منير رشيد يكتب: الأقصى في ذكرى إحراقه ولا زال مشتعلا.

profile
منير رشيد عضو الامانة العامه للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج
  • clock 20 أغسطس 2022, 5:03:19 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

إحراق المسجد الاقصى المبارك لم يكن حادثا منفردا وفرديا إنما ضمن سياق َ العقلية َ الصهيونيةِ لطمسِ هويةِ المدينة الحضاريةِ وبناءِ هيكلهم المزعوم ، وهو جزءٌ من تغيير الهويةِ الحضارية لفلسطينَ أرضاً وشعباً، فالعقليةُ اليهوديةُ عقلية استعمارية إحلاليه لا تؤمن إلا بيهوديتها وطرد الفلسطينيين خارجها .

إن مايكل روهان القادم من استراليا لم يتصرف بدافع عفوي لحظي وخاطرة طارئة او لعدم قدرته الذهنية وانفصام شخصيته كما يزعمون ،إنما نتيجةَ تنشئتهِ وتربيتهِ كونُه أحدُ أتباع (كنيسةِ رب العالمين)، وكان من أصحابٍ النزعات التي تؤمن بعودة بني إسرائيل الى أرض فلسطين وبناء الهيكل وكان يصرحُ ويعبّرُ بقوله أنه يهوديٌ ومكلفٌ من الآله بمهمة عظيمه، فقام بتنفيذ جريمته يوم ٢١\٨\١٩٦٩ وبتنسيق مع سلطات الاحتلال ولا أدل على ذلك من قطعِ المياه عن منطقة المسجد والتأخر المقصود لسيارات الإطفاء والإسعاف من الوصول لمنطقة الحريق ثم تبرئتهِ بدعوى وضعه الصحّي النفسي.

إن الاحتلال الصهيوني يحاول تغييرَ الهوية الحضارية المعمارية لمدينة القدس بدأها بإحراق المسجد الاقصى المبارك ومن ثم بناء الجسور المعلقة وتنفيذ مشروع التلفريك لتسهيل إقتحامات المستوطنين لباحات المسجد المبارك حسبَ مخططاتِ وطروحاتِ ما يسمى (جماعات الهيكل)،كما سعى الإحتلال لمصادرة أملاكٍ للاوقاف وكنائسَ وأماكنَ تاريخية وأثرية ،عدا عن شراء عقارات داخل مدينة القدس بأثمان خيالية وبأساليب متنوعة وطرق ملتوية وبأسماءِ شركات وهمية وأخرى عربية عبر سماسرة باعوا ضمائرهم .
وإن قانون أملاك الغائبين والذي أقره الكنيسيت عام ١٩٥٠ هو شرعنه قانونية للاستيلاء على أراض وممتلكات تعود ملكيتها لأصحابها الفلسطينيين الذين هجروا منها ونزحوا عنها .

لقد تنبه المقدسيون لمحاولات المستوطنين لشراء العقارات داخل المدينة المقدسة فلجأ الاحتلال الى طرق جديدة تقوم بها شخصيات ومؤسسات عربية لتسهيل تسريب العقارات من المقدسيين للمستوطنين  ،فتسريب العقارات حرب خفية تدور رحاها في جنبات الاقصى خدمة للإحتلال وتغيير معالم المدينة وطابعها وسكانها .
كما ان الضرائب الباهظة التي تفرضها سلطات الإحتلال على المقدسيين أثرت ولا زالت تؤثر سلبا وبشكل واضح على قدرتهم الاستمرار والسكن في القدس وتحت ضغط الضرائب يتم ترحيلهم بشكل هادئ بهدف تفريغ المدينة من سكانها.

