إجراءات صهيونية ضد غزة بصوت مرتفع.. صراع معادلات أم تمهيد لعدوان؟

profile
  • clock 4 أغسطس 2022, 10:07:49 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أصوات الطائرات المسيرة أصمّت، يوم أمس والليلة الماضية ولا زالت حتى لحظة كتابة هذا التقرير، آذان الفلسطينيين في قطاع غزة، في مشهد أعاد الذاكرة إلى أشد الأيام صعوبة خلال الحروب المتكررة على قطاع غزة.

الإعلام العبري لم يمرر القصة دون تعليق، فأعلن أن جيش الاحتلال غطّى قطاع غزة بطائرات مسيّرة مسلحة، في محاولة للبحث عن فرصة لـ "استهداف خلايا مضادات الدروع".

هذا المشهد جزء من حالة يجمع مختصون وخبراء وحتى سكان قطاع غزة على غرابتها، فمنذ اعتقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية المحتلة بسام السعدي، فرض الاحتلال ما يشبه الحصار الشامل على قطاع غزة؛ فأغلق المعابر في وجه الأفراد والعمال والبضائع.

ولم يتوقف الأمر على القطاع وحده، فأعلن جيش الاحتلال عن إغلاق الطرق والمحاور على طول المنطقة القريبة من حدود قطاع غزة، وإغلاق شاطئ زكيم، ووقف حركة القطارات بين عسقلان وسديروت، وأعلن عن تجنيد وحدات الاحتياط لجلبها إلى غلاف غزة.

وترافق ذلك مع حالة ضخ إعلامية كبيرة، وقد تكون غير مسبوقة، في الإعلان عن تفاصيل الإجراءات وأخبار تجديدها.

كل ذلك يرجعه الاحتلال إلى الخشية من رد المقاومة في قطاع غزة، على اعتقال القيادي بسام السعدي في جنين، فهل حقاً هذه هي أسباب الحالة الغريبة الحاصلة؟ أم أن هناك ما يخفيه الاحتلال ويحاول تحقيقه أو فرضه على غزة ومقاومتها؟ وما المتوقع خلال الساعات والأيام المقبلة؟

أهداف ومعادلات

الخبير في الشؤون الأمنية محمد لافي، يرى أن إجراءات الاحتلال الحالية ضد قطاع غزة وفي محيطه، ليست في سياق المعادلة المترسخة بينه وبين المقاومة الفلسطينية، ويؤكد أن الحدث الذي تعيشه غزة بدأ قبل اعتقال القيادي "السعدي"، وأن اعتقال "السعدي" كانت الخطوة الأولى.

ويعتقد "لافي"، في تصريحات خاصة لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، أن المعادلة التي تحكم العلاقة بين المقاومة والاحتلال، تمنع الاحتلال من ضرب أهداف يريد استهدافها حاليًّا داخل قطاع غزة.

وقال: "الاحتلال يريد تحريك المعادلة لصالحه، وتوظيفها لاستهداف أهداف داخل قطاع غزة دون الانجرار إلى حرب من خلال استجلاب ردٍّ من إحدى الجهات في غزة؛ سواء المقاومة، أو رد مصطنع من أيديه المشبوهة داخل القطاع".

 الخبير الأمني "لافي" أشاد بما وصفه "حكمة وانضباط المقاومة، وعدم انجرارها لمعركة يحدد وقتها ومكانها الاحتلال"، وقال إن عدم رد المقاومة حتى الآن، وانضباط وحداتها القتالية، جعل الموقف الإسرائيلي يعيش في ضبابية واضحة، وأربك الحسابات والنفسية الإسرائيلية.

وأرجع "لافي" ارتفاع الصوت الإعلامي الصهيوني، المرافق لإجراءات جيش الاحتلال ضد قطاع غزة، إلى خلفية رئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد الإعلامية.

 وبين أن "لابيد" رجل إعلامي يفكر بالبروباغندا أكثر من الإجراءات الهادئة التي تحقق الأهداف، مشيراً إلى اقتراب الانتخابات، ومحاولة الصحفي السابق التفوق على منافسيه، وخاصة بنيامين نتنياهو الذي يرفض مشاركته الحكومة بأي شكل من الأشكال.
 
