د. غسان مصطفى الشامي يكتب: سياسة التهجير القسري سيف مسلط على أبناء القدس

profile
د. غسان مصطفى الشامي كاتب فلسطيني
  • clock 26 يوليو 2023, 11:49:16 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تمثل سياسية التهجير والإبعاد القسري الإسرائيلية عن القدس والمسجد الأقصى المبارك  التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق العائلات المقدسية، وبحق المرابطين وأبناء القدس الميامين سيفا مسلطا على رقابهم، تستخدمها سلطات الاحتلال دون حسيب أو رقيب أو نظرة المجتمع الدولي لهذه الجرائم العنصرية الاسرائيلية الممنهجة التي تستهدف تفريغ مدينة القدس من أهلها ومرابطيها وسكانها الأصليين، وهي  تأتي ضمن سياسات ومخططات التهويد والاستيطان الدائمة بحق القدس والمسجد الأقصى المبارك.


الكل منا يشعر بألم كبير مما يحدث في القدس القديمة من تنفيذ عملي إجرامي لسياسة التهجير والترحيل القسري بحق عائلة " صب لبن"  المقدسية التي تعيش في منزلها الواقع في شارع عقبة الخالدية في القدس القديمة، ويعيشون فيه منذ أكثر من سبعين عاما، حيث تمارس سلطات الاحتلال سياسة التهجير القسري بحق كافة العائلات المقدسية في المدينة المقدسة؛ ونذكر هنا كلمات ابنة العائلة الشابة لمى صب لبن التي قالت بلغتها ولهجتها المقدسية : "اللي بصير تهجير قسري.. ما حد واقف معنا ولا حد بحمينا.. سياستهم ( المحتلين ) واضحة وهدفهم تهويد القدس.. هذه نكبة جديدة.. القاضي والجلاد واحد.. إلى متى؟؟!" هذا وصف بسيط لجريمة التهجير والتشريد القسري التي تتعرض عائلة ( صب لبن ) من منزلهم الذي يبعد أمتار قليلة عن المسجد الأقصى المبارك ويطل على باحاته ومصاطبه الشريفة، وهم يسكنونه منذ أكثر من سبعين عاما؛و قامت قبل يومين جماعات المستوطنين بمشاركة جنود الاحتلال الصهيوني بالإعتداء على المنزل، وإخراج الأثاث منه بقوة فيما  تبادل العشرات من المستوطنين الأدوار على رمي  أثاث منزل العائلة بالشارع لاجبارهم على تركه والخروج منه بقوة بهدف سيطرة المستوطنين عليه؛ كما قام المستوطنين بتعليق الأعلام الإسرائيلية على سطح المنزل وشرفاته.


لقد عانت عائلة " صب لبن "  من سياسات التهجير القسري والتشريد منذ أكثر من أربعين عاما، حيث تم تهديد أصحاب المنزل بإخلائه في الثمانينيات من القرن الماضي، ومنذ ذلك التاريخ بدأت فصول معاناة عائلة " صب لبن " مع المحتلين والمستوطنين في محاولات الاعتداء عليهم وابتزازهم من أجل إخلاء منزلهم وتشريدهم وإبعادهم عن القدس والمسجد الأقصى المبارك؛ حيث قامت إحدى الجمعيات الاستيطانية بالإدعاء أن منزل عائلة " صب لبن " هو وقف يهودي، وعليه قررت محاكم الاحتلال إنهاء الإجارة المحمية للعائلة، وإخلائها من المنزل، وسبق ذلك جلسات عديدة وقرارات مختلفة بدأت في ثمانينات القرن الماضي، في محاولة لانتزاع ملكية المنزل، فيما هدم المستوطنون، قبل عدة أعوام، الجدار الفاصل بين العقار  ومخزن عائلة ( صب لبن ) ، ومنه تسللوا إلى المخزن ليباشروا مزيداً من أعمال الحفر والهدم وتغيير المعالم، الأثرية والتاريخية لهذا المنزل المطل على المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة .


