وسط تهديدات بين لبنان وإسرائيل.. هل تتحول أزمة حقل (كاريش) لصدام عسكري؟

profile
  • clock 19 يونيو 2022, 6:16:36 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

دنيا الوطن - حسن التلمس
أثار وصول أول سفينة يونانية (منصة عائمة) لاستخراج الغاز وتخزينه إلى حقل (كاريش) على بعد نحو 80 كيلومترا شمال غربي مدينة حيفا، للتنقيب عن الغاز من الحقل الذي تسيطر عليه إسرائيل حاليا، موجة تهديدات وتهديدات مضادّة بين لبنان وحزب الله من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، ما أعاد الجدل حول ملكية هذا الحقل البحري الواعد.

وظهرت تساؤلات عدة، أين تبدأ الحدود المائية الإقليمية بين إسرائيل ولبنان وأين تنتهي، ومن هي الجهة التي يحق لها أن تحفر وأن تستخرج الغاز الذي تم اكتشافه في هذا الحقل؟ أخذا بالاعتبار الأجواء العدائية التي تميز العلاقات بين الطرفين واحتمالات التصعيد بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية التي يمثلها حزب الله والتهديدات الإسرائيلية الدائمة بأنها سوف تستهدف البنى التحتية للبنان في أي مواجهة مقبلة.
ويحذر خبراء لبنانيون من أن الخطورة في أن تسمح تقنيات الحفر الحديثة بشكل منحرف أو حتى أفقي في حقل كاريش ما بين 4 و7 كيلومترات بالوصول إلى منطقتي الامتياز اللبنانيتين رقم 8 و9، وبالتالي يحصل التعدّي على ثروة لبنان من الغاز في البحر المتوسط.

بدوره، قال الخبير في الشؤوون الإسرائيلية والكاتب في مركز "مدار" للدراسات الإسرائيلية إن: "هذا الصراع ازدا حدة بسبب عاملين أولا اكتشاف الغاز في هذه المناطق مناطق غنية جداً بالغاز والثاني التزامن مع أزمة عالمية بموضوع الطاقة والغاز تحديداً".

وأضاف منصور في تصريح خاص لـ"دنيا الوطن" أن: "التنافس على البديل للغاز الروسي أو ممر الغاز الذي يمكن أن يكون بديلًا عن الغاز الروسي؛ فبالتالي زاد من أهمية المنطقة".

وتابع: "إذا أضفنا ذلك للأزمات الاقتصادية التي تمر فيها لبنان والوضع السياسي المعقد سواء في لبنان أو سوريا، فالجميع يجعله  أمرًا حساسا واستراتيجيا وحيويا جدا".

وأكد منصور أن: "الخلاف الحدودي ليس جديدًا في لبنان؛ بسبب عدم وجود حدود واضحة بين لبنان وإسرائيل لا مائية ولا برية"، مردفًا بأن "آخر ترسيم حدودي هو الخط الأزرق عام 2000 بإشراف من الأمم المتحدة حيث لاقى 13 تحفظًا من لبنان".

 واستطرد: "13 نقطة مختلف عليها؛ بسبب اعتماد الحدود الانتدابية بين فرنسا وبريطانيا حيث كانت الحدود بين فلسطين ولبنان عملياً أجريت بشكل عشوائي بدون مراعاة  لا للتضاريس ولا للتاريخ ولا للعشائر ولا للوديان ولا للطرق"، مؤكدًا بأنها "كانت على خرائط صغيرة وبالتالي عندما تم الاحتلال وتراكمت هذه التعقيدات أصبح لكل نقطة أهميتها وهذا ما أحدث الفجوة في الفهم، وأصبح التساؤل أين تقع حدود الإقليمية بين الدول والملكية الحصرية الاقتصادية للثروات التي تقع في عمق  البحار بين لبنان و إسرائيل في حدودهما البحرية".

وأوضح أن: "نقطة الخلاف في حقل  واحد مساحته أكثر من 300 كيلو متر؛ وبالتالي هذا الخلاف كان ممكن حله لو كان هناك مرجعيات واضحة"، مضيفاً أنه "لو كان هناك علاقات طبيعية بين البلدين ويوجد سلام لحلت الأمور، لكن عدم وجود سلام عملي سيحول الخلاف إلى صراع".

