مرادف الضعف العربي صعود اليمين الصهيوني

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 1 يونيو 2021, 12:53:14 ص
  • eye 890
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

هناك علاقة طردية بين صعود اليمين المتطرف الصهيوني ، ممثلا في نتانياهو ومن يزايدون عليه في التطرف في هذا الجناح  وبين الضعف والتشرذم العربي على المستوى القطري - ويتزامن مع ذلك تواري أو حتى إختفاء اليسار الصهيوني بكل أطيافه ، وإلا فليقل ، أو يشر لي أحد  أين ما كان يسمى بحركة السلام الآن ، بل أين حزب العمل الصهيوني ذاته ..؟!

فكلما زاد الضعف العربي إذن ، و على المستويين ؛ القطري والقومي ، وزاد مع ذلك الانقسام والتشرذم والشقاق والانشقاق القطري والبيني ، زاد صعود نجم اليمين الصهيوني وحظوظه في الحكم أو تشكيل الوزارة  وصارت من ثم المزايدة في التطرف والتنكيل بكل ما هو عربي و حتى كل ما هو مقدس للعرب والمسلمين والمسيحيين ، هي ديدن هذا الجناح اليمني المتطرف أو ذاك ، بل وكلما زاد جنوح وجموح هذا الحزب الصهيوني اليميني أو ذاك من التطرف كلما زادت حظوظه أيضا في نيل المزيد من المقاعد في الكنسيت ، ومن ثم تشكيل الوزارة الصهيونية .

والعكس صحيح ؛ ولكن ستكون العلاقة هنا عكسية تماما 

فكلما زاد التماسك العربي ، وزاد الرضا الشعبي ، القطري والقومي ، بل وحتى الحفاظ على الحد الأدنى من التضامن العربي ، ضعف اليمين الصهيونى بل حتى يكاد يتوارى من فسيفساء الخريطة الصهيونية السياسية وعنئذ يظهر اليسار الصهيوني ممثلا في حزب العمل ..!

ونرجع ، أو نعود مرة أخرى للعبة  " الحمائم والصقور " بين اليمين واليسار الصهيوني " سنوات وسنوات ، وكما جرت الأمور منذ النكبة عام 48 وحتى اغتيال اسحق رابين رئيس وزراء الكيان الأسبق عن حزب العمل . صحيح ظهر من بعده من شكل الحكومة باسم حزب العمل ، لكنه كان من الضعف بمكان لدرجة استغلاله من قبل الليكود ، أو اليمين بصفة عامة ، وبكل خبث صهيوني مألوف ، لكي يظهر عدم صلاحية اليسار الصهيوني البته لقيادة الكيان - على الأقل في هذه المرحلة التي تراها الصهيونية العالمية إنها مرحلة جني الثمار ، وربما تشكيل أو تدشين أسرائيل الكبرى  الأمر الذي يسر تقريبا احتكار - ولو لفترة من الوقت - اليمين واليمين المتطرف - أو بالأحرى المزايد عليه أبدا - الصهيوني الاستحواذ على جل مقاعد الكنسيت ومن ثم تشكيل الوزارة وغالبا من ائتلاف من اليمين ذاته ..!

ولا يسعني قبل الختام إلا أن أشير إلى إننا كأمة عربية واحدة - ولا أريد أن أضيف عبارة  ذات رسالة خالدة ، والتي كانت شعار حزب البعث القومي العربي الاشتراكي - قد صرنا من الضعف والهوان لدرجة أن صارت تتنافس علينا - أو بالأحرى ، وحرفيا ؛ تتداعى علينا الأمم - ثلاث قوى إقليمية ، قد حققت حقيقة من القوة والمنعة والتماسك الداخلي ، والمؤطر غالبا بالرضا الشعبي العام ، ولو حتى بشكل نسبي ، ما يؤهلها إلى ذلك .

وهذه القوى هي كل من تركيا وإيران ودولة الكيان .

فأرى أن الخلاف الذي يظهر على السطح من آن لأخر بين هذه الدول الثلاث إنما مصدره الرئيسي هو تنازعها - الغير معلنة أسبابه الحقيقية بطبيعة الحال - على استئثار كل منهما دون الأخر ، أو باستبعاد الأخر ، بكامل " الغنيمة" ، أو الغنائم ؛ أو الأنفال ، وحده وبمفرده ..!

كما أود أن أشير هنا أيضا - وأعتذر للإطالة - الى ما ظهر على العلن ، وما بدى وكأنه نزاع صهيوني إيراني - وهذه في الحقيقية وجهة نظر عالم الدين ؛ الشيخ بسام جرار ، من عرب 48 - مع بعض التصرف - والتي أتفق معها - أو وفق ما أسماه البعض  " صهيوني صفيوني "- من صفوي ، أي الدولة الصفوية ؛ أي الفارسية  إيران - وإنما هو في حقيقته ، وكما أسلفت ، تنازع أو تنافس بين تلك القوى الإقليمية على من يلعب دور الوكيل الحصري ، أو شرطي المنطقة ، أو يملئ الفراغ - سمها ما شئت - لحساب النظام الإمبراطوري العالمي الجديد  خاصة وأن ذلك النظام بدأ يشعر بتملل بالفعل من دولة الكيان ، بعدما صار يرى ، وبحساب الربح والخسارة ، أن تكلفتها أو خسائرها أكثر من مكاسبها ، على الأقل في مقابل إيران التي لا تكلفه شيئا ، وتقوم بدور أوسع وأنجع في المنطقة . وقد بدا ذلك واضحا - أو إن شئت فاضحا - في حالتي كل من العراق وأفغانستان ، و إبان الغزو الأمريكي لكل منهما خاصة . 

وقد تطور الأمر - وبضوء أخضر بطبيعة الحال من قبل النظام الإمبراطوري الجديد - بعدئذ بعد زحف إيران نحو سوريا ثم اليمن  الأمر الذي شجع كل مصانع الأسلحة العابرة للقارات أن تعمل على مدار الساعة وتربح وتشغل أيدي عاملة وتستنزف السعودية خاصة ودول الخليج عامة ببيعهم أسلحة لن يستخدموها يوما إلا ضد شعوبهم أو غيرهم من العرب أو الأعراب ..!

التعليقات (0)