لماذا قد تكون معارك دونباس أشد وطأة على أوكرانيا من الفترة السابقة؟

profile
  • clock 14 أبريل 2022, 12:33:09 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

 قد يكون احتمال بقاء أوكرانيا كدولة مستقلة قد زاد بعد الانسحاب الروسي من شمال البلاد، ولكن مع تحول تركيز الروس إلى معركة إقليم دونباس فإن الجنود الأوكرانيين قد تكون أمامهم أيام أصعب في الحرب.

قال مسؤولون في كييف إن أوكرانيا تستعد لـ"معارك كبيرة" ضد قوات موسكو في شرق البلاد، فيما يفر آلاف المدنيين خوفاً من هجوم روسي وشيك.

قضت القوات الروسية شهراً في محاولة تطويق العاصمة، والقضاء على استقلال البلاد، ولكن معركة إقليم دونباس المنتظرة قد تكون أشد وطأة على الطرفين.

وقالت صحيفة The Times  البريطانية، الأربعاء 13 أبريل/نيسان 2022، إن روسيا تحاول حشد قوات عسكرية تتفوق في العدد على القوات الأوكرانية في العمليات الدائرة شرقي أوكرانيا "دونباس"، بنسبة خمسة إلى واحد.

الظروف لن تكون في صالحهم كما كان الأمر في معركة كييف

وتعتبر المصادر الغربية أن الروس قد هزموا في معركة كييف، ولكنهم حوّلوا أنظارهم إلى دونباس، حيث يستعدون لهجوم كبير وشيك.

ونجحت القوات الأوكرانية في وقف تقدم الجيش الروسي في محيط كييف وشمالي البلاد، بسبب عوامل عديدة شنّ الروس هجوماً سريعاً في هذه المناطق، وتوغلوا بقوة، ولكنهم وقفوا عند مداخل المدن، تحقق ذلك نتيجة عوامل عدة، منها المشكلات اللوجستية لدى الروس والهجمات الأوكرانية على الطوابير الروسية بصواريخ غافلين المضادة للدبابات، وكذلك استخدامهم صواريخ ستينغر المحمولة على الكتف بأعداد كبيرة، أضعفت مشاركة سلاح الجو الروسي في المعركة، ولاسيما المروحيات وطائرات سوخوي 25 القاذفة البطيئة، وهما سلاحان مهمان لدعم المشاة الروس على الأرض.

لعب الدعم الغربي وجغرافية الشمال، دوراً إلى جانب الأوكرانيين، شن الجنود الأوكرانيون هجمات على الطوابير الروسية من الأجناب انطلاقاً من الغابات التي تميز الشمال، وألحقوا خسائر بالمدرعات الروسية وقوافل الإمدادات، كما تحصّنوا داخل المدن، ما حيّد التفوق الروسي في القوة النيرانية لحد كبير.

ولكن الأمر مختلف في الجنوب الشرقي والشرق، حيث تسود السهول وليس الغابات، ما يعطي ميزة للمدرعات الروسية.

ويقول محللون إن معركة إقليم دونباس في شرق أوكرانيا ستكبد الطرفين خسائر فادحة، في حين يحاول الروس تطويق المقاتلين الأوكرانيين، مشيرين إلى أن المعركة قد تطول.

معركة إقليم دونباس ستكون على غرار الحرب العالمية الأولى

وبينما تحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن أن المعركة سوف تشبه الحرب العالمية الثانية، ولكن الأدق أنها سوف تكون أشبه بمعارك الحرب العالمية الأولى، على الجبهة الغربية، حيث تواجهت ألمانيا مع فرنسا وبريطانيا في معركة تمحورت حول الخنادق والتحصينات.

ويتوجس المحللون العسكريون إزاء فكرة التكهن بالمنتصر في معركة دونباس، معقل أوكرانيا الصناعي، فهي معركة من المتوقع أن تكون شرسة وأن تُشكل في نهاية المطاف مسار الحرب.

قال كونراد موزيكا، مدير شركة روخان للاستشارات، ومقرها بولندا، "المعركة قد تُنهك الطرفين، لدرجة لا تسمح لأي منهما بشن هجوم أو هجوم مضاد".

وتابع أن صراعاً صعباً "متجمداً" قد يستمر لشهور، مع تهديد موسكو المستمر بشن هجوم جديد. وتصف روسيا حملتها التي بدأتها في فبراير/شباط 2022، بأنها عملية خاصة تهدف إلى تقليص القدرات العسكرية الأوكرانية، واجتثاث القوميين الأوكرانيين الخطرين.

