قلق غربي من تنامي علاقات تركيا وروسيا وتلويح بـ"عقوبات"

profile
  • clock 11 ديسمبر 2022, 10:56:54 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تشعر حكومات غربية بقلق متزايد إزاء تنامي العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا، إذ حذّرت من أن تركيا قد تواجه "رداً عقابياً" إذا ساعدت روسيا في تفادي العقوبات، بحسب ما ذكر مسؤولون لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

ونقلت الصحيفة في تقرير، السبت، عن ستة مسؤولين غربيين قولهم، إنهم قلقون بشأن التعهد الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، بتوسيع نطاق التعاون في التجارة والطاقة، بعد اجتماع استمر أربع ساعات في منتجع سوتشي على البحر الأسود.

وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن الكتلة المشكلة من 27 دولة "تراقب عن قرب التعاون التركي الروسي"، معرباً عن قلقه من أن تركيا باتت تصبح "بشكل متزايد" منصة للتجارة مع روسيا.

ووصف مسؤول آخر سلوك تركيا تجاه روسيا بأنه "انتهازي للغاية"، مضيفاً: "نحاول أن نجعل الأتراك ينتبهون إلى مخاوفنا".

وحذّرت واشنطن مرات عدة من أنها ستعاقب الدول التي تساعد روسيا على التهرب من العقوبات بـ"عقوبات ثانوية"، ولكن الاتحاد الأوروبي كان أكثر تحفظاً بشأن القيام بذلك، بحسب الصحيفة. 

والتقى نائب وزيرة الخزانة الأميركية والي أديمو بمسؤولين أتراك ومصرفيين في إسطنبول، في يونيو الماضي، لتحذيرهم من خطورة أن تصبح أنقرة بمثابة "قناة لنقل الأموال الروسية غير المشروعة".

"عقوبات"

وهدّد أحد المسؤولين الغربيين الذين تحدثوا للصحيفة، بأنه يمكن للدول الأوروبية دعوة شركاتها وبنوكها إلى الانسحاب من تركيا، في حال نفّذ أردوغان الوعود التي أعلنها الجمعة، بشأن تعزيز التعاون الاقتصادي مع موسكو.

وهذا التهديد، وفق "فايننشيال تامز"، غير عادي للغاية ضد دولة عضو في "حلف شمال الأطلسي" (الناتو)، إذ أنه يمكن أن يشل اقتصاد أنقرة في حال وافقت الشركات الأجنبية على الامتثال له.

وأضاف المسؤول أن الدول التي فرضت عقوبات على روسيا "يمكن أن تتخذ إجراءات ضد تركيا، من خلال دعوة الشركات الغربية إما إلى الانسحاب من ارتباطاتها في أنقرة، أو تقليص علاقاتها مع الدولة نفسها، وذلك في حال قامت الأخيرة بتوسيع علاقاتها مع موسكو".

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاقتراح قد تم رفضه من قبل العديد من المسؤولين الغربيين الآخرين، الذين تساءلوا عن كيفية تنفيذه من الناحية العملية والقانونية، وما إذا كان سيكون فكرة جيدة في ظل اندماج أنقرة العميق في النظام المالي الغربي، وإجراء العديد من العلامات التجارية عمليات طويلة الأمد ومربحة للغاية في البلاد.

وقال مسؤول أوروبي آخر: "هناك مصالح اقتصادية مهمة للغاية (في تركيا)، ومن من المحتمل أن يتم التصدي بقوة لمثل هذه الإجراءات العقابية"، لكنه أضاف: "لا يستبعد اتخاذ أي إجراءات في حال اقتربت تركيا أكثر من اللازم من روسيا".

