إياد الشوربجي يكتب: (إسرائيل) قاعدة عسكرية أمريكية

profile
اياد خالد الشوربجي كاتب ومحلل سياسي
  • clock 5 فبراير 2022, 1:00:40 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تُعد الولايات المتحدة الحليف الأهم والداعم الأكبر لـ(إسرائيل) سيما في المجال العسكري, الذي يعتبر الشريان الحيوي الذي يضمن وجودها واستمرارها, ويُعتبر هذا التحالف - الفريد من نوعه - من أكبر المزايا التي تتمتع بها (إسرائيل), باعتبار أن الولايات المتحدة هي الدولة الأقوى في العالم, الأمر الذي يجعل (إسرائيل) تتمتع بدرع حماية قوي جداً, ويمنحها مجالاً واسعاً للمناورة والاستقواء والتوسع. 


والحقيقة أنه ما كان لـ(إسرائيل)​أن تصل إلى هذا الدرجة من القوة والنفوذ, ولا أن تنشأ أصلاً؛ لولا ارتباطها واعتمادها على مجموعة الحلفاء والداعمين, ابتداءً ببريطانيا ثم فرنسا خلال فترة التأسيس, وانتهاءً بالولايات المتحدة الأمريكية, وبالمنظومة الغربية بشكل عام. وترى الولايات المتحدة أن المساعدات  التي تقدمها لـ(إسرائيل)؛ تأتي في إطار حماية الأمن القومي والحفاظ على المصالح الأمريكية.


أولاً: الخدمات والمساعدات الأمنية والعسكرية:
تلقت (إسرائيل) خلال الفترة (1949–2014) ما يزيد عن 121 مليار دولار من الولايات المتحدة كمساعدات رسمية, في المجالات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية, بالإضافة إلى مجال الاستيطان واستيعاب الهجرة. وقد استحوذ الجانب العسكري على 61% من هذه المساعدات, حيث بلغ حوالي 73.6 مليار دولار, بمعدل يتجاوز 1.9 مليار سنوياً. ولو أخذنا الفترة من العام 1997 وحتى العام 2014 فإن المعدل السنوي يصبح حوالي 2.5 مليار دولار, وهذا يشير إلى الزيادة المطردة لحجم المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لـ(إسرائيل).
ولو أخذنا فترة الدراسة (2001-2014), يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
1. بلغ إجمالي المنح التي تلقتها (إسرائيل) خلال الفترة (2001-2014) حوالي 40 مليار دولار, منها نحو 36 مليار موجه للمجال العسكري, أي بنسبة تزيد عن 90% من إجمالي المنح, وهذا يشير إلى التركيز الشديد على الجانب العسكري, الذي يتربع على رأس الأولويات, كما هو موضح في الشكل البياني, الذي يحدد التوزيع النسبي للمنح على القطاعات المختلفة.
2. حسب المنحنى البياني, والذي يعكس التوزيع السنوي للمنح, فإن معدل تدفق المنح الأمريكية مستقر, في عهد كل من إدارتي بوش الابن وأوباما, مع تذبذبات معينة مرتبطة بظروف خاصة, كما حصل من زيادة ملحوظة في المنح في عام 2003, لمواجهة التهديدات الأمنية الناجمة عن انتفاضة الأقصى, ومقابلة النفقات الناجمة عن الهجرة اليهودية من روسيا ومن أثيوبيا.
3. يشير المنحنى البياني للمنح العسكرية إلى تصاعد مستمر ومضطرد للمنح العسكرية في عهد كل من بوش الابن وأوباما على حدٍ سواء, وهذا يدلل على أن الدعم العسكري لـ(إسرائيل) هو من التوجهات الثابتة في السياسة الخارجية الأمريكية.
شَكَّل التمويل العسكري الأمريكي الممنوح لـ(إسرائيل) في العام 2015؛ قرابة 55% من إجمالي التمويل الأمريكي الخارجي, أي أن أكثر من نصف إجمالي المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للدول الأجنبية تذهب لتسليح (إسرائيل), وهو ما يشكل نحو 24% من الموازنة العسكرية الإسرائيلية.

