حسابات معقدة.. أين تقف الصين من الحرب الروسية على أوكرانيا؟

profile
  • clock 13 مارس 2022, 4:44:47 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كثيرة هي الافتراضات المرتبطة بالحرب الروسية في أوكرانيا، لكن ربما كانت الافتراضات الخاصة بموقف الصين هي الأكثر وقوعا في فخ التبسيط.
ومن الافتراضات التي تم سماعها بشكل متكرر خلال الأيام القليلة الماضية أن "الصين هي أفضل حليف لبوتين" أو أن "الصين تسمح لروسيا بمهاجمة أوكرانيا حتى تتمكن لاحقا من غزو تايوان". لكن في الواقع، الوضع أكثر تعقيدا من ذلك بكثير.
ولا تعد الصين حليفا لروسيا، وباستثناء التغييرات الجذرية التي قد تنشأ فجأة في هذه الأوقات غير الاعتيادية، فليس لدى بكين نية لغزو تايوان على المدى القصير. ودعونا نرى لماذا.
بادئ ذي بدء، صحيح أن العلاقات الاقتصادية بين بكين وموسكو تنامت خلال الأعوام الأخيرة، لكن الصين لها اليد العليا في تلك الشراكة. ومن الجدير بالذكر أن الاقتصاد الروسي يساوي واحد على عشرة من اقتصاد الصين، وهو ليس من بين أكبر 10 شركاء تجاريين لها.
لذلك بالرغم من أهمية علاقاتهما في قطاع الطاقة، فإنها ليست مهمة لدرجة التخلي عن العلاقات مع بقية العالم. وأصبحت روسيا معزولة بشكل متزايد من قبل المجتمع الدولي. على سبيل المثال، أوقفت شركة الشحن الدنماركية "ميرسك" الشحنات من وإلى روسيا، وبالتأكيد لا ترغب بكين في اتباع نفس المسار، خاصة أن تجارتها مع بقية العالم تزايدت بنسبة 20% في عام 2021.
لذلك، تشعر الصين بقلق بالغ إزاء الآثار الاقتصادية لهذه الأزمة، لأنه في حال تعرضها للعزلة، فلا يمكن لروسيا وحدها أن تشكل سوقا بديلة، وسيمثل ذلك ضربة هائلة لقطاعاتها الحيوية.
ويعني ذلك أن الوباء والتوترات الحالية حول النفط والغاز أظهرت للعالم أن الاعتماد الاقتصادي المتبادل هو أكثر من مجرد رابط متبادل لتحقيق السلام. وفي الواقع، يُنظر بشكل متزايد إلى عدم التكافؤ في العلاقات التجارية على أنه سلاح بديل عن الصراع العسكري.
وأوضح مثال هنا هو النقاش حول العقوبات الأمريكية والأوروبية في مواجهة تهديدات موسكو بإغلاق صنبور الغاز. وتدرك روسيا، التي عانت من عقوبات مالية في عام 2014، مخاطر التعرض المفرط للعقوبات، وقد اتخذت في الأعوام الأخيرة بالفعل إجراءات احترازية من خلال تنويع مصالحها المالية لتقليل تداعيات العقوبات الغربية.
ومن المرجح أن تفكر باقي دول العالم من الآن فصاعدا في كيفية تجنب الإكراه الاقتصادي مثلما يحدث مع روسيا، بل إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نفسيهما يدرسون كيفية الإنتاج المحلي لكل ما لا يمكنهم شراؤه سوى من الصين لتجنب الوقوع في فخ الابتزاز الاقتصادي.
ولا تزال صور مشاركة "بوتين" في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية كضيف على "شي جين بينج" حاضرة في أعين المجتمع الدولي، ويتساءل الكثيرون عما إذا كان الزعيم الصيني قد أعطى الضوء الأخضر لروسيا، أم أن "بوتين" أراد أن يوهم العالم بأنه يحظى بدعم الصين حتى لو لم يكن الأمر كذلك بالفعل.
والأمر المؤكد هو أن الزعيم الروسي انتظر حتى نهاية الألعاب ليبدأ غزوه، ما يعني أن نوعا من التنسيق قد يكون حدث. لهذا السبب أيضا، تعمل بكين جاهدة لإيجاد حل يقلل من المخاطر بينما تحاول تقديم نفسها على أنها محايدة من خلال المحادثات الدبلوماسية مع أوكرانيا.
وليس من مصلحة بكين أن يتم تصويرها على أنها أفضل حليف لـ"بوتين"، لأنه قد يحمّلها مسؤولية الضحايا من المدنيين، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تدهور صورتها الدولية.
وفي الواقع، شدد "شي جين بينج" على الحاجة إلى منع حدوث أزمة إنسانية واسعة النطاق، وذلك خلال مكالمة فيديو مع "إيمانويل ماكرون" و"أولاف شولز". ومع ذلك، لا تزال الصين قريبة من موسكو لأن البلدين يشتركان في نفس الانتقادات للنظام العالمي الحالي. وليس من قبيل المصادفة أن رد فعل الصين الأول على الحرب كان إلقاء اللوم على "الناتو" والولايات المتحدة.
لكن ماذا عن تايوان؟ حسنا، إذا كان رد الغرب على روسيا مفيدا لطموحات بكين بشأن تايبيه، فقد تم بالفعل تعلم العديد من الدروس. وقبل كل شيء، أظهر الغرب أنه يستطيع الرد بقوة عندما يريد، بالنظر إلى نطاق العقوبات والتغيير التاريخي للسياسة الخارجية لألمانيا. وقد ظهر أن الاستيلاء على الأراضي في القرن الـ 21 عملية معقدة تتطلب إجراءات سريعة و تنطوي على احتمالية فشل عالية، أو على الأقل التورط لوقت أطول في حرب عصابات محلية.
واليوم، تتنافس الصين مع الولايات المتحدة على السيادة الاقتصادية العالمية في القرن الـ 21، ومن غير المرجح أن تعرض نفسها للخطر في عملية يمكن أن يؤدي فشلها إلى تقويض قيادة "شي جين بينج".
لهذا السبب، لا ينبغي تفسير الاستطلاع الجوي الصيني حول تايوان على أنه علامة على غزو وشيك بالرغم من تكراره. ويمكن القول إن الصين ليست مستعدة لدعم روسيا بشكل كامل وأن غزو تايوان يبدو أن له تكلفة لا تستحق خوض المواجهة اليوم.
 

التعليقات (0)