محمد كامل خضري يكتب : ختان بارتي

profile
  • clock 25 يونيو 2021, 6:07:04 م
  • eye 813
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أخذت حماما بيد أمى دعكتنى جيدا بليفة نخيل ناعمة وصابونة بريحة وألبستنى ثوبا أبيض جديد ...كل أطفال العائلة الذين فى نفس السن تجمعوا من بيوتهم فى بيت جدى كانت ملابس الجميع بيضاء كأننا ذاهبون للحج أو العمرة لم نكن نلبس فانلات أو سراويل بلغتنا أو بوكسرات بلغة أهل العصر وكان ذلك هو المعتاد لكن  اﻹهتمام بنا هو الغير معتاد يوحى بأننا مقبلون على حدث جلل...

بعد العصر جاء عبد الحميد  أبو قرى المزين راكبا حماره...حماره قوى مثل البغل سريع مثل الحصان نزل برشاقة من حماره أثناء تهدئته  قاذفا بإحد رجليه الطوال فى الهواء تبعها بباقى جسمه واقفا على قدميه فى حركة أكروباتية 

 تنم عن إعتياده عليها رغم صعوبتها وتدل على رشاقتة وخفة حركته باسماً كاشفاً عن أسنان ذهبية تطل من واجهة فمه  تغطى أسنانه اﻷصلية ...دلالة يسر وسعة وواضح أنها كانت موضة من موضات ذلك الزمان ...طربوش ذهبى أو فضى على اﻷسنان كل حسب سعته (فى أثناء الحرب العالمية اﻷولى كان الجنود يمرون على قتلاهم ويفتحون أفواههم فإذا وجدوا أسنانا ذهبية أو فضية كسروها بمؤخرة بنادقهم وجمعوا الذهب والفضة)

نزل عبد الحميد من على دابته مبتسما مشيعا جوا من البهجة يناكف الجميع ويشاكسهم بقفشاته أنت واد أبو القرعة وأنت بت المرة الجديدة ...معه شنطته الجلدية أشبه بالشنط النسائية المكورة  ودخل الحاصل ثم بدأ فى الجلوس القرفصاء حتعملونا شاى ولا نتكل على الله...لأ إتكل على الله  ونادى علينا واحدا واحدا بادئا بواد زينب (يقصدنى) كان المزين حبيبا لكل أهل البلدة فهو حلاقهم وطبيبهم وممرضهم وحانوتى ﻷمواتهم ومديرا ﻷفراحهم فهو جامع النقطة للعريس وشيفا للولائم كان يعرف كل شئ عن العائلات كلها والصغار لايحبون أن يناديهم أحد بأسماء أمهاتهم ولكن عبد الحميد كان يفعلها...إنه نوع من المزاح السخيف كنا نتعارك مع من ينادينا بأسماء أمهاتنا ونعتبره( جر شكل)ولكن الموقف كان أكبر من المعارك لهذا السبب أو غيره 

أدخلونى وأنا أرتجف إلى الحاصل أجلسونى على مصطبة صغيرة أمام عبد الحميد المزين أسندوا ظهرى للحائط وأحاط بى شابان من شباب العائلة واحد عن يمينى وواحد عن يسارى أمسك كل واحد بيد ثم مرر كفى من داخل ركبتى إلى خارجها وشدوا...تكتيفه 

...حاجة كدة زى ربطة الفيونكة صعب الفكاك منها ...تكشفت وصرخت بكل مافى القلب من عزم حاولت الفكاك ...ياأبناء التيت ...سيبونى ..لكن لافكاك ...ياأمه...

أمى إختفت...جاء بماسك وشد من الجلد مايستغنى عنه ثم بإسم الله مسك...

بسم الله ثم بموس المزين الذى يشبه السكين ...قطع ورأيت كل ألوان الطيف  مع  صرخة بثت الرعب فى قلوب لابسى البياض المنتظرين وأثارت ضحكات الكبار المتفرجين ! 

