لماذا تعددت انتقادات "إيلون ماسك" في الداخل الأمريكي؟

profile
  • clock 7 يونيو 2022, 3:05:50 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لطالما تسببت تصريحات وتغريدات الملياردير “إيلون ماسك” (الرئيس التنفيذي لشركتَي “تسلا” و”سبيس إكس”)، في جدل واسع، لا سيما أن آراءه وتصريحاته لا تعرف الحدود، ولا تتقيد بالقواعد. وما يدلل على ذلك أنها تطال الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في بعض الأحيان، ناهيك عن أقرانه في وادي السليكون، مثل “بيل جيتس”، و”جيف بيزوس”، وهو ما جذب – في المقام الأول – عدداً ضخماً من المتابعين الذين تجاوزوا 91 مليون متابع. وعلى خلفية تصريحاته وتغريداته النارية في الآونة الأخيرة، تعالت الانتقادات الموجهة إليه، ليس فقط من قِبل متابعيه، بل من قِبل الرئيس الأمريكي وبعض المؤسسات الأمريكية الرسمية وغير الرسمية أيضاً.

انتقادات متصاعدة

تعددت مصادر الانتقادات التي تعرض لها “ماسك” مؤخراً؛ وذلك في ضوء مواقفه وسياساته المعلنة. وتبلورت أهم هذه الانتقادات فيما يأتي:

1– الصحافة الأمريكية: على خلفية حفل “ميت جالا” في نيويورك، وفي أثناء مروره على السجادة الحمراء، تساءلت إحدى الصحفيات عن الأسباب التي دفعت “ماسك” إلى إنفاق أموال ضخمة لشراء “تويتر” دون إنفاق تلك الأموال على الأعمال الخيرية. وقد أكد “ماسك” أنه يقوم بالفعل بالكثير من الأعمال الخيرية، وأن شركاته تسعى إلى خير البشرية جمعاء؛ إذ تهدف شركة “تسلا” إلى دفع العالم نحو استخدام النقل المستدام، فيما تهدف شركة “سبيس إكس” إلى توفير الإنترنت في مناطق تنعدم فيها خدمات الإنترنت؛ ما يدلل، في مجمله، على تعدُّد طموحاته الخيِّرة التي تهدف إلى مستقبل أفضل.

2– الرئيس الأمريكي: على خلفية تعالي انتقادات “ماسك” للاقتصاد الأمريكي، علَّق “بايدن” في 4 يونيو الجاري على رغبة “ماسك” في التخلص من 10% من موظفي “تويتر”، وقال ساخراً: “أتمنى لماسك حظاً سعيداً في رحلته إلى القمر”، مشيراً إلى اختيار شركة “سبيس إكس” من قِبل الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء “ناسا” في العام الماضي لقيادة أول بعثة بشرية إلى القمر منذ عقود، فيما اكتفى “ماسك” بكتابة: “شكراً سيدي الرئيس” في صفحته على “تويتر”، بعد ربطها بمقطع الفيديو الذي تحدث فيه “بايدن”.

3– انتقادات قادمة من اليابان: أثار “ماسك” الجدل مجدداً بتغريدتَين له انتقدتا انخفاض معدل المواليد في اليابان؛ ما دفع العديد من المتابعين إلى انتقاده مع انتقادهم الحكومة اليابانية؛ لأنها لا تتخذ خطوات جادة لمجابهة ذلك الانخفاض، مطالبين إياها بالتصدي للارتفاع المضطرد في تكاليف المعيشة، وتزايد معدلات الهجرة؛ حيث قال “ماسك”: “إن لم يتغير شيء ما يؤدي إلى ارتفاع معدل المواليد عن معدل الوفيات، ستزول اليابان من الوجود”، كما قال في تغريدة أخرى: “ستكون هذه خسارة كبيرة للعالم”. وقد أتت تغريدتاه رداً على تقرير لصحيفة “كيودو نيوز” حول الانخفاض الحاد في عدد سكان البلاد الذي يقدر حالياً بنحو 125.5 مليون نسمة.