معركة إقليم دونباس

خريطة إقليم دونباس الذي يسيطر عليه الانفصاليون الموالون لروسيا/رويترز

ومن شأن أي معركة طويلة الأمد أن تقضي على آمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إعلان فوز كبير، بحلول التاسع من مايو/أيار 2022، ذكرى انتصار روسيا على النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، والذي تحييه موسكو بعرض عسكري ضخم يحضره زعيم الكرملين كل عام.

وطلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من الغرب مساعدته في إنقاذ بلاده. وهو يريد من حلف شمال الأطلسي حماية مجالها الجوي، ومن الغرب شحن المزيد من المقاتلات والقذائف والصواريخ المضادة للدبابات.

وبدأت موسكو في سحب قواتها من مناطق قريبة من كييف ومن مناطق في شمال أوكرانيا، في أواخر الشهر الماضي، من أجل التركيز على السيطرة على دونباس.

وقال نيك رينولدز، محلل الحروب البرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إنه حتى رغم عدم وصول تعزيزات في الوقت الراهن، دفع الغزو الروسي مقاتلي أوكرانيا إلى الوراء رويدا رويدا في بعض مناطق دونباس، وأحكم الروس وحلفاؤهم المحليون سيطرتهم على نحو 90% من منطقة لوغانسك.

وصمدت القوات الأوكرانية بقوة أكبر في منطقة دونيتسك، التي تشكل مع لوغانسك إقليم دونباس، الناطق بالروسية، والذي سيطر عليه انفصاليون مدعومون من روسيا في 2014، وتتمركز وحدة أوكرانية كبيرة هناك منذ ذلك الحين.

أوكرانيا ستحاول تجنب معركة مفتوحة بالدبابات

وقال المحللون إن موسكو قد تحاول اختراق الجبهة الشرقية الأوكرانية خلال تقدمها بالقوات والدبابات والمدرعات من الشمال والجنوب، في محاولة لتشكيل كماشة لتطويق ومحاصرة القوات الأوكرانية من الخلف.

ورجّح المحللون أن تحاول أوكرانيا تجنب المعارك المفتوحة بالدبابات، وأن تستخدم المدفعية لاستهداف خطوط الإمداد وإرسال فرق تهاجم القوافل العسكرية وخطوط الإمدادات اللوجستية.

وتفادياً لتطويق قواتهم، سيتعيّن على المخططين الأوكرانيين أن يجروا تقييماً مستمراً لتحديد ما إذا كان يتعيّن عليهم سحب المقاتلين لتجنب تقهقر سريع يتسم بالفوضى، ويتسبب في تشرذمهم أو تعريضهم لنيران المدفعية والسلاح الجوي.

قال رينولدز "المشكلة ستكون في كيفية الابتعاد عن الخط الأمامي. هذا أحد الأمور التي يتعين على الأوكرانيين بحثها".

هل تصمد ماريوبول؟

على الطرف الجنوبي من إقليم دونيتسك المطل على بحر أزوف، تبدو روسيا تقترب من فرض سيطرتها الكاملة على مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة، التي يستبسل مشاة البحرية الأوكرانية المنهكون للحفاظ عليها، حسبما قال رينولدز.

وأضاف: "ما لم يفقد التقدم الروسي قوة دفعه لوجستياً ومعنوياً، أعتقد أن ماريوبول سينقضي أمرها للأسف… وإذا سقطت ماريوبول فسيكون بمقدور عدد كبير من الجند الانضمام لمحاولات التقدم الروسي في أجزاء أخرى".

وقالت وزارة الدفاع في روسيا، الأربعاء 13 أبريل/نيسان 2022، إن 1026 جندياً من اللواء 36 لمشاة البحرية الأوكراني، بينهم 162 ضابطاً، استسلموا في مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.

وحث الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، المقرب من فلاديمير بوتين، القوات الأوكرانية المتبقية المتحصنة في مصنع آزوفستال للصلب في المدينة على الاستسلام.

وقال موزيكا إن روسيا قد تشن هجومها الجديد على دونباس قريباً ربما في نهاية هذا الأسبوع أو في الأسبوع المقبل، عندما تصل التعزيزات من روسيا وروسيا البيضاء، وكذلك من كييف وتشيرنيهيف وسومي في أوكرانيا.

