في مقال منفصل عن الواقع في إسرائيل وخارجها

مترجم| "جيرزواليم بوست": هجمات 7 أكتوبر وحدت الشعب اليهودي

profile
عبدالرحمن كمال كاتب صحفي
  • clock 27 نوفمبر 2023, 4:09:22 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
متظاهرون يهود اقتحموا الكونجرس للمطالبة بوقف حرب غزة في 18 أكتوبر الماضي

زعمت صحيفة "جيرزواليم بوست" العبرية إن عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، نتج عنها وحدة بين المجتمعات اليهودية على نطاق واسع.

جاء ذلك في مقال، نشره موقع الصحيفة، الأحد، كتبه إليوت بين، وهو كبير مسؤولي الاستثمار في شركة Geshem Partners، وهي شركة استثمارية تركز على إسرائيل ومقرها الولايات المتحدة

واستشهد كاتب المقال على صحة قوله، بـ"صورة ميم" تناقلتها مجموعة دردشة يهودية، جاء فيها: "إلى أعدائنا، أريد فقط أن تعلموا، مهما كنتم تعتقدون أنكم تحاولون تحقيقه، كل ما فعلتموه هو جعل الشعب اليهودي يحب بعضهم البعض أكثر من أي وقت مضى في حياتهم كلها".

وأشار المقال إلى أنه قبل عملية طوفان الأقصى، كانت إسرائيل تسير في اتجاه غامض. وكشف الجدل الصاخب حول الإصلاح القضائي عن انقسامات عميقة في الرؤى المتعلقة بمستقبل الدولة اليهودية، وفق تعبيره.

وفيما يبدو انتقادا للانقسامات، قال الكاتب إن هذه الانقسامات تم بثها بصوت عالٍ وأدت إلى أشهر من الاحتجاجات الجماهيرية، والمخاوف من حدوث أزمة دستورية، وحتى مخاوف من العنف. وخارج إسرائيل، شارك يهود العالم، الذين يسيرون بالفعل على طريق بطيء من الانقسام عبر الخطوط الدينية والسياسية، في جميع جوانب النقاش.

ولفت المقال إلى أن "حماس" رأت هذا الخلاف الداخلي وسعت إلى الاستفادة منه، معتقدة أن إسرائيل منقسمة للغاية بحيث لا يمكنها تقديم رد متماسك. لقد كانوا مخطئين للغاية، على حد قوله.

ويزعم كاتب المقال أن الشعب اليهودي في لحظة، أسقط المشاحنات واتحد لمواجهة تحديات اليوم. "استيقظ عملاق الروح اليهودية النائم" على حد تعبيره.

وتجاهل كاتب المقال أن قطاع كبير من اليهود حول العالم كانوا في طليعة منظمي التظاهرات الرافضة للحرب على غزة، بل إن الذين اقتحموا الكونجرس الأمريكي في بداية العدوان على غزة، كانوا من اليهود.

وواصل الكاتب سرد رواياته حول "الوحدة اليهودية" ويستشهد بوقائع لم يرها سواه، مثل قوله إن أحد أصدقائه سأل قائده إذا كان عليه العودة إلى إسرائيل من الولايات المتحدة للخدمة. فأجاب القائد: لا داعي لذلك، فقد وصل 130% من الاحتياط المستدعين إلى الخدمة بالفعل. كما يذكر واقعة أخرى: "وقف يهودي أرثوذكسي مجهول أمام مكتب شركة طيران العال في مطار جون كنيدي واشترى تذاكر لأي شخص يستدعيه الجيش الإسرائيلي، واشترى حوالي 250 تذكرة إجمالاً".

وحاول الكاتب المقيم في الولايات المتحدة، تصوير دعم اللوبي الصهيوني وشركاته إلى إسرائيل، ذلك الدعم الذي قوبل بدعوات عالمية للمقاطعة أثبتت جدواها، يحاول الكاتب تصوير ذلك الدعم على أنه دعم من جماعات مؤيدة لإسرائيل، قائلا: "تقوم الجماعات المؤيدة لإسرائيل في جميع أنحاء العالم بتنظيم شحنات المساعدات – السترات الواقية من الرصاص، والمصابيح الكهربائية، والضمادات – كل شيء. أطفال المدارس الابتدائية يرسمون بطاقات تحمل كلمات تشجيعية للجنود الإسرائيليين".

وينتقل الكاتب من سرد الروايات إلى إقرار الحقائق، مؤكدا أن "إسرائيل عائلة واحدة كبيرة. وإذا تم نسيان هذا الدرس، فإن هجوم حماس كان بمثابة التذكير النهائي".

