادة من سرعة تطور الشركات الناشئة في مجال ريادة الأعمال.

الاستراتيجيات العسكرية  

أظهر الهجوم الروسي على أوكرانيا أن الحرب الحديثة لا تزال تحمل أصداء الماضي. فمع توقف هجومها، عادت روسيا إلى حرب الخنادق، مما سلط الضوء على قيمة القدرات مثل الألغام والتحصينات في الأحزمة الدفاعية لإبطاء الهجوم المضاد الأوكراني المدعوم بالأسلحة التي يزودها الغرب بها. مما أعاد النظر في استراتيجيات القتال وعقيدته، وذلك على النحو التالي:

1- إعادة التأكيد على أهمية الابتكار العسكري في الحروب: أدركت بعض القوات المسلحة الغربية مرة أخرى ضرورة التركيز على إزالة العوائق المعقدة، بما في ذلك الخنادق، كجزء من مناهجها التدريبية. وبالتوازي مع ذلك، قامت موسكو وكييف بتكييف عملياتهما. إذ بدأت أوكرانيا في شن هجمات بمُسيرات طويلة المدى من حين لآخر على موسكو باستخدام تصميمات محلية لإعادة الحرب إلى روسيا، وقد أظهرت موسكو مرونتها الخاصة؛ إذ قامت بتعديل العمليات الجوية القتالية لإبقاء الطائرات خارج نطاق أنظمة أرض-جو الأوكرانية وربطت المُسيرات والغارات الصاروخية للتغلب على تلك الدفاعات.

2- تزايد أهمية أنظمة الأسلحة الحديثة بحرياً وجوياً لا سيما المُسيرات: كشفت الحرب الأوكرانية عن تزايد أهمية المسيرات في الحروب الحديثة؛ إذ أعطى استخدام أوكرانيا لمركبات بحرية غير مأهولة (UMVs) لاستهداف الأسطول الروسي في البحر الأسود الآخرين أهمية أكبر في متابعة مثل هذه المعدات. وبينما كانت المركبات الجوية غير المأهولة (UAVs) عنصراً أساسياً في القوات المسلحة الحديثة لبعض الوقت؛ فقد أظهرت الصراعات الأخيرة فائدة مجموعة أكبر بكثير من هذه الأنظمة، مثل ذخائر الهجوم المباشر، والمروحيات الرباعية، والمزيد من الطائرات التقليدية. وقد أدى الطلب إلى موجة من صفقات التصدير؛ حيث قامت تركيا وإيران بتوفير طائرات بدون طيار لمختلف الجهات الفاعلة.

ويضيف التقرير أن الدروس المستفادة من الصراعات الراهنة، وخاصة أوكرانيا، بدأت تؤثر على تفكير العديد من القوات المسلحة وهو ما يشمل تقديراً متزايداً لقيمة المدفعية، وأنظمة المُسيرات المضادة، وقيمة المركبات البحرية غير المأهولة (UMVs) والتهديد الذي تشكله. ولقد تزايد الاهتمام بمركبات UMV، التي كانت في ارتفاع بالفعل قبل الحرب، داخل العديد من القوات المسلحة، مدفوعاً أيضاً بالاعتراف بأن هذه الأنظمة يمكن أن تعمل على مراقبة البنية التحتية الوطنية الحيوية الضعيفة التي تمر على طول قاع البحر والتي لا تخضع للمراقبة بشكل جيد وتخضع في بعض الأحيان للهجوم.

3- ضرورة استعداد الدول للحروب طويلة الأمد: يشير التقرير إلى أن أوكرانيا هي بمثابة تذكير بأن الحروب، في العادة، هي أمور طويلة الأمد، على عكس المغالطات السابقة في الغرب بأن مرحلة القتال في الصراع يجب أن تنتهي بسرعة. وهذا الأمر يدفع الدول نحو تطوير استراتيجيتها العسكرية استعداداً للحروب طويلة الأمد.

اتجاهات الإنفاق

يكشف استقراء خريطة الانفاق العسكري عالمياً عن عدد من الاتجاهات الرئيسية المتمثلة فيما يلي:

1- استمرار صدارة الولايات المتحدة للإنفاق الدفاعي عالمياً: لا تزل الولايات المتحدة تأتي في صدارة الدول من حيث الانفاق الدفاعي عالمياً؛ فبحسب التقرير بلغت ميزانية الدفاع الأمريكية لعام 2023 نحو 905.5 مليار دولار، وهي الزيادة المدفوعة بطموحات واشنطن لمواصلة تحديث ترسانتها العسكرية، كما أن الدعم الأمريكي المتواصل لكل من أوكرانيا وإسرائيل يلعب دور مهم في توسع الانفاق الدفاعي الأمريكي.

