يلمان زين العابدين هاجر اوغلو يكتب: العلاقات التركية العراقية 1923 ~ 1990 .. نظرة سياسية و تاريخية عامة

profile
يلمان زين العابدين هاجر اوغلو إعلامي عراقي - كركوك
  • clock 3 يناير 2023, 2:05:35 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

سنحاول هنا ضمن هذا المبحث المتواضع ان نشير الى الملامح العامة و الخاصة للعلاقات الثنائية بين البلدين الجارين العراق و تركيا خلال سبعة عقود كاملة من التدافعات السلبية و الايجابية بين البلدين خلال الفترة اعلاه .


و قد بدأت اصل القضية الشائكة بين البلدين تحديدا من اتفاقية مودرس في 30 اب 1918 و التي بموجبها انسحبت الدولة العثمانية من العراق دون قتال . في ٢٨ كانون الثاني ١٩٢٠ اقر  مجلس المبعوثان  العثماني ( البرلمان) بيان ( الميثاق  الوطني) و هو احد اهم المواثيق الذي اسس الجمهورية التركية المعاصرة و رسم حدودها. و بموجب المادة الاولى من الميثاق  الوطني بقيت المدن هطاي و الموصل ضمن حدود الاراضي التركية.

وفي مؤتمر سان ريمو  (ايطاليا) .  الذي عقد  بتاريخ  ١٩٢٠ من شهر نيسان تم اخضاع العراق تحت الانتداب البريطاني . وفي نهايه  الحرب الاستقلال التركي (١٩١٩-١٩٢٣) وبموجب معاهدة لوزان (١٩٢٣ )في فرنسا حددت  الحدود السياسة للجمهورية التركية و لكن ترسيم الحدود السياسة للعراق تاجلت الي معاهدات التي ستعقد لاحقا و احيلت قضية ترسيم الحدود العراقية الي عصبة الامم و ذلك لعدم وصول الى الحلول  اللازمة خلال ٩ اشهر و في نهاية المطاف (١٩٢٦) تم تحديد الحدود السياسة المؤقته للعراق و القرار القطعي لحل المسالة ستعلن من قبل المحكمة الدولية . حيث لحركه الاستقلال التركي (١٩١٩-١٩٢٣) التي كانت تنفذ داخل الاراضي التركية ضد الحلفاء تحت ظروف قاسية بعد ان تعرض البلد للتقسيم من جهة و من جهة اخرى حكومة المجلس الامة الكبير التركي لم تلقي ثقلها بالمنطقة سببان في عدم الوصول الى الحلول اللازمه في ترسيم الحدود العراقية. وبالرغم  من ذلك فان التدابير و الاجراءات  التي اتخذت في وقتها لايمكن الاستهانة بها. تميزت العلاقات العراقيه التركيه مابين١٩٢٣-١٩٢٦  ببناء اتفاقات السلام  والتفاهم بين الاتراك   والانكليز ولكن بريطانيا التي لم تتمكن من استئصال  مدينه الموصل من تركيا بموجب معاهده لوزان(١٩٢٣) حيث قامت بتأجيج وتحريض  العصيان الكردي  في شرق الاناضول وفي نهايه  ١٩٢٥  قررت عصبه الامم  بفصل مدينه الموصل من الاراضي التركية وبقاء مدينه هكاري ضمن الحدود التركيه واستمرار بقاء العراق تحت الانتداب البرطاني الى نهاية ١٩٣٢. واعترفت تركيا بقرار  عصبة الامم في ٥ حزيران ١٩٢٦ التي كانت تواجه مرحلة قاسية في ظل الازمة الاقتصادية و الاجتماعية ضمن اطار التفاهم بينها و بين بريطانيا .جاءت اتفاقية انقرة١٩٢٦ اساسا لتسوية واحدة من اهم المشاكل التي ظهرت بعد الحرب العالمية الاولى بين تركيا و بريطانيا و التي باتت تعرف بشكلة الموصل الا ان بعض مواد هذه الانفاقية كانت تختص بتنظيم العلاقات حسن الجوار بين العراق و تركيا كما نصت اتفاقية انقرة ١٩٢٦ على منح تركيا ميزانية قدرها عشره بالمئه  من عائدات النفط ولمده ٢٥ سنه  على ان تتخلى تركيا عن حقها في منطقه الموصل  ولكن تركيا طلبت بتسديد المبلغ على ان تكون ٥٠٠ الف باوند بدلا من عشره بالمئه وسدد هذا المبلغ الى تركيا من استحقاقات عائدات النفط بصوره منتظمه و لمده وجيزه الا ان تسديد المبلغ الى تركيا افتقد الى نظام المصرفي واصبحت اساليب التسديد متخلخلة  وفي هذا الاطار فقد سدد العراق لتركيا حتى نهايه ١٩٥٤ مبلغا قدره ٣ ملايين وخمسمائه الف  سترليني. وبالرغم من تقديم تركيا شكاوى ومذكرات الاحتجاج بسبب عدم تسديد استحقاقها   بصوره منتظمه الا ان هذه المذكرات بقيت في طي الكتمان  ودون جدوىوعلى اثرها فقد سجلت هذه الاستحقاقات التي لم تسدد الى تركيا من عائدات النفط كديون في دواوين ميزانيه الدوله التركيه . وكان من المفروض ان تسدد الى تركيا من الاستحقاقات المتبقيه مبلغا قدره ٢ مليون سترليني وفي المرحله  التي تحسنت العلاقات العراقيه التركيه  وصعدت ذروتها من خلال التزايد وانتعاش  التبادل التجاري وتزايد  حجم الصادرات التركيه الى العراق فقد مسحت هذه المستحقات ( الديون)  من دواوين ميزانيه الدوله التركيه وتحديدا في سنه ١٩٨٥ وبعد اتفاقيه انقره توطدت اواصر التعاون العراقي -التركي وازدهرت التجاره ونشأت علاقات قويه وتم تطبيع العلاقات بين الدولتين وعندما نال العراق الاستقلال  السياسي في سنه ١٩٣٢ سعى الى تحسين علاقتها مع دول الجوار واستعان بتركيا لتحسين علاقته مع ايران التي كانت متدهوره ومبنيه على جمله من المشاكل والاضطرابات منذ سنواتوفي سنه ١٩٣٣ عندما تولى  الملك غازي العرش خلفا لوالده الملك الفيصل تأثرت السياسه العراقيه الداخليه بالاصلاحات التي رافقت ميادين الحياه في تركيا بتأسيس حزب (الاستقلال) وعلى اثرها تمكن هذا  الحزب من التأثير على السلطه  خصوصا بعد انقلاب بكرٍ صدقي 
                                 
