د. محمد خليل مصلح يكتب : دور إيران في دعم القضية الفلسطينية ومحور المقاومة

profile
د. محمد خليل مصلح كاتب ومحلل سياسي
  • clock 22 أكتوبر 2021, 9:45:25 م
  • eye 300
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

علاقة ايران الشاه مع الكيان الاسرائيلي

بدأت العلاقات الايرانية – الاسرائيلية بعد عامين من ظهور الكيان الاسرائيلي على الارض الفلسطينية؛ أثر توالي الاعترافات الدولية به عام 1948 ، ففي عام 1950 أعلنت إيران اعترافها بإسرائيل في حكومة محمد مساعد؛ الامر الذي أدى إلى قيام ضجة كبيرة في البرلمان الايراني رافضة هذا الاعتراف.

إلا أن الموقف تغير تماماً بعد تولي محمد مصدق رئاسة الوزراء، وعلى الرغم من تبادل التمثيل الدبلوماسي بين إيران والكيان الصهيوني،اذ استدعت إيران ممثلها لدى إسرائيل في 9 تموز من العام المذكور و تلا ذلك إعلان وزارة الخارجية الايرانية في بالغ رسمي صدر بعد ثالثة ايام فقط ،اغلاق القنصلية العامة في إسرائيل.

هذا ما دفع الولايات المتحدة والموساد الاسرائيلي لإحداث انقلاب على مصدق، وإقامة حكومة موالية للشاه والعلاقة مع الكيان وإعادة العلاقات الرسمية والدبلوماسية مع اسرائيل وإعادة فتح القنصلية الاسرائيلية في ايران الشاه 1960 ، وفتح كل قنوات الاتصال والتعاون مع ايران الشاه في مشاريع كثيرة، سواء في الحقل النووي السلمي والأمن والزراعة والاقتصاد، ولقد توغلت (اسرائيل) كثيرا في تلك الفترة في الاقتصاد الايراني وأدارته لمصلحتها.

وهذه كانت اكثر الاسباب التي استفزت الشارع والمؤسسة الدينية ضد نظام الشاه، وخرجت الجماهير الى الشارع لان الامام اكتشف مبكرا ببصيرته الحادة وتوفيق الله تطورات علاقات نظام الشاه مع الكيان الصهيوني ، إذ أصبحت المعارضة أكثر وعياً الصراع و اكثر وعيا لطبيعة العلاقة الثنائية التي كانت تربط الجانبين ايران والكيان الاسرائيلي، لان التيار الاسلامي الذي كان يقوده الامام الخميني كشف أبعادها وأهدافها للعلاقة الخبيثة، وكانت سبباً لحركة سياسية نشطة تسبب في نفيه عام 1965 ومن ثم اصبحت نهجا ثابتا في كل خطب الامام الخميني .. وفي النتيجة اصبحت قضية رأي عام اسلامي داخل ايران وخارجها. بتصرف من خطابات موقف الامام الخميني من العلاقات الايرانية – الاسرائيلية والقضية الفلسطينية؛ منذ انطلاق حركته السياسية حتى حرب تشرين الاول 1962 – 1973.

وبذلك ارتبطت القضية الفلسطينية في المعركة ضد الكيان الاسرائيلي، ومركزية القضية الفلسطينية في فكر الخميني وكشف طبيعة العلاقة واللبس فيها ومحاولات اعداء ايران تشويه العلاقة.

العوامل والدوافع او مرجعية علاقة الثورة الاسلامية الخميني بالقضية والمحور المقاوم

اولا: علاقات عقائدية.

ثانيا: المصالح الاستراتيجية للثورة الاسلامية .

كان واضح جدا ان مركزية القضية الفلسطينية التي تشكّل جوهر هذا التحالف الاستراتيجي، والذي يحدد معالم الخطاب الاستراتيجي للثورة ومعالم السياسة الخارجية الإيرانية بشكل عام، وكان وضحا جدا ان طبيعة العلاقة تتجاوز المفهوم المعاصر السياسي الضيق المصالح القومية لإيران او للثورة الإيرانية بل ان العلاقة مزيج مركب لا يمكن الفصل بينهما اساسه عقائدي و مصالح استراتيجية؛ تلبية لتطلعات الثورة الاسلامية بالقضاء على جرثومة الفساد اسرائيل.

