من "عملية خاصة" إلى "حالة حرب".. لماذا غيرت روسيا لهجتها عن أوكرانيا؟

profile
  • clock 30 مارس 2024, 2:33:32 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بعد أن ظلت أكثر من عامين تعتبر نفسها في عملية خاصة في أوكرانيا، أعلنت روسيا أنها في حالة حرب، بسبب تدخل الغرب إلى جانب كييف، وذلك في تصعيد لافت يثير تساؤلات جدية حول تأثيره على دينامكيات القتال، وكذلك تأثير إعلان روسيا الحرب في أوكرانيا على علاقتها بالغرب، وعلى الداخل الروسي.

جاء إعلان روسيا الحرب في أوكرانيا على لسان المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الذي قال إن روسيا لا يمكنها أن تسمح بوجود دولة على حدودها أبدت استعدادها لاستخدام أي وسيلة للسيطرة على شبه جزيرة القرم.

وأوضح بيسكوف قائلاً: "نحن في حالة حرب، نعم، لقد بدأت كعملية عسكرية خاصة، ولكن بمجرد تشكيل هذه المجموعة، عندما أصبح الغرب الجماعي مشاركاً في ذلك إلى جانب أوكرانيا أصبحت حرباً بالنسبة لنا".

روسيا كانت تعتبر نفسها في عملية خاصة في أوكرانيا.. فماذا كان يعني ذلك؟

كانت جميع الحكومات في المنطقة الأوروبية الأطلسية (التي تضم الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة) تصف الصراع في أوكرانيا بأنه حرب عدوانية. في المقابل، كانت روسيا تصف أعمالها العسكرية بأنها "عملية عسكرية خاصة".

ووصف بوتين الصراع في خطابه عن حالة الأمة، في 21 فبراير 2023، بأنه "إجراء دفاعي لحماية روسيا والناطقين بالروسية من المعتدين في الناتو". في رسائل تبرير لجمهوره المحلي، وأيضاً للدول الأخرى التي رفضت تاريخياً الحكم الاستعماري الغربي، مثل الصين والهند وجنوب أفريقيا، وهي الدول التي لم تنتقد الغزو الروسي لأوكرانيا.

ومنذ بدء الحرب استهدفت روسيا من استخدام مصطلح "عملية عسكرية خاصة" إضفاء نطاق محدود وأهداف محددة للعمليات العسكرية، وذلك للتقليل من حدود الصراع وآثاره القانونية، حسبما ورد في تقرير نُشر بمنصة "أسباب" المختصة بالدارسات السياسية والاستراتيجية.

إذ كانت هناك مخاوف من أن الصراع الأوكراني قد يؤدي إلى تصعيد كبير، أو إلى حرب كبرى، أو تبادل نووي، وكان الموقف الروسي بوصف الحرب بالعملية الخاصة يهدف إلى إبقاء الصراع في مستوى الحرب المحلية. ومع ذلك فقد استخدمت روسيا بشكل انتقائي بعض التكتيكات التي حُدِّدَت من نقاط أعلى في سلم التصعيد، حسبما ورد في تقرير لموقع The Conversation الأسترالي.

كيف سيؤثر إعلان روسيا الحرب في أوكرانيا على شكل القتال؟

لكنّ الإعلان عن "حالة حرب" يعكس تحولاً في طبيعة الصراع، قد يؤدي إلى زيادة التعبئة الداخلية للجيش الروسي، وسيسمح الإعلان الكامل للحرب بمستوى أكبر من التجنيد، وتحويل المزيد من الموارد نحو الحملة العسكرية، وربما تغييرات في الاستراتيجية العسكرية الروسية.

يرسل الإعلان رسالةً مفادها التزام روسي صارم وطويل تجاه الدفاع عن نفوذها وإنجازاتها العسكرية، حسب منصة أسباب.

ويشير إعلان روسيا الحرب في أوكرانيا إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين ربما يسعى لحسم المعركة في أوكرانيا مع بدء فترة رئاسته الجديدة، مستفيداً من تشتت التركيز العسكري الأمريكي تجاه حرب غزة، واستباق مساعي الإدارة الأمريكية الراهنة للضغط على طرفَي الحرب من أجل احتوائها وإعادة التركيز الأمريكي على الحرب في أوكرانيا، والتنافس مع الصين التي تصعّد من استعداداتها العسكرية في حوض الباسيفيك.