2- مواصلة تحركات الصين وروسيا لتحديث القدرات العسكرية: تأتي كل من الصين وروسيا بعد الولايات المتحدة من حيث الانفاق الدفاعي العالمي، فقد بلغت ميزانية الدفاع الصينية في 2023 نحو 219.5 مليار دولار، فيما بلغت ميزانية الدفاع الروسية حوالي 108.5 مليار دولار. وبطبيعة يرتبط هذا الانفاق بمساعي الصين لتطوير قدراتها بهدف مجابهة التهديدات الغربية. أما في حالة روسيا فإن ذلك الانفاق يتصل، بصورة رئيسية، بالحرب في أوكرانيا.

3- استحواذ الانفاق الدفاعي على اهتمام الكثير من دول الشرق الأوسط: تهتم الكثير من دول الشرق الأوسط بتعزيز انفاقها الدفاعي، ولعل هذا ما يتضح من حضور السعودية في المركز السادس ضمن أكبر 15 دولة من حيث ميزانياتها الدفاعية في 2023. كما توجد 9 دول في قائمة أكبر 15 ميزانية دفاعية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم في 2023، فعلى سبيل المثال، يمثل الانفاق الدفاعي في الجزائر 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، كما يمثل الانفاق الدفاعي في السعودية حوالي 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، ويشكل الانفاق الدفاعي في دولة الإمارات حوالي 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة.

4- تصدر روسيا وأوراسيا مناطق العالم في زيادة الانفاق العسكري: يكشف مقارنة التغيرات في الانفاق العسكري على مستوى مناطق العالم بين أعوام 2021 و2022 و2023 عن تصدر روسيا وأوراسيا مناطق العالم في زيادة الانفاق العسكري؛ فقد تغير الانفاق الدفاعي الحقيقي في المنطقة خلال عام 2023 بنحو 38%. هذا التغير مدفوع بصورة رئيسية بتزايد الاتفاق العسكري الروسي.

5- لجوء بعض الدول لتحفيض انفاقها الدفاعي: بالرغم من توجه بعض الدول لتعزيز انفاقها العسكري خلال عام 2023؛ فإن ذلك العام شهد بعض الانخفاضات في الانفاق؛ فعلى سبيل المثال، بلغت نسبة الانخفاض في الانفاق الدفاعي للمملكة المتحدة، بالرغم من أنها تحتل المرتبة الخامسة عالمياً ضمن أكبر ميزانيات للدفاع عالمياً، حوالي 25.4% من إجمالي انخفاض الانفاق الدفاعي العالمي 2022-2023، كما مثل نسبة الانخفاض في الانفاق الدفاعي للهند نحو 9.5% من إجمالي انخفاض الانفاق الدفاعي العالمي 2022-2023. وجاءت باكستان في المرتبة الثالثة بنسبة 7.5% من إجمالي انخفاض الانفاق الدفاعي العالمي 2022-2023. ويمكن القول إن هذا التراجع مدفوع بصورة رئيسية بالتحديات الاقتصادية التي تواجهها العديد من الدول.

تحركات الناتو

كان للحرب في أوكرانيا تأثير واسع على حلف الناتو؛ إذ دفعت الحرب الحلف إلى تبني مجموعة من التحركات لمواجهة سياق ما بعد الحرب، وهو الأمر الذي تتجلى ملامحه من خلال ما يلي:

1- إعادة تنشيط وتوسع حلف الناتو: أدت تصرفات روسيا إلى إعادة تنشيط الناتو، حيث أكملت فنلندا عملية انضمامها السريع إلى الحلف في أبريل 2023، وقد تزايد تأثير مدى سوء تقدير موسكو للتأثير الذي قد يحدثه هجومها على أوكرانيا على المشهد الأمني الإقليمي. فقد أصبحت حدود روسيا مع أعضاء الناتو أطول الآن بأكثر من 1300 كيلومتر. كما تعهدت ألمانيا وكندا بتعزيز وجودهما في دول البلطيق؛ حيث تعهدت برلين بالحفاظ بشكل دائم على وجودهما في دول البلطيق في ليتوانيا وأوتاوا وتخصص قوات إضافية في لاتفيا. وعشية قمة فيلنيوس في يوليو 2023، وافقت تركيا على إحالة طلب انضمام السويد إلى برلمانها للموافقة عليه بعد أشهر من المماطلة.

