مجدي الحداد يكتب: كشف الدور الوظيفي لدولة الكيان الصهيوني

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 23 يونيو 2024, 6:55:09 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لم يعد هناك أدنى شك من أن دولة الكيان الصهيوني كانت ، ولا زالت ،  السبب الرئيسي ــ وربما الوحيد ، ومن خلال وكلائها طبعا على رؤوس الأنظمة في هذه المنطقة ــ لكل المآسي والكوارث التي تعيشها شعوب المنطقة . 


وقد رأينا بعدئذ كيف كانت تناقض إداعائاتها بشأن كونها واحة الديموقراطية في صحراء من الأنظمة الشمولية والعسكرية في هذه المنطقة ، ثم كانت هي الوحيدة في العالم تقريبا من كانت تقيم مع تلك الأنظمة أوثق الروابط والعلاقات والصلات من ناحية ، وكانت هي من أكثر المستفيدين منها من ناحية أخرى . 


ولكن هذا لايتناقض ، وعلى المدى البعيد مع دورها الوظيفي الخادم لأهداف الاستعمار في هذه المنطقة بصفة خاصة ، وباقي انحاء العالم بصفة عامة . وهو الدور الذي رأيناه جليا ، كما لمسناه بوضوح ، ولمسه العالم أجمع كذلك ، في كل من غزة والضفة الغربية .


ولهذا لم يكن من المستغرب أن تكون دولة الكيان الصهيوني هي من الدول القلائل التي أقامت علاقات كاملة ــ وهذا يذكرنا بمونيكا لوينسكي ، المتدربة السابقة بالبيت بالأبيض ، عندما كانت تريد أن تقيم مع بيل كلينتون علاقات كاملة ، ومن وراء ظهر زوجته هيلاري كلينتون ، والتي صارت فيما بعد وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد إدارة أوباما ــ مع دولة الفصل العنصري السابقة بجنوب أفريقيا ، والتي مارست أبشع سياسات الفصل العنصري ، وما عرف ب " الأبارتايد " ، مع السكان الأصليين في جنوب أفريقيا . ولعل هذا هو ما دفع قادة جنوب أفريقيا الحاليين ، من السكان الأصليين برفع دعوى دولية ضد دولة الكيان الصهيوني ، على ما تمارسه من سياسات عنصرية إستئصالية إحلالية بكل من غزة والضفة ، و كذا جرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين ، أو السكان الأصلييين لفلسطين .


ولم يكن هناك مثل ، ومثال أوضح إذن من كشف الدور الوظيفي لدولة الكيان الصهيوني ، من وقوف نتانياهو مع وزير الخارجية بلينكن ــ والذي لا يقل صهيونية وتواطئا مع الباطل وأهله عن نتانياهو ذاته ، لدرجة استقالة العديد من موظفي الخارجية الأمريكية بالذات في إدارة بايدن ، و  التي كان أخرها استقالة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية أندرو ميلر من منصبه ــ في أخر زيارة له لدولة الكيان ، وحيث وضع نتانياهو في خلفية تلك الصورة ، خريطة تضم كل المنطقة العربية والجزء الأعظم من القارة الأفريقية ، ما عدا جنوب أفريقا ، والتي لم تشملها عمدا خلفية الصورة ــ وهذا موضوع أخر . 


وأظن أن المغزى والمعنى هنا ــ أي من خلفية تلك الخريطة ــ كان واضحا وجليا ، ويكشف بجلاء الدور الوظيفي لهذا الكيان في هذه المنطقةو العالم كما أسلفنا ــ وكأني به يقول نحن نقدم لكم خدمات جليلة تحافظ على مصالحكم في المنطقة ، وأيضا تعمل على تعظيمها ، كما تخدم في ذات الوقت أهداف الاستعمارية الشيطانية الاستئصالية الإحلالية بعيدة المدى في المنطقة والعالم ، وتُخدم عليها . 


ولكنها حتى في هذه الوظيفة القذرة ، وهذا الدور المخزي التي تقوم به دولة الكيان قد فشلت فيه أيضا ، ومن ثم فقد صارت عبئا على حلفائها الآن من أي وقت مضى . فأراد حلفائها ــ وخاصة الولايات المتحدة ــ ترحيل هذا العبء على العرب أنفسهم ، بأن يتحملوا هم تكلفة استمرار وجودها نيابة عنهم ــ وخاصة السعودية ، ومن خلال ما أسماه بايدن ب " التكامل مع دول المنطقة " ..يعني نصباية كدا زي ما واحد نصاب يريد أن يستولى على فلوسك فيقول لك ؛ " تعال نعمل شركة مع بعض ؛ أنت بالمال وأنا بالخبرة ــ يعني من غير ما يدفع ولا مليم ، ولا أي شيء . وما أن يحصل على المال ، أو نسبة من الشركة يخرجك منها وتصبح كلها ملكا له بالنصب والخداع والاحتيال ، وربما أيضا بقوة السلاح الأمريكي والذخائر الأمريكية ...! ــ  وذلك على الرغم من أن من ضمن أهداف دولة الكيان المخفية ــ وحتى المعلنة ــ هي إبادة العرب ، ومن دون تمييز ، وما يحدث في غزة ــ مرة أخرى ــ هو أوضح وأنصع دليل يوضح ذلك ، و بدون أي مواربة . 


فوقوف نتانياهو إذن مع بلينكن على خلفية تلك الصورة بمثابة رسالة للولايات المتحدة تقول : " اننا ندافع عن مصالحكم وتطلعاتكم الاستعمارية في هذه المنطقة ، فلا تبخلوا علينا بكل ما نطلبه منكم من دعم مالي ومادي ومعنوي ، وبأي نوع من السلاح والذخائر نطلبها منكم !


إذن فمن أبسط آيات ، وعلامات ، ودلائل  ، وعوامل زوال هذا الكيان المصطنع ، ولو بعد حين ــ وعساه أن يكون قريبا بإذن الله ــ هو وقوفه على الجانب الخاطىء ، أو الخطأ ، من التاريخ . ولو اجتمع الشرق والغرب ، والإنس والجن على تجاوز تلك الحقيقة ، مجتمعين أو منفردين ، ما استطاعوا انقاذه ، أو انتشاله من مصيره المحتوم . شاء من شاء وأبى من أبى .


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)