عاموس هرئيل يكتب: انعدام الفعل السياسي من نتنياهو.. «إنجازات» الجيش في خطر

profile
  • clock 1 يناير 2024, 12:56:38 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

عرض الجيش الإسرائيلي على الجمهور في نهاية الأسبوع الماضي عددا من الإنجازات الأخيرة في الحرب ضد "حماس" في قطاع غزة. ضمن أمور أخرى، تم تدمير منشآت متشعبة للأنفاق الكبيرة، التي تصفها إسرائيل بأنها أنفاق استراتيجية في شمال القطاع.

في الوقت نفسه، يستمر القتال في المعقل الأخير لـ"حماس" في الشمال، الذي لم يتم فيه حتى الآن تحقيق أي سيطرة عملياتية، حي الدرج والتفاح في شرق مدينة غزة. الهجوم الذي تقوم به هناك الفرقة 162 يتوقع أن يستمر بضعة أيام أخرى.

تدور أيضا معارك في وسط القطاع. هناك هجوم محدود على مخيمات اللاجئين (الفرقة 99)، في الجنوب (الفرقة 36 بحجم مقلص). لكن جهد الجيش الإسرائيلي الرئيس ما زال ينصب على خان يونس. هناك توجد الفرقة 98 المعززة وهي تقوم بعملية واسعة للعثور على فتحات الأنفاق والسلاح. الهدف الرئيس هناك هو المس بقيادة "حماس"، التي بعض كبار قادتها يختبئون كما يبدو في الأنفاق الموجودة في المنطقة، إضافة إلى محاولات العثور على المخطوفين.

كدرس من قضية القتل الفظيع لثلاثة من المخطوفين، الذين نجحوا في الهرب من أسر "حماس"، على يد الجيش الإسرائيلي في حي الشجاعية، فإنه تم تشكيل في قيادات الفرق التي تشارك في الهجوم غرف عمليات تخضع لمنسق شؤون الأسرى والمخطوفين، الجنرال احتياط نيتسان الون. الهدف هو زيادة نجاعة نقل المعلومات إلى القوات التي تعمل في الميدان وبالعكس، إلى القيادات، في محاولة لمنع تكرار كارثة مشابهة التي جزء منها كان ينبع من حساسية هذه القضية.

جنوب خان يونس، إسرائيل تقريبا لا تعمل في منطقة رفح، حيث يعيش هناك حوالى مليون فلسطيني، معظمهم تم تهجيرهم من بيوتهم ويعيشون على مساحة صغيرة جدا. هناك تغيير واضح يتم الشعور به من حيث إطلاق الصواريخ. فحجم الإطلاق على غلاف غزة انخفض إلى عدد قليل من الصواريخ في اليوم. وعلى مركز البلاد يتم إطلاق صلية أو اثنتين في الأسبوع.

يدير الجيش كل هذه العمليات استعدادا للانتقال للمرحلة القادمة في الخطة ضد "حماس". 

المرحلة الثالثة للحرب يمكن أن تشمل تقليص جزء من القوات المكتظة التي تعمل في القطاع وتسريح وحدات في الاحتياط والتركيز على مناطق معينة ما زالت "حماس" فيها قوية نسبيا، بالأساس على صيغة الاقتحامات اللوائية.

موعد المرحلة الثالثة

لا يمكن القول، إنه يوجد إجماع حول هذا الأمر. لكن سواء في أوساط الجنرالات في هيئة الأركان أو في أوساط بعض أعضاء "الكابنيت" السياسي، يتضح الإدراك بأن صيغة العملية الحالية في القطاع تقترب من استنفاد نفسها. هذا يتعلق، كما كتب هنا في السابق، بالاعتبارات السياسية (العلاقات مع الولايات المتحدة) والعبء على جنود الاحتياط. مع بدء السنة الدراسية، صباح اليوم، يخلق حساسية أخرى. فمن يسبق من في التسريح؟ الطلاب الشباب الذين يمكن أن يخسروا السنة الدراسية أو أرباب العائلات وأصحاب المصالح التجارية الذين بصعوبة شاهدوا بيوتهم منذ ثلاثة اشهر؟.

المرحلة الثالثة لا تشير إلى نهاية للحرب في قطاع غزة. الأهداف العلنية للمعركة ضد "حماس" وتفكيك هذه المنظمة من قدرتها العسكرية والنظامية، إلى جانب إعادة المخطوفين، لم يتم تحقيقها حتى الآن. مع ذلك، هناك توافق في المواقف على أنه ستكون حاجة إلى استخدام القوة العسكرية لفترة طويلة إلى جانب الاحتفاظ بقوات كبيرة نسبيا للدفاع عن الحدود مع غزة ومع لبنان.

