تحليل إخباري | العملية البرية الإسرائيلية: التخوفات والمحاذير

profile
  • clock 29 أكتوبر 2023, 7:51:28 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

انطلقت، على ما يبدو، ليل أمس الجمعة العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة، بعد أكثر من 20 يوما متواصلة من القصف الجوي الذي كانت نتيجته تدمير عشرات آلاف المنازل وقتل آلاف المدنيين ومحو مربعات وأحياء سكنية وإبادة عائلات كاملة، إلى جانب تهجير واقتلاع مئات آلاف السكان من بيوتهم وأماكن سكناهم.

تلك العملية التي توعدت بها إسرائيل وحشدت لها جيش الاحتياط واحتشدت على "شرفها" الخبرات والقيادات والذخائر والبوارج وحاملات الطائرات الأميركية، بدأت ليل أمس على نحو حذر من خلال توغلات محدودة لدبابات وآليات في الأطراف الشرقية والشمالية لقطاع غزة، وفيما أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية أنها تصدت لهذه القوات واشتبكت معها، أفاد الناطق العسكري الإسرائيلي بأن قواته وسعت من نشاطها البري استمرارا لعملياتها الهجومية.

وكان قد سبق هذا التوغل قصف جوي عنيف وغير مسبوق طاول النواحي الشمالية للقطاع، تسبب في قطع شبكة الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة بالكامل، فيما بررت وسائل الإعلام الإسرائيلية ذاك الدخول البري "الخجول" والحذر، بالطلب الأميركي الذي نقلته إلى إسرائيل جهات رفيعة المستوى، بتغيير أهداف العملية وأن تقوم بتقليص خطتها، كما نقلت "واشنطن بوست".

الصحيفة ذكرت أن إدارة بايدن ضغطت على إسرائيل بأن تقوم بتغيير خططها الواسعة المتعلقة بقطاع غزة واستبدالها بعملية "جراحية"، تشمل قصف من الجو وتوغلات برية موضعية ومحددة ضد قادة حماس والبنى العسكرية لتنظيمها، وأشارت الصحيفة إلى أنها اعتمدت على خمسة مصادر مطلعة، وأن هذه المصادر الرفيعة أعربت عن شكوكها بقدرة إسرائيل على تقويض حماس.

وكما بات واضحا، فإن إسرائيل تستخدم المحاذير الأميركية لتبرير عجزها علن الدخول في عملية برية واسعة النطاق ضد المقاومة في غزة، لأنها تعرف أن عملية من هذا النوع ليس أنها ستكلفها ثمنا باهظا ربما لا تستطيع دفعه في أرواح جنودها، بل أنها ربما ستُدخل جيشها إلى الوحل الغزاوي الذي لن تستطيع الخروج منه.

في المقابل، هي موجودة بين الرغبة في الثأر لكرامة جيشها واستعادة كبرياء جنوده وجنرالاته، وبين عدم الانجرار وراء مغامرة عسكرية، ربما تكون فاشلة ويتكبد فيها الجيش الإسرائيلي المزيد من الخسائر، وفي هذا السياق يقول المعلق العسكري عمير رابابورت، إن المرحلة الأولى من الدخول البري قد تمر بسهولة وعندها تأتي المرحلة الخطرة التي يكون فيها الجنود الإسرائيليون داخل القطاع ويحاولون التمركز داخله في مواقع ثابتة، عندها يطلع عليهم "مقاتلو العدو" من الأنفاق ومن الفضاءات السرية في المباني المهدمة ويهاجمونهم، في هذه المرحلة، كما يقول، يجب الافتراض أن كل شيء مفخخ.

كذلك فإن الأمر لا يقتصر على صعوبة وربما استحالة تحقيق الأهداف العسكرية الإسرائيلية التي وضعها كابينيت الحرب فقط، بل يرتبط أيضا بغياب أهداف سياسية للحرب وما بعد تقويض سلطة حماس وتفكيكها، خاصة وأن كل إستراتيجية اليمين الإسرائيلي التي بناها نتنياهو قائمة على تكريس الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني، وإعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة هو ضرب لكل هذا النموذج.

وبالعودة إلى الجانب العسكري، فإن ما يشاع عن أن إطالة أمد الحرب قد يرهق عناصر المقاومة الفلسطينية، ويساهم في نفاذ المخزون الغذائي والتسليحي ويدفعهم إلى الخروج من تحت الأرض، يدحضه ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" حول قيام حماس خلال سنوات ببناء عشرات الكيلومترات من الانفاق التي تدخر فيها مخزون التموين والسلاح الكافي لمعركة طويلة متواصلة.

الصحيفة تفيد بأن هذا المخزون يضم آلاف اللترات من السولر، على حد زعمها، لتغذية الآليات والصواريخ، إضافة إلى مواد متفجرة وذخائر ومواد لإنتاج الصواريخ وكذلك مخزون من الغذاء والدواء والماء، ونقلت الصحيفة، أن حماس تضم 35- 40 ألف مقاتل وأنها تمتلك سلاحا وعتادا يمكنها من القتال ثلاثة أو أربعة أشهر دون حاجة إلى تجديده.

هذا بالحديث عن المقاومة الفلسطينية في غزة فقط، ناهيك عن المحاذير الأخرى المتعلقة بتوسع الحرب وإمكانية فتح جبهة جديدة مع حزب الله اللبناني أو التورط في حرب شاملة تشمل إيران وجبهات أخرى أيضا، وهي كلها عوامل تجعل مسألة التعامل مع الحرب البرية غاية في الحذر، لن تكون فيها أيادي الجيش الإسرائيلي مطلقة.

كلمات دليلية
التعليقات (0)