بالإضافة لذلك فإن موسكو ترى فرصة سانحة للحسم في أوكرانيا، في ظل ارتباك إمدادات الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، وغموض مستقبل الدعم الأمريكي في حال فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، في نوفمبر المقبل.

قد يكون رسالة لحلف الناتو

قد يكون إعلان روسيا الحرب في أوكرانيا أنها سبب إضافي لاستمرار تجنب الناتو الانخراط المباشر في المعارك، أو إرسال قوات لأوكرانيـا، حتى إذا طور الجيش الروسي الهجوم بهدف حسم الحرب.

تجدر الإشارة إلى أن إعلان روسيا الحرب في أوكرانيا يأتي بعد دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأوروبا، لبحث فكرة إمكانية إرسال قوة عسكرية إلى أوكرانيا مستقبلاً، وملمحاً إلى إمكانية انخراطها في نشاط عسكري ضد موسكو.

كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الطائرات الحربية من طراز إف-16 التي سيتم تسليمها لأوكرانيا ستكون أهدافًا مشروعة أينما كانت، إذا استخدمت مطارات دولة ثالثة ضد روسيا.

الإعلان يأتي في ظل إنجازات عسكرية روسية

يأتي إعلان روسيـا أنها في حالة حرب بينما الهجمات متصاعدة بين الطرفين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وحققت روسيا إنجازات عسكرية واضحة في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار، خاصةً السيطرة على مدينة أفدييفكا في منطقة دونيتسك، شرقي أوكرانيا، والتي تمثل إنجازاً عسكرياً بارزاً خلال العامين الأخيرين.

كما سبق الإعلان تحذير بوتين، في نهاية فبراير، من مخاطر نشوب حرب نووية. وفي إطار تدريبات أسطول المحيط البحري الروسي أطلقت روسيـا صاروخاً مجنحاً بمدى 1000 كيلومتر، وهو ما يعد رسالة تحذير، وذلك بعد إعلان أوكرانيا ضرب ثلاث مصافي نفط في منطقة سامارا الروسية بطائرات بدون طيار.

قد يكون له تأثيرات على أسواق الطاقة والغذاء

قد يؤدي إعلان روسيـاً "حالة الحرب" إلى تفاقم التأثيرات على أسواق الطاقة، في ظل التشديد المحتمل من قبل الغرب لتصعيد إجراءات معاقبة روسيـا، بما قد يؤدي للمزيد من ارتفاع الأسعار. كما ستكون هناك آثار عميقة على أسواق المواد الغذائية على مستوى العالم والأمن الغذائي، خاصةً في الدول المنخفضة الدخل؛ حيث أدى الصراع بين روسيا وأوكرانيا، المصدرين الرئيسيين للحبوب، إلى تعطيل الإمدادات الغذائية الدولية بالفعل، وأدى إلى زيادات كبيرة في الأسعار في أسواق الحبوب والبذور الزيتية.

في مقابل ذلك أعلن تنظيم الدولة الإسلامية "ولاية خراسان" مسؤوليته عن هجوم مسلح وقع في قاعة حفلات بمركز كروكوس للتسوق، غرب العاصمة الروسية موسكو، أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 143 شخصاً وإصابة نحو 152، وفق لجنة التحقيقات الروسية، لكنّ بعض المراقبين يثيرون شكوكاً حول مصداقية هذا التبني، حيث يعتبرون الحادث -بغض النظر عن اليد التي نفذته- إشارة لإمكانية أن يقابل الغرب مساعي الحسم الروسي في أوكرانيـا باستهداف الداخل الروسي. وقد اعتقلت روسيـا 11 شخصاً، وزعم جهاز الأمن الروسي FSB أن المهاجمين كانوا في طريقهم إلى أوكرانيا، مع وجود اتصالات على الجانب الآخر تدعمهم، لكن ممثلي المخابرات الأوكرانية رفضوا هذا الادعاء.
 

التعليقات (0)