كيف أثرت حرب أوكرانيا على علاقات روسيا مع ليبيا والسودان؟

profile
  • clock 27 أبريل 2022, 7:20:43 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تباينت ردود الفعل الرسمية في إفريقيا تجاه الحرب في أوكرانيا. وفي حين لم تنفذ معظم الدول الأفريقية العقوبات، فقد أدانت الغزو الروسي في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2 مارس/آذار. ومع ذلك، امتنعت عدة دول عن التصويت فيما بدا تضامنا مع موسكو. ويتجلى هذا الاستقطاب في الموقف المختلف لكل من ليبيا والسودان، وهما دولتان تستضيفان وجودًا عسكريًا روسيًا غير رسمي.

وأدانت وزيرة الخارجية الليبية "نجلاء المنقوش" الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط، وبعد ذلك بـ 6 أدان رئيس الوزراء المعين "فتحي باشاغا" الغزو الروسي ووصفه بأنه "انتهاك واضح للقانون الدولي وسيادة أوكرانيا". وقد صوتت ليبيا أيضًا على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 7 أبريل/نيسان.

وعلى النقيض من ذلك، انتهج السودان سياسة أكثر حذرًا، حيث امتنع عن التصويت على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، واقتصر على الدعوات من أجل "الحوار بين روسيا وأوكرانيا".

وبالرغم من التداعيات الاقتصادية والمأزق العسكري في أوكرانيا، لا تزال روسيا ملتزمة بالحفاظ على نفوذها في ليبيا والسودان. ونظرًا لأن العقوبات تقيد قدرة روسيا على التعامل مع السلطات المدنية، فمن المرجح أن تعتمد موسكو على العلاقات مع رجال الجيش الأقوياء في كلا البلدين، مثل قائد الجيش الوطني الليبي "خليفة حفتر" ونائب رئيس مجلس السيادة السوداني "حميدتي".

ومن المرجح أن تؤدي هذه الشراكات الغامضة (المدعومة من مقاولين عسكريين خاصين من مجموعة "فاجنر") وتأثير حرب أوكرانيا على انعدام الأمن الغذائي إلى زيادة التوترات بين روسيا والسلطات المدنية في كل من ليبيا والسودان.

تأثير الغزو الأوكراني على النفوذ الروسي في ليبيا

بعد تأجيل الانتخابات الليبية في 23 ديسمبر/كانون الأول، حاولت روسيا استمالة "باشاغا" لتعزيز نفوذها في ليبيا. وأشاد رئيس مجموعة "فاجنر" "يفغيني بريغوزين" بـ"باشاغا" ووصفه بأنه "وطني حقيقي" واعتبر أنه السياسي الوحيد في غرب ليبيا الذي يمكنه كبح جماح الميليشيات حول طرابلس.

وبعد اختيار "باشاغا" لمنصب رئيس الوزراء في 10 فبراير/شباط، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن أملها في أن يكون "قادرًا على توحيد المجتمع الليبي وقيادة ليبيا نحو الانتخابات". وكان هذا البيان لافتا، حيث كانت روسيا أول قوة عظمى تؤيد تعيين "باشاغا".

وبالنظر إلى إدانة الغزو الروسي، يبدو أن غصن الزيتون الذي قدمته موسكو لم يكن كافياً لجعل "باشاغا" ينسى خلافه الطويل الأمد مع روسيا.

وفي فبراير/شباط 2020، حث "باشاغا" الولايات المتحدة على مواجهة روسيا من خلال إنشاء قاعدة في ليبيا. وكوزير للداخلية، اتهم "باشاغا" مجموعة "فاجنر" باستخدام الأسلحة الكيميائية في البلاد.

بدورها، اتهمت وسائل إعلام روسية "باشاغا" بـ "اختطاف" الناشطين السياسيين "مكسيم شغالي" و"سامر سيفان"، اللذين أفرج عنهما في ديسمبر/كانون الأول 2020، واعتبرت وكالة الأنباء الفيدرالية المتحالفة مع "بريغوزين" أن "باشاغا" هو "زعيم الإرهابيين الليبيين".