وتمخض عن ذلك تشكيل حكومه عراقيه مسانده لتركيا نوعا ماوبحكم  العلاقات القويه  والتي اتسمت بتوطيد اواصر الصداقه والتعاون انضم العراق الى  تحالف سعد أباد .

ابرم ميثاق سعد اباد بين العراق ، تركيا ، افغانستان وايران  في ٨ يوليو ١٩٣٧ وهو ميثاق عدم الاعتداء واحترام السياده وتم توقيع على الميثاق في قصر  سعد  اباد في طهران .  


ان الاحتلال الايطالي للحبشه ادى الى تقوية اواصر التعاونو الصداقة بين هذه الدول و ذلك باطار ميثاق  سعد اباد الذي استمر ٥ سنوات و عندما دخل الميثاق  حيز التنفيذ تمتعت المنطقة بالاستقرار و سلام و كانت مواد الميثاق  سعد اباد تنص عدم تدخل في الشؤون الداخلية للدول و احترام السيادة. عقد العراق الذي كان تحت عرش ملك الفيصل الاول اتفاقيات مع بريطانيا في السنوات ١٩٢٦، ١٩٢٧ و ١٩٣٠ التي كانت تهدف الى بقاء العراق تحت الانتداب البريطاني لمدة ٢٥ سنة. وضمن المعاهدة التي وقعت في ٣٠ ايار في سنة ١٩٣٢ والتي اعلنت في ٣ التشرين الثاني من سنة ١٩٣٢ نال العراق استقلاله السياسي بموجبه انتهت مدة الانتداب البرطاني. و اصبح العراق  عضوا مستقلا في عصبة الامم. و في سنة ١٩٣٧ انضم العراق الى ميثاق  سعد اباد مستعينا بتركيا مستغلا علاقته الودية مع تركيا. وفي سنة ١٩٣٧ اغتيل  الجنرال بكر صدقي في الموصل و اصبح نوري سعيد باشا رئيسا  للوزاء.  


