هآرتس: هل تستطيع إسرائيل حمل بطيختين في يد واحدة بسياستها إزاء إيران؟

profile
  • clock 7 يونيو 2022, 4:40:24 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

إن سلسلة التصفيات والتخريب في إيران مؤخراً تشير إلى أن إسرائيل قد تبنت استراتيجية الفوضى. بالاستعارة من عالم كرة القدم، يمكن تسمية هذه المقاربة “يلا، فوضى”. هذا يحدث عندما يعرف الفريق بأنه في طريقه للخسارة ويفضل رمي الكرة في الملعب على أمل إثارة الفوضى.

تمت بلورة هذه الاستراتيجية على يد رئيس الموساد دافيد برنياع، الذي أكمل في هذا الشهر سنة على تولي منصبه. هو يحصل على الدعم من رئيس الأركان التارك، افيف كوخافي، ومن رئيس الحكومة نفتالي بينيت والكابينت.

حدثت في الأشهر الأخيرة عدة عمليات نسبت لإسرائيل، التي تشير إلى هذا التغيير. وشملت هذه العمليات المس بالطائرات المسيرة في مخزن كبير في إيران. قبل أسبوعين، تم اغتيال حسن صياد خدائي في طهران، وهو جنرال في “فيلق القدس” التابع لحرس الثورة الإيراني، الذي نسبت له جهات إسرائيلية التورط في تنفيذ عمليات ضد أهداف يهودية وإسرائيلية منذ العام 2012. أحصت إسرائيل نحو خمسين عملية كهذه في أرجاء العالم، منها في بلغاريا والهند وتايلاند وقبرص وأذربيجان وكينيا وإثيوبيا وجورجيا. كان الهدف اغتيال دبلوماسيين وموظفين ورجال أعمال إسرائيليين وأبناء عائلاتهم، أو تخريب مؤسسات. معظم هذه العمليات تم إحباطها. الحادثة الأكثر دموية هي قتل خمسة سياح إسرائيليين وسائق حافلة في بورغوس في بلغاريا، وهي عملية انتحارية نفذها شخص جنده “حزب الله”.

نشر في الأسابيع الأخيرة عن موت ثلاثة علماء في ظروف غامضة، هم: إحسان قدبيغي الذي قتل بعد هجوم طائرة مسيرة انتحارية على مبنى في الموقع العسكري في بارشين، الذي تتركز فيه مشاريع للسلاح النووي والصواريخ؛ وأيوب انتظاري وهو خبير في الطيران والطائرات المسيرة، الذي توفي بعد وجبة عشاء، وحسب بعض التقارير تم تسميمه؛ وكمران ملافور، الذي عمل في مركز لتخصيب اليورانيوم في نطنز. ويجب إضافة إلى هؤلاء أيضاً خلل غامض في أنظمة الحاسوب للرقابة على الحدود في مطار الإمام الخميني في طهران، الذي أدى إلى خلق الفوضى.

ما الذي حققناه بالإجمال في الفترة الأخيرة؟ هجمات سايبر على مواقع مدنية، هجوم على مخزن سري للطائرات المسيرة، اغتيال ضابط كان متورطاً في الإرهاب، موت مهندس في موقع عسكري رئيسي لتطوير الذرة والصواريخ، وموت عالمين عملا في تخصيب اليورانيوم وتطوير الطائرات المسيرة… ما القاسم المشترك بين هذه الأحداث؟ لا يمكن تشخيص أي عامل، باستثناء التقدير بأن يداً موجهة تقف وراء هذه الأحداث، وهي يد إسرائيل.

حتى تولي نفتالي بينيت وبرنياع منصبيهما، فإنه الحرب السرية لإسرائيل ضد إيران على الأراضي الإيرانية خلال عقد ونصف تقريباً، خلافاً للهجمات في سوريا والبحر، كانت تتركز في المشروع النووي. ولكن يبدو الآن أنه تم توسيعها لتشمل المس بعلماء وضباط في مشروع الصواريخ والطائرات المسيرة و”فيلق القدس” وحرب السايبر. بينيت نفسه وصف السياسة الجديدة في آب 2021 بأنها “موت لألف جزء”، وهو تعبير مصدره الصين في عهد الإمبراطورية، ويعني الموت عن طريق التعذيب البطيء.

لكن هل يعتقد رئيس الحكومة أنه يستطيع القضاء على إيران، أي تغيير النظام هناك عن طريق التعذيب البطيء؟ صحيح أن الهجمات المستمرة تدل على أن الاستخبارات الإسرائيلية اخترقت الدولة بشكل عميق، هذه الهجمات مؤلمة ومهينة للنظام، حتى لو كان جزءاً من الذين ماتوا لم تتم تصفيتهم على يد الموساد، بل على يد النظام بسبب التشكك، فإن هدف الفوضى تم تحققه. ولكن إسرائيل التي فشلت في محاولة تحديد أي حكومة ستحكم في لبنان، في مثل هذا الشهر قبل أربعين سنة، هل ستنجح في فعل ذلك في إيران الكبيرة، وهي الدولة التي لها تاريخ وثقافة وفخار وطني؟

التجربة التاريخية تعلم أن الأنظمة تنهار عندما يمل منها الجمهور ويخرج إلى الشوارع، سواء بسبب أزمة اقتصادية أو فساد أو تعفن، وليس بسبب عمليات، حتى لو كانت ناجحة، لمنظمة تجسس أجنبية.

عندما يتضح أن هجوماً إسرائيلياً أحادي الجانب ضد المنشآت النووية غير موجود على جدول الأعمال، فما هو هدف العمليات التي لا تركز على المشروع النووي، إنما تستفز وتتسبب بالإهانة والانتقام والإزعاج؟ بدلاً من أحلام غير مجدية حول غارد مولر، يفضل أن تبلور إسرائيل لنفسها استراتيجية واضحة أكثر، بحيث تحدد هدفاً مقلصاً، لكنه محدد، وأن تعمل بناء عليه.

تم إضعاف إيران، لكنها مصممة على مواصلة المشروع النووي رغم العقوبات الشديدة المفروضة عليها. أليس مرغوباً فيه التركيز على محاولات تشويش المشروع النووي بواسطة المس بـ “مجموعة السلاح”، والمرحلة الحاسمة في تركيب السلاح النووي، أو بدلاً من ذلك كسب الوقت عن طريق العودة إلى اتفاق نووي معقول؟ ربما يجدر التفكير خارج الصندوق، لكن كيف يمكن كسر الدائرة المفرغة لعمليات الانتقام والتصفية والتخريب، التي اختلط فيها السبب والمسبب، ومحاولة التوصل، حتى لو كان هذا الاحتمال ضئيلاً، من خلال الوسطاء إلى تفاهم صامت حول وقف إطلاق النار، حيث لا يمكن حمل بطيختين في يد واحدة.

بقلم: يوسي ميلمان

 

 هآرتس 7/6/2022

التعليقات (0)