وقد أقرت الولايات المتحدة مبلغ 30 مليار دولار كمساعدات عسكرية لـ(إسرائيل) خلال الفترة من 2009 حتى 2018, وفعلياً تلقت (إسرائيل) أكثر من 22 مليار دولار كمساعدات عسكرية خلال فترة إدارة جورج دبليو بوش. وهذا يعكس حجم الاهتمام الأمريكي بأمن (إسرائيل) من ناحية, ودرجة الاعتمادية الإسرائيلية على المعونات العسكرية الأمريكية من ناحية أخرى.
وفي عام 2008 تم ابرام صفقة طائرات F-35 الأمريكية المتطورة, حيث تم الاتفاق على شراء 25 طائرة من أصل 100 طائرة, بتكلفة تصل إلى 110 مليون دولار للطائرة الواحدة, بقيمة اجمالية تبلغ 15.2 مليار دولار, على أن تستلم (إسرائيل) الدفعة الأولى منها أواخر العام 2016, وأن تستكمل باقي الدفعات حتى العام 2021. وتأتي هذه الصفقة كتعويض أمريكي لـ(إسرائيل) جراء توقيعها للاتفاق النووي مع إيران, حسبما ذكر المحلل العسكري لصحيفة هآرتس الإسرائيلية عاموس هارئيل.
وفي إطار التطور وتحسين الجودة والنوعية لأنظمة الدفاع الإسرائيلية, وكذلك من أجل الترويج للمنتجات الإسرائيلية بغية تسويقها في مختلف دول العالم, فقد سمحت الولايات المتحدة لـ(إسرائيل) بالتعاون مع العديد من الدول على المستوى العسكري والأمني, من خلال عقد الصفقات لبيع السلاح والتقنيات العسكرية الإسرائيلية. وطال التعاون الإسرائيلي العسكري كل من الهند والصين وتركيا, رغم وجود بعض القلق الأمريكي من مثل هذا التعاون خشية انتقال أو تسرب بعض الأسلحة إلى دول أو كيانات معادية للولايات المتحدة.
كما أن هناك العديد من الخدمات الأمنية والعسكرية غير النقدية, والامتيازات المهمة والفريدة التي تقدمها الولايات المتحدة لـ(إسرائيل), والتي لا تحصل عليها أي دولة أخرى؛ مثل التعاون الاستخباري والمعلوماتي, والتدريب والتأهيل, والتعاون العلمي والتكنولوجي, والتعاون ضد (الإرهاب), والمشاركة في الحوار الاستراتيجي النصف سنوي, علاوة على الأبحاث العسكرية, وتطوير الأسلحة. وكذلك رفدها بمشاريع التطوير والمنظومات الأمنية والعسكرية, مثل مشروع تطوير دبابة الميركافا, وخط انتاج طائرات F-16I Sufa في عام 2003 والبالغ عددها 102 طائرة بمواصفات إسرائيلية خاصة, وهي جزء من صفقة بتكلفة 4.5 مليار دولار. وكذلك تقنية رادار (إكس – باند) (نطاق الترددات السينية) الأكثر تطوراً من المنظومات الإسرائيلية, وربطها بشبكة الدفاع الأمريكية التي تعمل بالأقمار الصناعية.

حجم النفقات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لـ(إسرائيل) هو حجم ضخم مقارنة بما تقدمه الولايات المتحدة لباقي دول العالم في نفس المجال, ومقارنة بحجم (إسرائيل) النسبي بين الدول المتلقية للمساعدات الأمريكية, هذا فضلاً عن النوعية ودرجة التطور والتقنية التي تمتاز بها هذه المساعدات

 


يتضح مما سبق أن حجم النفقات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لـ(إسرائيل) هو حجم ضخم مقارنة بما تقدمه الولايات المتحدة لباقي دول العالم في نفس المجال, ومقارنة بحجم (إسرائيل) النسبي بين الدول المتلقية للمساعدات الأمريكية, هذا فضلاً عن النوعية ودرجة التطور والتقنية التي تمتاز بها هذه المساعدات.

وهذا يعكس مدى الاهتمام والاحتضان الأمريكي لـ(إسرائيل), ومدى الحرص على المحافظة على قوتها وتفوقها العسكري, في مقابل الحرص على ضعف وتخلف الدول العربية.
استمرار هذه الحالة وتعاظم الفجوة في منظومة القوة واختلال التوازن الاستراتيجي بين الطرف العربي و(إسرائيل) سوف يصعب بشكل كبير امكانية استعادة الحقوق العربية؛ أو التوصل إلى تسوية عادلة للصراع. لذلك فإن تسليم العرب بهذه المعادلة يشكل خطراً شديداً على أمنهم القومي, وعلى مستقبلهم كأمة لها وزن وحضور في المنطقة.

#كتابالسياسةالخارجيةالأمريكيةتجاهإسرائيلبينالثابتوالمتغير


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)