- ℃ 11 تركيا
- 2 مايو 2024
مجدي الحداد يكتب: الحرب بالوكالة
مجدي الحداد يكتب: الحرب بالوكالة
- 11 أكتوبر 2022, 2:30:44 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لقد بات من الواضح أن أوكرانيا لم تعد تخوض حربا بالأصالة عن نفسها ، بقدر ما صارت تخوض حرب بالوكالة Proxy War لصالح الولايات المتحدة خاصة ، و مجموعة التحالف الغربي - والمعبر عنها هنا من خلال حلف الناتو بصفة عامة .
ويبدو أن أوكرانيا صارت مستنقع بالفعل - وقد حذرنا من ذلك في منشورات سابقة ، من حشد الناتو لقضه وقضيضه على حدود أوكرانيا ، و بعدئذ داخل أوكرانيا ، ليس من أجل نزهة قصيرة ، أو زيارة عابرة - للقوات الروسية خاصة ، والاتحاد الروسي بصفة عامة .
و آية ذلك أنه بينما يدعو العالم للتهدئة ، ووقف القتال ، و جلوس الطرفين على مائدة المفاوضات ، للحؤول دون و قوع حرب عالمية ثالثة قد يستخدم فيها أعتى الأسلحة النووية ، والتي ربما حتى لم تجرب من قبل ، والتي قد يؤدى استخدامها - حتى ولو على سبيل التجربة ، وفي أي مكان من العالم ، حتى ولو داخل روسيا ذاتها - إلى هزات عنيفة في كوكب الأرض ، مما قد يتسبب في انحرافها عن مدارها ؛ و ساعتها فإما نقترب من الشمس فتحرقنا جميعا ، أو نبتعد عنها فنتجمد موتا من البرد ، أو يلتهمنا ثقب أسود ، ووقتئذ لن يتحقق حتى هدف المليار الذهبي ، ولا حتى المليون الفضي ، أو الماسي !
فبدلا إذن من السعي من أجل وقف تلك الحرب ، يزداد تزويد أوكرانيا بالسلاح النوعي الغربي المتقدم ، و باطراد ، و مع كل طور من أطوارها . و سوف نلاحظ مثلا أن بايدن قد أعلن من قبل انه لن يمد أوكرانيا بصواريخ طويلة المدى يمكن أن تصل إلى الأراضي الروسية ، و لكن بعد أن قصفت روسيا أول أمس كييف ، وعدة مدن أخرى قريبة من حدود بولندا مثلا - والتي صارت الآن عضوا في الناتو ، و كذا عضوا في الاتحاد الأوربي ، والتي كانت بالأمس المقر الرئيسي والرسمي لحلف وارسو ! - ردا على تورط أوكرانيا في تخريب ، أو تفجير ، أو تفخيخ ، جسر القرم - أعلن بايدن بأنه سوف يمد أوكرانيا بصواريخ طويلة المدى !
إذن العملية ، والتي بدأت ، كما سميت ، ووفقا للمسمى الروسي ؛ بالعملية العسكرية في أوكرانيا - لتوصيف محدودياتها و إقليميتها ، وكذا خصوصيتها بالنسبة لروسيا ، وجغرافيتها السياسية - قد تم تدويلها عمليا الآن ، ولم تعد شأن روسي داخلي . وقد استخدم الغرب بخبث وذكاء شديد ، وباختصار شديد ، الدمية زيلينسكي لاستفزاز " الدب الروسي " لتوريطه أكثر فأكثر في المستنقع الأوكراني . وهنا فقط ربما تتحقق مقولة البعض ؛ انه في حال اندلاع حرب كونية ثالثة لا قدر الله - فإن الصهاينة يكونوا بذلك هم فقط من تسببوا في نشوب الحروب العالمية الثلاث - و أخرهم زيلينسكي ونظامه .
