كيف نفهم التقارب التركي مع مصر؟

profile
ياسين عز الدين كاتب فلسطيني
  • clock 20 مارس 2021, 12:37:25 م
  • eye 1030
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تطرح أسئلة كثيرة حول التقارب التركي المصري الأخير، فهل هذا يعبر عن تغير في سياسة أردوغان؟ وهل نحن على أبواب مرحلة جديدة؟

 

الخطوات التي سمعنا عنها لا تمثل تغيرًا جوهريًا في العلاقات، فنحن نتكلم عن تصريحات إيجابية تركية وطلب تركي من قنوات المعارضة المصرية وقف البرامج السياسية، ولم نر خطوات للآن من جانب نظام السيسي.

 

ربما تتطور الأمور إلى توقيع تفاهمات حول الحدود البحرية أو مواضيع سياسية واقتصادية محدودة، أما استضافة أردوغان للإخوان، والاصطفاف بين المحور التركي القطري الإخواني ومحور الثورات المضادة (الإمارات السعودية مصر الأردن) فهذه علاقات استراتيجية لا تتغير بسهولة.

 

يبدو أن الإعلام هو الضحية الأولى في العلاقات بين المحور التركي القطري والثورات المضادة، ففي السابق فرضت قطر قيودًا على الجزيرة ومنعت ظهور شخصيات مثل القرضاوي وعزمي بشارة استجابة للضغوط السعودية، إلا أن الخطوة التركية لا تنطلق من ضعف بقدر ما هي محاولة لتوسيع النفوذ.

 

حيث يبدو أن أردوغان يريد استغلال الأجواء الجديدة بعد انتخاب بايدن من أجل مد جسور العلاقات مع أنظمة الثورات المضادة، فهذه سياسة أردوغان الحريص على نسج علاقات مع الجميع بما فيه خصومه إما من أجل حصاد مكاسب سياسية أو تحييد خطرهم.

 

تركيا تعاني من أزمة اقتصادية تعمقت مع وباء كورونا، واقتصادها يعتمد على الاستثمارات الخارجية، والعلاقات المتوترة مع أمريكا وحلفائها العرب والاتحاد الأوروبي أثرت سلبًا على الاقتصاد التركي، وربما يسعى أيضًا من أجل اختراق الحلف المعادي له من خلال نسج العلاقات مع مصر والسعودية.

 

ليس من الواضح درجة تجاوب النظام المصري مع هذه الخطوة، وقد تفرض دولة الاحتلال والإمارات فيتو على هذا التقارب.

 

وهنا يجب أن نفهم أردوغان بالشكل الصحيح، وإن كنت اتفق مع مؤيديه العرب في أن منطلقاته الفكرية وخلفيته الإسلامية لها دور في سياسته الخارجية، إلا أنه يجب الحذر من فخ الاعتقاد أنه يقدم الحلول السحرية لمشاكل الأمة الإسلامية.

 

السياسة الإقليمية والسياسة المحلية 

 من الخطأ النظر للأحداث في المنطقة على أنها فقط نتيجة السياسة الأقليمية وإرادة الدول الكبرى، فالسياسة المحلية لها دورها الهام.

 

للتوضيح: لو أن نظام السيسي كان على شفير الهاوية وهنالك انتفاضة في الشارع المصري، هل كان أردوغان سيقدم على التقارب معه؟ أم كان سيدعم المعارضة للتسريع بإسقاط السيسي ووصول حلفائه للحكم؟

 

مثال آخر: من القراءات السطحية لما يحصل في ليبيا وصف تطورات الأحداث بأنها فقط نتيجة التدخل التركي في مواجهة التدخل المصري والإماراتي، فالجزء الأكبر من المجهود العسكري والانتصارات يعود لقوات الوفاق الليبية أما الدور التركي فكان مجرد داعم.

 

لذا لا نحمل الدور التركي أكبر من حجمه، أما إخفاقات المعارضات العربية سواء في مصر أو تركيا فهذه نتيجة التطورات الميدانية الداخلية وليس "لتقاعس أردوغان عن نصرة هذه الميادين" (كما يفكر البعض).

 

أردوغان شخص برغامتي لدرجة كبيرة ومستعد لفعل أي شيء من أجل تحقيق أهدافه بعيدة المدى، بما فيه التعامل مع أعدائه وخصومه، قد يعتبر البعض ذلك انتهازية وآخرون يصفونها بالمرونة والذكاء وآخرون يقولون أن الغاية لا تبرر الوسيلة.

 

لذا على محبي أردوغان التخفيف من تعويلهم على تركيا وأن يعولوا أكثر على أنفسهم، فتركيا قد تقدم لك المساعدة في بعض النواحي لكن لن تحارب نيابة عنك ولن تكون دائمًا موجودة من أجلك، فإن لم يكن لك برنامج عمل خاص بك وخطة تسير وفقها فلن تستفيد أي شيء من أردوغان ولا تركيا.

 

في الختام  ينتمي أردوغان لمدرسة برغماتية تهتم بالوصول إلى النتيجة بغض النظر عن الطريق لذا من المتوقع أن يتصرف بهذه الطريقة، ورغم ما يقدمه من مساعدات ودعم لحلفائه فمن الخطأ المبالغة بالتوقعات أو أن نترك مصيرنا بيده.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)