إن ما يقوم  به الاحتلال منذ احتلاله للأقصى المبارك وإحراقه وإجراءات تغيير طابع المدينة الحضاري ما هو إلا للوصول الى تقسيم المسجد الاقصى المبارك زمانيا ومكانيا ولم يعد الامر سرا فقد تعزز هذا الطموح بعدَ تجربته في تقسيم الحرم الإبراهيمي في الخليل .
أما في بيت المقدس بدءَ التقسيم على شكل التحكم بأعمارِ المصلين فمنع الشباب من الدخول للصلاة والسماح فقط لكبار السن من الرجال والنساء ثم تلاه قرار شرطة الاحتلال عام ٢٠٠٣ بالسماح لليهود باقتحام المسجد الاقصى وتحت حراسة شرطته وبشكل متباعد ثم أصبحت تتم بشكل يومي وبمجموعات ،حيث يقضي التقسيم الزماني تخصيص اوقات محددة لدخول المسلمين واوقات أخرى لليهود وطوال العام وعلى المسلمين إفراغ المسجد المبارك يوميا ثلاث مرات في الصباح وبعد الظهر وبعد العصر تكون هذه الاوقات لليهود فقط ،وتسعى قوات الاحتلال لتخصيص المسجد. الاقصى لليهود خلال أعيادهم والتي تصل الى مئة يوم بالإضافة الى أيام السبت وبذلك يصل عدد الايام المخصصة لهم مئة وخمسون يوما في العام .
إن التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى المبارك أخطر من إحراقه حيث تسعى قوات الإحتلال الى تخصيص مناطق وزوايا معينة ومخصصة لليهود وأخرى للمسلمين وتسعى لإقتطاع أماكن من المسجد الأقصى المبارك وتحويلها الى كنائسَ يهودية تقام فيها الصلوات التلموديه.

إن التقسيم الزماني للمسجد الاقصى المبارك ومحاولة تقسيمه مكانيا يتطلب موقفا جادا على المستويين الرسمي والشعبي.

على النظام الرسمي العربي والإسلامي النظرُ وتحقيقُ مطالبِ شعوبه بقطع علاقاته مع هذا الكيان الغاصب لأن بوصلة وجدان الامة الجمعي هي اُولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى نبيها ومصلى أنبياءها ،وعليه ان يدرك ان التطبيع مع هذا المحتل هو خنجر في خاصرة المقدسيين وإن الإتفاقيات معه لا تغير من طبيعته ونظرته التوسعية الإستعمارية للوطن العربي ،وان هذا الكيان لا يعتبر التطبيع إلا إحدى أدوات التوسع الناعم ومرحلة من مراحل الاستعمار والاستيلاء.
ويمتلك النظام الرسمي العربي الأدواتِ والوسائلَ في المؤسسات الدولية والإقليمية والبينيه بالإضافة الى مقدراته الذاتية الهائلة ما يردع المحتل عن جرائمه بحق المقدسيبن والقدس ودعم صمودهم خاصة والشعب الفلسطيني عامة لتحرير ارضه والعودة اليها والعيش فيها وإعمارها وإدارتها .

إن الجهدَ المشكورَ والذي تقوم به الشعوب العربية والمسلمة واحرار العالم من مؤسسات مجتمع مدني وقوى حية واحزاب وتيارات سياسية وأدباء وشعراء ومفكرين نصرة للأقصى ودعم صمود المقدسيين والتفاعل مع الأحداث عامل مهم له أثره في نفوس المقدسيين والفلسطينيين ينبغي تطوير أدواته واساليبه وتأطير هذه الجهود لتصبح أكثر فعالية وتأثيرا لإسناد ودعم أهالي بيت المقدس .

إن ما قامت به المقاومة البطلة في معركة سيف القدس شكلت تحولا في القضية الفلسطينية وجددت مكانة القدس في الصراع باعتبارها قلب القضية وجوهرها ،وإن المقاومة البطلة ليست للدفاع عن غزة وحدها ورفع الحصار الظالم عنها بل أكدت على وحدة الساحات ووحدة الموقف  ووحدة الفعل والرد.

على الرغم من الممارسات الصهيونية الوحشية والهمجية ضد المرابطين والمرابطات في المسجد الاقصى وباحاته إلا أنهم يشكلون خط الدفاع الاول عنه وسور حماية له فجهودهم مشكورة ومقدرة فواجب دعمهم وإسنادهم بكل الوسائل المطلوبة والإمكانات المتاحة ،وإن التفاعل مع أحداث بيت المقدس من الأمة وأفرادها له أثر في نفوسهم ومعنوياتهم لأن دفاعهم عن الأقصى هو دفاع عن حرمات المسلمين وكرامة الشعوب لذا فنصرتهم واجب وإسنادهم أوجب .
ودعاء لله سبحانه صلاة في باحات المسجد الاقصى المبارك محررا عزيزا بجانب من كانوا يدافعون عنه ويرابطون في باحاته وساحاته من المرابطين والمرابطات .
ويقولون متى هو    قل عسى أن يكون قريبا

منير رشيد.
عضو الامانة العامه للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)