مجدي الحداد يكتب: من أرض بلا شعب إلى نظرية ملء الفراغ

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 3 أبريل 2024, 3:13:07 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يذكرنا العدوان الصهيوني الجديد على السيارة التي كانت تقل وفد من أعضاء المطبخ العالمي للتضامن مع أهل غزة في فك حصار التجويع المفروض عليهم ــ ضمن أُطر أخرى من شتى أنواع الحصار اللإنساني الانتقامي المضروب على كل شبر في القطاع ــ بحادث عدواني أخر ضد الإنسانية عندما دهست جرافات الإحتلال الصهيويني متضامنة أخرى مع أهل غزة أيضا، وبسبب الحصار المفروض عليها أيضا، وتحديدا في رفح جنوب غزة ـ والتي كانت منطقة آمنة  يدعو نتنياهو أهل القطاع بالشمال بالنزوح إليها ثم يقصفهم بعدئذ أثناء رحيلهم وترحالهم وحلهم ، ويطلب مرة أخرى من سكانها النزوح!

وذلك عندما وقفت الناشطة الأمريكية راشيل كوري بجسدها النحيل أمام الجرافات الصهيونية، منذ 21 عاما، وتحديدا في 16 مارس عام 2003 لتمنعها من هدم منازل الفلسطينيين في حي السلام ــوهو سلام لا يعرفه و لايعترف به الصهاينة إلا إذا كان يعني سلب أصحاب الأرض أرضهم وكل مقدراتهم وكافة حقوقهم ، وكذل سلب دول الجوار من ثرواتها وإفقار شعوبها!ــ برفح.

والآن، وبعد 21 عاما من تلك الحادثة، يتكرر العدوان الصهيوين مرة أخرى على متطوعين سلميين آمنيني مدنيين، جائوا للتضامن أيضا مع أهل غزة، وأيضا من أجل فك حصار التجويع المفروض عليهم ــوكما أسلفناــ وقصف سيارتهم، وقتل بدم بارد 7 منهم يحملون جنسيات مختلفة من الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا وبولندا وفلسطينيين مزدوجي الجنسية ؛ الفلسطينية ــ الأمريكية.

وكما سكتت الولايات المتحدة، في المرة الأولى سكتت أيضا في المرة الثانية ــوسوف نسكت كذلك في المرة الثالثة والرابعة، وكلما تكررت تلك الواقعةــ وذلك لأن المخطط الموضوع للمنطقة كلها أكبر وأهم من التضحية حتى بدماء مئات، ولا حتى ألوف الأبرياء من المتضامنين مع أهل غزة سواء كانوا من الولايات المتحدة ولا حتى من أوربا، وذلك بالنسبة للولايات المتحدة الحليف الرئيسي لدولة الكيان، والمنافع الرئيسي كذلك عن كل عداواتها وعدوانها في المنطقة، وربما في اي مكان ألأخر من العالم.

وأزعم أنه لا تجرأ دولة الكيان الصهيوني على قتل أمريكي أو انجليزي واحد قبل أن تأخذ ضؤ أخضر من هاتين الدولتين بالذات .وهذا يفسر الفيتو الأمريكي وأحيانا الانجليزي ــ ضد أي إدانة لدولة الكيان في أي شأن من الشؤون، ومهما ارتكبت من مذابح جماعية ضد الأبرياء والمدنيين والعزل من الفلسطينيين وغيرهم حتى من الدول المجاورة لدولة الكيان.

والغرب لا يعنيه طبعا المشروع الصهيوني لإسرائيل الكبرى في المنطقة، بقدر ما يعنيه، وسواء في هذا الإطار، أو حتى اي إطار غيره، تعظيم مصالحه الكبرى في هذه المنطقة من العالم بالذات، والمسماة بالشرق الأوسط، والذي يجتهد الصهاينة بجعله الشرق الأوسط الجديد من خلال إدماجهم فيه؛ لا ليكونوا مجرد عضوا فيه، ولكن لكي تكون لهم هم السيادة والقيادة والكلمة العليا في هذه المنطقة، وهذا لن يحدث طبعا إلا بإضعاف كل دولة قوية ــ أو حتى ثرية من زاوية إفقارها، ولو بشكل تدريجي ــ من دول المنطقة وبشتى الطرق التي لم تعد خافية على أحد.

وهذا المشروع كان يجري في حقيقة الأمر بخطى متسارعة بالفعل، وقد أوقفه طوفان الأقصى في 7 أكتوبر ــ والباقي متوقف على شعوب المنطقة والتي ليس أمامها سوى التسليم بمواتها، أو الدفاع عن وجودها، والذي يبدو انه كان غير منظورا بالنسبة للولايات المتحدة بصفة خاصة والغرب بصفة عامة، وحيث كانوا يسمونه فراغا استدعى ما أسموه بـ"نظرية ملء الفراغ"، وحيث قد بدى أنه قد أُرسيت المناقصة ــ وهي عكس المزايدة ــ على دولة الكيان.

ومثلما كان يُنظر إلى فلسطين ــ زورا وبهتانا وافتراءا ــ بأنها أرض بلا شعب، فيُنظر أيضا إلى كل دول المنطقة على إنها فراغ أيضا كان يُخشى أن تشغله، أو بالأحرى تملأه اي من الاتحاد السوفيتي سابقا، أو الصين حاليا، ومن هنا جائت نظرية ملء الفراغ، والتي لا تعطي أي اعتبار لأهل هذا الفراغ، والذين هم شعوب هذه المنطقة. وذلك مرجعه لأسباب عديدة أخرى تخرج عن نطاق هذا المقال القصير.

التعليقات (0)