محمد الساعدي يكتب: كلكم محمد القاضي فلا تدعو الشرف

profile
  • clock 31 مارس 2024, 2:36:07 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بعد الحرب العالمية الأولى انتشر في مصر فن اسمه (فن الخلاعة) وله فقرة خاصة في جميع كابريهات ومسارح مصر.

كانت أغاني في أغلبها كلمات متهورة وماجنة مثل (هات الازازة واقعد لاعبني) وطبعا كانت من نجوم الفن منيرة المهدية والأغنيةالشهيرة لها التي مطلعها (اقفل الشباك اللي في ريحنا احسن جارنا يفضحنا).
    
الغريب في الأمر ان كاتب الأغاني شاب اسمه (محمد يونس القاضي) وإضافة لكونه شاعرا كان رجلا صحفيا.

كما كتب محمد القاضي أغنية كانت قمة في المجمون والخلاعة مطلعها (معرفش ايه اللي جرى.. أنا كنت لسه صغيرة) والشارع المصري يردد الكلمات والأغاني ويطرب لها حتى أصبحت كما هو حال الترند هذه الأيام.

وفي أحد الأيام استيقظ الشعب المصري علي مقالة في جريدة الصباح، تهاجم كل كلمات أغاني محمد يونس القاضي، وخصوصا الأخيرة، وطالب صاحب المقال بالقبض عليه لأن أشعاره ركيكة وغير متناسبة مع أخلاقيات المصريين.

لكن الغريب في الموضوع أن الذي كتب مقالة الهجوم على الشاعر محمد يونس القاضي، هو الصحفي محمد يونس القاضي نفسه. 
     
والأغرب أنه في اليوم الثاني خرج الشاعر محمد يونس القاضي، يتهم الصحفي محمد يونس القاضي، بالرجعية وعدم الفهم وأنه عديم الذوق ولا يمتلك حسا فنيا أو ثقافيا.

لكن هناك ماهو أغرب، في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي، تم تعيين محمد يونس القاضي رئيسا للرقابة على الأغاني في الإذاعة، وكان أول قرار اتخده هو منع إذاعة أي أغنية من كتابة محمد يونس القاضي.

والأشد غرابة ليس المعركة بينه وبين نفسه حول أغانيه وكلماته، بل إن الراجل الذي بسببه الشارع عاش في مجون وخلاعة، هو نفسه الذي بسببه كل المصريين يقفون ويؤدون التحية للعلم المصري مرددين: بلادي بلادي، لأن مؤلف نشيد "بلادي بلادي" هو نفسه محمد يونس القاضي.

وكم من محمد القاضي لدينا، ساعة يكون فيها راقصا في بوابة العراق مع عاهرات وبلوگرات وفاشنستات، ويخرج في اليوم الثاني مدعيا الوطنية والنزاهة والشرف حاملا على كتفه وسام البلد من الدرجة الأولى.

التعليقات (0)