كما يجب أن نلاحظ أنه مع كل انكشاف لضعف الروسي على جبهات القتال ، و إخفاقه في اختبارات ، أو كمائن عديدة ، كان يقابل ذلك خطوة أخرى لزيادة إحكام القبضة الغربية حول روسيا . فمثلا ، مع اكتشاف الغرب لتخلف بعض الأسلحة الروسية بالنسبة لنظيرتها الغربية ، ومن خلال التراجع الروسي أمام القوات الأوكرانية ، فقد قُبل ذلك بانضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو - وذلك في الوقت الذي لم يقبل فيه الغرب قبول أوكرانيا في الناتو ولا حتى في الاتحاد الأوربي - و اللتان كانت محيادتان ، ومنذ الحرب العالمية الأولى ، وحتى تاريخ انضمامها الرسمي للناتو ، منذ عدة أسابيع .
كما قابل الغرب كذلك ، و بعد نجاح الاختراق الاستخباري على الأراضي الروسية ، و لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية - وقد سبقها حقيقة هبوط مغامر أوروبي بطائرة صغيرة ، وبمحرك واحد غالبا ، في ثمانينات القرن الماضي ، و في الساحة الحمراء بموسكو ، وفي عهد جورباتشوف ، والتي كانت بمثابة إنكشاف أخر غاية في الخطورة ، وكذا ومؤشر أخر على وشك تفكك الاتحاد السوفيتي السابق ، وهذا موضوع أخر - وفي رسالة غاية في الوضوح لبوتين نفسه ، وبعد أن كان المتسهدف أحد أقرب ، و أخلص ، مستشاريه ؛ ألكسندر دوجين ، فاغتيلت ابنته ؛ داريا بالخطأ . و علق دوجين على وفاتها قائلا ؛ " عاشت باسم النصر و توفيت باسم النصر " - تماما كما قيل في وفاة السادات : " عاش للسلام ومات من أجل المبادئ " .. تفكير ، وفكر الأنظمة الشمولية في العالم الثالث - وهذا يشمل روسيا أيضا - واحدة تقريبا ! ، وهذا أيضا موضوع أخر . إذن فكانت الخطوة التالية لمحاولة إغتيال دوجين - وربما قصدت أبنته أيضا في هذا الحادث ، وليس هو ، ومهما قيل بشأن تبديل السيارات - والتي تعد ناجحة من حيث اختراق الأراضي الروسية ، وفي قلب العاصمة موسكو ، هو تفجير جسر القرم ، وقد يلحق ذلك عمليات نوعية أخرى ، وداخل الأراضي الروسية ذاتها ، و مع كل يوم تتطور فيه تلك الحرب ، وحيث يبدو أن كل الأراضي الروسية وبنيتها التحتية ، و منشآتها الاستراتيجية ، وخاصة النووية منها ، باتت مكشوفة تماما أمام الأقمار الصناعية الأمريكية المتطورة جدا ، والتي تملكها ، و تشغلها الآن شركات خاصة لصالح الحكومة الأمريكية ! - وربما ذلك يفسر نبرة التهديد الشديدة اللهجة ، و التي وجهها بايدن لبوتين من خلال برنامج 60 دقيقة على محطة CBS ، وحظره فيها من إستخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا ، وكررها ثلاث مرات : " لا تفعل " !
وقد تكون تلك هي أفضل فرصة للغرب من ناحية أخرى ، لاستنفاد روسيا عسكريا ، و اقتصاديا تمهيدا لتفكيك الاتحاد الروسي ذاته ، وبعد أن نجح من قبل في تفكيك الاتحاد السوفيتي السابق .