2- تعزيز العمل المشترك مع دول خارج الناتو: وفقاً للتقرير، لم يترك أعضاء الحلف الأقرب إلى أوكرانيا مجالاً للشك أثناء انعقاد قمة فيلنيوس بأنهم يريدون منح أوكرانيا العضوية. كما أنشأ الناتو وأوكرانيا مجلساً مشتركاً للعمل معاً بشكل أوثق. لكن القمة قدمت دليلاً إضافياً على أن الحلف كان يتطلع إلى تعزيز موقفه الردعي والدفاعي، من خلال سلسلة من خطط الدفاع الإقليمية المتفق عليها والتي تحتوي على أهداف طموحة فيما يتعلق بحجم القوة واستعدادها.

3- إعادة النظر في الخطط الدفاعية للدول الأعضاء: شرعت الحكومات وموظفو التخطيط الدفاعي لديها في تكييف التكتيكات والسياسات للاستعداد للبيئة الأمنية الجديدة. وقد كانت أستراليا وفنلندا وألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة من بين الدول التي أصدرت وثائق استراتيجية جديدة متعلقة بالدفاع. ففي عام 2023، جاءت أول استراتيجية للأمن القومي لألمانيا على الإطلاق بعد أن أعلن المستشار أولاف شولتز عن حدوث تحولات جوهرية نتيجة الهجوم الروسي على أوكرانيا. وتصف الوثيقة روسيا بأنها "التهديد الأكثر أهمية للسلام والأمن في المنطقة الأوروبية الأطلسية".

وعلى الرغم من نقص التفاصيل في العديد من المجالات، بيد أنها تشير إلى أن الحكومة "ستعمل على تعزيز تطوير وإدخال قدرات متقدمة للغاية، مثل أسلحة الضربات العميقة الدقيقة". بالإضافة إلى أن تحديث وثيقة قيادة الدفاع البريطانية، وهو تحديث لوثيقة صدرت منذ عامين فقط، يركز بالمثل على العلاقات الأوروبية الأطلسية.

4- إدراج التهديد الصيني ضمن أولويات الاستراتيجيات الدفاعية لدول الحلف: على الرغم من أن روسيا عادة ما يتم تحديدها على أنها التهديد الرئيسي في تحديثات الاستراتيجية الغربية، إلا أن ألمانيا والمملكة المتحدة ودول أخرى تشير أيضاً إلى اتباع نهج أكثر حذراً تجاه الصين. فقد وصفت برلين علاقتها مع بكين بأنها تتعامل مع "شريك ومنافس". وقد كانت كانبرا أكثر وضوحاً إلى حد ما في الكشف العلني عن المراجعة الاستراتيجية الدفاعية الأسترالية في أبريل، إذ انتقدت بكين بسبب الافتقار إلى الشفافية حول خططها الدفاعية. كما أصدرت نيوزيلندا، ولأول مرة، استراتيجية للأمن القومي. وشددت على الشراكات مع الآخرين للحفاظ على الأمن الإقليمي.

5- اهتمام الناتو بتطوير تقنيات الابتكار الدفاعي بالتعاون مع الشركات الناشئة: اتخذ الناتو خطوات لإنشاء صندوقه الاستثماري بشكل كامل خلال قمة فيلنيوس. ويهدف صندوق الناتو للابتكار إلى استثمار مليار يورو في الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة التي تعمل على ما يُنظر إليه على أنه تقنيات مدمرة. كما يهتم الحلف أيضاً بتحفيز الابتكار الدفاعي لربط الشركات الناشئة بالمستخدمين والعلماء وغيرهم في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والأسلحة عالية السرعة والتكنولوجيات الكمية والحيوية. وبالمثل، أطلقت أستراليا برنامج القدرات الاستراتيجية المتقدمة؛ حيث تعهدت الحكومة باستثمارات بقيمة 3.4 مليار دولار أسترالي (2 مليار دولار أمريكي) على مدى العقد المقبل.