موسكو بدأت بالفعل تحشد قواتها تجاه دونباس

في مؤشر على حشد روسيا قواتها لخوض معركة إقليم دونباس، نشرت شركة ماكسار الأمريكية الخاصة صوراً التقطتها الأقمار الصناعية يوم الجمعة، تظهر رتلاً عسكرياً روسياً تمتد فيه المدرعات والدبابات والشاحنات التي تجر مدفعية لثمانية أميال شرقي مدينة خاركيف الأوكرانية، ويتحرك جنوباً باتجاه دونباس.

ومن المرجح أن يتحرك تشكيل الكماشة الروسي الشمالي باتجاه الجنوب من بلدة إزيوم، التي تقع في مكان استراتيجي على الطريق المتجه إلى بلدتي سلوفيانسك وكراماتورسك، الخاضعتين لسيطرة الأوكرانيين.

وقال حاكم دونيتسك، أمس الثلاثاء، إن روسيا تبدو في المرحلة الأخيرة من إعادة حشد القوات، وإنها تقصف المنطقة على مدار الساعة.

وقال موزيكا "سنشهد معركة طويلة على دونباس. أمام روسيا فرص للسيطرة عليها بتفوقها في السلاح والعتاد والرجال، لا بتفوقها في العمليات".

الميزة الرئيسية للأوكرانيين في خبرة قواتهم بدونباس

كان دونباس في حالة حرب منذ ثماني سنوات، قُتل أكثر من 90 جندياً أوكرانياً في عام 2021 في الدفاع عن خط التماس. منذ أواخر فبراير/شباط، تعرضت المواقع الأوكرانية لنيران المدفعية بشكل منتظم، حيث قامت الميليشيات الموالية لموسكو، المؤلفة من المدنيين من دونيتسك ولوغانسك المحتلتين من قبل روسيا، بشنّ هجمات على الخنادق الأوكرانية.

كان الهدف من هذا النشاط الروسي هو تثبيت 40 ألف جندي أوكراني في منطقة عمليات القوات المشتركة، ومنعهم من التأثير على معارك ماريوبول أو خاركيف أو كييف، خاصة في ظل خبراتهم العسكرية الكبيرة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

معركة صعبة على الطرفين

بعد الاستيلاء على ممر بري من روستوف إلى خيرسون، تستعد القوات الروسية لضرب الشمال لقطع خطوط الإمداد عن دونيتسك. المزيد من الوحدات الروسية -بعضها تم تشكيله حديثاً وبعضها تم تغيير موقعه- تتشكل للدفع جنوباً حول لوغانسك من خاركيف بالشمال الشرقي لإكمال التطويق.

ستكون المعركة مختلفة تماماً عن التقدم في كييف، الوحدات الروسية في بداية الحرب، التي لم تكن جاهزة أو مجهزة للقتال العنيف، الآن الروس يقدرون ما هم بصدده، ومع وجود محورين فقط لدعمهم يمكن أن يركزوا إمداداتهم.

الدفاعات الجوية الروسية تتمتع بتغطية جيدة في منطقة دونباس

تتمتع الدفاعات الجوية الروسية بتغطية جيدة فوق نهر دونباس، ومن المرجح أن تكون قادرة على استخدام قوة جوية كبيرة، إلى جانب ميزتها في المدفعية، وحقيقة أن القتال سيكون في الريف وليس في المراكز الحضرية، ستحتاج القوات الأوكرانية إلى المناورة للبقاء على قيد الحياة.

في نفس الوقت يواجه الروس تحدياً خطيراً، تضم القوات الأوكرانية في منطقة دونباس بعضاً من أكثر الوحدات احترافاً وتحفيزاً في البلاد. يتمتع الروس بميزة في القوة النارية، لكنهم سيقاتلون في وضع سيكونون فيه أقرب إلى التكافؤ العددي.

إذا كانت خطتهم هي تطويق دونباس، فسوف يحتاجون إلى الدفاع عن الطوق من كلا الجانبين، وبينما أصبح الجنود الروس الآن أفضل استعداداً تظل الروح المعنوية مشكلة في العديد من الوحدات الروسية، حسب صحيفة The Guardian البريطانية.

