محند أمقران يكتب: من أجل سياسة جزائرية للهجرة و اللجوء و العمل الإنساني

profile
محند امقران كاتب جزائري وخبير في شؤون التنمية
  • clock 24 يناير 2023, 4:08:40 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تشهد الجزائر كغيرها من بلدان شمال افريقيا و الشرق الأوسط موجات هجرة و لجوء نظرا لمتغيرات دولية وإقليمية ،لعل من أهمها النزاعات الداخلية،الحروب،الهجرة السرية نحو اوربا،تداعيات ماسمي بالربيع العربي  و موقع الجزائر  المتميز و الذي  يعتبره الكثير مركز عبور نحو أوربا، إن اللاجئين و المهاجرين في الجزائر يتنوعون بتنوع حالاتهم و المهم ان الوضعية الحالية تستوجب الإسراع بوضع رؤية و سياسة وطنية للتكفل بالمهاجرين و اللاجئين 

*الهجرة و اللجوء في الجزائر بين افرازات العلاقات الإقليمية و غياب سياسة وطنية فعالة* 

لعل المتتبع لموضوع الهجرة و اللجوء في الجزائر يلاحظ انه وليد نزاعات اقليمية و دولية و حالات نزاع داخلي فحالات الهجرة و اللجوء تتنوع بحسب المصدر و السبب ،فعلى مستوى القارة الأفريقية، شهدت الجزائر موجات من المهاجرين و اللاجئين لعل أهمها و أطولها مدة، حالة اللاجئين الصحراويين بتندوف الجزائرية و التي تمتد  لبداية السبعينات من القرن الماضي ،ورغم أن أعداد اللاجئين الصحراويين في الجزائر  معتبرة إذ تقوم العشرات من المنظمات و الجمعيات الإنسانية  العالمية، الاممية،الحكومية و غير الحكومية بدور مهم في التكفل بالاحتياجات الأساسية  للأسر و المؤسسات  الصحراوية ، في ظل غياب ملحوظ للجمعيات و المنظمات الجزائرية خاصة على مستوى التضامن المؤسس  الذي لم يثمن على مستوى بنيات المجتمع المدني الجزائري و الجامعات و غيرها من المؤسسات المنوطة بفعل  التضامن العقلاني المؤسس و الذي أقصد به ،التضامن المبني على تبادل الخبرات و معرفة الآخر معرفة تمكن المتدخل في العمل الإنساني المحترف أن يكون ملما بأساسيات و تقنيات التدخل الإنساني او ما يسمى بالاغاثة الإنسانية. و التي منها معرفة سياقات اللجوء في أبعادها التاريخية، الثقافية ،العسكرية و الأمنية و كذلك الإجتماعية و النفسية .إن فهم هذه السياقات سيؤدي حتما إلى بروز رؤية جزائرية في العمل الإنساني و الإغاثة، ووجود اعداد معتبرة من اللاجئين في الجزائر هو في حد ذاته نقطة إيجابية لو أحسن استغلالها في بناء و بلورة  سياسة وطنية للهجرة و اللجوء .