تفاعلات آسيوية

يتسم المشهد الأمني في آسيا بدرجة كبيرة من التعقيد؛ حيث أن التوترات الأمنية في آسيا آخذة في الارتفاع، وفي هذا الصدد، يمكن تناول المشهد الأمني في آسيا على النحو التالي:

1- توسع الصين في تحديث قدراتها العسكرية: تعمل الصين، بحسب التقرير، على تحديث قواتها الاستراتيجية، كما تواصل العمل على الصاروخ الباليستي متوسط المدى DF-27 (CH-SS-X-24) المزود بمركبة انزلاقية تفوق سرعتها سرعة الصوت؛ إذ تهدف إلى التغلب على الدفاعات الصاروخية. كما تقدمت الجهود الصينية لتحويل جيش التحرير الشعبي إلى قوة لاستعراض القوة. وبحسب التقرير، فقد تدربت البحرية على مقربة من جزيرة غوام ومع سفن روسية بالقرب من ساحل ألاسكا. كما أن حاملة الطائرات الثالثة والأكثر قدرة في البلاد، فوجيان (Type-003)، اقتربت من التجارب البحرية. وفي الوقت نفسه، أرسلت الصين بالون تجسس مزعوم عبر الولايات المتحدة، وقد أسقطته طائرة تابعة للقوات الجوية الأمريكية.

2- استمرار النزاع الإقليمي في بحر الصين الجنوبي: فقد مارست بكين ضغوطاً على الفلبين بشأن نزاع إقليمي في بحر الصين الجنوبي؛ حيث نشرت ميليشياتها البحرية بشكل روتيني هناك وفي مناطق أخرى في بحر الصين الجنوبي تطالب بها. وفي المقابل، نشرت وزارة الدفاع اليابانية كتاباً أبيضاً جديداً يدعو إلى زيادة كبيرة في إنفاق القوات المسلحة.

3- متابعة بيونج يانج تطوير ترسانتها النووية: تابعت كوريا الشمالية عاماً آخر حافلاً بإطلاق الصواريخ. فقد كشفت النقاب عما بدا أنه صاروخ باليستي عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب، وهو صاروخ هواسونج-18، ثم اختبرته فيما بعد. وقد طرح رئيس كوريا الجنوبية لفترة وجيزة فكرة متابعة البلاد لبرنامجها النووي الخاص.

4- إعادة نشر بريطانيا أسلحة متطورة في منطقة الهندوباسيفيك: صحيح أن لندن ركزت على تعزيز حضورها في أوروبا، لكنها تمسكت بخططها لإعادة مجموعة قتالية من حاملات الطائرات إلى منطقة الهندوباسيفيك في عام 2025. وبموجب شراكة أوكوس، قالت المملكة المتحدة إنها ستعيد نشر غواصة هجومية في أستراليا.

5- تخطيط كندا وألمانيا لتعزيز انتشارهما في المنطقة: قالت كندا، في عام 2023، إنها تعتزم تعزيز انتشارها البحري في المنطقة عبر ثلاث سفن بدلاً من اثنتين. كما قال وزير الدفاع الألماني إن بلاده تخطط لإرسال سفينتين عسكريتين – فرقاطة وسفينة إمداد – إلى منطقة الهندوباسيفيك في عام 2024 وتعزيز الأنشطة الأخرى.

6- تعزيز واشنطن لعلاقاتها الإقليمية لموازنة نفوذ بكين: كثفت الولايات المتحدة جهودها لتعزيز العلاقات الإقليمية وموازنة السياسة الخارجية الصينية الأكثر حزماً. وأصبح لويد أوستن أول وزير دفاع أمريكي على الإطلاق يسافر إلى بابوا غينيا الجديدة لتعزيز العلاقات. كما حاولت واشنطن تعزيز علاقاتها مع الهند والفلبين وغيرها من دول المنطقة. كما التزمت الولايات المتحدة بتزويد أستراليا بغواصات هجومية من طراز فيرجينيا تحت مظلة أوكوس، وذلك قبل تسليم زوارق إس إن إن- أوكوس SSN-AUKUS الأسترالية الصنع.

7- فتح واشنطن قنوات التمويل العسكري لتايبيه: فتحت واشنطن قنوات تمويل التمويل العسكري الأجنبي لتايوان لمساعدة الدولة الجزيرة، وذلك في إطار محاولتها تعزيز دفاعاتها في مواجهة النشاط العسكري الصيني المتزايد.

