«هآرتس»: ستواجه إسرائيل صعوبة في إقناع واشنطن بعدم العودة إلى المفاوضات مع إيران

profile
  • clock 23 سبتمبر 2021, 8:13:58 ص
  • eye 461
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الكاتب عاموس هرئيل يقول في صحيفة “هآرتس” استئناف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي، خلال أسابيع، بحسب التلفاز الإيراني، الثلاثاء الماضي، هو مسألة في يد الطرف الإيراني تماماً. قبل ذلك، من المتوقع حدوث اتصالات غير رسمية بين الطرفين على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي بدأت، أول من أمس، في نيويورك.

قرار استئناف المفاوضات كان موضع شك بعد فوز إبراهيم رئيسي، ممثل المعسكر الصقري المحافظ في الانتخابات. وكانت إدارة بايدن لمّحت إلى أنها ستوافق على المفاوضات من جديد في اللحظة التي يوافق فيها الإيرانيون على ذلك. تثير السياسة الأميركية الإحباط، لكن الجانب الإسرائيلي يُسلّم بها بالتدريج. طُرحت التحفظات الإسرائيلية خلال اجتماع الرئيس بايدن برئيس الحكومة، نفتالي بينت، الشهر الماضي، في واشنطن، وفي سلسلة لقاءات على مستويات مهنية.

في جزء من المحادثات، اقترح الإسرائيليون على الأميركيين تشديد لهجتهم وتوجيه تهديد عسكري حقيقي إلى إيران إذا استمرت في الدفع قدماً بمشروعها النووي. لكن الإدارة الأميركية، وعلى الرغم من صداقاتها الحميمة مع إسرائيل والعلاقات الجيدة بين مسؤوليها، إلاّ إنها ليست متحمسة لذلك، لا بل على العكس، قسم من موظفي بايدن، الذين عملوا على بلورة الاتفاق النووي خلال ولاية الرئيس أوباما في سنة 2015، يشرحون للإسرائيليين لماذا كان قرار الرئيس ترامب اغتيال الجنرال قاسم سليماني في مطلع 2020 خطأ يجب الندم عليه.

من وجهة نظر إسرائيلية، الظروف، اليوم، ليست مشجعة. في الأشهر الأخيرة، دار جدل في القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية بشأن ما إذا كان من الصائب اعتبار إيران «دولة عتبة نووية». في مقال طويل نشرته «يديعوت»، عشية العيد، ادّعى رئيس الحكومة الأسبق، إيهود باراك، أن هذا الخلاف أصبح محسوماً، وأن «إيران اجتازت نقطة اللاعودة في اتجاه أن تصبح دولة عتبة نووية».


يقصد باراك في كلامه هذا الشوط الذي قطعه الإيرانيون في تخصيب اليورانيوم. خروج ترامب من الاتفاق في أيار 2018 أدى إلى استئناف الإيرانيين خرقهم للاتفاق منذ أكثر من سنة. وفي الأسبوع الماضي، ذكر تقرير نشرته «نيويورك تايمز»، بالاستناد إلى باحثين في معهد أبحاث أميركي، أن إيران على بُعد شهر أو شهرين من مراكمة كميات من اليورانيوم المخصّب تكفي لإنتاج قنبلة نووية واحدة. بعد الوصول إلى هذا المستوى سيكون المطلوب إنتاج رأس نووي متفجر (أي تحويل كميات اليورانيوم المخصّب إلى سلاح). يميل باراك إلى التقدير أن المدة الزمنية المطلوبة لذلك أقصر من تقدير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي تتحدث عن عام أو عامين.

يقول باراك، إن تقدُّم إيران يعبّر عن الفشل المطلق لسياسة ترامب ونتنياهو. وهو على حق. لقد أمِل نتنياهو بأن الضغط الأميركي الأقصى - فرض عقوبات صارمة على إيران، بعد خروج ترامب من الاتفاق - سيؤدي في النهاية إلى واحد من أمرين: انهيار النظام من الداخل أو صدام عنيف مع الولايات المتحدة تكون نهايته القصف الأميركي للمنشآت النووية. ما جرى هو العكس، أصر الإيرانيون على التمسك بالمشروع وخرق الاتفاق. والآن، هم يتوجهون إلى المفاوضات مع الدول الكبرى من موقع قوة.

مع ذلك يجب أن نذكر شيئاً لا يبرز في مقالة باراك. أولاً، يوجد عداء كبير بين الشريكين السابقين، باراك ونتنياهو، وكان باراك من أبرز المؤيدين لحركة الاحتجاج التي طالبت باستقالة نتنياهو من منصبه على خلفية تقديم لائحة اتهام ضده. خلال الأعوام 2009-2012، عندما كان باراك وزيراً للدفاع في حكومة نتنياهو، كانا متفقيْن في الرأي بشأن الموضوع الإيراني، وضغطا للدفع قدماً بهجوم إسرائيلي مستقل ضد المنشآت النووية.

وحدها المعارضة الأميركية، بالإضافة إلى التحفظات الكبيرة لرؤساء الأذرع الأمنية الإسرائيلية، منعت هذه الخطوة - لاحقاً برز أيضاً شك في شأن حقيقة رغبة الرجلين في إعطاء الأمر بالهجوم. لكن في تلك الفترة بدا باراك مقتنعاً جداً. في صيف 2011 دُعي رئيس تحرير «هآرتس»، ألوف بن، وأنا إلى لقاء طويل مع باراك في مكتبه. عند انتهاء الاجتماع في ساعة متأخرة من الليل كان لدينا انطباع قوي بأن قرار مهاجمة إيران أصبح محسوماً عنده وعند نتنياهو. حينها فقط انتبهنا إلى رمزية التوقيت: 5 تشرين الأول، عشية حرب «يوم الغفران».

النهاية معروفة. الأميركيون ضغطوا، الجنرالات في إسرائيل عارضوا، نتنياهو وباراك أجّلا القرار سنة أُخرى. في صيف 2012 تكررت القصة نفسها من جديد، ومرة أُخرى لم يُتخذ القرار بالهجوم. في هذه الأثناء، تشاجر الرجلان واتهم نتنياهو باراك بطريقة غريبة بأنه توصل إلى تفاهمات مع إدارة أوباما من وراء ظهره للجم إمكان الهجوم. بعد وقت قصير، استقال باراك من الحياة السياسية. واستمر نتنياهو في الوعظ ضد الاتفاق مع إيران، وأقحم نفسه في مواجهة علنية عنيفة مع إدارة أوباما بشأن توقيع الاتفاق في صيف 2015. الآن، بات الفشل السياسي واضحاً أمام أعين الجميع.

وماذا سيحدث، الآن؟ إذا كان باراك على حق في أن إيران أصبحت دولة عتبة نووية، سيتعين على إسرائيل أن تحلل وتدرس مجدداً نوعية التهديد الإيراني لها وسبل مواجهته. وعلى الرغم من تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين، فإن خياراً عسكرياً مستقلاً ضد إيران ليس مطروحاً فعلاً، الآن. سيتعين على الجيش الإسرائيلي العودة إلى بناء هذه القدرة التي كانت جزئية عندما كانت في ذروتها، قبل حدوث سيناريو متطرف تقوم فيه إيران بخرق الاتفاقات وتنجز هذه المرة عملية إنتاج سلاح نووي.

التعليقات (0)