بالإضافة إلى اللاجئين الصحراويين كما قلت هناك أعداد من  اللاجئين من مالي و النيجر خاصة  فإذا كان اللاجؤون الصحراويون يتمتعون بالتمدرس في الثانويات و الجامعات الجزائرية، فإن  اللاجئين أو المهاجرين من مالي او النيجر ،يصولون و يجولون الجزائر بدون رعاية صحية كافية و تمدرس للصغار خاصة و انتشار رهيب للتسول الذي يجعل من هؤلاء اللاجئين عرضة لشتى انواع الابتزاز و مظاهر الانحراف الاجتماعي خاصة النساء و الأطفال.  تختلف التسميات و التصنيفات من مهاجر، لاجيء،مهاجر سري و ما يهمنا من كل هذا هي الحالة الإنسانية التي وجب التكفل بهاضمن رؤية و سياسة واضحة المعالم.  عرفت الجزائر كذلك نزوح لبعض العائلات من تونس و ليبيا إبان الأحداث التي عرفها جارا الجزائر و كان هذا النزوح لفترةقصيرة . هذا على المستوى الافريقي و على مستوى الشرق  الأوسط و دول البلقان،  عرفت الجزائر موجات  بشرية من فلسطين ،البوسنة و الهرسك و سوريا، هذا التنوع يحتم على كل دارس،خبير،مشرع في أمور الهجرة و اللجوء أن يوجه تفكيره لمعضلات قد تطرحها ظاهرة الهجرة بكل أبعادها على السياسات الوطنية الخاصة بقطاعات التنمية  و بصورة البلد على مستوى المحافل الدولية ،فرغم سعي المنظمات الأممية كالمنظمة العالمية للهجرة إلى العمل مع المؤسسات الرسمية الوطنية ورغم كل النتائج التي يمكن تحقيقها ،الا أن بناء تصور وطني و ترجمته على أرض الواقع من خلال سياسة وطنية للهجرة و اللجوء هو الكفيل بالإحاطة بهذه الظاهرة على المستوى الوطني و  السماح بتوجيه الجهود و تثمينها على المستوى الدولي.

سعت الجمهورية التونسية فيما مضى إلى الإسراع في بناء رؤية وطنية للهجرة و اللجوء و الإغاثة خاصة إبان أحداث الانتفاضات الشعبية في شمال أفريقيا و الشرق الأوسط و بغض النظر عن كل تحليل أو انتقاد او تقييم لمثل هذه التجارب فالعمل ضمن إطار مغاربي سوف يمكن الجزائر و جيرانها من وضع الأسس المتينة لممارسة تشاركية في العمل الإنساني و الإغاثة الإنسانية و التي سوف تنعكس ايجابا على سياسات الإغاثة و اللجوء في كل بلد على حدى 

ما العمل ؟

ان بناء سياسة وطنية للهجرة و اللجوء هو عمل متكامل و متعدد الأطراف فالمؤسسات الرسمية كوزارات العدل،العمل،التضامن الوطني،التعليم العالي،التكوين المهني،الداخلية و الخارجية و منظمات المجتمع المدني هي الأرضية الصلبة لهذا التصور شريطة أن يكون هناك تشاور لتحديد الأولويات الوطنية و الأبعاد الاستراتيجية لمثل هذه السياسات فعماد مثل هذه السياسة هو التشاور و الإجماع للدفع بالمبادرات الوطنية في هذا المجال نحو التشاركية المستدامة و المنتجة للمشاريع و برامج التدخل الإنساني سواء من حيث البحث و التكوين المتخصص في المجال على مستوى الجامعات ،خاصة جامعة تندوف القريبة من مخيمات اللاجئين الصحراويين او عن طريق تكوينات قصيرة المدى بين المنظمات الجزائرية و الجمعيات المحترفة في العمل الإنساني فوجود منظمات كالمجلس الدانماركي للاجئين، و جمعية موندوبات و منظمات من السويد و النرويج على أرض الجزائر ضمن تدخلاتها الإنسانية في المخيمات الصحراوية كفيل بنقل التجربة و الممارسة الطيبة و الفعالة في المجال إلى الجانب الجزائري 

وجود المنظمة العالمية للهجرة كذلك مهم جدا في توحيد الرؤية بين التوجهات الوطنية ،الأممية و 

.التجارب الإقليمية في هذا المجال


*الأبعاد الاستراتيجية للسياسات الوطنية للهجرة و اللجوء*

ان وجود سياسة وطنية للهجرة و اللجوء كفيل باعطاء سند و دفع قوي للسياسة الخارجية لأي دولة خاصة للجزائر المترامية الأطراف فالكثير من الدول تروج لسياساتها الوطنية للهجرة و اللجوء ضمن أبعاد اقتصادية ،سياسية و دبلوماسية خاصة في البلدان الاسكندنافية و بلدان أخرى كألمانيا قصد استقطاب الطاقات المبدعة  و اليد العاملة و إعادة التموقع على ساحة العلاقات الدولية ضمن منظور العمل الإنساني أو التدخل الإنساني  .


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)