عماد عفانة يكتب: لماذا تدفع أمريكا مئات ملايين الدولارات للأونروا !

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 6 يناير 2022, 9:20:43 ص
  • eye 394
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بعد انتشار الأخبار عن دفع أمريكا مبلغ 99 مليون دولار للأونروا مقسمة، 20 مليون دولار لميزانية لسنة 2021، و79 مليون دولار لميزانية 2022، أثيرت التساؤلات عن سبب عودة أمريكا للوفاء بما عليها من التزامات مالية كأكبر الدول المانحة للأونروا.

غني عن القول أن هذه الأموال يتم تخصيصها لتوفير التعليم والرعاية الصحية والإغاثة في حالات الطوارئ لمئات الآلاف من الأطفال والأسر الفلسطينية، في اطار الرغبة الأمريكية النابعة من مصالحها- علما أن الدول لا تدفع الأموال لأحد من باب الصدقة أو الشفقة، بل من باب تحقيق مصالحها وان كانت بغطاء انساني- لتخفيف حدة العجز المالي في ميزانية الاونروا للعام 2021 الذي يقدر بـ 60 مليون دولار، وبالتالي التخفيف من حدة الاحتقان التي تسود صفوف اللاجئين جراء عدم تمكَن الاونروا من صرف رواتب موظفيها، فضلا عن استمرار مسلسل التقليصات في الخدمات والمساعدات الاغاثية المخصصة للأسر الفقيرة التي زاد انتشارها في صفوفا اللاجئين بشكل مخيف.

جدير بالذكر أن الإدارة الأمريكية قدمت دعماً كبيراً للأونروا في العام 2021 يقدر بـ 338.400 مليون دولار مكًن الاونروا من استمراريتها في تقديم خدماتها الى 5.6 مليون لاجئ فلسطيني، في إطار اتباع الأسلوب الناعم في تصفية قضية اللاجئين، خاصة بعد اتفاق الإطار الذي وقعته أمريكا مع الأونروا في بداية شهر آب (أغسطس) من العام الماضي 2021.

ورغم اعتبار الاتفاق انتهاكاً واضحاً وصارخاً للدستور الأميركي والقانون الدولي، لأنه يدفع الأونروا للتخلي عن دورها، ويمثل انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة ولقرار الجمعية العامة المنشأ لها، كما يكشف أنّ حق العودة ليس وارداً لدى القانون الدولي.

كما يعتبر الاتفاق الذي ينتهي في الـ 31 من ديسمبر/ كانون أول لعام 2022، والذي ينص على فرض التزامات دولية وشروط متعدد الأبعاد متعلقة بالقانون الدولي، نظرا لأنه يخرج الأونروا عن حياديتها، إلا أن سياسة إدارة بايدن تسير في اتجاه معاكس لما اتبعته الولايات المتحدة في عهد إدارة ترامب الذي اتبع أسلوب فظ يعبر عن فظاظة رعاة البقر والعصابات في تصفية قضية اللاجئين.

إدارة بايدن وضمن سياسة المصالح، يبدو أنها باتت حريصة كل الحرص على تبريد مختلف الجبهات الصغيرة والهامشية للتفرغ لجبهات صراع أكثر أهمية مع القوى الكبرى الأخرى، لذلك دفعت ما عليها من فتات لتسكين جبهة اللاجئين لناحية تسكينها وتذويبها ببطيء ضمن سياسة النفس الطويل.


وعليه يقع على عاتق جموع اللاجئين والجهات والمؤسسات الراعية لمصالحهم، ممارسة مزيد الضغوط، وتنظيم مزيد من الفعاليات الجماهيرية والإعلامية والحقوقية والإنسانية، لجهة دفع إدارة بايدن للإيعاز للدول المانحة الأخرى- والخاضعة لنفوذها السياسي- للعدول عن قرارها وقفت او خفض تمويلها للأونروا في العام 2021، والمبادرة إلى الإعلان عن زيادة تمويلها في العام 2022 لضمان تأمين تمويل مستدام ويمكن توقعه لميزانية الاونروا.

صحيح أن الأونروا كمنظمة إغاثة دولية تلعب دوراً حيوياَ وانسانياً تجاه ملايين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، كما تساهم في تعزيز التنمية المستدامة داخل مجتمعات اللاجئين، إلا أننا لا يجب ألا ننسى الدور الآخر الغير المباشر الذي تلعبه الأونروا في تسكين ملايين عن المطالبة بحقهم في العودة، وتثبيط هممهم عن أخذ تطبيق قانون حق العودة رقم 194 بأيديهم، نظراً لما سيشكله ذلك من تهديد وجودي لكيان العدو الذي أقام كيانه على أرضهم، وسكن في بيوتهم، وأكل واغتنى من مزارعهم وثرواتهم، وتمتع بحدائقهم الغناء وسواحلهم ذات الرمال الصفراء.

من هنا سنبقى نطالب الأونروا للوفاء بما عليها من التزامات، وليس شفقة أو صدقات، لناحية إنشاء نموذج تمويل أكثر استدامة والتزام بالمبادئ الإنسانية التي تؤمن حياة أكثر كرامة للاجئين، لأن الكرامة لا تقدر بثمن.

التعليقات (0)