أوكرانيا قد تحتاج إلى مزيد من الدبابات لموجهة القوات الروسية في دونباس/رويترز

يأمل أن يحقق بوتين أهدافه قبل موكب يوم النصر، في 9 مايو/أيار، وإلا سيواجه انخفاضاً ثابتاً في الروح القتالية الروسية من خلال الإرهاق. من المرجح أن يشجع هذا الروس على استخدام العديد من أنظمة أسلحتهم الأكثر تدميراً، لكن إذا فشل بوتين فسيواجه عندئذ خياراً: السعي للخروج من المعركة أو دفع روسيا إلى وضعية الحرب وتعبئة الاحتياطيات. وهذا يعني التخلي عن الوهم القائل إن الحرب في أوكرانيا هي مجرد "عملية خاصة".

بالنسبة للأوكرانيين سيكون الشهر المقبل مكلفاً، ولكن من المحتمل أن يكون حاسماً. إذا استولت روسيا على نهر دونباس فيمكنها أن تتماسك ويمكنها التوقف مؤقتاً، بينما تجلب الاحتياطيات لهجوم الصيف. من ناحية أخرى، إذا فشلت روسيا في تحقيق أهدافها، فإن العديد من وحداتها ستجد نفسها تتقدم للأمام ومكشوفة، معرضة لخطر الاستنزاف المستمر مثل القوات التي انسحبت مؤخراً من كييف.

الأوكرانيون يحتاجون أسلحة مختلفة

بالنسبة للجيش الأوكراني تختلف أولويات المعركة في دونباس قليلاً عما هو مطلوب للدفاع الحضري، سيظل التزويد المستمر بالصواريخ المضادة للدبابات وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة لا يقدر بثمن. 

قد يحتاج الأوكرانيون إلى مزيد من الطائرات المروحية لنقل قواتهم وتزويدها بالمؤن.

كما سيحتاج الجيش الأوكراني أيضاً إلى ذخائر (طائرات مسيرة انتحارية تحوم حول أهدافها) لاستهداف الدفاعات الجوية الروسية والمدفعية، ما يخلق فرصاً لطائرات الهليكوبتر الأوكرانية لإعادة إمداد الوحدات المعزولة.

سوف يحتاجون إلى تنقل محمي لنقل قواتهم بأمان إلى مواقع دفاعية جديدة، ما يعني الحاجة إلى مزيد من الدبابات والعربات المدرعة، وسوف يحتاجون إلى كمية كبيرة من ذخيرة المدفعية.

بالنسبة لحلفاء أوكرانيا، كان هناك خلاف مستمر حول تقديم المساعدة العسكرية التي يمكن استخدامها على الفور لدرء الهزيمة الأوكرانية، أو الأنظمة الأكثر فاعلية، ولكن تحتاج إلى تدريب يستغرق قدراً من الزمن.

من المرجح أن يكون معدل فقد المعدات الأوكرانية في دونباس أعلى مما كان عليه في المرحلة الأولى من الصراع. 

طلبت أوكرانيا بالفعل مزيداً من الأسلحة الثقيلة من حلفائها الغربيين لخوض معركة دونباس، قائلة إن حجم أي هجوم روسي وشيك على شرق أوكرانيا سيذكر أعضاء الناتو بالحرب العالمية الثانية.

قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، في اجتماع مع نظرائه في حلف الناتو في بروكسل، يوم الخميس الماضي، إنه يتوقع أن يرسل أعضاء الناتو إلى كييف الأسلحة التي تحتاجها، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي والمدفعية والعربات المدرعة والطائرات النفاثة، لكنه أصر على ضرورة التحرك بسرعة؛ نظراً لأن موسكو تعيد تركيز هجومها على منطقة دونباس.

وقال: "ليس لديّ شك في أن أوكرانيا ستمتلك الأسلحة اللازمة للقتال". السؤال هو الجدول الزمني، ستذكرك معركة دونباس بالحرب العالمية الثانية بعمليات كبيرة، وآلاف الدبابات والمدرعات والطائرات والمدفعية".

وقال الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، للصحفيين، إن الحلف وافق على تعزيز الدعم لأوكرانيا، ويقدم "مجموعة واسعة" من أنظمة الأسلحة، وسيوفر أيضاً المساعدة في مجال الأمن السيبراني والمعدات للحماية من التهديدات الكيماوية والبيولوجية.

وقال مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، إن أوكرانيا يجب أن تهزم روسيا في منطقة دونباس الشرقية، قبل أن يتم عقد اجتماع بين الزعيم الأوكراني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

التعليقات (0)