ان الاطلاع على تاريخ العلاقة كان مهم جدا في كشف كل الملابسات التي يسوقها الباحثين والكتابات الموجهة التي تعادي الثورة الإسلامية؛ بسوق الاعتبار الطائفي او اعتبار مصالح ايران القومية. وبهذا اكتشفنا ان الامام الخميني كرس بعدين ثابتين في العلاقة مع القضية الفلسطينية والقدس ومحور المقاومة وهما:

الأول: رفض الجمهورية الاسلامية (لإسرائيل) ككيان سياسي اغتصب حق الشعب الفلسطيني واحتل القدس الذي يخص كل المسلمين.

الثاني: قدسية القضية الفلسطينية لاعتبار القدس ومكانته الدينية عند المسلمين.

الامام الخميني قبل وبعد الثورة والعلاقة مع القضية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية 

كانت نظرة الامام الخميني تتعدى الحدود والزمن في رؤيته التهديد الاسرائيلي لإيران والإسلام والرابط بينهما، فتح القناة مع ياسر عرفات وكان الراحل عرفات في البدايات داعم للثورة ضد النظام الشاه، ويبدو لي ان المنطلق كان عداءه للشاه حليف اسرائيل وفي نفس الوقت كسب الدعم والتأييد من ثورة الامام الخميني؛ اكثر منه ايمانا بمبادئ الثورة الاسلامية .

لن نعرج كثيرا عن الخلاف الذي حدث بعد نجاح الثورة واستقبال الراحل عرفات في طهران كحليف للثورة، لكن لاشك عندنا ان الامام الخميني اكتشف بوادر الانحراف السياسي لدي المنظمة وقبولها الاعتراف والمفاوضات ومبدأ التنازل عن الارض مقابل الاعتراف بمنظمة التحرير الذي كان يعتبر من المحرمات في عقيدة الامام الخميني والثورة الاسلامية في إيران وكان ما توقعه الامام من عملية اعتراف بالكيان الصهيوني مقابل الاعتراف بحق التمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية وضياع الحقوق.

اوجهة التأييد والدعم للقضية الفلسطينية ومحور المقاومة

تستند السياسية الإيرانية في التعاطي مع القضية الفلسطينية إلى مقولتين أساسيتين:

 الاولى : تنادي بضرورة تقديم الدعم المالي والعسكري والسياسي لمن يمثل مشروع المقاومة المؤمن بالبندقية والكفاح المسلح كطريق لتحرير الأرض الفلسطينية.

والثانية : تقوم على رفض التعامل مع أصحاب مشروع التسوية السياسية والمفاوضات مع إسرائيل. ولطالما حرصت طهران على الفصل بين المشروعين مشروع التحرير ومشروع التنازل والمساومة على الحق الفلسطيني. 

تنظر إيران الثورة، للقضية الفلسطينية كإحدى أهم القضايا العادلة في العالم، وتتعامل معها باعتبارها أهم قضايا العرب والمسلمين بالمعنى الاستراتيجي، وعليه فإن ثوابت الثورة الإسلامية تبدو متشددة حين تحرّم إخضاع التعامل مع فلسطين للاعتبارات السياسية أو المصلحية او التفاوض عليها.

فالرؤية الإيرانية الاسلامية تقول: إن القضية الفلسطينية ستبقى قضية الأمة ما دامت إسرائيل قائمة كدولة احتلال، وإن حلّ القضية الفلسطينية يكمن بحذف وشطب الكيان الاسرائيلي من خارطة الشرق الأوسط، وإن ذلك لن يتحقق إلا عبر دعم الفلسطيني بالمال والسلاح باعتباره واجبًا إسلاميًا مقدسًا.