و خلال الحرب العالمية الثانية و بعدها و بسبب اقتضاء  الحاجة الى انشاء نظام الدفاع المشترك في الشرق الاوسط و نشوء الاقطاب السياسة في العالم و ظهور الازمات   داخل بلدان الشرق الاوسط  جعلت العلاقات العراقية التركية اكثر تقاربا و ابعد تعاونا في النواحي المختلفة و خلال زيارة رئيس الوزراء نوري سعيد باشا الى تركيا ١٩٥٤ تقرر ابرام اتفاقية  امنيه بتاسيس منظمة الامن  في الشرق الاوسط. دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ من قبل تركيا بعد ان ابدت الولايات المتحدة الامريكية مساندتها فكرة تاسيس هذه المنظمة. في سنة ١٩٥٥ تاسس حلف بغداد بين تركيا، العراق ، بريطانيا و امريكا و ذلك للوقوف بوجه المد الشوعي الى الشرق الاوسط و في نفس السنة انظمت باكستان  و ايران الى حلف بغداد الذي واجه مخاطر و مشاكل بسبب رغبت مصر في انشاء الوحدة العربية و رفضها الانضمام الى هذا الحلف. لم تكتفي مصر برفضها بدخول الى حلف بغداد بل قامت  ببسط  الضغوطات  على الدول العربية لعدم الانضمام الى حلف بغداد. و نتيجة ذالك حدثت الانقسامات  داخل الحلف  حيث  لاقت الحلف معارضه مصر ومملكه العربيه السعوديه لاسباب استراتيجيه معقده لايتسع المجال هنا للتطرق تفصيليا حيث كانت تسعى مصر الى اقامه. تحالف باطار قومي من خلال حكم الزعيم جمال عبدالناصر كما ان تهديدات السوفيت  جاده لدول الحلف كلها عوامل اساسيه في افشال الحلف لتحدث بعد ذلك تقلبات وحركات عصيان مسلح ضربت معظم دول المنطقه.  واهمها. بالطبع انقلاب  ١٤ تموز  في العراق الذي اطاح الملكيه الدستوريه وهكدا انسحب العراق من حلف بغداد. ان الاستقطاب التي حدثت في الدول العربية بسبب حلف بغداد قد افادت روسيا بحيث جعلت لها موطئ قدم في الشرق الاوسط  و من خلال هذه التطورات و الاستقطاب التي رافقت الدول العربية دخلت مصر و سوريا تحت الغطاء الروسي و تدهورت العلاقات الروسية و التركية و انسحب هذا التدهور في العلاقات التركية الروسية الى تدهور العلاقات التركية العربية.

 

الى هذا الحلف .لم تكتفي مصر برفضها بدخول الى حلف بغداد بل قامت  ببسط  الضغوطات  على الدول العربية لعدم الانضمام الى حلف بغداد. و نتيجة ذالك حدثت الانقسامات  داخل الحلف  حيث  لاقت الحلف معارضه مصر ومملكه العربيه السعوديه لاسباب استراتيجيه معقده لايتسع المجال هنا للتطرق تفصيليا حيث كانت تسعى مصر الى اقامه. تحالف باطار قومي من خلال حكم الزعيم جمال عبدالناصر كما ان تهديدات السوفيت  جاده لدول الحلف كلها عوامل اساسيه في افشال الحلف لتحدث بعد ذلك تقلبات وحركات عصيان مسلح ضربت معظم دول المنطقه.  واهمها. بالطبع انقلاب  ١٤ تموز  في العراق الذي اطاح الملكيه الدستوريه وهكدا انسحب العراق من حلف بغداد. ان الاستقطاب التي حدثت في الدول العربية بسبب حلف بغداد قد افادت روسيا بحيث جعلت لها موطئ قدم في الشرق الاوسط  و من خلال هذه التطورات و الاستقطاب التي رافقت الدول العربية دخلت مصر و سوريا تحت الغطاء الروسي و تدهورت العلاقات الروسية و التركية و انسحب هذا التدهور في العلاقات التركية الروسية الى تدهور العلاقات التركية العربية.

 

وعندما اعلن عبدالكريم قاسم انسحاب العراق من حلف بغداد  الذي لم يكمل عامه الرابع تغير اسم الحلف  الى (الحلف المركزي) (CENTO) central treaty organiztion. منظمه الحلف المركزي  لتولي اهتماما في الشؤون الاقتصاديه ، الثقافيه  والاجتماعيه لدول الحلف . وفي ١٢ ايار ١٩٧٩ اعلنت كل من باكستان وايران انسحابهما من هذه المنظمه وعقبت هذا الانسحاب اعلان تركيا بان منظمه (CENTO) قد فقدت شخصيتها  في المنطقه .

وفي شأن الانقلاب العسكري  الذي قاده عبدالكريم قاسم في العراق  المشار اليه اعلاه عقدت تركيا ، ايران وباكستان  اجتماعا في مدينه اسطنبول في ١٧/١٤ تموز من عام ١٩٥٨ لتدارس تداعيات الانقلاب العسكري  في العراق حيث وصف المجتمعون الانقلاب العسكري بالغدر العالمي وطرحت تركيا فكره التدخل العسكري  لانهاء الازمه في المشهد السياسي في العراق ولكن لاقت هذه الفكره بالرفض من قبل امريكا و بريطانيا      حيث رسم عبد الكريم قاسم سياسه خارجيه معتدله تجاه تركيا .

