- ℃ 11 تركيا
- 8 مايو 2024
مأمون الشناوى يكتب : دين الحب
مأمون الشناوى يكتب : دين الحب
- 28 مايو 2021, 3:11:15 م
- 778
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
إطلالة الجمعة
الأنوارُ ساطعةٌ ، والأضواءُ مُبهرةٌ !!.
لكن مَبعثها ليست مَصابيحَ من صُنع البشر ، وإنما هالات من نور هبطت بها الملائكة ، وقبسٌ من وَهَجِ العرش فى غلالة أسدلتها على الحرم المكىّ الشريف ، والذى بدا خاليّاً من الحجيج والمُعتمرين ، اللهم حمامات بيض ترفرف فى رحابه وتلتقط حَباً لايدرى أحدٌ مَن الذي نثره !!.
وعلى مصطبة بجوار الكعبة ، يجلس شيّخ مَهيب حَفيل بادىّ السُمرة ، يلفّ رأسه بعمامة خضراء ، زائغ العينيّن مُهمل اللحيّة والهندام حتي تحسبه خارجاً لتوّه من بطن كهف أو من صحن غار عتيق ، تتوقد عيناه بعبقرية وذكاء حاد ، تكاد نظراته تخترق الحُجب ، وتنفذ إلى ماوراء المنظور ، ومابعد المرئى !!.
اقتربت منه حثيثاً حتى صرت قُبالته ، سلمت عليّه ، وسألته عمن يكون ، وعن سرّ جلوسه وحيداً إلى جوار الكعبة حيث لا أحد غيره ، أطرق برأسه بُرهة ثم رفعها وقال :
« أنا مُحىّ الدين بن عربى يابُنىّ ! »
ياللهول !!.
صرخت صرخةً رجّعت صَداها جبال مكة ، وجلست تحت قدميّه ، وتعلقت بطرف عباءته وأنا أقول :
« أحقاً سيّدى أنت ، أنت الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر إبن عربى ، المولود عام 558 هجرية ، صاحب الفتوحات المكيّة التى كتبتها فى أربعة آلاف صفحة ، تحوى 560 باباً فى سبعة وثلاثين مُجلداً ، وصاحب فصوص الحِكَم الذي هو أعظم كتب التصوّف الإسلامي على الإطلاق ، والذى ناقش العلاقة الثلاثيّة بين الله والكون والإنسان ، وأنت صاحب ديوان تُرجمان الأشواق !! » !!.
إبتسم الشيّخ الجليل وقال فى تواضع جمّ :
« بل كتبت 288 كتاباً آخرين قدمتها للبشرية عِلماً غزيراً وفكراً نافعاً ، رغم أن أزهركم الشريف مازال يرفض طباعة الفتوحات المكيّة تحت دعاوى مُضللة وجاهلة ! » !!.
خففت من وطأة غضب الشيّخ ، وسألته منتهزاً تلك الفرصة الذهبيّة :
« فما قولك فى الذات يا مولانا ؟! » !!.
قال واثقاً : « هناك فرق بين الذات والألوهية ، فالذات واحدة لاتعدد فيها ، ولاتجزئة ، ولا انقسام ، ولايمكن إدراكها بأية وسيلة ، أما الألوهية فهى تصور الأذهان للذات !! » !!.
ولم أدع الشيّخ يُكمل حتى نهضت منزعجاً وأنا أقول : « لكن هذا الفكر يؤخذ عليّك ياسيّدى ! » فلم ينشغل الشيّخ بما قلت واستمر فى تجلياته قائلاً : « مَن يَبنِ إيمانه بالبراهين لا يمكن الوثوق بإيمانه ، فاليقين لايستنبط بأدلة العقل ، وإنما يغترف من أعماق القلب ، فأنت مُحال أن تصل إلى الله بعقلك ، وإنما هو شعاع من نور يتسلل إلى سُويداء قلبك فينيره ويفك مغاليقه ويعمره باليقين ! »
ثم صمت الشيخ صمتاً كأنما غاب عن الوعى ، بعد لحظاتٍ سمعته ينشد هامساً :
لقد صار قلبى قابلاً كل صورة / فمرعى لغزلانٍ ، وديّر لرُهبانِ - وبيّت لأوثان ، وكعبة طائف / وألواح توراة ، ومُصحف قرآنِ - أدين بدين الحب أنّى توجهت / ركائبه ، فالحب دينى وإيمانى !! .
جاءت الأبيات كأنها واسطة العقد ، أو محل النقش والعلامة التى يختم بها الملك على خزائنه ، فكانت مسك الختام ، وصحت مردداً { وأنا معك يامولانا ، أدين بدين الحب } !!.
كلمات دليلية
التعليقات (0)
إقرأ أيضا
أحدث الموضوعات
أربعاء, 08 مايو 2024
هيئة إسرائيلية:معبر كرم أبو سالم يعيد فتح أبوابه لشاحنات المساعدات ثلاثاء, 07 مايو 2024
صحيفة عبرية تكشف مفاجأة: ستقام الدولة الفلسطينية بموافقة إسرائيل أو بدونها الأكثر قراءة
جمعة, 08 أكتوبر 2021
مصادر: إبراهيم منير يتخذ قرار بإيقاف ٦ من الشورى العام سبت, 18 سبتمبر 2021
د. أيمن منصور ندا يكتب : عندما تلقيت اتصالاً من الرئيس السيسي خميس, 30 سبتمبر 2021
طارق مهني يكتب : بزنس المعارضة - سبوبة الزنازين اثنين, 01 نوفمبر 2021
تقرير : كيف ساهم " أبو دية " عبر أذرعه المالية في تدجين المعارضة المصرية بالخارج جمعة, 28 مايو 2021
تعرف على مدينة المقاومة تحت أرض غزة ودورها في معركة سيف القدس فنون وثقافة
اثنين, 06 مايو 2024
16 فنانا وفنانة يشاركون في ملتقى الفن التركي العربي الدولي الثالث (صور) خميس, 02 مايو 2024
ماهر دياب عضو لجنة تحكيم FCATLAB في مهرجان السينما الافريقية طنجة – طريفة ثلاثاء, 30 أبريل 2024
"قناع بلون السماء".. رواية للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بـ"البوكر"