انتخاب رئيس لبنان... مواصفات موجودة وتوافقات منقوصة (تحليل)

profile
  • clock 11 يناير 2023, 9:23:13 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

- مجلس النواب فشل منذ سبتمبر 2022 في انتخاب رئيس خلفا للمنتهية ولايته ميشال عون
- المجلس يعقد الخميس الجلسة 11 لانتخاب رئيس في ظل برلمان منقسم وحكومة محدودة الصلاحيات وأزمة اقتصادية
- سركيس: الخلاف بين القوى السياسية ما زال كبيرا والحوار مقطوع وانتخاب الرئيس بحاجة إلى كلمة سر من خارج لبنان
- الشريف: هناك مواصفات ولكن ليس هناك توافقات، ولا يوجد ضغوط أو اهتمام أو تبني من الخارج بل متابعة دون تبني
- عاقوري: اجتماع باريس المرتقب لن يحقق مخرجا طالما الطرف الخليجي وخاصة السعودي متمسك بعدم دعم أي مرشح من طرف “حزب الله”

مع دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري للمرة الحادية عشرة إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية الخميس المقبل، تستمر مواقف الأطراف على حالها دون التوصل إلى أي مخارج للأزمة، بالرغم من لقاءات واتصالات جارية بين أكثر من كتلة وتحرك أكثر من نائب.

ورغم انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2022، يبقى الملف مجمدا جراء توسع الخلافات الداخلية وتعطل أي مبادرة خارجية تدفع الأطراف اللبنانية إلى خطوات تسهل انتخاب رئيس، في ظل استمرار الانقسام حول تحديد الجهة المقررة في انتخابه: داخلية كانت أم خارجية.

ووسط ترقب لما سينتج عن لقاء رباعي فرنسي أمريكي قطري سعودي في باريس منتصف يناير/ كانون الثاني الجاري لبحث الملف دون حضور لبناني رسمي أو سياسي، رجح مراقبون أنه لن يحقق نتائج سريعة لكنه ربما يضع مسارا لآلية الحل.

ولا تزال الصورة في لبنان، بحسب محللين، ضبابية إلا أن ثمة إشارات يمكن البناء عليها، وهي تنتظر مواكبة إقليمية لم تنضج بعد، وحركة داخلية على مستوى المسؤولية التي تتطلبها خطورة الأزمة التي تثقل لبنان.

ويواجه لبنان أزمة حكم غير مسبوقة مع عدم وجود رئيس للبلاد وفي ظل حكومة تصريف أعمال برئاسة نجيب ميقاتي محدودة السلطات وبرلمان منقسم، لذا لا تملك جهة قوة فرض رئيس بالانتخاب الحر كما ينص الدستور.

وللمرة العاشرة منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، يفشل البرلمان في انتخاب رئيس للبلاد رغم انحسار أسماء المرشحين من طرف الداخل والخارج وأبرزهم قائد الجيش العماد جوزيف عون.

ووفق تقارير إعلامية في صحيفتي "الأخبار" و"النهار"، فإن فرنسا والولايات المتحدة وقطر والسعودية منفتحة على ترشيح قائد الجيش من دون وجود إعلان رسمي من هذه الدول بشأن اسم الرئيس.

وإذا فاز عون في الانتخابات، فستكون هذه هي المرة الرابعة التي ينتخب فيها لبنان رؤساء من ذوي الخلفيات العسكرية منذ فؤاد شهاب (1958-1964) وإميل لحود (1998-2007) وميشال سليمان (2008-2014) وميشال عون (2016-2022).

لكن مثل هذه الخطوة تتطلب تصويتا في البرلمان على تعديل دستوري؛ لأن الدستور لا يسمح لمرشح رئاسي بأن يكون أيضا ضابطا في الخدمة العسكرية.

وعقب زيارته البطريك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الإثنين الماضي، كان لافتا التصريحات التي أطلقها رئيس المجلس السياسي بجماعة "حزب الله" (حليفة إيران) إبراهيم السيد.
 

وقال السيد: "نحن في أحسن علاقة مع قائد الجيش التي تأسّست على الخير ومستمرة، لكن الاستحقاق الرئاسي في مكان آخر، ونحن لا نضع فيتو على أحد، لكن رأينا واضح والطريق إليه هو التوافق والحوار".

وينص الدستور على أن مجلس النواب ينتخب الرئيس بالاقتراع السري، والمجلس يـتألف من 128 مقعدا يتم تقسيمها بالتساوي بين الطوائف الإسلامية والمسيحية، وضمن التوافقات يتولى رئاسة البلاد مسيحي ماروني ورئاسة الحكومة سُني ورئاسة البرلمان شيعي.

** خلافات داخلية

وفي ظل هذا المشهد، قال المحلل السياسي آلان سركيس للأناضول: "إن حصلت اتصالات ولقاءات داخلية بين القوى السياسية، لكنها لن تؤدي إلى أي نتيجة أو خرق داخلي بملف الرئاسة".

وأوضح أن "الخلاف السياسي بين القوى ما زال كبيرا والحوار مقطوع بين كافة القوى السياسية وخاصة أن انتخاب الرئيس بحاجة إلى كلمة سر من خارج لبنان".

وأضاف: "لم يقدم أي فريق تنازل للآخر، وفي ظل عدم وجود اسم جامع لكل الفرقاء ووسط تمسك حزب الله وحلفائه بمرشحهم، فإن كل الحوارات الداخلية لم ولن تؤدي إلى أي نتيجة".

