- ℃ 11 تركيا
- 28 مارس 2024
محمد مصطفي موسى : وسط البلد الحزين
محمد مصطفي موسى : وسط البلد الحزين
- 26 يوليو 2021, 10:29:37 م
- 682
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يرجع الفضل في تعلقي بوسط البلد، إلى العزيز محمد شفيق.
التقينا بعد عودتي من المهجر، في أعقاب الثورة، فأخذني من يدي إلى الأزقة الملتوية، والمطاعم الشعبية، والمقاهي الصاخبة.
قال: إن الثورة اندلعت من هنا، لا من منصة "فيسبوك"، كما يتردد، وأشار إلى مجموعة من الشباب، يتوسطهم فتى أسمر، نحيل للغاية، له صفا أسنان لامعان، ولحية خفيفة، يحضن قيثارة، ويغني: يا مصر قومي وشدي الحيل.
هكذا عرفت التصعلك، في القاهرة، وهكذا بدأ الحب، "من أول نظرة"، بين سكندري، منحاز لعروس البحر، يحس أن نصف دمائه، تتشكل من مياه المتوسط، وبين المدينة العجوز: القاهرة، التي دأب على وصفها، بالمدينة قاسية القلب.
بعد الثلاثين من يونيو، انقطعت العلاقة مع وسط البلد، إذا ما مررت بالشوارع، فإنما هو عبور سريع، كأنني أخشى من وطأة الذكريات: من هتافات الميدان، من شاب لا أعرفه، وضع المياه الغازية على وجهي، فتبردت مسام جلدي، بعد قنبلة غاز، سقطت بين رجلي، من الحسناء، التي قاسمتني "البطاطا الحلوة"، والشاي بالنعناع، من الاستلقاء على ظهري، في "الصينية"، والتحديق في نجوم السماء.
بعد الثلاثين من يونيو، خيمت على وسط البلد الكآبة، وهبط الحزن، كأن المكان بلا مكان، كل التفاصيل جامدة، ثمة روح ما ضاعت، فلماذا إذن أعذب قلبي؟
سأعتزل ما يؤذيه.
على أني، رغم اعتزالي وسط البلد، قد اضطر للمرور به، لقضاء حاجة، وهو ما كان ليلة أمس: وقفة الأضحى، ومن أسفٍ أن الكآبة، لم تعد تقتصر على فتور الحماسة السياسية، والتي كنت أرصدها بعين الصحفي، بل امتدت إلى مظاهر النشاط الاقتصادي.
في ليلة الوقفة، كانت الشوارع أطلالا، تلوح كباقي الوشم، موظفو متاجر الملابس، وقفوا على أبوابها يدخنون، أو يحاولون جذب المارة، بعبارات على شاكلة: "عندنا مستورد نمرة واحد أرخص من التراب"، وأيضًا بعيون متوسلة مستجدية، حتى الباعة الذي افترشوا الأرصفة، وعرضوا ملابس أطفال، رديئة، لكنها زهيدة، بما يفترض أن لا يُثقل كاهل فقير، يريد إسعاد فلذات كبده... حتى هؤلاء بارت بضاعتهم.
حدثتني نفسي: "نحن على شفا مصيبة، أو بالأحرى في قلب المصيبة، إنه كساد عظيم".
مشيت الهوينى تجاه موقف عبدالمنعم رياض، مررت بـ"التوحيد والنور"، فوجدت عملية إخلاء المتجر، ذي الطوابق الأربعة، قد اكتملت، والمكان صامت كجثة هامدة، شعرت بغصة في قلبي، عززتها حرارة الجو الساخنة، أشعلت سيجارة، دونما رغبة حقيقية، في التدخين، وسحبت نفسا بغيظ وعنف، وتمتمت ساخرًا بقرف: هل هذه هي البركة التي يقول إن الله أعطاه إياها؟
نظرت للسماء: يا رب، بحق رحمتك التي وسعت كل شيئ، ارحمنا من هذا الظلم، وهذا الجهل، وهذا "الهري الفاضي".
كلمات دليلية
التعليقات (0)
إقرأ أيضا
أحدث الموضوعات
خميس, 28 مارس 2024
الكنيست يصادق على إغلاق مكاتب "الجزيرة" ومصادرة معداتها خميس, 28 مارس 2024
أيرلندا تتداخل مع دعوى جنوب أفريقيا ضد الاحتلال بمحكمة العدل الدولية الأكثر قراءة
جمعة, 08 أكتوبر 2021
مصادر: إبراهيم منير يتخذ قرار بإيقاف ٦ من الشورى العام سبت, 18 سبتمبر 2021
د. أيمن منصور ندا يكتب : عندما تلقيت اتصالاً من الرئيس السيسي خميس, 30 سبتمبر 2021
طارق مهني يكتب : بزنس المعارضة - سبوبة الزنازين اثنين, 01 نوفمبر 2021
تقرير : كيف ساهم " أبو دية " عبر أذرعه المالية في تدجين المعارضة المصرية بالخارج جمعة, 28 مايو 2021
تعرف على مدينة المقاومة تحت أرض غزة ودورها في معركة سيف القدس تحليلات
أحد, 24 مارس 2024
تحليل: 5 أسئلة مهمة يثيرها الهجوم الإرهابي في موسكو جمعة, 22 مارس 2024
بلينكن في المنطقة للمرة السادسة.. مسارات الزيارة وأهدافها