هل العلاقة علاقة ضرورة كما يحاول البعض تجميلها؟

حديثنا السابق ينفي هذا المفهوم من جانب الثورة وكذلك يجب ان ننفيه عن المقاومة الفلسطينية التي تعتبر ممثل القضية امام الثورة الاسلاميةن وأيضا محور المقاومة خاصة حزب الله في لبنان لطبيعة الصراع الممتد مع الكيان والشراكة مع المقاومة الفلسطينية حماس والجهاد.

"لا يعني حاجة او اعتماد فصائل المقاومة الفلسطينية على الدعم الخارجي اللوجستي والمالي والإنفاق على الجانب العسكري، وهو الأمر الذي تبنيه على استراتيجية بناء الحلفاء القائم على شكل العداء (لإسرائيل)، وهو الأمر الذي يشكل لها حالة ارتياح خاصة في ظل التحولات الإقليمية. حيث ترى قوى المقاومة أن أي طرف معادي (لإسرائيل)، يجب أن يكون صديقاً ومع أن يكون حليفاً لمواجهة الترسانة (الإسرائيلية) بما يخدم الهدف الاستراتيجي القائم على التحرير. وفي هذا الإطار فإن إيران تمثل داعما استراتيجيا بالتقنيات والدعم اللوجستي، وهو الأمر الذي لا تتجرأ قوة إقليمية إلى الآن أن تكون حاضنة بالشكل التي عليه إيران".

هل المصالح الاستراتيجية للثورة تختلف مع مصالح قوى التحرير؟

لا نرى ذلك بل البعد الانساني في افق الثورة الديني ما يعزز البعد الانساني الذي يتجاوز علاقة الضرورة والمصلحة للثورة الاسلامية لأنها في اهدافها تحقيق العدالة و ارجاع الحقوق ومحاربة الاستعمار واستغلاله للشعوب المضطهدة وإسقاط انظمة الظلم والاضطهاد المعتمدة على دعم دول الاستعمار.

هل سياسة ايران منذ تحالفها مع المقاومة ما يظهر البعد المصلحي لإيران بمعزل عن البعد الاستراتيجي والعقائدي للقضية الفلسطينية ؟

وبصيغة اخرى ما هو الثمن الذي يوازي ما تدفعه ايران على صعيد المصالح الاستراتيجية مقابل دعمها اللامشروط للمقاومة والقضية الفلسطينية؟.

ان ما تتحمله الجمهورية الاسلامية في ايران لا يقارن بأي ثمن غير انها مخلصة لمباديء ثورتها وعقيدتها؛ في الوقت الذي تخلى اكثرهم ثوابت العلاقة مع القضية الفلسطينية والدعم المالي والعسكري والسياسي، سواء بالتنكر للحق الكامل للفلسطينيين بفلسطين او عبر الاعتراف بالكيان الاسرائيلي، والتنكر لمصالح الامة ومحاربة الجمهورية الاسلامية في ايران بحجة حماية كياناتها من الخطر الايراني، ومنهم من لا يعترف بالمقاومة ويصفها بالإرهاب ارضاء لتحالف الشر امريكا والكيان الاسرائيلي.

ان فرضية الثمن والمصلحة في العلاقي بين الجمهورية والقضية والمحور منفية اساسا. 


معادلة الضرر والإضرار بالقضية

نهج البعض وتعمد ان يظهر وجه الضرر في العلاقة بين الثورة المقاومة حماس وبالمحور بطريقة ساقطة علميا وأخلاقيا؛ اذ البديل العلاقة مع النظام العربي الذي اسقط من حساباته الدعم للقضية وتحول الى وسيط بين القضية والمحتل بعد ان طبع علاقاته واعترف بالكيان الاسرائيلي ويسوق مهمة الوسيط بدل الحليف والداعم للحق الفلسطيني.

 ما مفهوم المصالح الاستراتيجية القومية للثورة وعلاقة المقاومة والمحور بها وحملة العداء لإيران الثورة؟

وهل بإمكان المقاومة ان تلبي المصالح الاستراتيجية لإيران او الثورة في معركة التحرير دون الاضرار بأهدافها؟.

