حسين صالح السبعاوي يكتب: إيران البراغماتية

profile
  • clock 26 فبراير 2024, 11:54:45 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لم يظهر نظاما برغماتياً في العالم الثالث وفي التاريخ المعاصر كما ظهرت إيران في الوقت الذي اختلف الكثير من السياسيين والمحللين والمتابعين في بداية ظهور النظام الإيراني سنة ١٩٧٩ عندما إستولى الخميني على الحكم من الشاه.

 

فإيران دولة فارسية ودولة شيعية ودولة إسلامية وقومية، ودولة ملالي ومخابرات، ودولة سياسية ومليشيات كل هذه المتناقضات وجدت في النظام الإيراني واستطاع بنفس الوقت استثمارها جميعا خدمة لمشروعه التوسعي في المنطقة.

 

إيران عدو أمريكا وحليفها وعدو إسرائيل وحليفته، وصديقة العرب وعدوهم ؟!

ايران تتبنى الشيعة وتقاتل بهم ضد أهل السنة، وإيران تدعم داعش والقاعدة ضد الشيعة، وتقاتل بهم السنة في آنٍ واحد.

 

إيران موجودة في الشرق والغرب وفي آسيا وفي أفريقيا وأينما توجد القاعدة توجد إيران. 

 

إيران شقت الصف العربي، ثم شقت الصف الخليجي ومزقت الدول العربية وأشعلت فيها الحرائق بينما هي باقية دولة موحدة متماسكة، كما إنها تقاتل الجميع لكن ليس بجنودها بل بأتباعها لهذه الدول التي مزقتها،  وتقاتل كل بلد بشعبه وبطوائفه.

عندما دخل العراق في حرب ضروس ضد إيران عام ١٩٨٠ انقسم العرب فمنهم داعم لإيران ومنهم داعاً للعراق، ومنهم التزم الصمت بحجة إنها فتنة. 

إيران حرّضت أمريكا والغرب والشرق ضد المسلمين في الوقت الذي تعلن عدائها للإمبريالية الأمريكية  فهي حليف أمريكا في إحتلال أفغانستان وبنفس الوقت تدعم القاعدة؟! 

وهي حليف أمريكا في إحتلال العراق عام ٢٠٠٣ وإسقاط نظام صدام حسين، وبنفس الوقت  تدعم بعض الجماعات المسلحة ضد أمريكا واستهداف قواعدها في العراق. 

إيران هي البلد الوحيد الذي يقاتل مع روسيا في سوريا، وتقاتل مع أمريكا في العراق سيما أن روسيا وأمريكا لهما مشروعان متناقضان في المنطقة، إيران دعمت إسرائيل في الثمانينات " إيران غيت أو إيران كونترا " وإيران تدعم حماس والجهاد الإسلامي ضد إسرائيل، وهي تضرب الإخوان المسلمين في اليمن وتدعمهم في فلسطين!

إيران احتلت أربع عواصم عربية بمباركة أمريكية ودولية وبدون أن تحرك قواتها إلى هذه العواصم، بينما نظامنا العربي ما زال حليفا لأمريكا ويدفع لها الجزية. 

إيران صنعت لها لوبي في أمريكا يخدم مصالحها، بينما لوبياتنا في أمريكا تعمل ضد شعوبها وتعمل لتغيير هويتها، إيران دولة إسلامية ولا تسمح للمسلمين من أهل السنة في بناء مسجداً لهم في طهران، بينما تدعي محاربة اليهود في الوقت الذي معابدهم عامرة في طهران.

إيران هي من وقفت ضد أذربيجان الشيعية في حربها مع أرمينيا، بينما الأخيرة معقل الصليبية واليهودية وأكبر قواعد التجسس الإسرائيلية فيها،

إيران هي من ساهمت في إسقاط الرئيس مرسي وهي من وقف ضد الشعبي اليمني في ثورته ضد نظام علي عبدالله الصالح وبنفس هي من دعمت تحالف علي عبداللة الصالح مع الحوثي لإسقاط الثورة اليمنية، وإيران هي من حافظ على نظام بشار الأسد من السقوط بعدما ثار عليه شعبه، بينما هي من ساهم في إسقاط نظام صدام حسين الذي وثق بهم ونقل إليهم السفن الحربية والطائرات المدنية والعسكرية عام ١٩٩١ في حربه ضد أمريكا، وإيران هي من كانت تشجع النظام العراقي على عدم الإنسحاب من الكويت، بينما كانت تجهز المعارضة العراقية للدخول إلى العراق أثناء الحرب من أجل السيطرة على الحكم.

إيران وظفت الكتّاب العرب من القوميين واليساريين خدمة لمشروعها وجعلتهم يغردون كما تريد وأصبحوا أدوات بيدها، ووبالاً على شعوبهم وأبناء جلدتهم. 

إيران لا تتعامل فقط من خلال مؤسساتها الدينية أو من خلال الحرس الثوري لديها مع الدول التي تسعى للهيمنة عليها كما يظن البعض بل لديها وسائل عدة متنوعة من جهاز المخابرات " السافاك" ومنها جمعيات خيرية أو كما يسمى المجتمع المدني ومنها مراكز أبحاث ودراسات وغيرها الكثير، وإيران قد وظفت جميع القوميات والمذاهب في الدولة من أجل خدمة إيران التوسعية رغم تناقض هذه القوميات في إيران. 

كل هذا وما زال البعض يقول بأن النظام الإيراني نظاماً متخلفاً ورجعياً؟! 

لا يا سادة إيران فيها نظام برغماتي يوظف كل المتناقضات من أجل مصلحة بلادهم ومن أجل مشروعهم التوسعي، بل أنتم المتخلفين الذي ليس لديكم مشروع للمواجهة تستطيعون أن تحفظوا من خلاله سيادة دولكم وتمتلكون قراركم السيادي، أنتم من يقمع الشعوب ويزج بأحرارهم في السجون، وأنتم من دمر الإقتصاد ونهب الثروات وأصبحتهم تابع مطيع لأمريكا وإسرائيل وتدفعوا لهم الجزية وأنتم صاغرون. 

التعليقات (0)