جلال نشوان يكتب : الصين والبقاء في المنطقة الرمادية

profile
جلال نشوان كاتب صحفي
  • clock 10 مارس 2022, 12:44:55 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

منذ بداية الأزمة الأوكرانية الروسية ، اختارت الصين اللعب في المنطقة الرمادية ، فالعملاق الصيني له حساباته الدقيقة والمدروسة بعناية ، حيث أنه  اقترب  من التربع على عرش الإقتصاد العالمي وفي نفس الوقت ، لم يغمض عينيه عن تايوان حليفة الولايات المتحدة الأمريكية ، سيما وأن المقاتلات الصينية تخترق الأجواء التايوانية وهنا  يداهمنا  السؤال الأكثر إلحاحاً : 


هل تم الإتفاق على هذا الموقف أثناء زيارة بوتن للصين ؟ 


يلحظ قارئ المشهد السياسي الصيني أن الرئيس الصيني اصطحب بوتن لإفتتاح دورة الألعاب الأولمبية ، ولسان حاله يقول ، انتهى عهد الأحادية القطبية ، لنمضي إلى عالم جديد ، لا  مكان فيه  للتفرد الأمريكي 
موقف الصين يؤرق صناع القرار في الغرب ، حتي أن وزير الخارجية الأمريكي بلينكين قال ( على الصين أن تعلو صوتها ) وهذا مؤشر لعدم رضا الغرب عن السياسة الصينية  ،وكأنه يقول إن الصين تؤيد روسيا 


العملاق الصيني دعا  الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقديم معلومات شاملة حول برامجها البيولوجية العسكرية على الأراضي الأمريكية وخارجها، وقبول التحقيقات الدولية ، سيما أوكرانيا والمناطق المجاورة لها ، وهذا يعني أن الحملة العسكرية الروسية ، جاءت للدفاع عن الأمن القومي الروسي


ويدرك العملاق الصيني إن أمريكا كانت بمثابة مختبرات   للبرامج البيولوجية العسكرية الأمريكية في أوكرانيا وربما يكون هذه المختبرات الأسلحة المحرمة دولياً  غيض من فيض.، حيث . تسيطر الولايات المتحدة  الأمريكية على 336 مختبرا في 30 دولة كما نفذ الجانب الأمريكي الكثير من العمليات العسكرية البيولوجية في العديد من أقاليم أوكرانيا 


وفي الحقيقة ؛ 
يبدو الموقف الصيني من الحرب الطاحنة  بين روسيا والغرب غامضاً  ، فهو موقف يحمل في طياته التوجس ، حتى لا تنقلب الأمور ضده ، سيما وأن الولايات المتحدة الشريك التجارى الأول للصين، فيما يعد الاتحاد الأوروبى الشريك التجارى الأول لروسيا، لا تتجاوز تجارة روسيا مع الصين 16 % من إجمالى التجارة الخارجية الروسية، و2 % فقط من حجم نظيرتها الصينية. وبعدما بلغ الاعتماد الاقتصادى المتبادل بين بكين وواشنطن مبلغا معقدا، يتحاشى كل منهما مواجهة الآخر. لذلك، حذر الأمريكيون الصين من المخاطر الأمنية والاقتصادية التى ستكابدها حالة مجاراتها روسيا فى إكراهها أوكرانيا، داعين بكين إلى إقناع موسكو بتفكيك تمركزاتها العسكرية بالمحيط الأوكرانى. بدورها، لا تزال موسكو تتحسس خطاها التقاربية مع بكين حرصا على خصوصية علاقاتها الاستراتيجية بالهند، عدوالصين اللدود، الذى يتصدر قائمة مستوردى السلاح الروسى.


العملاق الصيني يجيد اللعب في المناطق الرمادية  ، واستثمار الأزمات ، حتى يحصل على ما يريد ، ولعل خروجه من أزمة كورونا ،خروجاً مبهراً  ، يدل على إبداع المطبخ السياسي الصيني ، في إدارة الأزمات الداخلية والخارجية ، وجولات البعثات الصينية في دول العالم المحملة بالمواد الطبية والخبراء ، لتزويد الدول بخبراتها  ، في وقت تعثرت دول كثيرة في التصدي الوباء ،بل إن هناك دولاً  وقعت فريسة الوباء ....


العملاق  الصيني في صعود وغدا  القطب الذي يناطح الولايات المتحدة الأمريكية ، حتى أن وزير الخارجية الأميركي السابق جاك  بومبيو قال أن الصين تشكل خطراً على العالم كله ..

.
إن العلاقة بين الصين وروسيا ،   تندرج تحت التقارب وليس التحالف . وقد تنامت هذه العلاقات بين موسكو وبكين منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وتبنّي الطرفان  الدعوة إلى إنهاء  النظام الأحادي القطبية، لصالح تعدّدية قطبية فيها توزيع القوة في النظام الدولي مع واشنطن. وعمليًا، شاركت الصين وروسيا في إنشاء تكتلات دولية ، لإنهاء التفرد الأمريكي....


لن تغامر الصين في الإنزلاق إلى حرب عالمية ، وأن كانت تتفهم حاجات الأمن الروسي ، فالصين لها مصالحها مع الغرب ولن تذهب بعيدا  في حروب شاملة تضر بمصالحها الإقتصادية ومع ذلك تتوجس من التوحش الغربي الذي تجاوز كل الحدود ومع ذلك إختارت ان تبقى في المنطقة الرمادية ، لأن مصالحها فوق  حسابات القوة والهيمنة


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)