8- دخول دول المنطقة في شراكات أمنية لمواجهة التحديات: علاوة على ما سبق، تسعى دول مختلفة في المنطقة إلى إقامة شراكات أخرى بهدف واضح هو تحسين وضعها الأمني. إذ تعمل اليابان وأستراليا معاً بشكل أكبر في المسائل الدفاعية على قدم المساواة وتتماشى مع مشاركة طوكيو مع المملكة المتحدة وإيطاليا في البرنامج الجوي القتالي العالمي، الذي يهدف إلى تطوير مقاتلة من الجيل السادس بحلول عام 2035. وأجرت كوريا الجنوبية واليابان محادثات لإصلاح العلاقات بوساطة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

السلاح الغربي

في أعقاب الحرب الباردة، قامت العديد من القوى الغربية بسحب مخزوناتها أو تخلت عنها إلى حد كبير وسط ضغوط من السياسيين لإزالة المخزونات التي اعتبرت مفرطة في غياب تهديد واضح. فيما كشف القتال في أوكرانيا عن مدى تراجع قدرة القوات المسلحة والصناعات الدفاعية على تجديد مخزون الذخائر بسرعة، كما عزز القتال بين إسرائيل وحماس المخاوف بشأن عمق المخزون والقدرة الصناعية. وفي ضوء ذلك، بدأ القادة العسكريون الغربيون وبعض السياسيين الآن في الاعتراف بأن ذلك كان خطأً ويعكسون مسارهم. وبوجه عام تمثلت أبرز تحركات الدول الغربية لتطوير قدراتها العسكرية فيما يلي:

1- ضخ لندن استثمارات إضافية لدعم مرونة مخزونها من الذخائر: قالت المملكة المتحدة، كجزء من ورقة القيادة المحدثة، إنها ستستثمر مبلغاً إضافياً قدره 2.5 مليار جنيه إسترليني لجعل مخزونها من الذخائر أكثر مرونة، وكذلك التفاعل مع الطلب المتزايد على الأسلحة بالنسبة لأوكرانيا.

2- اهتمام أستراليا وفنلندا بزيادة إنتاج الأسلحة والذخائر: أقامت أستراليا مشروعاً للأسلحة الموجهة والذخائر المتفجرة لضمان توفير الإمدادات الكافية. كما اتفقت واشنطن وكانبرا أيضاً على العمل معاً لتمكين الإنتاج المشترك المحتمل لأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة الموجهة في أستراليا بحلول عام 2025 ولكي تكون البلاد قادرة على إنتاج حوالي 155 ملم من قذائف المدفعية.

ومن جانبها أعلنت فنلندا في نهاية 2023 أنها ستضاعف قدرتها على إنتاج الذخيرة بحلول عام 2027، وهو الأمر الذي يرتبط بشعور فنلندا بتصاعد التهديدات لها وخاصة من جانب روسيا.

3- توسيع برلين اتفاقية إطارية لشراء الذخائر من شركة راينميتال: قامت ألمانيا بتوسيع اتفاقية إطارية قائمة لشراء ذخيرة دبابات عيار 120 ملم من شركة راينميتال، مما يمنح الشركة قدراً أكبر من اليقين بشأن الطلب على المدى الطويل.

4- زيادة الإنتاج المحلي من الذخائر في أوكرانيا بدعم من واشنطن: زادت كييف من إنتاج طلقات 122 ملم و152 ملم لاستخدامها مع معداتها التي تعود إلى الحقبة السوفياتية، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المخزون العالمي من تلك الذخيرة قد نضب تقريباً. وتعمل البلاد أيضاً على أنظمة طويلة المدى. وبحلول منتصف عام 2023، كان إنتاج الذخيرة المحلي الشهري في أوكرانيا يفوق إجمالي إنتاج العام السابق. وقالت الولايات المتحدة وأوكرانيا أيضاً في ديسمبر 2023 إنهما ستستكشفان الإنتاج المشترك للأسلحة الحيوية وطرق أخرى لتلبية احتياجات كييف من المعدات العسكرية.