وعن تهديدات حزب الله والدولة البنانية، نقلت الرئاسة اللبنانية على منصة (تويتر) الأحد الماضي عن الرئيس اللبناني ميشال عون قوله إن أي نشاط في منطقة بحرية متنازع عليها مع إسرائيل يشكل "استفزازا وعملا عدائيا". مضيًا أن المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية لا تزال مستمرة.

وفي تغريدة أخرى، قالت الرئاسة إن السفينة "إنرجيان باور" دخلت المنطقة البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل وإن ميشال عون بحث الأمر مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وأشارت إلى أن عون طلب من الجيش تزويده بالمعطيات الدقيقة والرسمية حول الأمر.

وكانت السفينة "إينرجيان باور" لإنتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه قد وصلت إلى حقل كاريش المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل. وأفادت وسائل إعلامية أن السفينة قطعت الخط 29 وأصبحت على بعد 5 كيلومترات من الخط 23. وترافق وصول السفينة مع انتقادات لاذعة إلى السلطات اللبنانية لعدم تخطيطها وعدم توقيع الرئيس ميشال عون مرسوم تعديل الخط البحري 6433، بحسب ما أعلنت على منصة التواصل الاجتماعي (تويتر).
 

       (تحركات سفينة إينرجيان باور وسيرها داخل قناة السويس)
 

وفي خطاب متلفز، بتاريخ 9 حزيران/ يونيو الماضي، تناول الأمين العام لحزب الله، قضية وصول منصة حفر عائمة إلى حقل كاريش في المنطقة المُتنازع عليها مع إسرائيل، وهدّد حسن نصر الله بتصدّي المقاومة للعدوان الإسرائيلي. وقال: "نحن أمام قضية لا تقلّ أهمية عن قضية تحرير الشريط الحدودي المحتل، بل أكثر من ذلك، هذه القضية فيها مميزات يجب أن تشكل دافعاً وحافزاً ليتحمل الجميع المسؤولية".

وأطلق الأمين العام للحزب حسن نصرالله تهديدات بوجه الإسرائيليين والأمريكيين من خلفهم، حول بدء عمليات الحفر في حقل كاريش، مؤكد ان حزب الله قادر على ضرب حقل الغاز.

وعن تصريحات وتهديدات حزب الله والدولة اللبنانية، أكد منصور بأنها "ليست جديدة وهي طبيعية وأعتقد أن الطرفين لهم مصلحة باستثمار اقتصادي والحرب لا تفيد الطرفين ويمكن التوصل لحلول"،مشيرًا إلى أن أمريكا على خط الأزمة؛ لأن لها مصلحة  هي وأوروبا في مسألة".

وأضاف: "لا أرجح اندلاع حرب بل تصعيد ومحاولة ضغط ومحاولة عدم فرض أمر واقع خاصة أن إسرائيل تتحرك بشكل مستقل بهذا الموضوع ولا تنتظر نتائج المفاوضات الآن وكل الدعوات لتشديد المفاوضات".
واختتم منصور: "لذلك أنا لا أرجح أن تندلع مواجه وحرب على هذا الموضوع ولكن سيشهد فترات شد وتوتر واتهامات وتهديدات وربما تصعيد محدود ولكن في النهاية أعتقد أنه سيتم الوصول لتصفيات في هذا الموضوع".

من جهته، أكد المحلل السياسي بـ(أراضي 48) على أنه نتيجة للصراعات بين لبنان وإسرائيل جاءت هذه المشكلة؛ ومنوهًا إلى "وجود خلافات عديدة في العالم حول المياه البحرية".

وأردف مجلي أن "إسرائيل بدأت في استخراج الغاز من الآبار"، مشيرًا إلى الوساطة الأمريكية بين إسرائيل ولبنان لحل الأزمة.

ولفت مجلي إلى أن إسرائيل تمنع فلسطين من استخدام نفطها الموجود بقرية رنتيس في رام الله.

عن تهديدات حزب الله، أكد بأن لدى حزب الله الإمكانية لضرب حقل كاريش وقادر على منع التنقيب عن الغا في المنطقة المتنازع عليها.

وأضاف مجلي: "من الوارد جدا أن يضرب حزب الله ومن الممكن أن تتدهور الأوضاع وتصل لصدام عسكري"، موضحًا بأن محاولة إسرائيل الوصول للغاز بدون الاتفاق مع لبنان سيكون له رد فعل حتما"

وتابع: "لكي لا تصل الأزمة إلى صدام هناك حديث عن مفاوضات للوصول إلى حل".  

