3 عقبات أخيرة أمام الوصول لاتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران

profile
  • clock 17 فبراير 2022, 2:13:40 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يبدو أن إيران والولايات المتحدة تتجهان نحو صفقة لاستئناف الامتثال للاتفاق النووي لعام 2015، لكن هذا الاتفاق ليس بالضرورة أن يستمر بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2024.
وقد رجح مسؤولون غربيون وروس وصينيون إمكانية التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران مع دخول المحادثات ما وصفه كثير من الدبلوماسيين الغربيين بالمرحلة النهائية. وبالنسبة للغرب، يعتبر الوقت جوهرياً بسبب التقدم السريع لبرنامج إيران النووي.
وقال السفير الروسي "ميخائيل أوليانوف" إن المحادثات أحرزت "تقدمًا كبيرًا" في 13 فبراير/شباط بعد اجتماع مع مسؤولين من إيران ودول "P4 + 1" (الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة). وفي نفس اليوم، قال مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" إن هناك "إجماعا قويا" بين الولايات المتحدة ودول "P4 + 1" على الشكل النهائي لاتفاق من شأنه أن يشهد عودة كل من واشنطن وطهران إلى الامتثال للاتفاقية النووية الأصلية.
وعقب الجولة الأخيرة من المحادثات، قال دبلوماسي غربي لـ"رويترز" إن الولايات المتحدة وإيران قد تتوصلان إلى اتفاق بحلول أوائل مارس/آذار إذا سارت الأمور على ما يرام، وهو ما قال مسؤولون إيرانيون إنه جدول زمني واقعي. لكن في 14 فبراير/شباط، قال وزير الخارجية الإيراني إن على المسؤولين الغربيين التوقف عن "اللعب بالوقت" في المفاوضات مشيرًا إلى أن طهران في عجلة من أمرها للتوصل إلى اتفاق بشرط أن خدم مصالحها.
ولدى الولايات المتحدة وإيران مصلحة استراتيجية في التوصل إلى اتفاق ما يعني أن ذلك قد يحدث خلال الأيام المقبلة. وبالنسبة لإيران، فإن تعليق العقوبات الأمريكية على صادراتها النفطية سيوفر الموارد المالية التي تشتد الحاجة إليها ويمكّنها من الاستفادة من أسعار النفط التي تقترب من 100 دولار للبرميل.
وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن عودة إيران إلى الامتثال للاتفاق النووي لعام 2015 سيمكّن البيت الأبيض وشركاءه في الشرق الأوسط من التركيز على أنشطة إيران الإقليمية الأخرى، مثل دعم طهران للمتمردين الحوثيين في اليمن ونقلها لتكنولوجيا الصواريخ إلى شبكة الوكلاء. كما أنه سيتيح للولايات المتحدة التركيز على قضايا السياسة الخارجية الأكثر إلحاحًا  بما في ذلك المواجهة بين روسيا وأوكرانيا وصعود الصين.
وسيساعد دخول النفط الإيراني إلى السوق العالمية في خفض أسعار الوقود التي أصبحت عبئًا سياسيًا على الرئيس الأمريكي "جو بايدن" والحزب الديمقراطي قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وأخيرًا بالنسبة للدول الغربية والإقليمية التي تشعر بالقلق من التقدم النووي الإيراني ، فإن إحياء الاتفاق النووي سيسهل اكتشاف ما إذا كانت إيران تتجه نحو تطوير قنبلة نووية، وذلك من خلال تمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مواصلة مراقبة النشاط النووي الإيراني.
ووفقًا لتقرير نُشر في 3 فبراير/شباط في صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن تقديرات الولايات المتحدة في أواخر عام 2021 تشير إلى أن العودة إلى الاتفاق ستمكن إيران من تخزين ما يكفي من اليورانيوم المخصب لبناء قنبلة نووية في غضون عام. ويعكس قرار إدارة "بايدن" المضي قدمًا في المحادثات النووية بعد هذا التقييم نهجًا عمليًا في التعامل مع الواقع.
ويبدو أن الولايات المتحدة قامت أيضًا بمد غصن الزيتون في 4 فبراير/شباط عندما أعادت إعفاء إيران من العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي المدني مما سمح للشركات الصينية والأوروبية والروسية بالتعاون مع إيران في مشاريع معينة. وكان الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" أعاد العقوبات في عام 2020 كجزء من حملته للضغط الأقصى على إيران.
ورغم ذلك، ما تزال هناك عقبات كبيرة أمام الصفقة بين الولايات المتحدة وإيران. وتشمل القضايا الحرجة التي لم يتم حلها نطاق العقوبات التي ستعلقها الولايات المتحدة، وما يجب فعله بشأن العديد من أجهزة الطرد المركزي الإيرانية الأكثر تقدمًا والتي أصبحت جاهزة للعمل على مدار السنوات الأربع الماضية، والضمانات بشأن عدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق مرة أخرى.