الكاتب والباحث في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة، يرى أن حالة الاستنفار والجاهزية الصهيونية، هي جزء من استخلاصات الاحتلال للعبر من المعارك الأخيرة التي خاضها مع المقاومة في قطاع غزة.

وأشار، في حديث خاص لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، إلى استغلال المقاومة نقاط الضعف الإسرائيلية في غلاف غزة، مع بداية أي عدوان إسرائيلي، وبالتالي "الاحتلال يحاول تفادي مثل هذا السيناريو لاعتقاده بأن حركة الجهاد الإسلامي تريد الرد على جريمة اعتقال القيادي بسام السعدي والاعتداء عليه والتنكيل به قبل اعتقاله"، وفق تحليله.

ويؤكد "أبو زبيدة" أن الاحتلال يحاول تفتيت معادلة ربط غزة بالضفة، ولا يستوعب هذه المعادلة إطلاقاً، موضحاً ان الاحتلال في مأزق كبير في حالة أصبحت المقاومة في غزة والضفة كتلة واحدة، وأصبحت المقاومة في غزة ترد على العدوان في القدس وجنين ونابلس.

ومن جهة أخرى، يرى أن حصار غزة وإغلاق معابره بهذا الشكل، جزء من محاولة بدأها الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي لتأليب الرأي العام الفلسطيني ضد المقاومة الفلسطينية، مؤكداً أن الاحتلال يحاول استغلال عملية الإنعاش الاقتصادي لغزة لابتزاز أهل غزة والمقاومة.

وأكد "أبو زيبدة": أن المقاومة تعي وتدرك الطريقة التي يفكر بها الاحتلال، وقال إن النكوص عن التفاهمات وإغلاق المعابر هو عدوان وإجرام مباشر والمقاومة لن تقبل باستمراره.

مستقبل الحالة

وتوقع الخبير الأمني محمد لافي، انتهاء الإجراءات الإسرائيلية خلال الأيام البسيطة القادمة، وقال إن ما تفعله المقاومة اليوم من صمت وضبط للنفس يزيد من حالة الاحتقان لدى الجمهور الإسرائيلي، ويربك الجبهة الداخلية والنفسية الصهيونية، ويجعلها تعيش ضبابية كبيرة.

ويرى أن المقاومة الفلسطينية ستعمل خلال الأيام المقبلة، على صياغة معادلة جديدة للتعامل مع مثل هذه الحالة، وقال، إن محدد هذه المعادلة هو أن المقاومة لن تقبل أن يبدأ الاحتلال عدوانه في الضفة الغربية المحتلة ليستفزها ويأخذ زمام المبادرة، ويفرض عليها معادلته مكاناً وزماناً.

الباحث في الشؤون العسكرية، رامي أبو زبيدة، قال إنه على الرغم من أن الظاهر يكشف عن حالة استنفار كبيرة، إلا أنه وتحت الطاولة يوجد وساطات لإنهاء الحالة الراهنة دون الدخول في مواجهة عسكرية جديدة.

في ذات الوقت، لم يستبعد إمكانية أن يتحول الأمر من حالة الاستنفار الصهيونية وصمت المقاومة في المقابل، إلى حالة الاشتباك العسكري، "في حال لم ينجح الوسطاء في تنفيذ بعض مطالب المقاومة؛ وخاصة حركة الجهاد الإسلامي".

وتوقع "أبو زبيدة" أن تتضح الأمور أكثر خلال الـ24 ساعة المقبلة، "إما أن نذهب إلى هدوء واستمرار للحالة السابقة، أو الانتقال إلى مرحلة أكثر سخونة ومواجهة".

 وبعيدا عن كثير من التفاصيل، فإن قطاع غزة يعيش أجواء حرب حقيقية في عدة مناحٍ، ولا يستبعد سكانه ـأن يكونوا قريبا داخل أتون عدوان صهيوني عسكري جديد، يزيد من معاناتهم المتفاقمة، لكنهم يرسلون تأكيداتهم مرة تلو أخرى أنهم خلف مقاومتهم، مهما بلغت الصعوبات وتزايدت التحديات، وصولاً لتحقيق أهدافهم بالتحرير والعودة والحرية.

 

التعليقات (0)