مفهوم الاضرار غير موجود في العلاقة بين الجمهورية الاسلامية والقضية الفلسطينية عبر تحالفاتها مع فصائل المقاومة و محور المقاومة ؛ فمفهوم المصالح الايرانية والقضية الفلسطينية قائم على اساس واحد ان القضية الفلسطينية والقدس من قضايا الامة ومصالحها الاستراتيجية ، وأنها تشكل احدى اعمدة السياسة للجمهورية كأي ملف يخص الجمهورية في اطار المصالح الاستراتيجية والعقيدة.

اما مسالة تلبية المصالح على حساب القضية من خلال العلاقة مع فصائل المقاومة فهي من اختراعات اعداء القضية الفلسطينية والجمهورية الايرانية في الوقت الذي تخلوا فيه عن القضية الفلسطينية واعترفوا بالكيان الاسرائيلي وتحولوا الى مدخل للقضاء على الحق الفلسطيني ونسف القضية من قلب الامارات تصرح شاكيد وزيرة صهيونية بأنه لن يكون هناك دولة فلسطينية.

خلاصة القول ان المصالح الاستراتيجية في العلاقة بين القضية الفلسطينية والجمهورية الاسلامية بناء على فكر الامام الخميني انها واحدة لا تتجزء؛ وغير مطلوب من المقاومة اكثر من التمسك بمقاومة الاحتلال وعدم الانزلاق في مستنقع التنازلات والمفاوضات و التصالح مع دول الاطبيع على حساب مبدأ التحرير لكل فلسطين ودعم قضايا الامة العادلة.

 ما هي دوافع العداء الاقليمي لعلاقة الثورة بحماس والقضية ومحور المقاومة؟

  • العداء للكيان الصهيوني.
  • تعرية الموقف العربي الرسمي وكشف اسراره وعلاقاته مع الكيان الصهيوني.
  • معادة التطبيع ومحاربته بكل الوسائل الممكنة.
  • بناء محور المقاومة المعادي للحليف ومصالح الكيان والولايات المتحدة.
  • تعزيز وتقوية الاسلام والحركات السياسية الاسلامية المعادية للنظام العميل في المنطقة.
  • تهديد مصالح الانظمة العميلة في المنطقة وتحفيز الشعوب لمهاجمتها والثورة عليها.


اهداف ايران الثورة والمصالح الاستراتيجية

القضية الفلسطينية مدخل شرعي لمحاربة جرثومة الفساد اسرائيل وحلفاؤها في المنطقة، والمقاومة احدى هذه الدعامات الشرعية للتخلص من الاحتلال، والذي يسبقها بناء بيئة استراتيجية امنة داعمة محيطة بفلسطين المحتلة.

باختصار الجمهورية الاسلامية في ايران لاتخفي هدفها من تثوير المنطقة ونقلها من حالة الخمول والسكون والركون للمحتل الى الثورة والانتفاضة ومحاربة المحتل ومصالحه حماية لمصالح المنطقة والإسلام وفلسطين؛ بناء بيئة مناهضة للكيان الاسرائيلي وحاضنة للقضية والمقاومة .

ما هو الحل من وجهة نظر الثورة الايرانية الاسلامية؟

لا شك ان اعادة ترتيب البيت الفلسطيني من اكبر الاولويات قيادة الجمهورية الاسلامية في ايران على اسس وطنية؛ تسقط كل ما نتج عن اوسلو وتسببت به من اختراق لصالح المحتل الكيان الصهيوني بعد الاعتراف به.

اللجوء الى الشعب لإعادة منح التفويض والتمثيل الشرعي للمقاومة والكفاح المسلح كطريق للتحرير.

