انفجار مرفأ بيروت.. لبنان أمام طريق مسدود مع استمرار أزمة البيطار

profile
  • clock 29 ديسمبر 2021, 11:45:43 ص
  • eye 503
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لم تجتمع الحكومة اللبنانية منذ أسابيع نتيجة رفض "حزب الله" و"حركة أمل" التئام مجلس الوزراء قبل تنحية القاضي "طارق بيطار" عن قضية انفجار مرفأ بيروت. ويظهر هذا الجمود مرة أخرى كيف تتفوق الاعتبارات الضيقة للنخبة اللبنانية على الضرورات الاقتصادية الملحة للشعب اللبناني.

وقبل أيام، أفادت تقارير بأن هناك اتفاقًا تم التوصل إليه بين الرئيس "ميشيل عون" ورئيس البرلمان "نبيه بري" لتنحية "بيطار" لكن أنصار "عون" نفوا ذلك.

تعقيد أي حل وسط

وكان القاضي قد تابع تحقيقه رغم تزايد الضغط من "حزب الله" وحلفائه الذين اتهموه بـ"تسييس" التحقيق. ويرجع هذا الغضب إلى استدعاء "بيطار" لوزراء سابقين بما في ذلك أعضاء في "أمل" وسياسيين موالين لـ"حزب الله".

يشار إلى أن هناك بعدا طائفيا يعقّد الوصول إلى حل وسط، حيث كانت الغالبية العظمى من القتلى والمصابين في انفجار الميناء من المسيحيين. وينظر العديد من المسيحيين اليوم إلى أي محاولة من الطبقة السياسية لتقويض التحقيق باعتبارها تجاوزا غير مقبول.

ومع الاستعداد للانتخابات المقرر عقدها في الربيع القادم، سعت الأحزاب المسيحية الرئيسية إلى تجنب خلق انطباع عنهم بأنهم يعيقون جهود "بيطار"، وتخشى هذه المكونات السياسية المسيحية من فقدان مقاعد برلمانية وخاصة "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه "عون"، ما جعله حريصا على إظهار الدعم لقضاء مستقل؛ مخافة أن يفقد الأصوات المسيحية إذا تم النظر إليه على أنه يميل في اتجاه "حزب الله" في هذه القضية.

تحول مواقف

قبل تقارير الصفقة المزعومة، تم رصد تحول في موقف أتباع "عون"، حيث أصدر "التيار الوطني الحر" بيانا ينتقد فيه تحقيق "بيطار". والواقع أن المسؤولين المقربين من أتباع "عون" تم الزج بهم في السجن بسبب التحقيق، وهناك اعتقاد بأن حزب الرئيس يرى أن استمرار الجمود في مجلس الوزراء لن يكون في صالحهم، حيث سيفاقم الويلات الاقتصادية، ما يقوض حظوظهم في الانتخابات البرلمانية، والآفاق الرئاسية لـ"جبران باسيل"، صهر "عون".

ويعتقد العديد من المراقبين أن "حزب الله" كان متورطًا بطريقة أو بأخرى في تخزين أكثر من ألفي طن من نترات الأمونيوم في ميناء بيروت، ربما ليستخدمها ضد الثوار في سوريا، ومع ذلك، فإن الحزب لم يكن المسؤول الوحيد حيث يشترك في هذه المسؤولية الوزراء والمسؤولون الذين كانوا في السلطة.

كان من المثير للاهتمام بشكل خاص رفض القضاء الانحناء للنداءات المتكررة التي وجهها محامو الوزراء - الذين استدعاهم "بيطار" - بأن يتنحى "بيطار" عن القضية، بالرغم أن القضاء اللبناني لطالما كان عرضة للنفوذ السياسي. ويبدو أن تصميم "بيطار" قد عزز إصرار بعض كبار القضاة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، استقال 3 قضاة بسبب التدخل السياسي في المسائل القضائية. والأسبوع الماضي، دعا رئيس المجلس الأعلى للقضاء "سهيل عبود" القضاة للدفاع عن استقلالهم عن الشؤون السياسية. لكن ذلك لن يضمن نتيجة إيجابية لتحقيق "بيطار"، حيث لا يستطيع السياسيون اللبنانيون أن يتسامحوا مع قضاء مستقل.

والآن بعد أن تحول حزب "عون" ضد "بيطار"، فإن النتيجة المحتملة هي نوع من الترتيب يمنع "البيطار" من مواجهة الوزراء، ومع ذلك، فإن الوصول إلى هذه النقطة قد يكون أكثر تعقيدا مما كان متوقعا بسبب الغضب الشعبي.

تهديدات لـ"حزب الله"

ومن المرجح أن يواجه "حزب الله" متاعب متزايدة مع دخوله لعش دبابير السياسة الطائفية اللبنانية. وصحيح أن الحزب لن يضعف بشكل كبير من خلال تحقيق "بيطار"، وأن القاضي لم يوجه أي اتهامات لأعضاء الحزب، إلا إن تبني الحزب لمواقف مثيرة للانقسام بشكل متزايد سيؤدي إلى تآكل النظام الذي أنشأه الحزب في 2006 للدفاع عن مصالحه.

ففي ذلك الوقت، تحالف "حزب الله" مع "عون"، واستغل ذلك (إلى جانب الترهيب) ليفرض بالتدريج سيطرته على النظام السياسي، كما اكتسب تأييدا حكوميا لعمله العسكري في تصريحات حكومية متتالية، وقام الحزب ببناء نظام واق حول نفسه سمح له بالاحتفاظ بتأييد رؤوس الدولة والحد من المعارضة.

لكن ذلك تعرض للانهيار بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة في 2019. ومع دفاع "حزب الله" عن هيمنة الطبقة السياسية، أصبح العديد من اللبنانيين يرون أنه الدعامة الأساسية للنظام الفاسد. وأدى التدهور الاقتصادي إلى زيادة الاستياء من الحزب بالرغم من احتفاظه ببعض الدعم الشيعي. ويعني ذلك أن "حزب الله" لم يعد يستمتع بطبقات الحماية التي كان يتمتع بها من قبل.

ويرى البعض أن هذا الوضع غير مؤثر بالنسبة للحزب لأنه ما يزال قويًا. وحتي لو كان ذلك صحيحًا، فإن العداء المحلي واسع النطاق ضيق الهامش المتاح للمناورة بالنسبة للحزب.

المصدر | مايكل يونج | ذا ناشونال

التعليقات (0)