مجدي الحداد يكتب :يا نهار اسود ..!

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 29 مايو 2021, 5:41:30 م
  • eye 805
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تخيل يا مواطن أن كل المياه التي سوف تصل دولتي مصر والسودان ، بحجميهما ، وتاريخهما ، ومساحتهما وحضارتهما ، وعدد سكانهما ، والذي يبلغ تقريبا الآن ؛ معا ؛ حوالي  150 مليون نسمة ، ستكون عبر فتحتين إثنين فقط بسد النهضة ..!

وإن كل اللى قدر يقوله ، أو يعمله ، وزير الري المصري في مفاوضاته مع أثيوبيا ؛ قوله حرفيا لهم : " ... طب م تخلوهم 4 فتحات بدلا من 2 ..! "

وكأن حتى ولو وافقت أثيوبيا على اقتراحه - و مع ذلك رفضته أيضا على ضعفه وتهافته وتفاهته - سوف تحل مصر نفسها من توقيع حاكمها على اتفاقية المباديء في مارس 2015 مثلا ، وحيث ورط فيها مصر توريطا مهلكا ليس له مثيل في التاريخ المصري كله ، ولا حتى التاريخ الدولي ، وحيث تمسكت بها أثيوبيا - تماما كتمسك الكيان بكامب ديفيد ؛ سبحان الله حتى خططهم التكتيكية في مفاوضاتهم مع مصر والسودان شديدة الشبه بمفاوضات الكيان العبثية سواء مع الفلسطينيون خاصة ومصر والعرب عامة ..! - كما اعتبرتها الولايات المتحدة مرجعية أساسية في أي مفاوضات قادمة حول المياه ، عند حدوث أي نزاع أو خلاف بين دولتي المصب مصر والسودان من جهة ، وأثيوبيا من جهة أخرى ..! - وكأنه لا يوجد خلاف أساسي وجوهري ، أو نزاع الآن ..!

وهذا يذكرني على أية حال بمسرحية هزلية قديمة لفؤاد المهندس يقول فيها لمضيفة - وحسب ما أتذكر - والذي قدم له حباية واحدة فقط من الطعمية كوجبة إفطار له : " ... طعميايه واحدة يا دني ؛ طب خليهم اتنين ...!"

وهذا بطبيعة الحال لبس هزل في موضع الجد ، ولكنني لم أر أنسب صورة للقياس لهذا الأداء الرسمي الهزلي - وحيث قد يقترب من حد التواطيء - سوى إستدعاء هذا المشهد الهزلي من الذاكرة ، وإن كان هو بذاته قد تداعى تلقائيا مع حتى تتابع سرد تلك الأحداث المهينة والمذلة والتى لم تقزم مصر ودور مصر فقط في المنطقة والعالم ، بل ربما تفضى عليها تماما في المنطقة والعالم ؛ معاذ الله ..!

ويبقى السؤال أو التساؤل المحير ؛ وهو ؛ ألا تتعظون من أحداث وعبر التاريخ ..؟!

 وإذا كانت القراءة تنهككم ، أو الرؤيا تؤذي أعينكم ؛ أفلا تتعلمون إذن حتى من النظام الأثيوبي من حيث مدى حرصهم على مصالح بلادهم ، واكتمال مشروعهم - رغم عدوانيته ، والتي نسلم بها كما سلم بها كل منصف - فتصيبكم  عدوى الحفاظ على مصالح الوطن منهم ..؟!

أما إنه لم يحدث هذا ولا ذاك ، وكنتم دائما دون توقعات الجماهير منكم في كل شيء تقريبا ، ولم نحصد منكم سوى الخذلان - وكذا الفقر - أيضا في كل شيء ، وفقدان أي أمل قد تعلق به أي مواطن في الإصلاح أي ان كان نوعه أو حجمه ، أو حتى في الحياة حياة حرة آمنة شريفة مطمأنة في بلده وداره ؛ فإننا نسألكم الرحيل الآن الآن وليس غدا ، وكفا ما خسرته مصر وشعبها - وهو الكثير جدا ؛ كما ونوعا لو تعلمون ..! - في عهدكم غير الميمون وغير المأمون ..!


التعليقات (0)