وقد بدأ الغرب أولا باختبار القدرات العسكرية الروسية ، وتحليل كل مقذوفاته - و خاصة تلك التي لم تنفجر بعد - لمعرفة مدى قدرتها ، أو تقدمها أو تخلفها ، أو حتى تعادلها ، بالنسبة لنظيرتها الغربية . ومن خلال الحصار الغربي الاقتصادي و العسكري ، و المالي المحكم ، والذي يزداد إحكاما ، وكما و نوعا ، و يوما بعد يوم ، و مع كل خطوة ينكشف فيها الضعف الروسي ، بالتزامن حتى مع قرب نفاد الذخيرة الروسية ، ثم استخدام ذخيرة " مهجنة " ، و أقل فعالية من سابقتها - نتيجة الحصار والحظر ، وفي ظل الحصار سالف الذكر ، ينكشف ، أو يتكشف لنا أكثر و أكثر الهدف الغربي من استمرار تلك الحرب ، والتي قد يكون من ضمن أهدافها ، بجانب تفتيت الاتحاد الروسي ، هو الوصول إلى المليار الذهبي .
فكل تلكم الأهداف لا يستطيع أن يطلع بها فقط الحزب الديمقراطي الحاكم برئاسة بايدن ، من غير توافق مع الحزب الجمهوري المنافس الرئيسي له ، وما قد يوجد من أحزاب أمريكية صغيرة أخرى ، و حتى لوبيات مختلفة ، و بما فذلك اللوبي الصهيوني ذاته ، والداعم الرئيسي لدولة الكيان ؛ " الأيباك " AIPAC ، وكذا الدولة العميقة ، و المؤسسات البحثية الأخرى ، كأوعية الفكر Think Tank، أو معهد " كارينجي " ، وغيرهما . ما يعني أن تلك الأهداف الأمريكية - المعلن ، وغير المعلن منها - من الحرب الأوكرانية الروسية متفق عليها بين كل مكونات الدولة .
ومن هنا يمكن أن نفهم تصريحات ترامب بأنه لو كان في الحكم لمنع نشوب تلك الحرب ، بانها من قبيل المناكفات ، أو المزايدات السياسية ، لا أكثر ، بينه وبين بايدن . و أغلب الظن انه لو كان في الحكم الآن ما فعل ، أو حتى قال ، أقل ما فعله ، أو قاله بايدن بشأن تلك الحرب . وذلك لأن الولايات المتحدة تدار ببساطة بواسطة مؤسسات قوية و مؤثرة ، سلطتها تفوق كثيرا سلطة رئيس الولايات المتحدة منفردا . والذي يمكن عزله ، وبيسر ، إذا كان سيعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر ، وكما حدث في عهد نيكسون ، أو اغتياله ، وكما حدث في عهد كندي .
كلمات دليلية
التعليقات (0)
أخبار متعلقة
إقرأ أيضا
أحدث الموضوعات
أربعاء, 01 مايو 2024
عمدة لوس أنجلوس يدعو لإجراء تحقيق في أعمال العنف بجامعة كاليفورنيا أربعاء, 01 مايو 2024
إيران تكشف تفاصيل جديدة عن قتلى القنصلية في سوريا أربعاء, 01 مايو 2024
سنا كجك تكتب: "إسرائيل " تغري حماس بعرضها ماذا تضمن؟ الأكثر قراءة
جمعة, 08 أكتوبر 2021
مصادر: إبراهيم منير يتخذ قرار بإيقاف ٦ من الشورى العام سبت, 18 سبتمبر 2021
د. أيمن منصور ندا يكتب : عندما تلقيت اتصالاً من الرئيس السيسي خميس, 30 سبتمبر 2021
طارق مهني يكتب : بزنس المعارضة - سبوبة الزنازين اثنين, 01 نوفمبر 2021
تقرير : كيف ساهم " أبو دية " عبر أذرعه المالية في تدجين المعارضة المصرية بالخارج جمعة, 28 مايو 2021
تعرف على مدينة المقاومة تحت أرض غزة ودورها في معركة سيف القدس فنون وثقافة
ثلاثاء, 30 أبريل 2024
"قناع بلون السماء".. رواية للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بـ"البوكر" اثنين, 22 أبريل 2024
"أبو الشهداء".. قصيدة جديدة للشاعر أحمد سعيد بن راشد سبت, 20 أبريل 2024
الهيئة العالمية لنصرة فلسطين تصدر العدد الأول من مجلة "طوفان الأقصى"