5- سعي شركات الدفاع الغربية إلى زيادة إنتاجها: ففيما يتوقع أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من الأسلحة هذا العام. ومن المتوقع أن تولد أوروبا، إنتاجاً أعلى بشكل ملحوظ اعتباراً من عام 2025 في ظل الخطط الحالية. فإن شركات الدفاع تعمل على زيادة الإنتاج. إذ يجري الآن إعادة تصميم الأسلحة للتغلب على الاختناقات المستمرة في سلسلة التوريد واستخدام المزيد من الأجزاء التجارية لصنع الأسلحة. فعلى سبيل المثال، قالت شركة جنرال ديناميكس في أكتوبر 2023 إنها رفعت إنتاج المدفعية إلى حوالي 20 ألف طلقة شهرياً من 14000 وتتطلع إلى زيادة إلى 85000 أو أكثر.

6- زيادة الاهتمام الأمريكي بالتكنولوجيا الدفاعية: وفقاً للتقرير، فقد أدى استخدام أوكرانيا للتكنولوجيات التجارية والدفاعية، والتي غالباً ما يتم تقديمها بوتيرة سريعة للغاية، إلى زيادة مساعي القوات المسلحة الأخرى لتسخير الأنظمة التي تقدمها الشركات الناشئة التي لم تكن تقليدياً جزءاً من القاعدة الصناعية الدفاعية. فقد كثفت وزارة الدفاع الأمريكية، خلال العام الماضي، جهودها لتعزيز علاقاتها مع مثل هؤلاء الموردين الأصغر حجماً.

كما طلبت إدارة بايدن مبلغ 115 مليون دولار أمريكي لتمويل وحدة جديدة في البنتاجون باسم "مكتب رأس المال الاستراتيجي". ومن المفترض أن يجد هذا المكتب طرقاً للمساعدة في نقل التكنولوجيا من مرحلة البحث المبكرة إلى مرحلة الإنتاج، والتغلب على ما يسمى بوادي الموت الذي أعاق الجهود السابقة. ورفع البنتاجون دور وحدة الابتكار الدفاعي وعين مديراً جديداً للمدير التنفيذي السابق لشركة أبل دوغ بيك، الذي يعمل أيضاً كمستشار لوزير الدفاع في القضايا التقنية. وكجزء من زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الولايات المتحدة في يونيو 2023، أطلقت الدولتان Indus-X، وهي شراكة تكنولوجية استراتيجية تهدف أيضاً إلى العمل مع الأوساط الأكاديمية وحاضنات التكنولوجيا والمستثمرين.

ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن التفاعل بين دوائر الأمن القومي والشركات الناشئة لا يخلو من المشاكل. إذ أن العمل مع البنتاجون أو مؤسسات الدفاع الغربية الأخرى يمكن أن يأتي مع قيود على الوصول إلى رأس المال. وقد أوضحت الولايات المتحدة ودول أخرى أنها لن تعمل مع الشركات الناشئة التي لها علاقات تمويل مع دول مثل الصين.

الذكاء الاصطناعي    

لقد تصارعت المنظمات الدفاعية، لعقود من الزمن، مع ما يمكن أن يعنيه ظهور الذكاء الاصطناعي للقوات المسلحة، بدءً من تحسين إدارة الإمدادات إلى توليد المزيد من القدرات المستقلة في الأسلحة. وقد شهدت هذه المناقشات مد وجزر ولكنها اكتسبت كثافة مرة أخرى بسبب ظهور "شات جي بي تي" وأقرانه، وذلك نظراً لمخاطره الأمنية الكبيرة وفوائده الهائلة في الوقت ذاته، وكذلك حول ما يجب فعله بشأن الذكاء الاصطناعي في الدفاع:

1- دعم الذكاء الاصطناعي القدرة على تنفيذ هجمات أكثر تنوعاً وتعقيداً: إذ يمكن لنماذج اللغة الكبيرة التي تدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي أن تساعد محللي الاستخبارات في غربلة كميات هائلة من البيانات المجمعة غير المنظمة. لكن ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي يأتي مصحوباً بمخاطر محتملة أيضاً، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأمن السيبراني. إذ يمكن للمهاجمين السيبرانيين استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية لإنشاء هجمات أكثر تنوعاً وتعقيداً بسهولة وسرعة نسبيتين.

