نبيل عمرو يكتب: إسرائيل… موسم العسل ‏والشوكة في القلب

profile
نبيل عمرو كاتب وسياسي فلسطيني
  • clock 17 فبراير 2022, 1:59:38 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

المراقب لوضع إسرائيل ‏إقليميا ودوليا يرى انه في ‏افضل حالاته منذ تأسيس ‏الدولة، فها هو بينيت أسوأ ‏رئيس وزراء مر على ‏إسرائيل واكثرهم عنصرية ‏وتشددا يحتفى به في المنامة، ‏وها هو هرتسوغ يحزم ‏حقائبه لزيارة تركيا التي ‏دخلت في حرب شعارات ‏باردة مع الدولة العبرية دون ‏ان تخفي دولة “الخلافة” ‏سعادتها بالزيارة بل هي من ‏يتولى الترويج لها وتعليق ‏الآمال عليها، اما المرضعة ‏الامريكية عرابة مشروع ‏السلام التاريخي والتطبيع ‏بين العرب وإسرائيل ‏والفلسطينيين، فها هي تترك ‏الحبل على الغارب للحكومة ‏الإسرائيلية كي تفعل ‏بالمناطق الفلسطينية ما ‏تشاء، من مداهمات ‏واجتياحات وقتل واستيطان، ‏وهذا ما يوفر للدولة العبرية ‏مساحات واسعة لتعزيز ‏احتلالها وسيطرتها على ‏الفلسطينيين من اعلى ‏طموحاتهم الى اقل ‏متطلباتهم.‏
أصحاب القرار في إسرائيل ‏يعيشون حالة من النشوة مما ‏وصلوا اليه وكأنهم حسموا ‏الصراع مع الفلسطينيين الى ‏الابد، واختزلوا حقوقهم ‏ومطالبهم ببعض تسهيلات لا ‏تسمن ولا تغني من جوع، ‏غير ان ما يتجنبه صناع ‏القرار في إسرائيل ‏ويغمضون بصرهم ‏وبصيرتهم عنه هي تلك ‏الشوكة الفلسطينية التي تخز ‏القلب وتنتج الما مع كل ‏نبضة، بحيث لا تنفع مع هذه ‏الشوكة طائرات ‏‎ F35 ‎وما ‏دونها من سلاح مميز ينفع ‏في حرب تقليدية ولكنه لا ‏ينفع مع فلسطينيين عديمي ‏التسلح الا من الابرة التي ‏تخز القلب الإسرائيلي تارة ‏في الخان الأحمر وتارة ‏أخرى في الشيخ جراح ‏ومسافر يطا والقدس ‏والصداع الدائم جنين ‏والصداع الاخر غزة.‏

فهل يدرك ‏صناع القرار في إسرائيل ‏اين اصل الحكاية وأين اصل ‏الحل؟ لا توجد مؤشرات ولو ‏ضئيلة على انهم يفكرون في ‏الامر بعيدا عن غشاوة القوة ‏واغواء التطبيع الزاحف ‏والتطويق العبثي به ‏للفلسطينيين ومواصلة القمع ‏دون جدوى، واذا كانوا ‏يتذوقون طعم العسل في كل ‏مكان يذهبون اليه في هذا ‏الزمن الاستثنائي فليس ‏بمقدورهم ان يتفادوا فعل ‏الشوكة في القلب وألمها الذي ‏لا يتوقف.‏

هذه الشوكة الفلسطينية التي ‏اخطر ما فيها كما تقر ‏إسرائيل ذاتها ان حامليها ‏شباب وشابات يبادرون دون ‏تنسيق مع أي جهة ودون ‏انضباط لاي جهة ودون ‏التزام بأي اجندة تنظيمية، ‏تسميهم إسرائيل بالذئاب ‏المنفلتة وتعترف بأن لا ‏سيطرة عليهم من قبل أي ‏جهة كانت.‏
لا مقارنة بين المدافعين ‏المنتشرين على جغرافية ‏الوطن المحتل ولو بقبضاتهم ‏العارية وبين من يواجهون ‏من قوى رسمية منظمة ‏كالجيش وحرس الحدود ‏وشبه رسمية منظمة كذلك ‏كالمستوطنين المحميين ‏والمدللين الا من بعض ‏كلمات نقد رقيق لاعاقتهم ‏عمل الدولة.‏
حكاية إسرائيل الاصلية او ‏جذر الحكايات ليست في ‏تركيا ولا في البحرين ولا ‏حتى في أمريكا حيث ينتج ‏العسل، الحكاية الاصلية هي ‏مع ملايين الفلسطينيين الذين ‏ما زالوا الاستثناء الوحيد من ‏بين ساكني المعمورة ‏مجردين من الهوية واللادولة ‏واللاحاضر واللامستقبل، ‏الحكاية الاصلية هي مع ‏الشعور الفلسطيني الجمعي ‏بالكرامة المفقودة على أبواب ‏كل قرية ومدينة يقف عليها ‏الجنود بسلاحهم منذ ما يربو ‏عن نصف قرن، والحكاية ‏الاصلية تروي بعض ‏جوانبها بيتسيلم الإسرائيلية ‏وامنستي العالمية والكثير ‏الكثير من الإسرائيليين الذين ‏تخز الشوكة الفلسطينية ‏ضمائرهم ويشعرون بوجعها ‏مع كل نبضة.‏
هذه هي الحكاية في اصلها ‏والتي لم يجد او لم يرغب ‏صناع القرار في إسرائيل ‏ايجاد حلا جذريا لها.‏
‏ لقد قطع الفلسطينيون نصف ‏الطريق نحو الحل من خلال ‏انخراطهم في عملية سلام ‏سميت بالمشروع التاريخي، ‏وها هم صناع القرار في ‏إسرائيل يغلقون النصف ‏الثاني من الطريق في عملية ‏بائسة هدفها المستحيل ‏استسلام الفلسطينيين ‏ورضاهم من الغنيمة بالتخلي ‏والإياب.‏
هذه هي حكاية زمن العسل ‏والشوكة في القلب فهل يدرك ‏صناع القرار في إسرائيل ‏اين اصل الحكاية وأين اصل ‏الحل؟ لا توجد مؤشرات ولو ‏ضئيلة على انهم يفكرون في ‏الامر بعيدا عن غشاوة القوة ‏واغواء التطبيع الزاحف ‏والتطويق العبثي به ‏للفلسطينيين ومواصلة القمع ‏دون جدوى، واذا كانوا ‏يتذوقون طعم العسل في كل ‏مكان يذهبون اليه في هذا ‏الزمن الاستثنائي فليس ‏بمقدورهم ان يتفادوا فعل ‏الشوكة في القلب وألمها الذي ‏لا يتوقف.‏

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)