أ. عبدالله العقاد يكتب: بدر الكبرى تاريخ يتكرر غير أنه قليل ..

profile
أ.عبد الله العقاد ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
  • clock 8 أبريل 2023, 2:06:45 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

هي محطة تاريخية فاصلة (يوم الفرقان)، وقد جعلها الله آيات بينات تتلى في كتابه، ويتعبد بتلاوتها إلى يوم الدين، وأنها كما هي تتلى فإن ستتوالى على امتداد الأزمن، وإن تغيرت الشخوص واختلفت الأحوال الظروف غير أنها قالبها واحد.

فريق يقاتل استرداداً أو انتزاعاً شيء من حقوقه المغصوبة..

وآخر لا يلوي على شيء غير أن يفتري الكذب، ويكيل التضليل..

وفي كلا الفريقين يدور حوارات وتفاعلات كبيرة بين يدي واقعة توشك أن تكون..، أناس أخرجهم الحق، ودواعيه، ولكنهم غير جاهزين لذات شوكة، فكل الذين يبغون قافلة يستردون بعض الذي اغتصب منهم، وفي مقابل آخرين مجهزين بكل أدوات الفتك والبطش والفجور، ويرفلون بالجور ويعدونه نعمة يذكرونه فخراً ولا يتناهون عنه.

فريق من المؤمنين، يمضون إلى معركة تكاد تكون نتائجها محسومة قبل بدئها؛ فالفارق كبير ولا قران بينهما عدداً أو تعتاداً أو عدة، حتى كأن المؤمنين يساقون إلى الموت وهم ينظرون، والفريق المقابل لا يناقش الانتصار ويتجادل في الحسم بالضربة القاضية بل كل ما يشغله ترتيبات ما بعد الانتصار الحاسم.

وليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ولا يكون بيانه إلا بفئة مؤمنة قليلة محاطة ومطاردة يُخشى الناس الاقتراب منها، لكن فيها يتمثل (الحق) بأعلى درجاته "أولئك هم المؤمنون حقاً"

وذلك مقابل زعامة يصولون ويجولون ولا رادّ لهم ولا معقب عليهم بما يفترون، كيف لا وبهم يتمثل (الباطل) بعينه…؟!، "ليحق الحق ويبطل الباطل".

والفرقان يقرره الميدان، ويوجبه في وقتها، بين فريق يخشى الهلاك، ولم يكتمل بعد المهمة "اللهم ان تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض".

وآخر مدفوعاً غريزياً بالغطرسة اندفاع الضواري على فرائسها، جميل تعبير القرآن وهو ينهانا أن نكون مثلهم، بقوله:  "ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله".

وعند النِزل، تكون المفاجآت العظام، القلة القليلة المؤمنة تنتزعاً نصراً مؤزراً لا ريب فيه، والكثرة الكاسرة الفاجرة تمزقها أنياب هزيمة نكراء لا جدال فيها ولا مِراء.

وهنا تكون الفارقة والفرقان، وهنا يبدأ التاريخ دورة حضارية جديدة، يعلو فيها الحق، ويسفل فيها الباطل، دورة تنعم فيها البشرية بالرحمة الربانية، ويصفد فيها جبروت الغطرسة والظلم.

هذه الجولات تكررت من قبل بدر الكبرى وفي صورة طالوت مقابل جالوت، وتكررت بعد بدر الكبرى في صورة معركة (ملاذ كرد) آلب أرسلان في مقابل رومانوس الرابع (22 ذو القعدة 463 هـ)، وفي صورة حطين مواجهة صلاح الدين الصليبيين (25 ربيع ثاني 583 هـ)، وفي صورة" عين جالوت" قطز مقابل كتبغا قائد المغول (25 رمضان 658 هـ).

وفرقان قادم سيكون، بأمر الله، في فلسطين كذلك كما كان من قبل بدر الكبرى طالوت وجالوت وبعدها في حطين وعين جالوت.

نعم، فرقان يتكرر ولكنه قليل، وحينها ستذكرون قول الله تعالى: ".. وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم، ويريد الله أن يُحق الحق ويقطع دابر الكافرون؛ ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون".

اللهم نصراً كنصر بدر وحطين وعين جالوت
 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)