هل ايران تمارس المفهوم الطائفي في العلاقة بالقضية الفلسطينية وتبرز الهوية الشيعية؟

كفلسطيني متابع ومشارك وسياسي ومناضل لم يتحدث قادة الثورة الايرانية مطلقا عن الهوية الطائفية الشيعية في صيغة العلاقة مع الثورة الاسلامية وتحالفاتها فقط البعد العقائدي والمصالح الاستراتيجية للجمهورية الايرانية، بل العكس كان التشديد عدم اثارة هذا الموضوع او هذه المسألة بتاتا وكان التركيز على البعد الايديولوجي والانساني، ومحاربة الظلم والاضطهاد للشعوب والحقوق.

 الربيع العربي و موقف الجمهورية الاسلامية

لم يتغير شيء في التوجهات بحكم ان الدولة الوحيدة التي كانت تقدم كل اشكال الدعم للقضية والمقاومة العسكرية منها والمالية والتقنيات العسكرية هي ايران بغض النظر عن الفترة التي نجح الاخوان في مصر فيها الوصول الى السلطة، وما تبع ذلك من تحسن في الموقف المصري لكن بقي النظام المصري مكبل بالاتفاقيات السياسية والامنية كامب ديفيد بحكم الجغرافيا النظام المصري يفرض اجندته في المعارك بين المقاومة والكيان الاسرائيلي دون القدرة على تقديم أي دعم عسكري او مالي.

يحاول البعض في الملف السوري ان يخترع او يبني استنتاجات مغلوطة عن طبيعة العلاقة بين الجمهورية الايرانية القضية الفلسطينية من خلال العلاقة مع حماس بسبب بعد الاختلافات في وجهات النظر حول مسائل فرعية؛ مع انهم يعترفون انها اسست بعد ذلك فهم وتوافق كامل بين الثورة والمقاومة، وقاعدة الاولويات وعدم زج المقاومة في صراعات المنطقة.

مع اعترافهم ان العلاقة شهدت تحسنا كبيرا بعد ان سقط الرهان على الربيع العربي الذي كانت الثورة متوجسة من نتائجه الكارثية على القضية الفلسطينية.

حتى في ظل الفتور كما يصوره البعض؛ لم تتغير علاقة ايران الثورة بالقضية الفلسطينية حتى في ظل الحصار .

هل القضية الفلسطينية ورقة من اوراق المساومة السياسة الخارجية للثورة الايرانية؟

لم يحدث ابدا ان تحدثت الاطراف التي تفاوض ايران على الملف النووي وعلاقاتها بالمنطقة او دعم المقاومة في فلسطين ان ذكرت الورقة الفلسطينية كورقة مساومة، بل العداء للكيان الاسرائيلي كان يحتل اولويات السياسية الخارجية للجمهورية الاسلامية والاهتمام الاكبر كما عبر عنه الرئيس نجادي وكل رؤساء ايران للثورة الايرانية.

هل ايران فزاعة الخليج لطلب الحماية والاعتراف بالكيان الاسرائيلي دولة؟

عذر اقبح من ذنب بل هي سرعت بعلاقات التطبيع من تحت الطاولة والتي كشفت عنها اسرائيل الى ما فوق الطاولة، والاعتراف علنا بإسرائيل والتغاضي عن قدسية القضية الفلسطينية والقدس.

الاختلاف في مفهوم الصراع وطبيعته ومصطلح تسوية النزاع

ما زالت ايران الثورة لا تعترف بهذه المصطلحات التي تعتبر العداء مع اسرائيل نزاع، بل هو صراع بل صراع عقائدي في جوهره ولا ينتمي الى فلسفة حل النزاعات كما تنازل عنه فريق المفاوضات في منظمة التحرير ودول التطبيع العربية والخليجية.

القضية الفلسطينية ومعالجة ميزان القوى في المنطقة وعلاقة ايران بذلك

قبل معالجة ميزان القوى في المنطقة يجب ان نتحدث عن قضيتين مهمتين جدا الاولى : ما كشفته حرب الايام الستة؛ من هشاشة وضعف جبهة الدول العربية التي انهزمت امام لكيان الصهيوني، وكان الامر واضح جدا للإمام الخميني فدعى الامة بعد يومين من الحرب الى الاتحاد والتآخي.

