ياسر ذكي يكتب : مذكرات الموتى ٢

profile
ياسر ذكي إذاعي مصري
  • clock 10 أبريل 2021, 3:10:17 ص
  • eye 850
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كان محل سخرية الجميع لأشياء كثيرة ، ضٱلة جسمه كانت في المرتبة الأولى ، ثم عدم تميزه في أى مجال .كان مولده في إحدى القرى الصغيرة ، ابنا من بين أسرة لم تعدم الذكور ولا الإناث ، لم يكن البكري ولا الصغير كان وسطا بين كل هؤلاء، فدائما ما كان ينسى في زحام الحياة.عمل في مهن كثيرة لم يكن يربطها رابط، سوى تحصيل قليل من المال يمنع عنه تقريع عائلته ورفاقه ، حتى إنه وصل إلى سن كبير دون زواج ، في مجتمع كان الذكور فيه يتزوجون بمجرد قضاء خدمتهم العسكرية.أما هو فقد فاتته كل قطارات الحياة ، وعندما انتبهت أمه أخيرا إلى هذا التأخر قررت تزويجه ، لكن من تلك التي تقبل بهذا ( العويل)؟! وهو مصطلح يطلق على أولئك الذين لا يجيدون فعل شئ بمهارة . بعد جهد وطول تفكير ، اهتدت أمه إلى تزويجه من إحدى قريباتها التى طلقت منذ وقت قريب بعد زيجة لم تستمر طويلا. كان من حظه أن هذه المرأة لم يكن أمامها طريق آخر سوى الاستمرار في هذه الرابطة ، التى يعني الفشل فيها نهاية الحياة. تزوجته وأنجبت منه الذكور والإناث. كم كانت الحياة صعبة وهي تدفعه دفعا للعمل ، وهو الذي لا يحب سوى الراحة ، كم كانت الأيام طويلة وهي تجد في أن تجعل من هذه السنين العصيبة قصة نجاح. بعد سنوات طويلة من الكفاح والدأب ، استطاعت تلك المرأة أن تجعل من هؤلاء الأطفال رجالا تسر بهم الأعين، ، أما هذا العويل ، فقد ظل يؤرقه عدم رضائه عن نفسه حتى ما آلت إليه عائلته كان يدرك تمام الإدراك أنه بسبب عمل زوجته، التي كانت تعمل في التجارة بإحدى الأسواق، وكانت السبب الحقيقي فيما آلت إليه أحوالهم، كان دائما ما يحاول وهو يحكى عن ذكرياته في لحظات صفوه، أن يجد شيئا يباهي به فلا يجد ، فكان يخترع حكايات لم تحدث، ولا يمكن أن تحدث ولا يستطيع أولئك الذين يسمعونه ولو لم يعاصروا تلك الأيام تصديقه. بعد هذه الرحلة الطويلة ما زال الرجل يجد في البحث عن مجد وحيد يقنع به ذاته الفقيرة ، وفي لحظة متفردة من سنوات لم تلمع الأفكار في رأسه فيها ولو مرة، قرر أن يصنع شيئا مهما . ذهب إلى البوسطة ( مكتب توفير البريد) وجمع الأموال التي جمها طيلة حياته ، وقرر أن يبني مقبرة على أحدث طراز. كان يوم تشييعه فاخراً على كل حال ، أذكر تلك الأعداد الغفيرة التي حضرت جنازته ، وأثنت كثيرا على فخامة المقبرة .


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)