- ℃ 11 تركيا
- 26 أبريل 2024
مأمون الشناوي : عفواً يا سادة : النيل ليس ماءً ، وفقط !! *
مأمون الشناوي : عفواً يا سادة : النيل ليس ماءً ، وفقط !! *
- 29 مايو 2021, 10:49:08 ص
- 1275
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
خدعوك فقالوا بأن النيل هو ذلك الماء المتدفق عبر شريانٍ ساحرٍ يشق مصر فيقسمها إلى ضفتيّن كبيرتيّن ، ثم يتفرع مثل غصون شجرة وارفة إلى تُرعٍ وجداولَ وقنايات ، يسقي الزرع والطيّر والبهائم والبشر ، لا أبداً ، فما أسهلَ أن يصنع الإنسان الماء العذب بعلمه الحديث مُقطرِاً ماء البحار ، ومُعالجاً لصرفه الصحيّ ، وحافراً للآبار والعيون ، ومُخزِناً لمياه الأمطار ، وما أكثر بلاد الله التي تحيا بلا نهر ولانيل ولافرات !!.
ولكن النيل - ياسيّدي - هو المُكوّن النفسيّ للإنسان المصري ، هو الباعث لسلوكه ودوافعه ، ونظرته للحياة والموت ، وثقافته !!.
هو ( الساقيّة ) وبئرها الموحش الذي تسكنه الجِنيّة المُسلمة ، تلك التي تُقدّم الحلوي للصبيّ الصغير المنكمش رعباً ، وهو يسير خلف الماشيّة التي تجر الساقيّة ، فإذا ماغفا أفزعته هسهسة أوراق الشجر أو هفيف الهواء أو ثغاء ثور يدور مُعلقاً من رقبته حوّل البئر معصوب العينيّن ، فإذا مازلّت إحدي قدميّ الثور فسقط في جَوّف البئر ، تجمع عشرات الفلاحين وتنادوا لإنقاذه في مشهد شديد الإيحاء والدلالة ( جسده يوسف شاهين في فيلم الأرض علي أروع مايكون ) !!.
النيل هو صرخة امرأة ( تشاهد ) أواعيها وأوانيها في مجري النيل مذعورة في غُبشةِ فجرٍ شَتَويّ : [ غريق يا اولاااد ] ، فتضج القرية مُهرولةً عن بكرة أبيها ، ويتدافع شبابها لالتقاط هذا الغريق الغريب الذي اختار قريتنا مستقراً لجسده !!.
النيل هو لقاء عاشقيّن علي شطه الجميل ، أو أسفل كوبري أو جسر من جسوره ، فتهمس العاشقة وشفتاها ترتعشان : ( أني بحبك أوي خالص ياسي حسن ) فيرد حسن وهو يكاد يبكي : ( وأني كماااان يانعيييمه ) !!.
النيل هو عُمال التراحيل وجبروت الباشا وكرباج البيه ، وظلم الخولي و ( زِرّ البطاطا ) الذي سلب المقهورة شرفها ، فاستعادته بكتم أنفاس وليدها ، ثم ضربت حُمي النفاس جسدها النحيل حتي هلكت !!.
النيل هو البلهارسيا التي تثقب كبد المصري فتحيله إلى خِرقةٍ من قُماش باليّة ، أو تنهش مثانته فيحيض الرجل كما تحيض المرأة دماً قانياً !!.
النيل هو الناي والموال والتوت والجميز والصفصاف والتين البرشومي ، وشويّ كيزان الذرة تحت ضيّ القمر ، والسريس والجُعضيض والرِجلة ، وغاب السنارة وعراك الفلاحين علي أولوية الريّ ، وضرب الطوب ودخان القمائن ، والمقاطف والقُفف والقُلل والبلاليص والأزيار ، والتيل الذي تُصنع منه الأجولة !!.
النيل هو غناء الصبايا : ( ع الزراعية وأنا رايحة أقابل حبيبي ، الحلوة قامت تعجن في الفجرية ، يامسافر علي بحر النيل أنا ليه في مصر خليل ، ياللي ع الترعة ) ، ناهيك عن إبداع الشعراء ( مسافر زاده الخيال ، من أي عهدٍ في القري تتدفق ، الجندول ) !!.
النيل هو أنت أيها الإنسان المصري ، حضارتك ، منهاجك في الحياة ، أخلاقك ، عاداتك وتقاليدك ، موروثك الثقافي ، فإياك أن تظن - أو تسمح لغيّرك أن يظن - أنه مُجرد مَجري ماءٍ ، وفقط !!.
كلمات دليلية
التعليقات (0)
إقرأ أيضا
أحدث الموضوعات
جمعة, 26 أبريل 2024
برقم قياسي .. الأهلي المصري يصل نهائى أفريقيا للمرة الخامسة على التوالى جمعة, 26 أبريل 2024
إسطنبول.. رؤساء برلمانات ينددون بـ"دعم" الغرب لـ عدوان إسرائيل على غزة الأكثر قراءة
جمعة, 08 أكتوبر 2021
مصادر: إبراهيم منير يتخذ قرار بإيقاف ٦ من الشورى العام سبت, 18 سبتمبر 2021
د. أيمن منصور ندا يكتب : عندما تلقيت اتصالاً من الرئيس السيسي خميس, 30 سبتمبر 2021
طارق مهني يكتب : بزنس المعارضة - سبوبة الزنازين اثنين, 01 نوفمبر 2021
تقرير : كيف ساهم " أبو دية " عبر أذرعه المالية في تدجين المعارضة المصرية بالخارج جمعة, 28 مايو 2021
تعرف على مدينة المقاومة تحت أرض غزة ودورها في معركة سيف القدس إسلاميات
جمعة, 15 مارس 2024
عود على بدء: خصوصية المفردة القرآنية - ٢ خميس, 14 مارس 2024
خصوصية المفردة القرآنية