والثانية : في نظرية الاطراف التي تبناها رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي، وواضع النظرية الامنية للكيان الصهيوني بن غوريون؛ حيث رأي في نظرية الاطراف بناء علاقات وتحالفات مع الدول المحيطة بفلسطين المسمى اسرائيل؛ لاختراق الجدار وتفتيت التحالفات المعادية للكيان الاسرائيلي، وكانت ايران في تلك الفترة من تلك الدول المقصودة؛ كانت تلك السياسة موجهة لإعادة بناء ميزان قوى سياسية مادي ضد الدول العربية المعادية للكيان الاسرائيلي.

وبناء على تلك النظرية التي ترتد على الكيان؛ ترى ايران الثورة انه لا بد من معالجة ميزان القوى في المنطقة، ولن تجد افضل من القضية الفلسطينية ومحور المقاومة لذلك لأنه يحارب الكيان الاسرائيلي المحتل.

ايران وتطور قدرات المقاومة واثر ذلك في الحروب مع الكيان الصهيوني المحتل

لقد احتل هذا التطور الاهتمام الكبير ومن يقف وراءه من العالم وخاصة من الكيان الصهيوني وربط ذلك بجهورية ايران للتحريض عليها ضمن حملة التحريض على الملف النووي الايراني

لقد جرى اولا على لسان قادة المقاومة الاعتراف بفضل ايران في هذه النقلة النوعية بالإمكانيات من السلاح والتدريب والتقنيات العسكرية في الصناعة الصاروخية، وثانيا لم تخف جمهورية ايران الاسلامية علاقاتها مع المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة بما تقدمه من مساعدات عسكرية مالية تقنية دون الاكتراث بأي ثمن سياسي في علاقاتها مع العالم ودول الاقليم رغم الحصار العالمي، وثالثا من اعترافات العدو وتقديم الدلائل على ذلك.

شهادات واحاديث صحفية على الدعم الايراني

  • شكر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في قطاع غزة، إسماعيل هنية الجمعة (21 أيار/مايو)، إيران على دعمها "المقاومة" الفلسطينية بالمال والسلاح، مؤكدا الاستعداد لما بعد المواجهة العسكرية الأخيرة مع إسرائيل.

وقال هنية في كلمة متلفزة بثت عبر فضائية الأقصى التابعة لحماس "أوجه الشكر للذين قدموا المال والسلاح للمقاومة الباسلة، الجمهورية الإسلامية في إيران، لم تبخل عن مد المقاومة بالمال والسلاح والتقنيات". وأضاف "ما بعد معركة سيف القدس ليس كما قبلها (..) سنحضر أنفسنا لمرحلة بعد سيف القدس بكل ما تعنيه الكلمة من معنى".

وفي مايو من عام 2019، قال أحد القادة العسكريين في حماس، يحيى السنوار، "إنه لولا دعم إيران، لما كانت لدينا هذه القدرات".



اقوال المراكز المعادية لإيران الجمهورية الاسلامية والمقاومة

  • يقول خبير أمريكي إن حماس استخدمت مؤخراً طائرات إيرانية مُسيرة جديدة. كما اخترقت مُسيرة إيرانية، قادمة من سوريا، المجال الجوي الإسرائيلي. وحذر من ذخائر إيران الدقيقة.

يقول الدكتور سيث فرانتسمان، المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليلات السياسية، في تقرير نشرته مجلة " ناشونال إنتريست " كالأمريكية إن غانتس وزير حرب الكيان الصهيوني؛ أطلق هذا التحذير في المؤتمر السنوي للمعهد الدولي لمكافحة ما يسمونه ( الإرهاب) بجامعة رايخمان، حيث قال إن "إيران تطور إرهاباً بالوكالة تنفذه جيوش إرهاب تساعد إيران في تحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية والعسكرية .. وأضاف تعتبر الطائرات المُسيرة التي يبلغ مداها آلاف الكيلومترات إحدى أهم الأدوات التي تستخدمها إيران ومن يعملون( لحسابها).. وهناك مئات من هذه الطائرات منتشرة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. كما تحاول إيران نقل التقنية المطلوبة لإنتاج الطائرات المسيرة إلى غزة".