4– رئيس “تويتر” التنفيذي: تعرَّض “ماسك” لانتقادات واسعة من جراء استخدامه رمز (إيموجي) “الفضلات” رداً على تغريدة “باراج أجراوال” (الرئيس التنفيذي لشركة “تويتر”) التي ذكر فيها أن التقديرات الداخلية للحسابات الوهمية على “تويتر” للأرباع الأربعة الأخيرة، قلَّت عن 5%، رداً من جانبه على انتقادات “ماسك” لتعامل الشركة مع الحسابات الزائفة، وهي النسبة التي انتقدها “ماسك”، وأشار إلى أنها ظلت كما هي منذ عام 2013.

5– الموالون للرئيس “بوتين”: تحولت انتقادات “ماسك” – على خلفية موقفه الداعم لأوكرانيا – إلى تهديدات لحياته؛ فقد كتب “ديمتري روغوزين” (رئيس وكالة الفضاء الروسية) تغريدة على “تويتر” قال فيها: “ولهذا عليك أن تجيب كرجل راشد يا إيلون، بغض النظر عن الطريقة التي تحاول بها الظهور بمظهر الأحمق الذي لا يعلم شيئاً”، فكتب “ماسك” على إثر ذلك تغريدة أخرى كتب فيها: “إذا متُّ في ظروف غامضة، فقد سرَّتني معرفتكم”. وفي تغريدة سابقة، تساءل عن استخدام “روغوزين” كلمة “نازي”، وقال: “كلمة نازي لا تعني ما يبدو أنه يعتقد أنها تعنيه”، كما نشر تغريدة أخرى كتب فيها: “آسف! سأبذل قصارى جهدي للبقاء على قيد الحياة”.

6– موظفو شركة “نتفليكس“: انتقد “ماسك” مؤخراً شركة “نتفليكس”، مشيراً إلى أنه لا يُطيق مشاهدة ما تُقدِّمه، ووصفها بأنها مصابة بفيروس “الووك”، قاصداً بذلك أيديولوجية الشركة التي تنعكس على ما تُقدِّمه من أفكار يسارية. وعلى خلفية آرائه من ناحية، وانتقادات موظفي الشركة له من ناحية ثانية، منحت الشركة الموظفين فرصة لتقديم ملاحظاتهم حول الإرشادات الثقافية الجديدة التي أعلنتها مؤخراً.

عوامل مُفسرة

تجد الانتقادات السابقة – على تعدُّدها – أسباباً يمكن إجمالها في مجموعة من النقاط على النحو الآتي:

1– المطالبة بالإنفاق على الأعمال الخيرية: بعد استحواذه على “تويتر” مقابل 44 مليار دولار، تعدَّدت التساؤلات عن أسباب عدم إنفاقه تلك الأموال الضخمة على الأعمال الخيرية؛ فمنذ مايو الماضي، لم يتوقف الجدل بين عدد من مستخدمي “تويتر” رفضاً من جانبهم لفكرة امتلاك “ماسك” للشركة، زاعمين أن هناك أشياء أفضل بكثير كان يمكن أن ينفق عليها “ماسك”، من قبيل مساعدة الملايين حول العالم، أو التبرع للجمعيات الخيرية، أو حل مشكلة الجوع في مختلف أنحاء العالم.

2– سياسات تسريح العمالة: هدد “ماسك” موظفي شركة “تسلا” بالطرد إذا لم يعودوا للعمل من المكتب؛ وذلك بعد عامَين من عملهم من المنزل من جرَّاء جائحة كوفيد–19. وقد تداول مستخدمو “تويتر” رسالة إلكترونية أرسلها “ماسك” إلى موظفيه جاء فيها: “أي شخص يرغب في العمل عن بُعد، يجب أن يكون في المكتب لمدة 40 ساعة على الأقل (وأعني أن هذا هو الحد الأدنى) في الأسبوع، أو يغادر تسلا”. ولم يُكذِّب “ماسك” التقارير التي أشارت إلى رغبته في التخلص من 10% من موظفي الشركة؛ ما أدى إلى هبوط أسهمها بنسبة تجاوزت 8%، وهو ما يضيف مزيداً من التحديات إلى الشركة التي لم يَدْعُها “بايدن” إلى حدث البيت الأبيض للسيارات الكهربائية، على الرغم من كونها واحدة من كبريات شركات تصنيع السيارات الكهربائية في العالم. وقد يكون هذا هو سبب انتقاداته المتكررة للإدارة الأمريكية في تغريداته على “تويتر”.