وفي عام 2020، كانت ليبيا عاشر أكبر مشتر للقمح الأوكراني على مستوى العالم، ولكن الحرب أجبرت ليبيا على التفكير في واردات القمح الأكثر تكلفة من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والأرجنتين. وفي حين كان "باشاغا" يميل في السابق إلى السماح لروسيا بالاحتفاظ بالمنشآت العسكرية الرئيسية مثل قاعدة القردابية بالقرب من سرت، فإن الضغط الغربي قد يشجع رئيس الوزراء الليبي على العودة إلى تعهده في يونيو/حزيران 2020 بأن القردابية لن تكون منشأة روسية.

وللتحوط في رهاناتها، تحافظ روسيا على شراكتها طويلة الأمد مع قوات الجنرال الليبي "خليفة حفتر". ويزعم المسؤولون الأوكرانيون أن "حفتر" وافق على نقل قوات إلى أوكرانيا تحت رعاية مجموعة "فاجنر". وقد نفى "الجيش الوطني الليبي" بشدة هذه المزاعم.

ولا تزال مجموعة "فاجنر" راسخة في المناطق التي تسيطر عليها قوات "حفتر"، ولم تؤد الخسائر الروسية الكبيرة في أوكرانيا حتى إلى إعادة انتشار جزئي لهذه الشركات العسكرية الخاصة. ومع استمرار تركيا في توسيع جهود التدريب العسكري في ليبيا، من المرجح أن يتواصل الوجود الروسي عبر الشركات العسكرية الخاصة.

ماذا تعني حرب أوكرانيا للعلاقات الروسية السودانية؟

منذ اندلاع حرب أوكرانيا، عززت روسيا شراكتها مع "حميدتي". وفي 23 فبراير/شباط، زار "حميدتي" موسكو لتعزيز التعاون الاقتصادي بين روسيا والسودان، خاصة في مجالات الطاقة والزراعة والتعدين.

كما أصر "حميدتي" على أن الغزو الروسي لأوكرانيا لن يعرقل خطط السودان لاستضافة قاعدة بحرية روسية على ساحله البالغ طوله 730 كيلومترًا على البحر الأحمر. وزار "حميدتي" بورتسودان، الموقع المحتمل للقاعدة، في 16 مارس/آذار.

وبالرغم أن السودان أيد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، وقارن مطالبات موسكو الإقليمية بمخططات الخرطوم الخاصة حول أبيي، وهي منطقة متنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، إلا أن شخصيات سودانية أخرى لم ترحب باحتضان "حميدتي" لموسكو. وعلى رأس هذه الشخصيات رئيس مجلس السيادة "عبد الفتاح البرهان" الذي تصاعدت التوترات بينه وبين "حميدتي" منذ أن قاد كلاهما انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021.

وذكرت صحف سودانية أن "حميدتي" زار روسيا لتهيئة نفسه لـ "انقلاب جديد". في غضون ذلك، احتج سكان بورتسودان على زيارة "حميدتي" من خلال إغلاق الشوارع وإحراق الإطارات.

ويمكن للعوامل الاقتصادية أيضًا نطاق التعاون الروسي السوداني. ويستورد السودان أكثر من ثلث قمحه من روسيا وأوكرانيا، وقد يؤدي التأثير المركب للحرب والانقلاب وضعف المحاصيل إلى دفع 20 مليون سوداني إلى انعدام الأمن الغذائي. وقد يؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى اندلاع احتجاجات ضد "البرهان" و"حميدتي"، مثلما حدث ضد الرئيس المخلوع "عمر البشير" في عام 2018، وقد تتزايد المشاعر المعادية لروسيا إذا لم يحصل السودان على حصتها من القمح.

وقد يتم فرض عقوبا على نحو 250 شركة سودانية يسيطر عليها الجيش ولها تعاملات مع روسيا. وللتحايل على ذلك، قد تعتمد روسيا بشكل أكبر على الممارسات الاقتصادية غير الرسمية، بما في ذلك تهريب حوالي 30 طنًا من الذهب سنويًا من السودان. وقد يؤدي وجود مجموعة "فاجنر" ورضوخ "حميدتي" إلى تسهيل التهريب.

مع استمرار حرب أوكرانيا، من غير المرجح أن تتخلى روسيا أو تقلص من طموحاتها في ليبيا والسودان. ومع ذلك، فإن النفوذ الروسي طويل المدى في كلا البلدين يعتمد على الانتهازيين. وبالتالي، ستخسر موسكو إذا اتخذت أي من الدولتين خطوة حاسمة نحو الديمقراطية.

المصدر | صموئيل راماني/معهد الشرق الأوسط

التعليقات (0)