محمد عبد القدوس يكتب : المتهم والوطواط

profile
  • clock 21 يونيو 2021, 2:32:53 م
  • eye 703
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

اللواء "حسين سماحي" عمل في الشرطة أربعين سنة وصل خلالها إلى أعلى المناصب، والجريمة التي يرويها وقعت قبل سنوات وفيها متهم من نوع خاص جداً!! مصيبته أنه يحب الشهرة!! 

البداية حادث سطو مسلح في وضح النهار إهتزت له القاهرة، مهاجمة سيارة تابعة لإحدى الشركات الكبرى، وكان بها صراف قادم من إحدى البنوك ومعه مرتبات موظفي الشركة، وقد تمكن اللصوص من سرقة آلاف الجنيهات بعد قتلهم الرجل المسئول عنها في قلب السيارة، فهي جناية بالإكراه وواضح أنه مخطط لها بعناية، فلم يترك الجناة أي أثر يدل عليهم، والعملية كلها لم تستغرق سوى دقائق قليلة. 

وبذلت الشرطة جهود مضنية لضبط المجرمين! وتشكلت فرق بحث على أعلى مستوى، وأفردت الصحف صفحاتها للحديث عن الحادث الذي وصف بأنه جريمة الموسم! 

وفجأة وقع ما لم يكن في الحسبان! قام سائق سيارة أجرة بتسليم نفسه إلى الشرطة، وقال أنه أحد المتهمين بالجريمة! وأن ضميره إستيقظ بعد فوات الأوان!! لكنه طاوعه!! ورفض أن يكمل السير في طريق الحرام، ومستعد لقبول العقوبة المناسبة جزاء على ما أقترفت يداه بشرط أن تكون محاكمته عادلة وعلنية! 

ونشرت الصحف صور المتهم "الشهم" الذي أصبح نجما في أجهزة الإعلام بين ليلة وضحاها! ووجدته الشرطة هدية من السماء جاء ليحل لغز الجريمة الغامضة! 

وكانت المفاجأة أن الجاني رغم إعترافاته عن أسباب إرتكابه للحادث وكيفية وقوع الجريمة إلا أنه بدا وكأنه لا يعرف شيئ عن العناصر الأساسية في تلك الجناية! فلم يدل بمعلومات ذات قيمة عن شركاؤه، ولا يعرف أين إختفت الأموال الطائلة التي تمت سرقتها بعد قتل الصراف المسئول عنها! 

وإحتارت الشرطة في أمره، وبدا أنه يحاول تضليلها وكسب الوقت لغرض ما في نفسه! 

ويقول اللواء "حسين سماحي" : كنت وقتها رئيساً لمباحث وزارة الداخلية، وإزاء غموضه تم الإستعانة بلص تائب معروف باسم "الوطواط", وله شهرته ومعروف بنفوذه بين البلطجية! وأصبح زميل زنزانة المتهم في حادث السطو، وبسرعة كما توقعنا نجح الوطواط في إكتساب ثقة هذا الشخص وهما يتسامران وراء الشمس! وأدلى بإعترافات لم تخطر ببال أحد .. قال له: ليست لي صلة بهذه الجريمة من بعيد أو قريب! كنت دائما أبحث عن الشهرة! وعندما وقع هذا الحادث جاءني خاطر شيطاني بتمثيل دور متهم!! وفعلاً ذاعت شهرتي وأصبحت نجما!! لكنني حالياً نادم جدا، وأريد الخروج من تلك الورطة! 

ويقول لواء الشرطة: وبالطبع لم يصدقه أحد!! هل يوجد في الدنيا إنسان يحب دخول السجن بمزاجه؟؟ ومن حسن حظه أنه تم في هذا الوقت ضبط العصابة الإجرامية الحقيقية بعد جهود مضنية! وكانت تستعد لإرتكاب حادث مماثل للجريمة الأولى بسرقة صراف آخر وقتله! لكن أجهزة الأمن أحبطت المخطط في آخر لحظة! وإتضح بالفعل أن المتهم الذي أصر أنه إرتكب الحادث لا صلة له بهؤلاء المجرمين! وإنما أدعى ذلك من باب الشهرة!! وبالفعل تم إطلاق سراحه، وأشهد أنه أغرب متهم قابلته في حياتي. 

التعليقات (0)