2- زيادة واشنطن للميزانية المخصصة للذكاء الاصطناعي: طلبت الولايات المتحدة 1.8 مليار دولار أمريكي للقدرات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي للعام المالي 2024 وحده. وهي الزيادة التي تعكس اهتمام الولايات المتحدة بتطوير قدراتها من الذكاء الاصطناعي. وفي هذا الصدد، أنشأ البنتاجون في أغسطس الماضي فريق عمل لتحليل ودمج أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية عبر الخدمات. وقالت وزارة الدفاع أيضاً إنها حريصة على تقييم كيفية استخدام الخصوم لهذه التكنولوجيا لمواجهة الجهود الأمريكية لتسخير الذكاء الاصطناعي. وقالت نائبة وزير الدفاع كاثلين هيكس: "نأمل أن يتم ذلك بسرعة، نظرا لطبيعة المنافسة الاستراتيجية مع الصين".

3- هواجس عالمية حول مدى دقة تقنيات الذكاء الاصطناعي: يرى التقرير أنه ربما يكون أحد أكبر الأسئلة حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، على الأقل في الوقت الحالي، هو دقة التكنولوجيا. فعندما نشرت مايكروسوفت وجوجل إصدارات من التكنولوجيا للمستخدمين، اشتهرت الخوارزميات بإنتاج استجابات غير دقيقة أو مضللة. وفي إحدى الحالات، وضعت مايكروسوفت قيوداً على برنامج الدردشة الآلي الخاص بها بعد أن قالت إنها مهتمة بالحصول على رموز نووية. وبناءً عليه، يرى التقرير أن مثل هذه الإشكاليات يمكن أن تكون مثيرة للقلق في التطبيقات المدنية، وإن كان لديها القدرة على أن تكون مدمرة في بيئة عسكرية عن طريق الخطأ في تحديد الأهداف.

4- تزايد المخاوف بشأن أمن البيانات: تحتاج القوات المسلحة، تماماً مثل نظيراتها المدنية، إلى تحديد المكان الذي يجب أن يتم فيه الجزء الأكبر من عمل الذكاء الاصطناعي. علماً بأن العديد من التطبيقات التي يتم تعميمها تعمل الآن على بنية تحتية سحابية واسعة النطاق تديرها شركات القطاع الخاص. ولكن هناك وجهة نظر مفادها أن الاعتماد على السحابة له جوانب سلبية، وأن تشغيل الذكاء الاصطناعي على كل جهاز – كمبيوتر محمول أو هاتف ذكي في العالم التجاري، ولكن ربما دبابة أو طائرة في المجال العسكري – يوفر قدر أكبر من أمن البيانات ومرونة النظام.

5- صعوبة وضع ضوابط على التكنولوجيا: لقد أثارت وتيرة التغيير السريعة المناقشات حول كيفية وضع ضوابط على التكنولوجيا. ولكن سرعان ما أصبح من الواضح أن إنشاء أي نوع من آلية الحد من الأسلحة لإدارة تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي لن يكون سهلا، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن التكنولوجيا ليست محددة بشكل كامل وهي ذات استخدام مزدوج إلى حد كبير. وتوضح الأسئلة المتعلقة بوضع حواجز الحماية للذكاء الاصطناعي التوليدي ما يقول أحد مخططي الدفاع الآسيويين إنه واقع العالم الحديث، بمعنى أن " آليات التحكم ببساطة لا يمكنها مواكبة وتيرة التغير التكنولوجي.

وختاماً، فإن مؤشرات الإنفاق الدفاعي الدولي التي كشف عنها تقرير التوازن العسكري، تشير إلى مواصلة الدول في سياسات تطوير ترسانتها العسكرية وتعويض خسائرها في ظل التحديات الأمنية والصراعات الموسعة. وبالرغم من التأثيرات المعاكِسة التي يمكن أن تفرضها المشكلات الاقتصادية التي تواجهها العديد من الدول؛ فإن السياقات الإقليمية والدولية الراهنة تدفع الدول نحو مواصلة الاهتمام بتطوير قدراتها العسكرية لاعتبارات عديدة؛ قد يكون أهمها الحروب القائمة وعودة الصراعات المسلحة الحادة، والتطور الحادث في بيئة التهديدات الأمنية، ونشوء أنماط جديدة من التهديدات غير التقليدية التي تستدعي من الدول تطوير قدرات المواجهة غير التقليدية. أضف إلى ذلك، حالة الشك التي باتت تحيط بقدرة الولايات المتحدة على قيادة النظام العالمي، في ظل الطموحات الروسية والصينية.

المصادر

المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS

التعليقات (0)