تطورت العلاقات العراقيه - التركيه عند انشاء خط انابيب النفط بين كركوك و يومورطاليق  وذلك خلال سنوات ١٩٧٧-١٩٨٦ حيث انتعش حجم التبادل التجاري بين الدولتين .

وفي سنه ١٩٦٨ عندما استولى حزب البعث العربي الاشتراكي على السلطه  حيث شكلت لجنه في رئاسه الجمهوريه العراقيه لتقيم العلاقات بين الجارين العراق وتركيا وكلف صدام حسين نائبا لرئيس مجلس قياده الثوره .وفي سنه ١٩٧٠ اعلن صدام حسين بمنح الاكراد حكما ذاتيا بعد الاتفاقيه التي ابرمت مع ملا مصطفى البرازاني ولكن هذه الاتفاقيه باءت  بالفشل وفي سنه ١٩٧٢ عادت الاشتباكات المسلحه  بين حركه العصيان المسلح الكردي والحكومه العراقيه . كما ان الاتفاقيه التي كانت قد ابرمت بين العراق وايران في عهد الدوله العثمانيه (اتفاقيه شط العرب )قد الغيت بين الدولتين عندما اعلنت ايران مساندتها للاكراد الهاربين من الاشتباكات وايوائهم  .وادى ذلك الى توتير العلاقات العراقيه الايرانيه بشده خصوصا بعد نجاح الثوره الاسلاميه في ايران باطارها الشيعي المذهبي  ومن جانب اخر من المعادله وصول صدام حسين الى السلطه في ١٦ تموز ١٩٧٩ وهذا كله كان من ضمن الاسباب التي ادت الى نشوب الحرب  العراقيه الايرانيه المدمره طيله ثمان سنوات (١٩٨٠-١٩٨٨) واعقب ذلك حرب الخليج الثانيه (١٩٩٠) باجتياح العراقي للكويت وبالرغم من الحرب العراقيه الايرانيه انتعشت العلاقات العراقيه - التركيه في الثمانينات من القرن الماضي في مختلف الميادين ووصلت هذه العلاقات ذروتها حيث لعبت السياسه التركيه خلال هذه الفتره دورا متوازنا وحافظت على حياديتها وحسن علاقتها مع العراق .

من جهه اخرى واصلت تركيا عملياتها العسكرية  ضد منظمه pkk. الارهابيه وبشكل مكثف عندما سمح العراق لتركيا باستخدام اراضيه كيفما يشاء .

ومن جانب اخر كانت هناك مشكله تلوح بالافق بين العراق وسوريا من جهه وبين تركيا من جهه اخرى حيث تسببت الخلافات في سنه ١٩٧٥بين العراق وسوريا  في شأن تقاسم حصص مياه نهر الفرات تأزما في العلاقات العراقيه-السوريه  وفي سنه ١٩٧٧ تدهورت  الاقتصاد التركي عندما قطع العراق مرور النفط عبر الانابيب الى تركيا حيث طلب العراق من تركيا بتسديد ديونه والبالغ ٣٣٠ مليون دولار وفي سنه ١٩٧٨ اصر العراق على موقفه بطلب الديون ثم جرت المفاوضات في سنه ١٩٨١ اشترط العراق على تركيا بالتفاوض على حل ازمه الديون على ان تتعهد تركيا بفتح مجرى نهر فرات بشكل منتظم . جرت هذه المفاوضات بين الدولتين بعد ان اخذ العراق الضمانات من انقره.

وبعد انشاء سد اتاتورك (١٩٨٣-١٩٩٢)انهم العراق تركيا   بخرق الاتفاقات الدوليه داعيا بان العراق يمتلك الحقوق المشروعه في مياه نهري الدجله  والفرات مؤكدا بضروره تطبيق المعادلات الحسابيه في توزيع حصص هذه الانهر ولكن تركيا واجهت الرسائل العراقيه المطروحه بثلاثه مراحل في اطار حقوقها المشروعه\وكانت وجهات النظر التركيه في هذه المراحل الثلاثه كالاتي

اولا: تركيا لم ترى بان هذه الانهر هي انهر مشتركه

ثانيا : تركيا  لم ترى بان هذه الانهر او ( مياه )دوليه

ثالثا : تركيا ترى بان هذه الانهر هي انهر تنبع من داخل اراضيها 

كل ما هنالك بان مياه هذه الانهر تعبر. حدودها فقط .


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)