3– انتقادات “ماسك” للقوة العاملة الأمريكية: في 12 مايو 2022، أشاد “ماسك” بالعمال الصينيين، وبموهبتهم وأخلاقهم في العمل، بينما انتقد القوة العاملة الأمريكية؛ ما تسبب في تعالي الانتقادات الموجهة له؛ ففي رأيه، تثير “فولكس فاجن” إعجابه بوصفها منافساً مزدهراً لشركة “تسلا” الرائدة، كما يتوقع ظهور بعض “الشركات الصينية القوية التي ستخلق أجواءً تنافسية حادة في السنوات المقبلة”. وقد سبق أن قال “ماسك” لصحيفة “فاينانشيال تايمز” إن “هناك الكثير من الموهوبين الفائقين الذين يعملون بجد في الصين ممن يؤمنون بقوة بالتصنيع […] أما في أمريكا، فيحاول الناس تجنب الذهاب إلى العمل على الإطلاق”.

4– التشكيك في سياسات “تويتر”: علَّق “ماسك” صفقة “تويتر” ريثما يحصل على معلومات عن الحسابات الوهمية تأكيداً لسلامة صفقته مالياً، كما شكَّك في بيانات “تويتر” المتعلقة بنسبة الحسابات المزيفة، مقدراً أن المستخدمين المزيفين يشكلون 20% من جميع الحسابات؛ فقد تسبب موقفه هذا في تعالي انتقادات موظفي “تويتر” له، وفي مقدمتهم رئيس الشركة التنفيذي الذي أكد أن حسابات البريد العشوائي تُشكِّل أقل من 5% من إجمالي المستخدمين، كما سبق القول.

5– الخطاب الداعم لأوكرانيا: تعالت انتقادات “ماسك” من قبل عدد من مؤيدي “بوتين” من جراء دعم الأول لأوكرانيا؛ حيث وفَّر خدمة “ستارلينك” دون أي مقابل مادي استجابةً لتغريدة نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الرقمية في أوكرانيا “ميخاليو فيدوروف”، التي طالبه فيها بتزويد أوكرانيا بمحطات “ستارلينك”، ومخاطبة العقلاء من الروس لوقف إطلاق النيران. وقد سلَّمت الشركة بالفعل المحطات اللازمة لتقديم الخدمة في أقل من 10 ساعات من مناشدة “فيدوروف”، وقد أمكن تنشيط “ستارلينك” في أوكرانيا نهاية شهر فبراير الماضي عقب إرسال الآلاف من المحطات إلى البلاد في أوائل شهر مارس الماضي، وهي المحطات التي ساعدت بالفعل على توفير خدمة الإنترنت في مناطق توقفت فيها الخدمة كلياً أو جزئياً بسبب الحرب المشتعلة بين الجانبين الروسي والأوكراني.

6– موقف “ماسك” السلبي من الإدارة الأمريكية: يرى “ماسك” أن الاقتصاد الأمريكي يمر بحالة من حالات الركود، على نحو يتعارض مع الاقتصاديين والبيانات المتاحة، وقد دعا الشركات إلى مراقبة التكاليف والتدفقات النقدية، لا سيما أن حالة الركود المتوقعة – وفقاً لتقديره – قد تستمر لمدة 18 شهراً؛ فقد تزايدت مخاوف الركود مؤخراً مع تشديد مجلس الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية للمساعدة في احتواء التضخم الذي يقترب من أعلى مستوى له منذ الثمانينيات، كما يرى “ماسك” أن السبب الحقيقي للتضخم هو طبع النقود بكميات تستعصي على الحصر، في انتقاد واضح لسياسات الإدارة الأمريكية الحالية.

ختاماً.. على تعدُّد الانتقادات التي تطال “ماسك”، فإن أخطر ما يواجهه في الوقت الراهن هو الدعوى القضائية التي تتهمه بالتلاعب في سعر سهم شركة “تويتر”، عبر إخفاء استحواذه على نسبة تجاوزت 5% من أسهمها؛ حتى تمكن من تقديم عرض بلغت قيمته 44 مليار دولار للاستحواذ على الشركة، ليوفر بذلك 156 مليون دولار، وسط مطالبات بتعويضات تأديبية وعقابية من جراء التلاعب بالسوق وشراء الأسهم بسعر منخفض على نحو مقصود من ناحية، والتحقيق في سلوك “ماسك” من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية من ناحية ثانية.

التعليقات (0)