بعد فترة طويلة من الجمود في المفاوضات حول إطلاق سراح الـ 129 مخطوف الباقين، الذين اكثر من 20 منهم هم موتى، حسب معطيات الجيش الإسرائيلي، فقد نشرت مؤخرا عدة تقارير عن دلائل على التقدم، على خلفية مبادرات جديدة للوساطة من قبل قطر ومصر. وقد استغرق رئيس "حماس" في القطاع يحيى السنوار، 12 يوما من اجل الرد بالرفض على هذه الاقتراحات.

حتى الآن هناك من يلاحظون وجود شرخ ما في رفض "حماس" لإجراء مفاوضات طالما لم يتوقف إطلاق النار وإسرائيل لم تسحب قواتها من القطاع. الرئيس الأميركي، جو بايدن، عمل حتى للدفع قدما بالمفاوضات خلال عطلة عيد الميلاد. التزام بايدن العاطفي بموضوع المخطوفين كبير. والحكومة الإسرائيلية في المقابل لم تضع على الطاولة أي اقتراح جوهري جديد منذ فترة طويلة.

في "البنتاغون" أشاروا بشكل مهذب إلى الاختلافات في المواقف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حتى في البيان الإجمالي للمحادثة الهاتفية بين وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ونظيره يوآف غالانت. كما جاء، الاثنان ناقشا الإعداد لمرحلة الاستقرار في القطاع بعد انتهاء القتال الأساسي. وقد أكد أوستن على أهمية حماية المدنيين في غزة وعلى الحاجة إلى تسريع إدخال المساعدات الإنسانية.

في نهاية الأسبوع، تجاوز وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الطريق المسدود في الكونغرس وقام بالمصادقة على بيع إسرائيل قذائف مدفعية وذخيرة بمبلغ 150 مليون دولار تقريبا. بلينكن، الذي سيصل في هذا الأسبوع إلى إسرائيل، يدرك الحاجة العملياتية للجيش الإسرائيلي ويعمل على زيادة الاحتياط لديه على خلفية النقص العالمي في القذائف الذي يتأثر أيضا بسبب الحرب في أوكرانيا. لكن اليد التي تحرر هذا الخنق يمكنها مستقبلا أيضا إبطاء التيار، وفي إسرائيل يدركون هذا الأمر بشكل جيد.

يبدو أن لحظة الحقيقة لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في إدارة الحرب تقترب. كلما حاول تأجيلها فإنه سيتعين عليه خلال الشهر القادم اتخاذ قرارات مؤلمة، مرتبطة ببعضها البعض، حول طبيعة الحرب في القطاع فيما بعد وبخصوص صفقة المخطوفين القادمة، إذا حدثت. في الحالتين هو يخشى من التصادم مع المعارضة الشديدة من قبل اليمين في الائتلاف. الآن لا يمكن للمرء أن ينفجر وهو يرى سلوكه.

في مساء يوم الخميس، منع نتنياهو في اللحظة الأخيرة نقاشا في مجلس الحرب حول ترتيبات اليوم التالي، إزاء ضغط الوزير إيتمار بن غفير والوزير بتسلئيل سموتريتش، اللذين ليسا أعضاء في مجلس الحرب على الإطلاق. وحسب تقرير براك ربيد في "واللاه" فإن الرئيس الأميركي أجرى محادثة هاتفية قاسية مع نتنياهو وطلب منه تحرير أموال الضرائب الفلسطينية التي جمدتها إسرائيل للسلطة في الضفة.

كلما مر الوقت يبرز اكثر الاستنتاج. سيكون من الصعب ترجمة الجهد الكبير والجدير بالتقدير للجيش الإسرائيلي و"الشاباك" في العملية البرية في القطاع إلى تغيير استراتيجي. لأن حكومة نتنياهو تضع العراقيل أمامهم. رئيس الحكومة نفسه هو العائق أمام هذا التغيير. فمصلحة الدولة لم تعد نصب عينيه، بل إنقاذ نفسه سياسيا وقانونيا. الأزمة الأمنية الشديدة يمكن أن تتحول في القريب إلى أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة. ونتنياهو الذي يظهر بأنه غير مؤهل لإدارة الأزمة المركبة ومتعددة الوجوه، يمسك بالدولة بقبضة خانقة في محاولة لإنقاذ نفسه.

عاموس هرئيل - هآرتس

التعليقات (0)