وفيما يتعلق بنطاق تخفيف العقوبات الأمريكية فقد طالبت إيران برفع جميع الإجراءات العقابية، بما في ذلك العقوبات المفروضة على أكثر من 300 فرد وكيان إيراني منذ عام 2015 لأسباب متعلقة بالمشروع النووي وغيره. ولكن واشنطن لا تريد رفع كافة العقوبات بل تلك التي تتعارض مع الاتفاق النووي فقط.
وخلال السنوات الأخيرة، فرضت الولايات المتحدة على إيران عقوبات تتعلق بالإرهاب وقضايا حقوق الإنسان مثل العقوبات ضد الرئيس الإيراني الحالي "إبراهيم رئيسي" (الذي كان حينها رئيس القضاء الإيراني) بسبب انتهاكات حقوقية، وتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية.
وفيما يتعلق برنامج إيران النووي، فهناك معضلة رئيسية حيث ردت طهران علي انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق من خلال تسريع عمليات التخصيب وتركيب عدد من أجهزة الطرد المركزي الأكثر تقدمًا بما في ذلك أجهزة "IR-2m" و "IR-4" في منشزة نطنز و أجهزة "IR-6" في منشأة فرودو.
وقد دفع المفاوضون الغربيون إيران لتفكيك ونقل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة إلى الخارج، لكن إيران طالبت بالاحتفاظ بها داخل البلاد. وربما تكون هذه هي القضية المعلقة بالنسبة للغرب مع طهران لأنها أساسية في إبطاء وتيرة التخصيب إذا انهار الاتفاق مرة أخرى. وبالنسبة لإيران، سيوفر إبقاء الأجهزة داخل البلاد ضمانًا بأنها يمكن أن تزيد النشاط النووي بسرعة مرة أخرى إذا تخلت الولايات المتحدة عن الاتفاق.
وبخصوص ضمانات عدم انسحاب واشنطن مرة أخرى، تتطلع إيران إلى حماية نفسها قانونيا من احتمالية تخلي رئيس أمريكي مستقبلي عن الاتفاق مجددا في المستقبل، لكن إدارة "بايدن" لا يمكنها التحدث عن إدارات مستقبلية، وحتى الآن قدمت وعود فقط.
وفي حين أن إيران قد تتغاضى عن هذا الطلب، فإنها سترغب في أن تقدم الولايات المتحدة وأوروبا بعض التنازلات التي من شأنها أن تزيد من احتمالية ارتياح المؤسسات المالية للعمل مع إيران وألا تكون قلقة بشأن الانهيار المستقبلي للصفقة. وتعد أحد انتقادات طهران للاتفاق الأصلي هو أن الشركات والمؤسسات المالية كانت مترددة في العمل مع إيران بالرغم من الاتفاق بسبب المخاوف من العقوبات المستقبلية.
ومن المرجح أن تطلب إيران من واشنطن إصدار إعفاءات ورسائل إلى المؤسسات المالية للمساعدة في إقناعها بأن التعامل مع إيران لن يؤدي إلى عقوبات أو مخاطر. ولكن حتى لو حدث ذلك، ستستمر العديد من المؤسسات في اعتبار الصفقة هشة.
ومن المرجح أن تواصل إيران الأبحاث النووية وتحتفظ بالتكنولوجيا الرئيسية لإعادة تنشيط برنامجها النووي بسرعة خوفًا من انهيار الصفقة إذا فاز مرشح جمهوري بالانتخابات الرئاسية عام 2024.
وقد انتقد المشرعون الجمهوريون سياسة إدارة "بايدن" تجاه إيران. وفي أعقاب الأجواء الإيجابية المحيطة بالمفاوضات، أرسلت مجموعة من 31 عضوًا في مجلس الشيوخ بقيادة النائب عن ولاية تكساس "تيد كروز" رسالة إلى "بايدن" تطالبه بعدم التوقيع على أي اتفاق مع إيران قبل مراجعته من قبل الكونجرس.
ومع ذلك، لا يتمتع الجمهوريون حاليًا بالسلطة الكافية في الكونجرس لعرقلة مثل هذه الصفقة، ولكن إذا استعادوا السيطرة على كلا المجلسين بعد الانتخابات النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني (وهم في وضع جيد للقيام بذلك)، فيمكن للجمهوريين تمرير تشريع يفرض عقوبات على إيران.
وفي حين أن مثل هذا التطور قد يضرب مصداقية الولايات المتحدة مجددا، فمن غير المرجح أن يجبر مثل هذا التشريع إدارة "بايدن" على الخروج من الاتفاق النووي تمامًا. ومع ذلك، فإن فوز الجمهوريين في السباق الرئاسي لعام 2024 من شأنه أن يزيد من احتمالية انسحاب أمريكي آخر.
ومن المفارقات أن تأكيد الجمهوريين على استعادة البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025 قد يعزز رغبة إيران في التوصل إلى اتفاق مع "بايدن"، والذي من شأنه على الأقل أن يمنح إيران عامين من الراحة المالية قبل العودة المحتملة لزعيم أمريكي أكثر تشددًا سيكون الوصول إلى أي صفقة معه أمرا مستحيلا.

المصدر | ستراتفور 

التعليقات (0)