ربط عضوى النازف قليلا ...بشاش أبيض ربطا خفيفا وحملونى كما أنا وظهرى على السرير المصنوع من جريد النخيل ...ووجهى إلى السماء ممسكين بثوبى ﻷعلى...حتى لايسقط على جرحى...وأنا أكفكف دموعى بعد أن هدأ صراخى ثم أناموا جنبى نديدى بعد أن فعلوا به ما فعلوا بى وهكذا مر الوقت مابين ذبيح باكى ورجال ضاحكون ونسوة تزغرد حتى أتمونا ستة ...كان آخرنا أكثر من إستغرقت طهارته وقتا فقد حاول الفرار وسط المزارع ولكن بعد جهد كبير جاءوا به ولكن عبد الحميد فضل أن يريحه ﻷن دمه سخن فليبرد أولا حتى لاينزف...شرب عبد الحميد الشاى ثم إستأنف عمله و

إنتهى منه فى سرعة البرق وتمددنا وبجوارنا أمهاتنا وخالاتنا وعماتنا فلكل منهن جريح ...أوصى عبد الحميد بعمل (كرفة) وهى عبارة عن زيت مقلى به ثوم دون إضافات ...يبرد ثم يستعمل الزيت فى اليوم التالى بريشة طويله يمس على الجرح عدة مرات...طب شعبى أرى له ظلا من حقيقة وكثيرا من النفع كان عشاؤنا مميزا (زفر )...وكان المناب كبيرا على غير العادة ديك كامل محشو بالفريك وكذا أقرانى...بت ليلتى وأنا لاأستطيع أن أتقلب وعندما كان يغلبنى النعاس ويلمس بعضى بعضى يئن جرحى فأصرخ فأجد أمى تهون على ...

مرت الليلة وأفطرنا رقاق باللبن جائنى اﻹفطار على السرير كما جاء العشاء وكما يؤتى الملوك طعامهم ! 

فقد كنا نتخيل أن الملوك يأكلون على الأسرة وليسوا فى حاجة أن يجلسوا على الطبلية !

بعد الفطار حاولت القيام...ساعدتنى أمى فأمسكت مقدمة الجلباب بيدى دافعا مؤخرتى للخلف موسعا بين رجلى ...كنت محتاج للفراغ فأى إحتكاك سوف يدمينى...مشيت خرجت إلى الخلاء على هيئتى هذه فقد أحسست أنى فى حاجة إلى أن أتخلص من بعض السوائل المحبوسة داخلى ولكننى لاأستطيع فمرورها على الجرح يكوينى ...عدت إلى سريرى الجريدى وأنا أتحمل ضغط المثانة على لهيب الجرح ...

توافد المهنئون وأكرمونى بالحلوي والفول السودانى ملأت جيوبى بهما وأنا أتباهى بالقلادة الخيطية المعلقة فى رقبتى التى تنتهى بقطعة جلدى الحلقية التى أنتزعت منى وكان الغداء من جنس عشاء اﻷمس مر عبد الحميد علينا إطمأن ...لم يتقاضى أجرا ... يأخذه غلالا فى موسم الحصاد وعن كل أعماله مجتمعة ولكن لابأس من نقوط أم العريس الذى هو أنا وفكت أمى منديلها عن قروش كانت تصرها وأعطتها له وأخذ من أمهات العرسان اﻵخرين عطاياهم...مرت اﻷيام مابين أكل الزفر والمس بالكرفة وإنفراجة تفريغ المثانة وإن تمت على مراحل !

إتسخت ملابسنا البيضاء الملطخة بقطرات من الدم وسقط الشاش عن جرحى الذى إلتأم فعدت إلى ثوبى القديم المخطط وإنتهى اﻹحتفاء بى كضيف جاوز أيامه الثلاثة فصار شأنه شأن أهل البيت فى المأكل والمشرب والعمل أيام جميلة ليتها طالت ..

كان بعض الناس أيامها يتركون أولادهم بدون ختان حتى يكبروا بعضهم يبلغ الحلم !

أم أحمدعقاب إسمها عقابة...كان لايعيش لها أولاد ...تركت أحمد وحيدها الذى عاش بلا ختان ختنته قبل بلوغه بقليل مات بعدها أحمد بشهورغرقا فى الترعة !

يقال أن الختان يشاركنا فيه اليهود فهم يختتنون ويقال أن هتلر كان يميز اليهود بالختان فيقتلهم أو يحرقهم كما يدعون ! 

الختان والزواج والحصاد وجنى القطن كانت أيام فرح عند الفلاحين كنت أحبها جميعا ﻷنها كانت أيام سعادة للجميع أسعد الله أيامكم وأكثر من أفراحكم "وطهر"قلوبكم ونفوسكم .

التعليقات (0)