** رئيس توافقي

أما المحلل السياسي خلدون الشريف فقال إن "هناك مرشحين أصبحا معروفين هما سليمان فرنجية (مرشح حزب الله وحلفائه ما عدى التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل) وميشال معوض (الذي يدعمه الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية ومستقلون) ومرشح ثالث غير معلن حتى الآن هو قائد الجيش جوزيف عون".

وتابع الشريف للأناضول أن "النائب باسيل يعمل على إيجاد مرشح آخر غير هؤلاء ويسعى بلقاءاته وحواراته مع الزعماء السياسيين إلى طرح مرشح آخر يتم التوافق عليه".

لكنه استدرك: "إلى الآن يبدو أن الأفق مسدودة بشأن التوافق على اسم رئيس.. أمين عام حزب الله (حسن نصر الله) في خطابه الأخير كان واضحا، هو يريد رئيسا لا يطعن المقاومة وقادرا على التواصل مع جميع القوى السياسية في لبنان وإدارة البلاد".

واعتبر أنه "هناك مواصفات، ولكن ليس هناك توافقات حول الأسماء التي تتناسب مع هذه المواصفات، مما يعني أننا أمام فراغ لن يكون من السهل الخروج منه على المدى القريب".

أما على المستوى الخارجي، فقال الشريف إنه "ليس هناك ضغوطات ولا اهتمام أو تبني ترشيح سواء من الأطراف العربية أو الفرنسية أو الأمريكية، بل هناك متابعة دون تبني".

فيما اعتبر المحلل السياسي جورج عاقوري أن "الحراك السياسي خلال الأيام الماضية، وخاصة من جانب النائب باسيل يقتصر على الصورة ولا مفاعيل ولا نتائج إيجابية له".

ورأى عاقوري أنه "لا شيء جدي حتى الساعة، والهدف من هذه اللقاءات كسر صورة النائب باسيل النمطية التي تظهر أنه على خلاف مع الجميع، وخاصة مع حزب الله الذي ما زال يرجح سليمان فرنجية كمرشح للرئاسة".

** اجتماع باريس

ومشددا على أهمية اجتماع باريس، قال سركيس إنه "يدل على أن الغطاء الدولي ما زال موجودا على لبنان وهناك رعاية دولية تؤسس لحل مقبل، وخاصة أن الحل السياسي غير مرتبط فقط بالرئاسة".

وأوضح: "تعودنا في لبنان أن تكون كلمة السر في الانتخابات الرئاسية من الخارج، خاصة وأن هذه الانتخابات بحاجة إلى تسوية وقطبيها هذه المرة الولايات المتحدة وحلفائها وإيران".

ومؤكدا هذه الفكرة، رجح أنه "طالما لم يحصل أي خرق على جبهة واشنطن- طهران فالموضوع اللبناني يبقى على ما هو عليه.. والاجتماع سيوحد هذه القوى على اسم معين، ومبدئيا هي متوافقة على اسم قائد الجيش".

لكنه استدرك: "يبدو أن حزب الله ليس لديه مشكلة مع جوزيف عون، ولكن يريد تحقيق مكاسب سياسية إن كان داخلية بدروه السياسي المستقبلي أو بالحكومة المرتقبة وخارجية تتعلق بقصة إيران والعقوبات عليها والملف النووي".

أما الشريف فاعتبر أن "اجتماع فرنسا ليس واضح المعالم كنوعية الحضور ومستوى التمثيل ولا يوجد حتى الآن جدول أعمال".

فيما اعتبر عاقوري أن "اجتماع باريس إذا عُقد فلن يحقق أي مخرج، طالما الطرف الخليجي وخاصة السعودي متمسك برأيه تجاه عدم دعم أي مرشح من طرف حزب الله".

وأضاف أن "المواصفات التي وضعتها دول الخليج هي أن يمسك الرئيس بقرار الحرب والسلم والعلاقات الخارجية مع الدول العربية أو دول الخليج".

ويقول "حزب الله" إن سلاحه مكرس حصرا لمقاومة إسرائيل التي تحتل أراضٍ جنوبي لبنان، وينفي صحة اتهامات عواصم إقليمية وغربية له بالسيطرة على مؤسسات الدولة لصالح طهران.

وفي الفترة الأخيرة، بحسب عاقوري "ترتفع أسهم قائد الجيش، وليس لديه مشكلة مع الخارج، أما داخليا الآن باسيل لن يدعمه لأنه يشكل خطرا على شعبيته فيما بعد، وحزب الله الذي لم يعلن معارضته لعون إلا أنه كان ينتقد دائما علاقته بأمريكا".

وبحسب المادة 49 من الدستور، يُنتخب رئيس البلاد في دورة التصويت الأولى بأغلبية الثلثين أي 86 نائبا (من 128)، ويُكتفى بالغالبية المطلقة (النصف +1) في الدورات التالية، على أن يكون نصاب حضور هذه الدورات، سواء الأولى أو الثانية، 86 نائبا.

ويُتهم كل من بري و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر" و"تيار المردة"، برئاسة سليمان فرنجية، بتعطيل جلسات انتخاب الرئيس، عبر تكرار الانسحاب ما يُفقد الدورة الثانية من الجلسات نصابها.

ويزيد من تداعيات أزمة انتخاب الرئيس أن لبنان يشهد منذ 2019 انهيارا اقتصاديا صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.

كلمات دليلية
التعليقات (0)