إن سلطات الاحتلال الصهيوني تكثف من جرائم التهجير القسري وسياسات القمع بحق أهلنا بالقدس، وذلك لأنها تريد زيادة أعداد المستوطنين في القدس بزيادة كبيرة عن أهلها المقدسين الذين يشكلون قرابة 45% بعد التهجير القسري والطرد، بل يمثلون القنبلة الموقوتة التي ممكن أن تنفجر في أي وقت في وجه المحتلين الصهاينه الذين يريدون أن تكون  القدس ذات غالبية ساحقة من المستوطنين اليهود مقابل أعداد قليلة من المقدسيين تَسهل السيطرة عليهم ومحاصرة تجمعاتهم وتهجيرهم وتشريدهم منها .


إن سياسية التهجير القسري في القدس ترتقي إلى "جريمة حرب" تشارك فيها سلطات الاحتلال بمختلف مستوياتها، وهي مخالفة القوانين والمواثيق الدولية والأممية والقانون الدولي الإنساني، وتعد جريمة متكاملة الأركان خصوصاً لمواطنين يعيشون تحت سياط الاحتلال الاسرائيلي منذ نكبة فلسطين.


إن الكيان الصهيوني يشدد من سياساته الاجرامية العنصرية ضد الفلسطينين و يعمل على السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الأرض والسكان والمقدرات، لهذا فهو يقوم  باقتلاع الوجود الفلسطيني من كافة أنحاء فلسطين، ويبقيهم في المهجر لتكن نسبة ضئيلة داخل القدس وفلسطين .

إن القدس تمثل أهم المدن المركزية  في نظر الصهاينة بل ويتم  تركيز مشاريع التهويد والاستيطان عليها، حيث يعمل الصهيانة على تنفيذ سياسات التهجير منها منذ عشرات السنين، وقد سيطروا على 39 حياً عبر سلسلة مجازر أبرزها دير ياسين، حيث تم إخلاء الفلسطينيين بقوة السلاح من 80% من المدينة عام 1948"، أما فيما يتعلق بالشق الشرقي من القدس الذي احتله الكيان عام 1967، فقد تعرض لأبشع صور التهجير القسري عبر أساليب خبيثة ومليئة بالتحايل كسحب هوية النقدسين مَن غادر المدينة لهدف التعليم وبقي خارجها 3 سنوات، وعدم منح المقدسيين رخص بناء، وكذلك الزواج من الضفة أو غزة، وسحب هوية نواب مقدسيين في المجلس التشريعي الفلسطيني وإبعادهم إلى الضفة.


إن تهويد مدينة القدس يمضي على قدم وساق، بل إن حكومة نتنياهو اتفقت مع المتطرفين من اليهود الصهاينة على تعزيز الوجود اليهودي داخل الأقصى.


إن السلطات الاسرائيلية تمضي في سياستها العنصرية الاجرامية في إخلاء العائلات الفلسطينية في القدس ضمن مخطط ما يسمى "الحوض التاريخي المقدس" الذي يبدأ من حي شيخ جراح، شمالي البلدة القديمة، وصولاً إلى سلوان، جنوبي المسجد الأقصى، بما فيها البلدة القديمة في محيط الأقصى لتفريغ المدينة المقدسة ومحيط الأقصى، وتغيير التركيبة السكانية بحيث يكون العدد الأكبر للمستوطنين الصهاينة، بهدف تغير الطابع الديغفرافي والسكاني للقدس  وإحلال المستوطنين الجدد، وإبعاد خط الدفاع الأول عن الأقصى والبلدة القديمة الذي يؤخِّر ويؤجِّل المشاريع التهويدية والاستيطان في القدس.


إن المعاناة التي تعيشها عائلة ( صب لبن) بالقدس تعيشها مئات العائلات المقدسية بهدف احكام السيطرة على القدس وتفريغها من أهلها وإحلال المستوطنين الصهاينة وتنفيذ مخططات ومشاريع الاستيطان في المدينة المقدسة؛ الأمر الذي يستوجب منا فضح هذه الجرائم أمام العالم وضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف هذه السياسة الاجرامية، والمساندة والدعم للعائلة المقدسية الصامدة في منازلها والثابتة على أرضها...


                     إلى الملتقى،،

المصادر

[email protected]

التعليقات (0)