وينطلق الكاتب، الذي يبدو من مقاله أنه ينتمي إلى التيار الديني المسيطر على إسرائيل، إلى تفسير عملية طوفان الأقصى على طريقة الإسرائيليات المليئة بالأساطير.

وكما استشهد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو  بـ"العماليق"، يزعم الكاتب أن عملية طوفان الأقصى بمثابة "تصحيح إلهي" من نوع ما للانقسام السابق الخاص بالمعركة القضائية وإصلاحات نتنياهو لتأمين نفسه.

وأضاف : "بناء على ذلك، فإن التصحيح الكامل لهذا الانتهاك يتطلب وحدة يهودية واسعة النطاق باعتبارها الترياق. الوقت وحده هو الذي سيحدد إلى متى ستستمر المشاعر الغامرة الحالية للتضامن اليهودي، ولكن على الأقل، وفقًا للحكم في الوقت الحالي، أعتقد أننا قطعنا خطوات كبيرة على طريق التصحيح".

تجاهل الكاتب -عن عمد غالبا- تفاقم حالة الانقسام داخل المجتمع اليهودي، بشكل جعل الصحفي الإسرائيلي، ميرون رابورت، يحذر من مخاطر تلاعب الحكومة الإسرائيلية التي يسيطر عليها وعلى الجيش اليمين المتطرف، بقضية الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية، منوها أن ثمة خلاف حاد يشتعل الآن في إسرائيل بين عائلات الأسرى وبين الحكومة والجيش.

الطابع اليميني المسيطر على كاتب مقال جيروزاليم بوست، جعله يتغافل عن أن نوعا من العقد الاجتماعي كان مستقرا في إسرائيل، مفاده أن يقوم المواطنون بتجنيد أبنائهم وبناتهم للجيش مقابل أن تبذل الدولة كل ما في وسعها لإعادتهم حال أسرهم، لكن هذا التعاقد الضمني يبدو أنه تغير مع صعود اليمين الديني المتطرف في المجتمع الإسرائيلي، وأيضا في الجيش نفسه.

يغفل مقال جيرزواليم بوست أن هذا التغيير في التفكير جرى تدريجيًا، ويعكس السجال بين وجه إسرائيل الأقدم والأكثر ليبرالية، الذي يعتقد أن حياة الإنسان مهمة وكل فرد مهم، والوجه الأكثر أصولية حاليا، والذي يقول إن "هذا هو الثمن الذي يتعين علينا أن ندفعه" وفق "رابوت".

ويتجلى هذا السجال بين الإسرائيليين في الحملة التي تقودها عائلات الأسرى، والعديد منهم من مجتمعات الكيبوتسات (المستوطنات) ذات الميول اليسارية، ضد الحكومة، التي يهيمن عليها الأصوليون الصهاينة المتدينون.

وقبل أشهر من "طوفان الأقصى"، كان مئات الآلاف من الإسرائيليين ينظمون مظاهرات أسبوعية ضد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وحكومته، وكانوا يتصارعون حول معركة أخرى وجودية، وهي الإصلاحات القضائية التي دفع بها نتنياهو، واعتبرها معارضوه تقويضا للديمقراطية الإسرائيلية.

وكان ما لا يقل عن نصف الجمهور الإسرائيلي فاقدا للثقة في نتنياهو قبل الحرب، ومنذ ذلك الحين، لم يفعل رئيس الوزراء أي شيء لإقناعهم بأنه الرجل المناسب لإعادة الأسرى إلى ذويهم أيضًا.

وأظهر استطلاع للرأي، أن حزب الليكود، الذي يتزعمه نتنياهو، سيحصل على 17 مقعدا فقط من مقاعد البرلمان البالغ عددها 120 مقعدا إذا أجريت الانتخابات الآن، ما يمثل نصف مقاعد حزب الوحدة الوطنية، الذي يتزعمه منافسه من يمين الوسط، بيني غانتس.
وأظهر استطلاع آخر، أن أقل من 4% من اليهود الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو مصدر موثوق للمعلومات حول الحرب، فيما أظهر استطلاع ثالث، نُشر في 3 نوفمبر أن 76% من الإسرائيليين يريدون استقالة رئيس الوزراء.

لكن البقاء السياسي أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنتنياهو، ومن المرجح أن أول شيء يفعله في الصباح هو قراءة آخر استطلاعات الرأي، حتى قبل أن يتلقى الأخبار من ساحة المعركة، ولذا فهناك شك في أنه يريد إطالة أمد الحرب، حيث سيكون من الصعب للغاية إزاحته خلالها.

التعليقات (0)