«ستراتفور»: بعد حصار سنوات.. لماذا تسعى الإمارات لتحسين علاقاتها مع قطر؟

profile
  • clock 31 أغسطس 2021, 4:03:52 م
  • eye 719
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

نشر مركز ستراتفور المعلوماتي الأمريكي تقريرًا عن آفاق العلاقات بين الإمارات وقطر بعد الحصار الذي تعرضت له الدوحة لسنوات على يد السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، وفي ضوء اتجاه أمريكا إلى تقليص وجودها العسكري في منطقة الخليج العربي، وميل إدارة بايدن إلى انتقاد تحركات الإمارات العسكرية في المنطقة.


ويستهل المركز الأمريكي تقريره بالإشارة إلى أن الإمارات العربية المتحدة تسعى لتحسين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر استعدادًا للأوضاع الجديدة التي تقلِّص فيها الولايات المتحدة الأمريكية من وجودها في المنطقة. وخلال اجتماع بالدوحة في 26 أغسطس (آب)، ناقش مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان وأمير قطر علانية تحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

وتشير الزيارة إلى العاصمة القطرية إلى أن الإماراتيين يحاولون طي صفحة سياساتهم المتشددة السابقة المناهضة لقطر، والتي بلغت ذروتها أثناء الحصار السعودي الإماراتي البحريني المصري للدوحة في المدة من عام 2017 حتى عام 2021. ويأتي تواصل أبوظبي مع الدوحة أيضًا في الوقت الذي تشير فيه الولايات المتحدة إلى رغبتها في تقليص وجودها العسكري في الشرق الأوسط للتركيز أكثر على التهديدات الناشئة في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ.

وسحبت الولايات المتحدة قواتها من أفغانستان مؤخرًا، وهي أيضًا بصدد التفاوض على خروج آخر من العراق.

علاقات أبوظبي بإدارة ترامب سهَّلت لها مغامراتها

ويشير التقرير إلى أن العلاقات الوثيقة بين الإمارات وإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مكَّنت أبوظبي من المشاركة في الحصار الإقليمي لقطر، فضلًا عن الاضطلاع بمخاطر عسكرية أكبر في اليمن وليبيا، دون خوف من انتقام أمريكي. ولكن منذ أن تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه في يناير (كانون الثاني)، أبدى الإماراتيون اهتمامًا بالابتعاد عن هذه السياسة الخارجية الأكثر ميلًا إلى المغامرة ردًا على الضغط المتزايد من البيت الأبيض والانتقاد المستمر للسلوك الإماراتي من المشرِّعين الأمريكيين في الكونجرس.

وطبَّع الإماراتيون أيضًا العلاقات مع إسرائيل في أغسطس 2020، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أنهم كانوا يبحثون عن حلفاء جدد خارج الولايات المتحدة يمكن أن يساعدوا في تعويض انخفاض محتمل للقوة العسكرية الأمريكية في الخليج العربي.

ويوضح التقرير أن اشتهار دولة الإمارات بالاستقرار يُعد جزءًا مهمًا من جاذبيتها للمستثمرين الدوليين والعمال الأجانب. لكن هذه السمعة تقوَّضت مؤخرًا بسبب الهجمات التخريبية الإيرانية على الناقلات التي كانت رابضة بالقرب من ساحل البلاد، فضلًا عن نشر القوات الإماراتية في الصراعات في اليمن وليبيا.

وأثارت العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وإيران تساؤلات بشأن مدى إمكانية أن تنجر الإمارات، التي تستضيف القوات الأمريكية، إلى صراع إقليمي محتمل بين واشنطن وطهران.

تحسين العلاقات سيؤدي إلى التعاون الاقتصادي بين الدولتين

ويرجِّح التقرير أن يؤدي الدفء البطيء في العلاقات بين الإمارات وقطر إلى تحسين بعض جوانب اقتصادات البلدين؛ حيث سيتبادل كل منهما الاستثمار مع الآخر. والآن وبعد الإطاحة بالحكومات المدعومة من جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، وتونس، ومصر، أو إضعافها بشدة، من المرجح أن يستمر الإماراتيون في التقليل من تركيزهم على الحركة الإسلامية العابرة للحدود الوطنية.

وسيخلق هذا مساحة أكبر للتعاون، بالنظر إلى أن دعم قطر للإخوان المسلمين كان في السابق نقطة خلاف رئيسة بين الدوحة وأبوظبي. ومع دخولها المتجدد إلى قطر بعد رفع الحصار الذي دام أربع سنوات، تبدو شركات البناء الإماراتية جاهزة بالفعل للاستفادة من سلسلة المشروعات التي لم تزل في حاجة إلى الانتهاء منها بالدوحة قبل فعاليات كأس العالم، والتي من المقرر أن تستضيفها العاصمة القطرية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

وقد يشهد الدفء في العلاقات أيضًا إعادة فتح الروابط الجوية بين قطر والإمارات، والتي تعد خطوة أساسية لربط الدوحة بالتدفقات السياحية العالمية نظرًا لأن مطارات دبي هي أكبر مراكز النقل في المنطقة. وقد تشهد زيادة التعاون أيضًا في نهاية المطاف عودة المستثمرين والمستهلكين القطريين إلى الإمارات للمرة الأولى منذ عام 2017. لكن التعافي الكامل للعلاقات التجارية بين البلدين والوصول إلى مستوى ما قبل الحصار سيستغرق على الأرجح مزيدًا من الوقت، ويتطلب مزيدًا من الجهود من كلا الجانبين لتحسين العلاقات الدبلوماسية.

وكان المستثمرون القطريون في يوم من الأيام مصدرًا رئيسًا للدخل في قطاع العقارات بالإمارات. كما دأب المستهلكون القطريون في كثير من الأحيان على التردد على مراكز التسوق والفنادق الفخمة في البلاد، لكن هذه الأعمال توقفت فجأة أثناء الحصار.

الدبلوماسية تحل محل القوة السرية والعمل العسكري

ويخلص التقرير إلى أنه مع انحسار التوترات مع قطر، قد تركز إستراتيجية الإمارات الإقليمية تركيزًا متزايدًا على الدبلوماسية، بدلًا عن القوة السرية والعمل العسكري في دول أخرى مثل: اليمن، وليبيا، وتونس. لقد قلَّل الإماراتيون بالفعل من أعداد قواتهم في اليمن، وقد يستمرون في التراجع عن الصراع العلني في ذلك المسرح.

ويمكن أن تبدأ الإمارات أيضًا في الضغط على وكيلها في اليمن، المجلس الانتقالي الجنوبي، لاتخاذ موقف أكثر فائدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في الدولة التي مزقتها الحرب. وبالإضافة إلى ذلك قد تكون أبوظبي أقل استعدادًا لاستخدام القوة العسكرية في ليبيا، والتي من المقرر أن تجري انتخابات في ديسمبر (كانون الأول) 2021 – حيث تعتمد بدلًا عن ذلك على النفوذ والمساعدة لتعزيز حليفها خليفة حفتر، زعيم الجيش الوطني الليبي المتمرد.

واختتم المركز الأمريكي تقريره موضحًا أن الإمارات قد تصبح أقل حرصًا في نهاية المطاف على التدخل المباشر في السياسة الداخلية لدولة مثل تونس، مفضِّلةً استخدام المساعدات والدبلوماسية على الأدوات الفظة، مثل حظر السفر لتحقيق الأهداف الإستراتيجية بإبقاء جماعة الإخوان المسلمين في حالة من الشلل.

نرجمة: ساسة بوست


التعليقات (0)