عماد توفيق عفانة يكتب: الأونروا والاستهداف السياسي ذات البعد المالي ... حلول وبدائل

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 11 سبتمبر 2022, 2:29:36 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تتعرض الأونروا المنظمة الاغاثية الأممية الأكبر والاقدم في العالم، الى هجمات متتالية من اللوبي الصهيوني في كيان العدو وحول العالم، في سياق الحرب التي تتعرض لها، بهدف نزع البعد السياسي عنها، مع إبقاء البعد الإنساني الاغاثي فقط، ليس حبا في الأونروا، وليس رأفة أو شفقة بالشعب الفلسطيني، ولكن حفاظا على الامن والاستقرار في المنطقة، وهو السبب الذي ما صنعت الأونروا إلا لتحقيقه، في اعقاب النكبة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في العام 1948.

وقد اتخذت الحرب التي تتعرض لها الاونروا عدة اشكال منها:
- اتهامها بالفساد الأمر الذي فشلت كل اللجان التي كلفت بالتحقيق فيه في اثباته، الا انها كلفت المفوض العام السابق للأونروا بيير كرينبول وظيفته وموقعه.
- اتهامها بإدامة الصراع، كونها تمثل الشاهد الأممي العريق والعتيق، على نكبة الشعب الفلسطيني قبل أكثر من 74 عاما، وأن مجرد بقاءها واستمرار عملها، يمثل ادامة لإحياء قضية اللاجئين عامود خيمة القضية الفلسطينية.

وقد ساهمت قدرة اللوبي الصهيوني المرتفعة في الوصول الى البرلمانات الأوربية في التأثير على أعضاء هذه البرلمانات، لجهة نزع ثقة الدول الاوربية من الأونروا، وتكرار ذات الاتهامات التي يوجهها اللوبي الصهيوني للأونروا، وصولا الى حجب أموال الدعم الكفيل باستمرار عملها الاغاثي والإنساني.

وقد مثلت المناهج الدراسية، والاتهام بنشر الكراهية، أحد أكبر الاتهامات التي واجهتها الأونروا، حيث قالت أنها أوضحت للجميع وأكثر من مرة، أنها ليست دولة، وأنها ملزمة بتدريس مناهج الدولة التي تعمل على أراضيها، فضلا عن أن مناهج هذه الدول سواء الأردن أو السلطة الفلسطينية تخضع للمراجعة بشكل مستمر، لناحية نزع الدسم الديني والوطني عنها، كي لا يتوجع العدو الصهيوني من استمرار كشف حقيقته الاجرامية أمام الأجيال، وصولا الى تخريج أجيال لا تعرف تاريخها، وتجهل حقيقة عدوها، أجيال تقبل بالسلام والتعايش والتطبيع مع جلادها.

مخاطر الحرب الأوكرانية والتيارات الشعبوية
ومن العوامل التي ساعدت اللوبي الصهيوني في مهمته الخبيثة في تشويه الاونروا وحجب التمويل الأوروبي عنها، هو صعود اليمين والتيارات الشعبوية عنها، فضلا عن وصول الجمهوريين الى الحكم في أمريكا ابان عهد ترامب الذي حجب كامل المخصصات المالية السنوية عن الأونروا والبالغ نحو 360 مليون دولار، والذي يمثل نحو ثلث موازنة الأونروا البالغة أكثر من مليار دولار.

لذلك قد يمثل وصول اليمين والتيارات الشعبوية الى الحكم في أوروبا، وعودة الجمهوريين الى الحكم في أمريكا، كابوسا وتهديداً وجودياً للأونروا، مع مخاطر اقدام هؤلاء عن حجب أموال الدعم عن موازنتها النحيفة.

كما ان الحرب الأوكرانية اثرت سلبا على القضية الفلسطينية التي انزوت في ظلمات الإهمال، كما انعكس سلبا على الأونروا مع تحول الاهتمام باللاجئين الاوكرانيين، وبتمويل الحرب في أوكرانيا، فضلا عن الانشغال بأزمة الطاقة التي باتت تضرب أوروبا كأحد افرازات الحرب في أوكرانيا.

ورغم أن أكبر دولة أوروبية كبريطانيا حجبت نحو نصف الأموال اتي كانت تخصصها عادة لدعم موازنة الأونروا سنويا، ورغم ان الدول العربية الملزمة بموجب قرار للجامعة العربية بتمويل نحو 7% من موازنة الأونروا؛ الا انها عمليا لا تدفع الا 3% من حصتها فقط، إلا أن الأونروا تملك ورقة قوة وازنة في وجه مخاطر حجب الأموال عنها، وهي ورقة الامن والاستقرار اللازمة لتأمين مصالحهم في منطقة الشرق الأوسط التي تضم نحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني، قد يتحولون إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت في وجه مصالح الجميع في المنطقة، إذا مست سلة غذائهم، وإذا ما عجزوا عن مواصلة البقاء على قيد الحياة بكرامة.

خيارات الأونروا لتامين دعم مالي مستدام:
يوجد عدد من الخيارات أمام الأونروا لناحية تأمين دعم مالي بديل عن الدول التي حجبت تمويلها.

- البديل الاول لا يتعلق بدعم الدول بشكل مباشر، بل بعقد شراكات مع منظمات دولية أخرى ذات موازنات ضخمة، مع مهمات إنسانية تتلاقي وتتقاطع مع مهمات الأونروا الإنسانية، مثل عقد شراكات مع منظمات صحية ومنظمات إغاثة غذائية وأخرى تعليمية وهكذا.

علما ان للأونروا اتفاقات شراكة مع 32 منظمة إغاثة دولية، مثل المنظمة الدولية للمستوطنات، التي اعادت بناء مخيم فلسطيني في سوريا، ومنظمة الغذاء العاملي التي تشتري مواد غذائية بقيمة 5 مليار دولار كل عام، فضلا عن منظمة اليونسكو التي يتصدر اسمها مع الاونروا الشهادات المدرسية للاجئين.

- البديل الثاني هو اللجوء الى البنوك في العالم الإسلامي للاستفادة من صناديق الزكاة فيها، والتي يبلغ حجم المال الذي يدور في صناديقها نحو ألف مليار اي ترليون دولار، لناحية انشاء وقفيات يخصص ريعها لتأمين دعم مالي مستدام لموازنة الأونروا وبرامجها الاغاثية المختلفة.

- البديل الثالث هو توسعة مروحة الدول المانحة والداعمة، والبحث عن مانحين وداعمين جدد في افريقيا وامريكا اللاتينية، الداعمة والمناصرة للحق وللقضية الفلسطينية.

- اما البديل الرابع فهو اقدام الأمم المتحدة على رفع مساهمتها المالية السنوية في موازنة الأونروا، استجابة للمطالب المستمرة من الأونروا ومن الفلسطينيين، بتأمين دعم مالي مستدام للأونروا، من خلال تمويلها بشكل ثابت ومتعدد السنوات من موازنة الأمم المتحدة، اسوة بمنظمات دولية أخرى، الأمر الذي تعارضه وترفضه الولايات المتحدة، التي هددت بحجب مساهمتها المالية في تمويل الامم المتحدة اذا اقرت ذلك، علما ان الاونروا مسجلة كمنظمة مؤقتة في الأمم المتحدة، مرتبطة بقضية واحدة، الى حين عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها، فيما المنظمات الأممية الأخرى ذات الموازنات الثابتة من الأمم المتحدة هي منظمات دائمة وليست مؤقتة، ومرتبطة بقضايا إنسانية عالمية مستمرة كالتعليم والصحة والغذاء الخ.

التعليقات (0)