مترجم| إيال زيسر يكتب: حرب حاسمة لـ 76 سنة أخرى

profile
  • clock 27 نوفمبر 2023, 8:15:51 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

صفقة المخطوفين التي وافقت عليها إسرائيل هي خطوة مهمة في الطريق لإعادة الأبناء إلى الديار – وهذه المرة يدور الحديث عن أمهات وأطفال. لما يؤلم القلب فإن بيوت الكثيرين منهم خربت في هجمة حماس الإجرامية بل إن بعضا من أبناء عائلاتهم لم ينجوا. لكن المخطوفين سيعودون إلى حضن شعبهم الذي سيستقبلهم بعناق حار ومحب.
عودتهم إلى الديار هي اقل ما يمكن للدولة التي تركتهم لمصيرهم ولم تمنحهم الحماية والأمن أن تفعله من أجلهم. هذه خطوة واجبة، تحظى بتأييد واسع في الرأي العام. وعليه، فينبغي العض على الشفتين في ضوء التنازلات التي تنطوي عليها هذه الصفقة وريح الإسناد التي تعطيها لحماس، والمواصلة إلى الأمام.
لكن من ذاته ينشأ السؤال – إلى أين الآن؟ من ناحية حماس، الجواب واضح: «التدحرج» إلى وقف نار دائم وإنهاء جولة المواجهة الحالية، مع مواصلة حماس الإبقاء على حكمها في قطاع غزة – سواء في جنوب القطاع حيث لم تعمل قواتنا، وفي المستقبل، مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، في مدينة غزة ومحيطها أيضا.
هذا، اغلب الظن، هو المنطق الذي وجه يحيى السنوار للموافقة على الصفقة. صحيح أن الحديث يدور عن معتوه مجرم، حياة الإنسان، بما فيها حياة الغزيين لا تقدم ولا تؤخر من ناحيته.
ومع ذلك، للسنوار توجد خطة عمل مرتبة وأهداف يسعى لتحقيقها. أولا وقبل كل شيء – أن يخرج كمنتصر، ولشؤوننا، كمن نجا، هو ومنظمته، من الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف تصفية حماس وإزاحتها من غزة. بقاء منظمته – حتى ولو بثمن تدمير القطاع وموت الآلاف من سكانه – هو إذن صورة النصر التي يسعى إليها.
حساب السنوار، وحساب قطر التي تعمل بتكليف منه ومن اجله، بسيط: هم يعولون على آلية ستتطور في الميدان – تؤدي فيها الهدنة في المعارك، التداولات في الصفقة التي على الطريق، الضغط الدولي المتصاعد والتعب في الجانب الإسرائيلي إلى وقف نار دائم والى انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة. إذا كان هذا هو منطق السنوار وهذا هو هدفه، فان على إسرائيل أن تفعل كل شيء كي لا يفلح فيه.
لقد جاءت صفقة المخطوفين بينما كان الجيش الإسرائيلي على شفا تحقيق الحسم في المعركة. رغم المخاوف المسبقة، تجري الخطوة العسكرية جيدا وتحقق أهدافها. مدينة غزة حوصرت من كل جهاتها، وقوات الجيش الإسرائيلي آخذة في السيطرة عليها. الناطقون بلسان الجيش والحكومة وعدوا بأن يواصل الجيش الإسرائيلي إلى جنوب القطاع أيضا، وعندما سيحصل الأمر – ستصفى قدرة حماس على العمل كقوة عسكرية منظمة، بخلاف إرهاب الأفراد وإضافة إلى ذلك ستنهار منظومات الحكم لديها، التي بوساطتها تحكم القطاع. غير أنه على شفا الحسم، يتعاظم الخوف من أن يفلت هذا من أيدينا.
مرات كثيرة جدا في الماضي القريب والبعيد وصلت إسرائيل إلى حافة الحسم والنصر، وتوقفت في اللحظة الأخيرة، قبل خمس دقائق من الساعة 12. مذكور للجميع قول دافيد بن غوريون في نهاية حرب الاستقلال عن «البكاء للأجيال» – قرار الحكومة رفض الاقتراح الذي تقدم به إليها في الشروع في خطوة عسكرية تستهدف تحرير القدس واحتلال يهودا والسامرة
إسرائيل، كما هو معروف، أنهت حرب الاستقلال دون أن تسيطر على يهودا والسامرة، وبالمناسبة على قطاع غزة أيضا، الذي كان بوسعها أن تحتله في المراحل الأخيرة من الحرب.
هكذا أيضا في حرب يوم الغفران، التي توقفنا فيها، تحت ضغط أميركي، قبل أن تحسم ويهزم الجيش الثالث الذي كان محاصرا من قواتنا. وهكذا سمحنا لمصر بأن تحتفل «بنصر» لم يكن بالمعركة مع إسرائيل.
وفي النهاية، هكذا أيضا في حرب لبنان الثانية، حين أوقفت النار بينما كان حزب الله يوجد في موقف دون أمامنا وتكبد خسائر وأضرارا جسيمة.
هناك من يرون في الحرب الجارية في غزة مثابة «حرب استقلال وانبعاث» لجيلنا، إذ إنها كفيلة بأن تقرر مصيرنا في المنطق للـ 75 سنة القادمة. لهذا السبب بالذات محظور التوقف للحظة قبل الحسم وقبل أن تتحقق أهداف الحرب، والتي هي فقط ستضمن لنا الأمن وستعيد إسرائيل إلى الطريق السليم، الذي كانت عليه عشية 7 أكتوبر.

عن «إسرائيل اليوم»
إيال زيسر محاضر وباحث ومؤرخ اسرائيلي، يُدرّس في قسم تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب.

التعليقات (0)