واعترف المسؤول للصحيفة بأن "اتخاذ الاتحاد الأوروبي قراراً جماعياً رسمياً بشأن فرض عقوبات على تركيا، يمثل تحدياً للانقسامات الموجودة داخل الكتلة"، مشيراً إلى أن بعض الدول الأعضاء "يمكن أن تتخذ إجراءً بشكل أحادي"، وأضاف: "يمكن على سبيل المثال أن تطلب بعض الدول وضع قيود على تمويل التجارة، أو مطالبة الشركات المالية الكبرى بخفض التمويل للشركات التركية".

وأشار ثلاثة مسؤولين أوروبيين آخرين إلى أنه "لم تجر حتى الآن أي مناقشات رسمية في بروكسل بشأن التداعيات المحتملة على تركيا"، فيما أشار العديد من المسؤولين إلى أن "التفاصيل الكاملة وتداعيات المناقشات في سوتشي لم تتضح بعد".

تعزيز التعاون

وأجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، محادثات في منتجع سوتشي، لبحث ملفات أبرزها أوكرانيا والطاقة.

وجاء لقاء سوتشي بعد ثلاثة أسابيع على اجتماع أردوغان وبوتين في العاصمة الإيرانية طهران، ونجاح الوساطة التركية بين موسكو وكييف، بشأن اتفاق دولي يتيح استئناف تصدير الحبوب عبر مضيق البوسفور.

وخلال محادثات سوتشي، اتفق الرئيسان الروسي والتركي على "تحويل جزء من مدفوعات الغاز الروسي إلى الروبل"، بالإضافة إلى مناقشة "قضايا التعاون في القطاع المصرفي والمالي".

واتفق الجانبان، بحسب بيان ختامي، على "اتخاذ خطوات ملموسة لزيادة التعاون بشأن القضايا التي ظلت على جدول أعمال كلا البلدين لفترة طويلة"، على غرار "قطاعات النقل والتجارة والزراعة والصناعة والتمويل والسياحة والبناء".

وقال أردوغان في تصريحات للصحافيين، على متن طائرته العائدة من روسيا، إن اللقاء مع بوتين شهد أيضاً "تطورات مهمة للغاية" بشأن استخدام نظام بطاقات الدفع الروسي "مير"، والذي يسمح للروس في تركيا بالدفع بالبطاقة في الوقت الذي أوقفت فيه شركتا "فيزا" و"ماستركارد" عملياتهما في موسكو.

وأضاف أن بطاقات "مير" ستساعد السياح الروس على دفع تكاليف تسوقهم وإقامتهم في الفنادق.

توتر بين أنقرة والغرب

وخلال الأعوام الأخيرة، شهدت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والغرب توترات عدة، إذ فرضت واشنطن عقوبات على أنقرة في عام 2020 رداً على شرائها نظام دفاع جوي روسي من طراز "إس-400"، ولكنها استهدفت صناعة الدفاع في البلاد، وليس الاقتصاد بشكل عام.

ووفق "فاينانشال تايمز"، تنظر العديد من العواصم الغربية إلى أردوغان، الذي هدد مراراً باستخدام حق النقض ضد انضمام السويد وفنلندا إلى "الناتو"، على أنه "حليف غير موثوق به"، ومع ذلك، فإن تركيا تُعد شريكاً حيوياً لأوروبا في "مكافحة الإرهاب، والتعامل مع قضية اللاجئين"، إذ تستضيف أنقرة حوالي 3.7 مليون لاجئ سوري كجزء من صفقة أبرمت مع الاتحاد الأوروبي في عام 2016، والتي ساعدت على وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا.

وأبرز الصراع بين روسيا وأوكرانيا موقع تركيا الاستراتيجي، إذ أنها تتحكم في الوصول إلى المضائق التي تربط البحر الأسود بالبحر الأبيض المتوسط، كما أن أردوغان لعب دوراً رئيسياً في تأمين صفقة نقل الحبوب عبر البحر الأسود، التي وقعتها موسكو وكييف الشهر الماضي، والتي تهدف إلى تجنب أزمة عالمية للغذاء.

التعليقات (0)