وعن إلزام لإسرائيل بالاتفاق والمفاوضات، أكد مجلي أن "الأمم المتحدة وضعت اتفاقا لتسوية الحدود المائية في العالم وإسرائيل ليست عضوا فيه ولبنان عضو فيه وإسرائيل أعلنت الالتزام بقوانينه".
 
وكان رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوفاخي هدّد سكان لبنان بأن أي تنفيذ لتهديدات حزب الله ولبنان حول حقل استخراج الغاز من حقل كاريش بقصف مؤلم غير مسبوق بضربة مؤلمة وسيتم استهداف البنى التحتية للدولة، بحسب ما نقل الإعلام الإسرائيلي.

                                    توضيح (المناطق المتنازع عليها)
 

بدوره قال الباحث والخبير الاستراتيجي محمد الكيلاني إنه: "من خلال الأحداث في العالم أجمع، نجد أن هذا العالم يسير إلى وضع أساس لنظام عالمي جديد، فهناك دولاً تعتبر بالمتمردة على الدولة العميقة مث الصين وروسيا، وظهور أزمة النفط العالمي بعد العملية الخاصة على أوكرانيا.
وتابع كيلاني:"إسرائيل مثلاً تحاول الاستفادة من هذه المرحلة، بالضغط على روسيا لإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية واستخراج النفط من كاريش وبيعه إلى أوروبا لتغطية هذا النقص".

وأوضح كيلاني: "لبنان رافض تماماً لمثل هذا العمل الاستفزازي بامتياز، فجميع الأطياف في لبنان ترفض استخراج النفط من أراضيها بأي طريقة كانت، وهو يبحث عن داعمين له في أزمته مع العدو الإسرائيلي تحديداً، فكمية الغاز والنفط الموجودة في هذه المنطقة تقدر بأرقام عالية جداً كما قال خبراءالطاقة.

وأضاف: "الكيان الإسرائيلي يريد استخراج هذا الغاز وبيعه إلى أوروبا عن طريق تركيا، ربما هذا الأمر إن تم يضعف العملية العسكرية في أوكرانيا، فمن أوراق الضغط الروسية على دول أوروبا هو الغاز والنفط، فهم يعتمدون على الغاز الروسي بنسبة يمكن أن تصل إلى 70% وخصوصاً في فصل الشتاء البارد".

وذكر الخبير الاستراتيجي الأردني: "ربما الحالات السياسة والعسكرية والاقتصادية الآن أصبحت متساوية، فالكل يريد أن يكسب في هذه الحرب، والولايات المتحدة الأمريكية بدأ اقتصادها يتأثر بأزمة الوقود وارتفاع سعره بعد رفض بعض الدول العربية زيادة إنتاجها من الذهب الأسود لتغطية النقص الحاصل في العالم، فتحيز أمريكا لإسرائيل غير مخفي على أحد فهي تريد استخراج النفط وبيعه إلى أوروبا،هذا من جهة ومن جهة أخرى تقوم بدعم أوكرانيا لاستمرارها في الحرب".

وأردف كيلاني: "باعتقادي بأن روسيا لن تسكت على مثل هذا الأمر ولن تسمح لهم بتصدير الغاز إلى أوروبا، وسيكون لها موقف قوي وخصوصاً بعد ضرب مطار دمشق وإخراجه عن الخدمة، وكما جاء في وسائل الإعلام بأن القوات الروسية تستخدم المطار أيضاً، وهذا ما أزعج روسيا بعد ضرب مطار دمشق".

واستطرد كيلاني: "تسعى لبنان إلى ترسيم حدودها كي تتمكن من استخراج الطاقة من البحر، وبيعه للخروج من الأزمة الاقتصادية الغير مسبوقة داخل لبنان، وهذا ما ترفضه أمريكا وتتحيز به لإسرائيل، وهذا من شأنه أن يزيد الأمرتعقيداً بعد قرار جميع القوى اللبنانية بأن هذا النفط لبناني ومن حق الشعب اللبناني"، مختتمًا "العالم بأكمله ينتظر ما هو رد المبعوث الأمريكي إلى لبنان ليتم اتخاذالإجراء اللازم بمقتضاه".


 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات (0)