مجدي الحداد يكتب: ما بين مكوكية كسينجر و مكوكية بلينكن لزيارة المنطقة

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 12 أكتوبر 2023, 2:51:32 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
متداول

لم يخف أنتوني بلينكن انتماءه الصهيوين عند زيارته لدولة الكيان ، والملفت هنا أن المديا الغربية المنحازة ، وكذا العربية التي تحاكيها محاكاة غبية ، يلعبوا جميعا على وتر واحد ، وبشكل مكثف ، وهو ؛ إرهاب حماس ، وحماس الإرهابية . ويذهب نتانياهو على أنها يجب أن تعامل بنفس الطريقة التي عُملت بها داعش .
ونسوا جميعا ، أو تنتاسوا ، أن داعش ذاتها هي أصلا من صنعهم هم أنفسهم ؛ صناعة صهيونية ، لاستزاف العرب وزرع الفرقة والتباغض و الفتنة وحتى الاقتتال بين بعضهم البعض .
وهم يتحدثون على واجب الاصطفاف الأممي ضد إرهاب حماس ، وإدانتها لقتل الأطفال ــ ونحن بطبيعة الحال ضد قتل أي مواطم آمن مدني بريء ــ ولكنهم صمتوا إزاء قتل مئات الأطفال بدم بارد في سوريا ، أو في مدرسة البحر البقر في مصر عام 67 ، ولم يتخذوا قرارا واحدا حاسما بشأن الجاني الرئيسي والمتهم الأساسي في تلك الجرائم الأكثر وحشية مما يرمون بها حماس الآن .
غير أن كل هذا ، وعلى الرغم من أهميته ، ليس هو القضية الأساسية ، التي يجب أن يُتحدث عنها العالم الآن وبكل صدق ومصداقية وعدالة وديموقراطية دولية أممية حقيقية ،  وهي حل الدولتين ، والتعاطي حتى مع المبادرة العربية والتي تبنتها السعودية ــ وعلى ما بها من التنازل والرجوع ، أو النكوص ، عن الثوابت والمزيد من الحقوق العربية الثابتة ــ والتي تعطي دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية ــ وليس حتى القدس العربية الموحدة ــ وبالحدود المتعارف عليها حتى 67 . وذلك مقابل التطبيع العربي الشامل والكامل ، والذي يتضمن الاعتراف بإسرائيل كدولة مستقلة ، ولأول مرة منذ نشأتها عام 48 . 
ولكن إسرائيل ضربت عرض الحائط بكل ذلك ، وظلت سادرة في غيها ومخططاتها التوسعية والعدوانية ضد الفلسطينيين وضد الأقصى ــ فضلا عن دول الطوق نفسها ــ وضد المزيد من خنق غزة بالذات والغزاويين والتضييق عليهم في تلك المساحة الضيقة ، والتي تعد هي الأعلى كثافة سكانية في العالم ، والأقلها آمنا وخدمات . وكل ذلك يتزامن مع هدم المنازل ، والاغتيال والاعتقال العشوائي ، وخارج إطار أي قانون ، ثم التقسيم الزماني والمكاني للأقصى ، تمهيدا ربما لهدمه ثم قضمه !
هل نتغاضى عن كل ذلك ، وكل ما كان يناهض ويقاوم ويناضل العرب من أجله ، ومنذ 48 ، وحتى الآن ، لنقفز من فوق كل ذلك ، ونركز ، كما نسخر كل الإمكانات الدولية ، وفقط من أجل إدانة حماس والقضاء عليها ؟ 
هل هذا هو العدل الذي يتحث عنه ـ وتُنشده أي دولة أو شعب مستضعف مهضوم حقه في العالم ، وبعد أن تكالب عليها كل قوى الشر الحقيقية " الدريكولاية "ــ من "دريكولا" ، صاحب الأسطورة المعروفة ، و الذي يعتاش ويحيا على مص دماء ضحاياه من الأبرياء  ؟
ألم يكتفوا "بتخليق" العملاء الذي يحكمون جل العرب في معاملهم الخاصة ليكونوا أكثر عداءا وعدوانية مع شعوبهم ، و أكثر من الصهاينة أنفسهم ، أي يصيروا صهاينة أكثر من الصهاينة أنفسهم ــ وكما قالها أحدهم بالفعل : " انه صهيوني أكثر مني " ــ وبعد فرضهم حكاما على الدول التي أُبتليت بحكمهم ، وفوق ذلك يختارون هؤلاء الأنذال من أحط خلق الله وأدناهم خُلقا وأخلاقا ، ومن ذوي الأصول الغجرية النّورية والصهيونية ، فماذا ننتظر منهم ، ومن آثار وأثر لسياساتهم على شعوبهم التي يحكمونها إذن ، وعلى دولهم التي أُبتليت بهم ، سوى مزيد من الفقر والإفقار والضياع ، وبعد سياساسات ممنهجة من النهب والتجريف والتجويع والتعطيش ؟!
لعل عزائنا الوحيد هنا هو اننا نعيش بالفعل في أخر الزمان ، وقد نكون على مقربة من انتهاء الحضارة ذاتها بالفعل ، وقد تختفي قارات ـ وليس دولا فقط ــ بأكملها ، وقد نعود ، في أي وقت ــ غير بعيد ــ حتى للحروب التقليدية الكلاسيكية ؛  بالخيل والسيف  ...!

التعليقات (0)