ويضيف فرانتسمان أنه في مايو/ أيار الماضي، استخدمت عناصر من حماس طائرات إيرانية مُسيرة جديدة لأول مرة. وقد اسقطتها إسرائيل باستخدام نظام الدفاع الجوى"القبة الحديدية" . كما اخترقت طائرة مُسيرة إيرانية، قادمة من سوريا المجال الجوي الإسرائيلي في مايو/ أيار.

وتشير ووال ستريت جورنال إلى أن "ترسانة حماس الصاروخية أكبر وأكثر تطورا من أي وقت مضى"، حيث تمتلك صواريخ "صنعت في غزة بقطع إيرانية".

وتقدر المخابرات الإسرائيلية أن حماس والجهاد الإسلامي يمتلكان ما لا يقل عن 30 ألف صاروخ مخبأة في غزة، بحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".

يقول تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، إن صناعة الصواريخ التي تشرف عليها حماس تقوم على مرتكزات مختلفة، فهي تستخدم المعرفة والتقنيات الإيرانية، وأجزاء من صواريخ وقنابل إسرائيل التي لم تنفجر أو بقي منها قطع يمكن استغلالها.

وهو الأمر الذي أثار اهتمام القادة العسكريين في إسرائيل حاليا، فلم تعد مشكلتهم مع تهريب الصواريخ التي يمكن أن تصل لغزة، ولكن تنامي قدرات ومهارات حماس في التصنيع محليا هو ما يثير قلقهم.

وأصبح الجزء الأكبر من ترسانتي حماس والجهاد الإسلامي يأتي من قدرة تصنيع متطورة نسبياً داخل قطاع غزة نفسه، حيث يعتقد خبراء إسرائيليون ودوليون أن المساعدة الإيرانية لعبت دوراً كبيراً في تدريب الفلسطينيين على تصنيع تلك الأسلحة.

وكان الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، قد صرح في يناير - كانون الثاني الماضي بأن لسوريا وإيران الدور الأكبر في تطوير القدرات العسكرية للفصائل الفلسطينية، مؤكداً أن سوريا ساهمت في تدريب الفلسطينيين على صناعة الصواريخ في معسكراتها.

وقال آنذاك إن إيران نجحت بطرق "شبه إعجازية" في تهريب السلاح إلى قطاع غزة المحاصر.



الخلاصة

تناقض مصالح النظام العربي؛ وكيل الاستعمار والمصالح المعادية للأمة العربية والإسلامية مع إيران الثورة؛ اساسه العلاقة مع اسرائيل والخوف من الاسلام السياسي والحركات السياسية المتمثلة بالمقاومة في فلسطين ولبنان واليمن، وأن السياسة الايرانية تستند في علاقتها بالقضية الفلسطينية على أسس وهي:

  • العداء للكيان الإسرائيلي لأنها جرثومة الفساد في المنطقة، وتهدد مصالح المنطقة وإيران الثورة وعداؤها للإسلام اساسا.
  • الدعم المالي والعسكري لمن يمثل تيار المقاومة والكفاح المسلح ضد الكيان الاسرائيلي في المنطقة ووكلاؤه.
  • رفض التعامل مع تيار المساومة الذي يعترف بالكيان الاسرائيلي.

هل المعالجة الداخلية لايران الثورة بين التيارات الاسلامية الاصلاح والمحافظين تهدد العلاقة مع القضية الفلسطينية ومحور المقاومة؟

هناك اجماع على قدسية العلاقة مع القضية؛ فكرا وممارسة؛ التزاما بفكر الامام الخميني ومن خلفه الامام الخامنئي رضي الله عنهما على اعتبار محددات واضحة انها قضية الامة وإيران من عصب الامة الاسلامية وعلى اعتبار عدالتها التي لم تتحقق حتى الآن، وأن شرعية الثورة الايرانية الاسلامية والقضية الفلسطينية والقدس؛ لا تنفكان عن بعضهما.








هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)